غسان كومية
لما يكون النظام التعليمي تلقيني في جوهره، و الامتحانات كمية في منهجيتها و أسئلتها، ولا تتوفر إمكانيات بيداغوجية ولوجستية لإنجاز تقييم حقيقي للمهارات والخبرات المكتسبة، فلا ” الغش” ولا الاستظهار ينفع في بناء التجربة المعرفية للتلاميذ.
النتيجة هي حصر التقييم في لحظة الامتحان الذي يطرح بشكل كمي ويتطلب استجابة سلوكية محضة، الشئ الذي يدفع التلميذ لاتباع منهجية التكرار و الاستظهار، أو الاستعانة بالمضمون الكمي خلال الامتحان.
وبالمقابل يجد الأستاذ وظيفته البيداغوجية تتحول إلى مهمة “حراسة” دون أي هدف بيداغوجي خلال “الامتحان”، فنجد من يعتبر المهمة واجبا ثقيلا يقضيه بالدردشة، ومنهم من يتملك المهمة ويصبح قناصا يفتش عن طريدة وسط غابة من الأزمات الاجتماعية والنفسية. وهناك من الأساتذة من يمضي ابعد من ذلك، فيطالب بتوفير أدوات و أسلحة التفتيش والمراقبة، ولم لا العقاب.
وقد تتطور أمور إلى إلى أن تصير مواجهة مفتوحة بين التلميذ/الأستاذ مكوني العملية التربوية، عوض العمل المشترك من أجل تجاوز الأزمة البنيوية للقطاع والنضال من أجل توفير شروط تعليم جيد للتلميذ والأستاذ والأطر التربوية.
اعتقد ان ما يقع نتيجة فقط، ومن الخطء التخصص والتركيز على ثنائية الصراع بين التلميذ (الغشاش) والأستاذ (اللئيم). فهذا يؤدي عكس المتوقع، إذ يجع كل منهما يلوم الآخر والمجتمع يلوم المدرسة العمومية.
ويصبح البديل هو استقدام الأجهزة الأمنية و اقامة ما يشبه الحواجز الأمنية عند مدخل كل “مدرسة”، وتعميق أزمة التعليم العمومي.
على الأساتذة والمسؤولين التربويين وممثليهم الوعي بهذه الإشكالات وطرح مخارج للازمة تنطلق من الدفاع عن تعليم جيد يكفل للأستاذ ممارسة مهامه التربوية والبيداغوجية بنجاح ويكفل للتلميذ تعليما يقوي مهارات وخبراته ومعارفه وينمي عنده قيم إنسانية تمكن من بناء مجتمع إنساني.