الرئيسية » أحمد صديقي يكتب عن “الشباب و الإعلام البديل”

أحمد صديقي يكتب عن “الشباب و الإعلام البديل”

كتبه chabiba

بقلم : أحمد صديقي

    تهدف هذه المساهمة إلى الوقوف عند علاقة الشباب –  كفئة عمرية غير متجانسة – بإعلام سمي بديلا، علاقة تزداد ارتباطا ووضوحا يوما بعد يوم، خصوصا مع ما يعرفه العالم من تطورات سياسية وتنامي "المقاومة المدنية"، لدرجة شكل هذا النوع من الإعلام إحدى الركائز الأساسية التي اعتمدتها الحركات الاحتجاجية للشباب (حركة احتلوا وول ستريت بأمريكا – حركة 15 ماي بإسبانيا – 06 أبريل بمصر – 20 فبراير بالمغرب …). فما المقصود بالإعلام البديل ؟ وما هي أهم خصائصه ودوره في "منافسة" الإعلام " الرسمي/ التقليدي؟

أولا : في أهمية الإعلام:

    لقد عرف الإعلام تطورا كبيرا بعد بداياته الأولى في نهاية القرن السابع عشر وبداية القران الثامن عشر، مع إصدار أول جريدة بأمريكا سنة 1690، ثم أول بث لصوت الراديو عام 1906، واختراع جهاز التلفاز في 1922… وفي النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت فكرة إنشاء شبكة معلومات سنة 1969 من قبل إدارة الدفاع الأمريكية، وذلك لربط اتصال الإدارة مع متعهدي القوات المسلحة وبعض الجامعات، والتي ستكون نواة  شبكة  الإنترنت التي بدأت  كمشروع عسكري واستخباراتي. 

    أهمية الإعلام ستزداد وضوحا مع تطور الأحداث السياسية، فقد شكلت كل من الحربين العالميتين والحرب الباردة والحملات الانتخابية في عصر العولمة واقتصاد السوق عوامل تطوير الإعلام و وسائل الاتصال الجماهيري، وسيعهد لجامعة شيكاغو بلورة وتطوير  مفهوم" الإتصال الجماهيري" ونظرية  "البروباغاندا" التي اشتهر بها "هارولد لاسويل "أحد أعمدة جامعة شيكاغو، و بإنجلترا سيضع اللورد " بونصونبي" قواعد إعلام الحرب التي لازالت تطبق لحدود اليوم وبشكل أقوى في وسائل الإعلام المختلفة. و أمام الصراع الإعلامي الذي تنامى بين الدول وخاصة أوربا من جهة وأمريكا من جهة ثانية-  إذا ما استثنينا الإعلام السوفياتي الذي ظل في نظر العديد من المختصين متخلفا- أصدرت الأمم المتحدة في سنة 1946 الإعلان الخاص بحرية تدفق المعلومات Declaration on Freedom of Information ، لتؤكد اليونسكو UNESCO بعد ذلك، أن ما يعرف بالتدفق الحر للإعلام  هو تدفق في اتجاه واحد وليس تبادلاً للمعلومات،  حيث إن 03 ثلاث وكالات دولية فقط كانت تسيطر على 99.8%  من المتلقين وهي Writers  – social press AFB-.

  • وردا على هذا الاحتكار "الأمريكو-الفرنسي" ظهرت داخل اليونيسكو حركة النوميغ (النظام العالمي الجديد للإعلام والاتصال) بدعم من حركة عدم الانحياز ، فانسحبت أمريكا من اليونيسكو بسبب النوميغ. سقطت الحركة مع سقوط جدار برلين، ولم ترجع أمريكا لعضوية اليونيسكو إلا بعد إقالة أعضاء الحركة.

ثانيا : في أهمية  الإعلام البديل :

1 ) محاولة في التعريف:

عادة ما يُنظر للإعلام البديل بأنه يتم من خلال العديد من الوسائل والوسائط التقليدية والحديثة(الجرائد – الراديو – التلفاز – الإنترنت…) بغرض دمقرطة إنتاج واستهلاك المعلومة ضد احتكار المعلومة من طرف الإعلام الرسمي ،  حيث إن  الفرد يصنع  إعلامه بنفسه، لذلك سمي ب"صحافة المواطن"، وقد تطور أساسا مع الإنترت الذي أعاد تشكيل أشكال الاتصال والميديا التقليدية. لذلك يسمى أيضا بالإعلام  الرقمي – الجديد – التفاعلي – الشبكي . كما أنه إعلام بديل عن عدة أنواع أخرى : السائد – التقليدي- الرسمي …

  1. ) خصائصه :

يتميز الإعلام البديل بعدد من الخصائص من بينها: السرعة في تحديث المعطيات – الحرية الفكرية –  الوضوح وتحقيق الهدف –  الأرشفة والتأريخ –  البحث الذكي –  التطور فائق السرعة … ولذلك فقد حول العالم إلى قرية صغيرة وجعله  يكتسب جمهورا عريض من غير النخبة ، وأصبح يحقق   فاعلية أكبر و نجاعة أفضل، بل ومصدرا للإعلام الرسمي/ التقليدي.. وإن كان يتغذى بدوره منه ناقلا، منتقدا أو ساخرا… لذلك فهو اعلام متغير متطور متجدد يصنعه ويغذيه الصحفي والمتلقي، إنه الاعلام التفاعلي ومن أهم ادواته هناك المواقع والمدونات والشبكات الاجتماعية …

  1. ) تطور الإعلام البديل وبعض نتائجه

تفيد بعض الإحصاءات أن  عدد مستخدمي الانترنيت في المغرب 16م، وعدد مستخدمي الفيسبوك بالمغرب بلغ 5.3 مليون، و  يحتل المغرب الرتبة الأولى من حيث عدد مستعملي موقع تويتر، من بين دول المغرب الكبير، حيث وصل إلى 82300 مقابل  45100 في الجزائر و33500 في تونس و14400 في ليبيا و2900 في موريطانيا ويفيد تقرير اللاتحاد الدولي للاتصال الكهربائي بأن عدد مستخدمي الانترنت في العالم سيبلغ بحلول عام 2015 نحو 3 مليارات شخص.ومن بين العوامل التي ساعدت على ذلك نجد:

  •  العامل التقني المتمثل في التقدم الهائل في تكنولوجيا الكمبيوتر: تجهيزاته وبرمجياته، وتكنولوجيا الاتصالات.
  • العامل الاقتصادي المتمثل في عولمة الاقتصاد وما يتطلبه من إسراع حركة السلع ورؤوس الأموال وهو ما يتطلب بدوره الإسراع في تدفق المعلومات.
  • العامل السياسي المتمثل في الاستخدام المتزايد لوسائل الإعلام من قبل القوى السياسية بهدف إحكام قبضتها على سير الأمور. 

ولذلك فمن بين نتائج هذا للتطور نجد ما يلي :  

  • أرقام كبيرة تبعث على أن هناك تنافس وصراع، كما أن الاعلام الجديد وسيلة تسويق وتجارة ، وهو ما تؤكده سيطرة نموذج البحث المتقدم على الانترنت (GAFA) : Google – Amazon –Facebook – Apple
  • وسائل الاعلام الجديد وسائل للتعليم والتثقيف والتدجين حسب مرجعيات الجماعات الضاغطة واللوبيات – حركات السلام – التغيير – الارهاب  …
  • انطلاق السيرورات الثورية استخدم الشبكات الاجتماعية لإحداث تغييرات جذرية وتغيير أنظمة حكم، والعديد من حركات التمرد والسخط الشعبي جعلت منه وسلية الفضح والدعاية والتحريض.
  • الملايين من مستخدمي الأنترنت من الشباب .

ثالثا : في سلبيات وأخطار الإعلام البديل:

هناك عدة أخطار مرتبطة بالإعلام البديل، من بينها نجد: عدم تمحيص المواد المنشورة، وعدم الثقة بالأخبار والمواد الموجودة، وكذلك مخاطر متعلقة بنشر الفكر الإرهابي و ثقافة العنف والإيديولوجيا والدعاية المغرضة والاستهلاك على نطاق واسع… كما برهنت الممارسة على السلبيات المتعلقة بانتحال الشخصية، النصب والاحتيال، الذم والتحقير والإهانة  التحرش و المضايقة و الاختراق وانتهاك البيانات الشخصية الإلكترونية… فهو يشكل بنك معلومات استخباراتية ضدا على سريتها، و 9% من مستخدمي الإنترنت قلقون من مشكلات الأمان على الشبكة. كما بات المختصون النفسانيون يؤكدون على مخاطر الإدمان وإصابة فئات عريضة من الشابات والشباب بمشاكل وازمات نفسية في عالم سمي  افتراضيا.

  • على سبيل الختم :

سبق للاستراتيجي في السياسة الأمريكية "برجينسكي" أن قال : " بعد عصر المدفعية وعصر المال أصبحت وسائل الاتصال الجماهيري وسيلتنا للهيمنة على العالم" وبعد عشر سنوات سيضيف " إذا اندلع أي خلاف بيننا وبين دولة متخلفة عنا تقنيا فذاك يعني أنها لن تستطيع التفوق علينا لأن ذلك سيمنحنا تفوقا معلوماتيا، مما سيمنح تفوقا في الميدان وفي السياسة"

اليوم، وكما تؤكد على ذلك  الباحثة والإعلامية الأردنية " حياة الحويك عطية " صحيح أن عصر المدفعية والمال لم ينتهي بل انضاف إليه عنصر الإعلام،  لكن لابد من التأكيد أنه لا يمكن لأي مؤسسة كانت اعلامية او غير ذلك أن تنجح في المستقبل القريب وهي لا تملك خططا إعلامية واضحة، لأن التحديات جسام والبقاء للأقوى والأصلح. فهل اليسار وخاصة الجذري في مستوى هذا التحدي؟

تاوريرت في 20 /03 /2015

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا