الرئيسية » كلمة الموقع .. من أجل نقاش جريء حول أوضاع الحركة الطلابية

كلمة الموقع .. من أجل نقاش جريء حول أوضاع الحركة الطلابية

كتبه user B

عقدت شبيبة النهج الديمقراطي مؤتمرها الوطني الخامس، في مارس الماضي، تحت شعار “معا نناضل ونبني حزب العمال(ات) والكادحين(ات)“، وكان من بين القضايا التي انصب تفكير الشبيبة حولها، أثناء التحضير وانعقاد المؤتمر، قضية التعليم، والجامعة العمومية المغربية؛ وهي من بين القضايا التي حضيت دائما بتفكير واهتمام بالغين من طرف شبيبتنا وكل قوى الشعبية، لما لها من أهمية بالغة.

ومن بين ما صادق عليه المؤتمر بهذا الخصوص، نقطة “بناء نقابة طلابية واحدة لكل الطلاب“، كمهة أساسية لشبيبة النهج الديمقراطي في الحركة الطلابية، عبر فصيلها الطلابي “اليسار التقدمي”؛ جاء هذا القرار بعد سيرورة من النقاش العميق بين مناضلات ومناضلي شبيبة النهج الديمقراطي، مستحضرين خلاله حجم التحديات التي تواجه الحركة الطلابية وقضية التعليم وارتباطها بحركة الصراع الطبقي ببلادنا.

افتقدت الحركة الطلابية إلى تنظيمها النقابي الطلابي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب كبرنامج وبنية تنظيمية وتصورات توحد الحركة الطلابية وتؤطر نضالاتها في مواجهة السياسات الرجعية المتعاقبة في مجال التعليم، ومزال هذا الفراغ التنظيمي مستمرا لمدة تقارب 38 سنة؛ يعود هذا الوضع إلى القمع الأسود والحصار الذي مارسه النظام المخزني على الحركة الطلابية، وتكالب القوى الحزبية المخزنية على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، واستخدام النظام للإسلاميين لوأد مشروع استراجاع النقابة في بداية التسعينات، والتشتت والخصومات والصراعات التي قسمت الطلبة القاعديين واليساريين بشكل عام، وساهم توالي الأحداث مع غياب التنظيم في تكريس التشتت والعزلة والعنف في صفوف الحركة الطلابية.

العنف السائد في الحركة الطلابية هو عنف الدولة الذي مارسته وماتزالت، من خلال قمع المظاهرات الطلابية ومحاصرة مبادراتها وعسكرة الجامعة، والأواكس الذي سلطته عليها في الثمانينيات، والمحاكمات الصورية التي تعرض لها خيرة المناضلين(ات) بسبب نضالهم(هن) النقابي إلى جانب الجماهير الطلابية، والإستشهادات التي قدمتها الحركة الطلابية في سبيل قضايا الطلاب والشعب المغربي وعموم القضايا التقدمية، وهو عنف مدان ويجب النضال ضده باستمرار من أجل فرض الحريات الديمقراطية. زيادة على العنف الطلابي الذي يمزق أحشاء الحركة الطلابية، وسقط نتيجته العديد من الضحايا والشهداء، بداية بالشهيدين آيت الجيد بن عيسى والمعطي بوملي، ثم العديد من ضحايا الإحتراب الفصائلي بالجامعة المغربية تحت ذرائع ولبوسات وخلفيات مختلفة، من أشكاله العاهات المستديمة التي مازال العديد من أبناء الشعب المغربي يحملونها، والعديد من القتلى وما تبع ذلك من اعتقالات طالت شبابا مازال البعض منهم(هن) قابعين بالسجون، إن هذا النزيف الذي أصاب الشبيبة المغربية في الجامعة، مرده الأول العنف الصادر عن النظام وهو المسؤول الأول عنه، زيادة على غياب التنظيم الطلابي الذي يضبط الممارسة الديمقراطية بين مختلف مكونات الحركة الطلابية، ثم الأخطاء الفادحة التي ترتكبها بعض مكونات الحركة الطلابية.

من ضمن الأخطاء البشعة، محاولة تبرير العنف الطلابي أيديولوجيا وسياسيا، سواء من طرف القوى المرتكبة لهذا العنف، أو المستفيدين منه، وتتجلبب هذه التبريرات تارة بمواجهة تجليات الحظر العملي، وتارة بمواجهة القوى الرجعية، وتارة بمحاربة القوى الشوفينية، وتارة أخرى بالدفاع عن النفس….إلخ، ما يهم في هذا الصدد هو وإن تعددت التبريرات، فإن الحقيقة ساطعة للجميع ولا يمكن إخفاؤها لا بالغربال أمام الشمس، ولا بذر الرماد في العيون، أن العنف الطلابي عنف رجعي له نتائج خطيرة على الحركة الطلابية، سهل اعتقال العديد من المناضلين والمناضلات، وعسكرة الجامعة المغربية، ونفر الطلاب من النضال، ووفر للنظام التبريرات الكافية لتجريم النضال الطلابي ومنع كل الأصوات الطلابية المعارضة للسياسات المخزنية في مجال التعليم. ومن واجب كل مناضلي ومناضلات الشعب المغربي والحركة الطلابية النضال دون هوادة ضد العنف الطلابي وفضحه وفضح مرتكبيه، وفضح ارتباطه بالريع السياسي والنقابي و “الغنائم” التي يسعى أصحابه إلى تحقيقها، وأن هذا العنف لا علاقة له لا بالنضال ولا بالسياسة ولا بالنقابة أو ما شابه ذلك.

ولا تقل وطأة معاداة مشروع تنظيم الحركة الطلابية في إطار الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، فغياب النقابة والوحدة سهل على النظام المخزني تمرير العديد من المخططات التخريبية في الجامعة، من بينها المذكرة الثلاثية المتعلقة بتجريم النضال الطلابي، تمرير الميثاق الوطني للتربية والتكوين، تمرير المخطط الإستعجالي، المخطط الرباعي، التوظيف بالعقدة في قطاع التعليم العالي، دعم القطاع الخاص ومعادلة الشهادات العمومية بالشهادات الخصوصية، إنشاء جامعات خاصة في تخصصات مختلفة، محاولة مصادرة المقر المركزي لأوطم … واللائحة طويلة، والأخطر قادم من خلال مشروع قانون الإطار المتعلق بتنزيل الرؤية الإستراتيجية الذي سيدق آخر مسمار في نعش ما تبقى من مكتسبات في الجامعة. إن تنزيل هذه المخططات تم بتخطيط وتنفيذ ممركزين من الدولة، وبإيعاز من الدوائر الإمبريالية وتجسد بكل وضوح السياسات النيوليبرالية الهادفة إلى القضاء على كل ما هو اجتماعي، وكل المكتسبات التي حققها الشعب بنضاله الطويل وتضحياته الجسام.

قاومت الحركة الطلابية ومازالت، كل هذه المخططات والأوضاع الكارثية التي تعيشها الجامعة المغربية، الإكتضاض وغياب الأطر التربوية، وضعف بنيات التأطير، والزحف المستمر على حقوق الطلاب، لكن هذه المقاومة التي تعبر عن الإستعدادات النضالية الهائلة للجماهير الطلابية بقيت تصطدم بالتشتت وغياب التنظيم وبالتالي بقيت المقاومة محلية، وبقيت معها المكتسبات بسيطة وجزئية ولم تستطع الحركة الطلابية أن تقف في وجه أي نوع من المخططات السالفة الذكر بالشكل المطلوب.

نقطة الضوء جسدها طلبة الطب والصيدلة، الذين تسلحوا بالتنظيم في إطار التنسيقية الوطنية، ووقفوا أمام الخدمة الإجبارية وهاهم الآن يقاومون مشروع خوصصة كليات الطب، ولم تستطع الحركة الطلابية بباقي الكليات أن تنخرط في هذه المعركة أو أن تجسد ولو خطوات تضامنية معها بالرغم من أنها معنية بهذه المعركة ونتائجها.

إن الوقوف عند هذه الحقائق ليس تبخيسا للمبادرات الطلابية أو لنضالاتها، بل وقوف عند الوضع العام الذي تتسم به وحجم التحديات التي تواجهها، دون أن نغفل أن أوضاعها الحالية تؤثر بشكل بليغ على حركة النضال الجماهيري العام.

عرفت الحركة الطلابية العديد من المبادرات من أجل الوحدة والتنظيم، فتجربة لجان الأقسام والتنسيق بداية التسعينات شكلت لحظة مهمة من مسار النضال من أجل استرجاع الحق في التنظيم للطلاب، كما شكلت ندوة 23 مارس سنة 2010 مبادرة بالغة الأهمية أعادت الإعتبار لسؤالي الوحدة والتنظيم، وسلطت الضوء على العنف الطلابي من جديد، كما لعبت لجنة متابعة خلاصات هذه الندوة دورا مهما، زيادة على الآمال التي بعثتها لجنة متابعة توصيات اللقاء التشاوري الأول والثاني من أجل وقف مصادرة المقر المركزي لأوطم، وغيرها من المباردات والندوات والنضالات الوحدوية التي شكلت نقط ضوء في هذا المسار.

كان رهاننا الأساسي يقف عند التوجه الطلابي الديمقراطي الذي كان قطب الرحى في هذه المبادرات وبمساهمة معتبرة لفصيل طلبة اليسار التقدمي وكل فصائل التوجه الديمقراطي، غير أن هذه المباردات وهذه السيرورة بقيت حبيسة أوضاعها ولم تستطع أن تتقدم في تحقيق الإختراق الكافي للتقدم في مهمة توحيد وتنظيم الحركة الطلابية، التي تشكل المهمة المركزية لفصيلنا، بل وأن التوجه الديمقراطي تراجع وأصبحت تخترقه هو نفسه السلوكات والأمراض التي ميزت التوجه البيروقراطي، وبالرغم من المحاولات إلا أنها لم تحقق النتائج المطلوبة.

إننا وإذ نستحضر كل هذه العناصر، والتاريخ النضالي الحافل للحركة الطلابية، يجب أن نطرح الإشكالات بكل وضوح، وقبل فوات الأوان، ومن موقع المسؤولية التاريخية، واضعين مصلحة الجماهير الطلابية فوق كل اعتبار؛ إن أكبر معظلة حالية للحركة الطلابية ومعها القوى المناضلة للشعب المغربي هي غياب النقابة الطلابية التي توحد الطلاب وتساهم في الوقوف أمام المخططات الجهنمية التي تواجه الجامعة المغربية وقضية التعليم، وترتبط بالنضال الشعبي العام من أجل الديمقراطية والتحرر.

إن حل هذه المعضلة يجب أن يتم في معمعان النضال، وفي نفس الوقت باتخاذ الخطوات الجريئة والقادرة على التقدم في هذه المهمة نحو الأمام، وأهمها هي أن جميع مكونات الحركة الطلابية المستقلة عن النظام، بغض النظر عن مرجعياتها الأيديولوجية، مطالبة اليوم بأن تسائل نفسها وتسائل باقي الأطراف عن كيفية تجاوز الأوضاع الكارثية التي تعيشها الحركة الطلابية، وكيفية توحيد وتنظيم الحركة الطلابية في إطار نقابة طلابية واحدة وموحدة وعقد المؤتمر الإستثنائي لأوطم على أسس ديمقراطية ووحدية وفي خضم النضال.

إن هذا السؤال نطرحه أيضا على أنفسنا في شبيبة النهج الديمقراطي، ونؤكد أننا سنتخذ ما يقتضيه الأمر من خطوات ومبادرات ونقاشات من أجل التقدم في هذه المهمة التاريخية، كما نعتبر أنفسنا جزء من هذه الأوضاع لأننا نفعل فيها من موقع المسؤولية، كما نتوجه بنداء صادق إلى كل المعنيين(ات) والغيورين(ات) على الجامعة المغربية إلى إطلاق نقاش هادئ وشجاع حتى تتوضح الرؤى وتتوضح الأسس التي يمكن أن يكون على أساسها الإلتقاء، وأن يتم تغليب مصلحة الطلاب ووضعها فوق كل اعتبار.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا