الرئيسية » نساء تطوان .. بين جائحتي الفقر والحجر

نساء تطوان .. بين جائحتي الفقر والحجر

كتبه user B

جميلة عبودي

يعيش العالم تحت وطئة فيروس كورونا المستجد الذي فتك ولازال يفتك بآلاف الأرواح عبر العالم كما وضع المنظومات الصحية بهذه البلدان في امتحان عسير، غير ان هذا الفيروس لم تكن له تداعيات صحية وفقط وانما تأثيراته وانعكاساته- خاصة الحجر الصحي الذي اعتمد من طرف معظم الدول كحل لمحاصرة الوباء- قد احدث عرقلة في عجلة الاقتصاد العالمي و الحياة الاجتماعية والنفسية للمواطنات والمواطنين .هذه الأزمة ارخت بظلالها على البلدان التبعية وبالاخص الطبقة العاملة و عموم الكادحين /ات والفئات الهشة كما هو الحال في المغرب فالفئات الشعبية هي من تدفع فاتورة هذه الأزمة.

سنحاول من خلال هذا المقال ان نسلط  الضوء على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة حسب التقسيم الاداري المعمول به،وتطوان بشكل خاص  وسنتناوله من جانبين : تأثير الأزمة على الاسر ،و على وضعية النساء خاصة في مستويات مختلفة .

  فعلا المستوى الاقتصادي تعرف الجهة انتكاسة اقتصادية بوقف مجموعة من الأنشطة اسوأها بمدينة تطوان التي عاشت في حالة أزمة قبل كورونا و استفحلت أثناءها نذكر من اسبابها:
  -اغلاق معبر باب  سبتة .
– ترحيل المعامل وافراغ المنطقة الصناعية في محاولة المركزة النشاط الاقتصادي بطنجة القنيطرة…
-منع الباعة المتجولون/ات  وفشل ما يسمى باسوق القرب.
وبحلول ازمة كورونا تم ايقاف  باقي الأنشطة كالحرف والمقاهي والمطاعم، وانشطة  القطاع السياحي الذي سيتضرر ، و بما أن الجهة  تعرف نشاطا سياحيا داخليا مهما في فترات فصلي الربيع والصيف  فإن الوضع الاستثنائي للبلاد سيجعل هذا القطاع يتضرر بشكل كبير ،
خلف الوضع الاقتصادي المهترئ للجهة أزمة  اجتماعية حادة كانت الاسر أول ضحاياها حيث عرقل  استقرارها  بعد تفشي البطالة والهشاشة ووضعها في مجال ضيق خلال الحجر الصحي، ادى إلى انتشار العنف الأسري والزوجي وارتفعت نسبته بشكل مخيف فاشارت التصريحات الى ارتفاعه خمس مرات اكثر  فحسب فيدرالية حقوق الانسانتم تسجيل:541حالة عنف %48,2 نفسي، %33اقتصادي،%12 جسدي بالإضافة للعنف الجنسي توزعت كالتالي  %91,7 زوجي %4,4 أسري. هذا وتجدر الاشارة  إلى ان %93,4 من المعنفات لايشتكين وما خفي اعظم.
وتعيش تطوان للاسف ظاهرة انتشار المخدرات القوية مما ازم وضع اسر المدمنين /ات على هذا النوع في غياب أي سياسة للتعاطي مع هؤلاء الاسر والشباب/ات  الذين يصعب السيطرة عليهم/ن في الظروف العادية ما بالك في ظل الحجر الصحي
وسجلنا للاسف جريمة قتل بشعة في بدايات الحجر لشاب مدمن  اقدم على قتل امه بعد ان عنفها، فالنساء دائما هن الحلقة الاضعف داخل الأسرة سواءالامهات، الزوجات او الاخوات فكانت لهن حصة الاسد من المعاناة في هذه الفترة نظرا لكوننا نعيش في مجتمع يعتبر المرأة تحت الوصاية دائما اما الأب أو الزوج او الاخ  ولا يعترف بالخصوصية .
كما شهدت المدينة على غرار باقي مدن الجهة تفشي ظاهرة التسول بشكل مخيف، بالإضافة إلى ظاهرة البحث عن القفة بحيث تجوب النساء شوارع المدينة بحثا عن الجمعيات او( المحسنين ) ويضطرن للوقوف في طوابير لساعات عدة معرضين حياتهن وحياة اسرهن لخطر الاصابة بالفايروس  ومخاطر أخرى ،هذا  يوضح بالملموس فشل سياسات الدولة في التعاطي مع الأزمة فالمساعدات المقدمة لهذه الاسر فعلى الرغم من عدم استفادة شريحة مهمة منها الا ان المستفدين نفسهم يقرون انها غير كافية لتلبية ضروريات العيش.
كل هذه العوامل الاقتصادية والاجتماعية تؤثر على استقرار الاسر وعلى الصحة النفسية للمواطنين والمواطنات فالكل اصبح يعاني من الارق والقلق ونوبات الهلع والخوف من المستقبل والاكتئاب المؤدي للانتحار وهي الظاهرة التي انتشرت مؤخرا بشكل مخيف  بمدينة تطوان والنواحي  كان اخرها انتحار تلميذة بالمدينة عمرها 15سنة  .
اما فيما  يخص الشق التاني وهو مرتبط بشكل او باخر بكل ماذكرناه سنتحدث عن وضعية النساء العاملات بالقطاع الغير المهيكل وقبل هذا يجب في البداية أن نعرف القطاع الغير المهيكل الذي يعتبر مجموع الأنشطة المزاوله دون تصريح رسمي اي ان المعنيين لايدفعون الضرائب وتتم معملاتهم المالية خارج المؤسسات البنكية كما ان العاملين بهذا القطاع لا يستفيدون من خدمات الحمايه الاجتماعية ( amo.cnss..) وحسب احصائيات الاتحاد العام لمقاولات المغرب ابريل 2018 فإن هذا القطاع يشكل %20من الناتج الخام و%20 من الواردات و%54من الأنشطة الخاصة بالملابس والنسيج %26 من الصناعة الغذائية ويشغل مليونيين و400الف شخص.
وفي الجهة كذلك تسجل نسب مهمة من العاملين في هذا القطاع خاصة تطوان الذي كان يعتبر النشاط الذي يشغل معظم ساكنة المدينة والذي يتوزع بالاساس في معبر باب سبتة الذي يشغل الاف الاسر واغلبهن نساء يبلغ عددهن 9000امراة تعلن 9000 أسرة اي باغلاقه تعرضت الاف الاسر للتشريد ،كذلك الباعة المتجولون والمتجولات والذين شردوا بعد تشييد ما سمي باسواق القرب وفشلها خاصة بعد اغلاق المحلات وتوقيف معظم الأنشطة في ظل الحجر كما تجدر الإشارة إلى تضرر مجموعة من النساء خاصة القرويات منهن اللواتي كن يعتمدن على جلب وبيع المنتوجات الفلاحية من قرى مجاورة في أسواق المدينة وبعد منع التنقل تم ايقاف نشاطهن مع الإشارة أن معظمهن لم يتوصلن بالدعم ،كما نسجل ايضا عدم استفادة شريحة مهمة من نساء عازبات يحملن بطاقة راميد او يشتغلن بالقطاع الغير مهيكل بمبرر انهم لم يتزوجن رغم انهن معيلات لاسر .
كما يجب الا نغفل كذلك النساء عاملات البيوت اللواتي تم تسريحهن في ظل هذه الجائحة اما بسبب الأزمة الاقتصادية أو بسبب توقف مجموعة من الوظائف والتزام النساء( الموظفات)  ببيوتهن وبالتالي لم يعدن بحاجة لخدمتهن ،كما الحال بالنسبة لعاملات  النظافة بعد توقيف مجموعة من الشركات والمحلات فوجدن انفسهن بدون عمل وبدون اي تعويضات …
ان هذا الوضع المادي بالمدينة يجعلنا ندق ناقوس الخطر ، ويدفعنا التساؤل حول مصير هذه المدينة التي باتت منكوبة في غياب اية محاولة لخلق بدائل حقيقية للساكنة .
أكيد انه لايمكن تجاوز هذا الوضع المازوم الذي يستفحل في ظل الازمات ككورونا  مثلا ويثقل كاهل الفئات الهشة وعموم الكادحين/ات خاصة النساء منهن في غياب التنظيم، فعلى النساء ان ينظمن ذواتهن في سيرورة بناء تنظيمات الدفاع الذاتي للجماهير وينخرطن في الحركات الاحتجاجية النسائية لدعمها وتقويتها من اجل تحقيق دولة الديمقراطية الحقة والمساواة الفعلية التي لا يمكن ان تكون إلا ضمن دستور ديمقراطي.كما على النساء ان ينخرطن في سيرورة بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين والكادحات المعبر السياسي على همومهم /ن ومصالحهم/ن.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا