الرئيسية » الحريف: الظروف أصبحت أكثر نضجا وهذا ما يستوجب على القوى الحية

الحريف: الظروف أصبحت أكثر نضجا وهذا ما يستوجب على القوى الحية

كتبه chabiba

بقلم عبد الله الحريف

    مرة أخرى يظهر واضحا أن ما يرعب المخزن هو تعبير الشعب المغربي بشكل وحدوي من خلال الوقفات والمسيرات في عشرات المدن عن احتجاجه وغضبه ضد الاستبداد والفساد والحكرة.
    ففي عز ما سمي ب "الربيع العربي"، تزلزلت أركان المخزن بفضل نضال حركة 20 فبراير. غير أن القوى السياسية الجذرية الفاعلة في هذه الحركة لم تتوفر على الجرأة الكافية لتصعيد النضال مكتفية بوقفات ومسيرات في عطلة نهاية الأسبوع أصبحت روتينية مع مرور الوقت. كما لم تستطع بلورة الشعار الملموس والمعبر عن المطلب الشعبي الجوهري آنذاك والقابل للقياس والقادر على لف أوسع جبهة ممكنة بواسطة التحديد الدقيق للعدو الأكثر شراسة والذي نعتبر أنه اسقاط المخزن، وفي قلبه المافيا المخزنية واكتفت بشعار فضفاض وغير ملموس( اسقاط الاستبداد والفساد) يصعب قياس مدى التقدم في انجازه ويسهل على النظام الالتفاف عليه باتخاد بعض الاجراءات "الاصلاحية".

    بينما ارتكنت الطبقات والفئات المتدبدبة( جزء كبير من الطبقات الوسطى والبرجوازية الكبرى الغير مرتبطة بالمافيا المخزنية) إلى وعود النظام بالإصلاح( تعديل الدستور) واكتفت بعض الحركات الفئوية ببعض التنازلات البسيطة التي ما أن مرت العاصفة حتى تراجع عنها النظام بل شن هجوما شرسا، بمساعدة الحزب الاصولي الممخزن، على الاوضاع الاجتماعية للجماهير الشعبية.
    كما عانت هذه القوى الفاعلة من ضعف المبادرة واكتفت برفض مبادرة النظام لطرح التعديل الدستوري من دون أن تطرح بديلا بينما طرح البعض بديلا ساهم في تقسيم الحركة
    فقوة المخزن إذن تكمن، بالأساس، في ضعف القوى المناهضة له، ضعفها السياسي والفكري المتمثل في:
غياب الأفق الإستراتيجي بمعنى التفكير في كيفية التغيير الشامل للدولة والمجتمع، وذلك بسبب انغماس هذه القوى في النضال اليومي الضروري والهام، لكن غير الكافي.
ضعف التكتيك الذي يعني تحديد العدوالأساسي في كل فترة فترة وخطة( الشعار الملائم، الاشكال النضالية المناسبة، الوسائل والآليات التنظيمية والتحالفات الضرورية) لعزله واسقاطه.
ضعف على مستوى الصراع السياسي والفكري ضد اطروحات ودعاية النظام والقوى الموالية له.
    واليوم يهب شعبنا، وفي مقدمته الشباب الذي يعاني أكثر من غيره من الحكرة والتهميش وانسداد الآفاق والهشاشة والقمع، للتعبير عن رفضه وغضبه وإدانته، ليس فقط للجريمة النكراء المرتكبة في حق محسن فكري، بل، وبشكل أعمق، لنظام يستهتر بمصير شعب بأكمله، نظام يدفع الشباب نحو اليأس والإحباط والضياع. إن هذه الاحتجاجات الشعبية هي أيضا تعبيرمتجددعلى الطموح العميق لغد أفضل لأبناء وبنات الشعب والذي لن يستطيع المخزن بكل جبروته الوقوف في وجهه، طال الزمان أم قصر. أن هذه الانتفاضة الشعبية بارقة أمل في مستقبل أحسن لابد أنه آت لأن مسيرة الشعوب نحو الحرية والكرامة والديمقراطية حتمية، رغم التراجعات والكبوات والفشالات الظرفية.
    فهل ستستفيذ القوى الجذرية والديمقراطية من دروس النضالات القاسية السابقة لتوحيد صفوفها حول متطلبات الفترة الراهنة وهل ستراجع الفئات المتدبدبة رهاناتها على الاصلاح من داخل المؤسسات المخزنية وهل ستعي الحركات الفئوية أن تحقيق مطالبها يضل محدودا في ظل نظام اقتصادي-اجتماعي رأسمالي تبعي وريعي وطفيلي ونظام سياسي مخزني متخلف ومفترس وأن الحل الجدي لمشاكلها يتطلب تغيير هذا النظام السياسي-الاقتصادي-الاجتماعي وبالتالي أن نضالها يجب أن يندرج ويصب في النضال العام من أجل التغيير؟
إننا نعتقد أن الظروف أصبحت أكثر نضجا وأن القوى الجذرية والديمقراطية وكل القوى الحية يجب أن تتحمل مسئوليتها التاريخية لتحويل هذه الهبة الشعبية العفوية، إلى هذا الحد أو ذاك، إلى حركة منظمة من أجل التغيير الديمقراطي الحقيقي.

 

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا