الرئيسية » كلمة الموقع..في الذكرى الرابعة والعشرون لتأسيس النهج الديمقراطي

كلمة الموقع..في الذكرى الرابعة والعشرون لتأسيس النهج الديمقراطي

كتبه user B

في الذكرى الرابعة والعشرون لتأسيس النهج الديمقراطي:

تاريخ مستمر من النضال الثوري من أجل مجتمع إنساني

كلمة موقع شبيبة النهج الديمقراطي

تحل علينا الذكرى الرابعة والعشرون لتأسيس النهج الديمقراطي، وهي مناسبة للوقوف على السيرورة التاريخية التي ساهمت في بروز النهج الديمقراطي وكذلك مختلف الدروس والعبر التي يمكن أن تساهم في تقوية نضالنا اليوم.

تأسس النهج الديمقراطي سنة 1995 في وضع تميز بانهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك تجارب بناء الاشتراكية بأوروبا الشرقية. وهي فترة هيمنت فيها أمريكا دوليا على مختلف المستويات. كما تميزت هذه الفترة بقيام العديد من الأحزاب الشيوعية بمراجعات تخلت إثرها عن الماركسية وعن مفهوم الصراع الطبقي كمحرك للتاريخ، معمقة بذلك الهيمنة الإيديولوجية للبرجوازية، باسم موت الإيديولوجيا، و انتصار ألتها الدعائية في معركة الأفكار، بالترويج لنهاية التاريخ، وتقديم الرأسمالية على أساس أنها نظام أبدي لا سبيل للخلاص منه.

في ظل هذا الوضع، وبعد العديد من اللقاءات والنقاشات التي نظمت في إطار عملية “التجميع” التي شهدتها بداية التسعينيات، توحدت قناعات العديد من قيادات وأطر منظمة إلى الأمام، بالإضافة إلى مناضلي المنظمات الجماهيرية ومن ضمنها النقابات والإتحاد الوطني لطلبة المغرب والحركة الحقوقية وحركة المعطلين، على ضرورة التشبث بما راكمه النضال التاريخي للحركة الماركسية اللينينية وحركة التحرر الوطني، وبناء النهج الديمقراطي الذي طرح على عاتقه ضروة بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين، من أجل إنجاز مهام التحرر الوطني والبناء الديمقراطي ذي الأفق الإشتراكي.

يوم 14 أبريل 1995، أعلن عن تأسيس النهج الديمقراطي الذي تبنى الماركسية كفكر تحليلي نقدي لواقع الاستغلال والاضطهاد، ينطلق من موقع خدمة مصالح ومطامح الطبقات المضطهدة، وتحديدا الطبقة العاملة التي تنتزع منها الرأسمالية فائض القيمة. واعتبر أن الماركسية منهج للتحليل ونظرية للتغيير الثوري، وأنها الفكر الأكثر قدرة على تحليل آليات وقوانين الرأسمالية وتوفير أدوات نقدها وتجاوزها فكرا وممارسة.

بالاضافة إلى ذلك، اعتبر النهج لديمقراطي أن فشل تجارب بناء الإشتراكية بأوروبا الشرقية يفرض القيام بتقييم دقيق ومتأن لأسباب هذا الفشل ولعلاقته بفكرة بناء الاشتراكية في بلد واحد، كما يفرض إعادة فتح النقاش حول الطابع الأممي لعملية بناء الاشتراكية. وأكد على أن نقد تجارب ومحاولات بناء الاشتراكية لا يعني نفي أو تبخيس أهميتها الكبرى في تاريخ الحركة الاشتراكية العالمية والتاريخ الانساني، بل هو محاولة للاستفادة من دروسها والوقوف عند أخطائها بهدف تجاوزها، خاصة وأن جريها الأعمى وراء الانتاجية كان يتم على حساب الديمقراطية وحقوق الانسان، كما أن محاولات تطبيقها بشكل قسري ألحقت تشويهات متعددة بالماركسية. ويبقى هذا النقد ضروريا لتجديد وتطوير الماركسية لتصبح أكثر قدرة على فهم الواقع والفعل فيه.

كما ربط النهج بين النضال الوطني والنضال الأممي، إذ اعتبر أن النضال التحرري الوطني والنضال التحرري القومي في جوهرهما صراعا طبقيا ضد الطبقة البورجوازية في الدول الإمبريالية، لذا يتخذ مفهوم الوطنية ومفهوم القومية عند النهج الديمقراطي بعدا أمميا أصيلا. وأن الأممية لا تعني إلغاء الوطني والقومي، بل هي دمج لهما ورقي بهما باعتبارها ليست فقط تجميعا كميا للأمم بل تشكلا جديدا بجوهر جديد يستدمج على قدم المساواة اقتصادات وثقافات ولغات مختلف الأمم، ويدفعها نحو الازدهار والتقدم ديمقراطيا ودون تمييز أو حيف.

من جهة أخرى، اعتبر العولمة الرأسمالية مرحلة متقدمة في تطور الرأسمالية توفر الشروط الضرورية لعولمة مناقضة لها وقادرة على تجاوزها. لذلك لا يمكن حسم التناقض بين الرأسمال والعمل إلا على الصعيد العالمي، وبالتالي فمن الضروري توحيد نضال الطبقة العاملة عالميا لمواجهة الرأسمالية. فأمام عالمية استغلال البورجوازية لقوة العمل لا يمكن للثورة الاشتراكية إلا أن تكون أممية.

وطرح النهج أن هوية الشعب المغربي هي هوية غنية ومتعددة تداخلت فيها مكونات متنوعة أمازيغية، عربية، إسلامية، متوسطية وإفريقية .. وأكد على أن هذه الهوية لم تكن أبدا حقيقة نهائية وجامدة، إنها ليست حقيقة هذا الشعب التي تحددت دفعة واحدة وإلى الأبد في لحظة من لحظات ماضية (سواء تعلق الأمر بالماضي العربي الإسلامي أو بفترات سابقة عليه) والتي يتعين عليه التطابق معها على الدوام، وإنما هي حقيقة تاريخية حية، تشكل محصلة تاريخ بلادنا الغني وتتجدد مع تطوره وتعبر عن آماله وتطلعاته. إنها في نفس الوقت انعكاس لوجوده ولتجربته التاريخية وتعبير عن مشروعه المستقبلي. وهذه الهوية في أبعادها الإنسانية والوجدانية والوطنية والقومية، هي ما وفر لشعبنا مقومات التماسك وإمكانية الصمود في وجه الأطماع الأجنبية.

وقد استلهم النهج موقفه بخصوص الهوية من تصور منظمة “إلى الأمام” التي كانت سباقة إلى طرح القضية الأمازيغية في بعدها الهوياتي للشعب المغربي كقضية من القضايا المرتبطة بالنضال الديمقراطي التحرري، من أجل رفع التهميش والحيف الذي عانت منه على امتداد قرون طويلة ومن أجل فسح آفاق النمو أمامها. وطرح النهج الديمقراطي الأمازيغية كقضية عادلة تهم الشعب المغربي قاطبة متميزا في ذلك عن الطرح الشوفيني الضيق الرجعي الذي تتبناه بعض التيارات “الأمازيغية” الغارقة في الرجعية، ومناهضا للطرح الإقصائي المخزني والاسلاموي وبعض مكونات الحركة الوطنية.

وعلى المستوى العربي والمغاربي، اعتبر أن حركة القوميين العرب لعبت دورا مهما في في التصدي للاستعمار والتبعية، لكن نظرتها لوحدة شعوب العالم العربي لا تنطلق من كونها مشروع مستقبلي تفرضه تحديات العصر، أي إنجاز تحرير شامل وحقيقي، بل يقوم على فهم للعروبة يكاد يجعل منها ظاهرة طبيعية تسري كالدم في العروق، وكذلك تفعل بعض الدعوات الأمازيغية المتطرفة. إن الطابع الرجعي لهذا المفهوم أدى إلى نتائج سلبية في الممارسة، فبدلا من اعتبار إنجاز الوحدة من خلال نضال ديمقراطي تحرري مشترك، وهو شرط اقتناع الشعوب بإيجابية المشروع وانخراطها فيه، شجعت ضبابية المفهوم و وهم إنجاز الوحدة بالقوة وإعطائه المشروعية باستخدام العنف والانزلاق في اتجاه الخطاب الإسلاموي القائل أن الإسلام عنصر لا يمكن أن يفصل عن العروبة.

وانطلاقا مما سبق اعتبر النهج الديمقراطي النضال ضد الحركة الصهيونية وضد التدخلات الإمبريالية لنهب خيرات المنطقة وتركيع شعوبها مهمة ملقاة على حركات التحرر بالعالم العربي بدعم من الحركات المناهضة للرأسمالية في العالم.

بالاضافة إلى ذلك، فإن النهج الديمقراطي وارتكازا إلى الماركسية التي تهدف إلى تحرير الإنسان ليس من الاستغلال الرأسمالي فحسب بل من كل أنواع الاضطهاد والاستلاب منفتح على كل تجارب الشعوب ونضالاتها من أجل الانعتاق من الاستبداد واستغلال الإنسان للإنسان وكذا إنجازات الفكر التقدمي العالمي في ميدان حقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها، وفي مقدمتها حقوق النساء، والحريات الديمقراطية كحرية الرأي، التعبير، العقيدة، التنظيم وغيرها، وفي ميدان الحفاظ على البيئة وتحسينها والدفاع عن السلم والأمن العالميين ضد ما يتهدد البشرية من دمار بسبب إنتاج الأسلحة الفتاكة والعمل على تطوير التضامن والتآزر بين الشعوب خاصة عبر توسيع وتعميق العلاقات بين تنظيمات المجتمع المدني في كل بلد، وأخيرا في ميدان بلورة سلوكات وممارسات ديمقراطية حقيقية تسمح بالمشاركة الفعلية للمواطنين في تدبير شؤونهم وفي صنع القرارات التي تهم مصائرهم.

واعتبر النهج الديمقراطي أن النضال من أجل الحفاظ على البيئة الطبيعية وتحسينها يرتبط أشد الارتباط بنضال العمال والشعوب المضطهدة ضد الرأسمالية.

إن النهج الديمقراطي يؤمن بحرية العقيدة وبالحق في ممارسة الشعائر الدينية والعبادات بكل حرية ويحترم المشاعر الدينية للجماهير الشعبية ويعتبر أن الدولة الديمقراطية فبالأحرى الدولة الاشتراكية (التي يفترض أنها طورت وتجاوزت الديمقراطية البرجوازية) يجب أن تضمن هذه الحقوق للجميع وعلى قدم المساواة. واعتبر أن البديل الديمقراطي الوحيد والممكن لمختلف الطروحات لتنظيم العلاقات بين الدولة والدين والفرد هو العلمانية، يتم فيها فصل الدين عن الدولة وعن السياسة ووضع التشريع كاملا بيد المجتمع. فالعلمانية تنزع عن العمل السياسي، باعتباره صراعا من أجل السلطة وصراعا بين مصالح فئات وطبقات وشرائح مجتمعية مختلفة، أية قدسية قد يريد أحد أطراف الصراع إلباسها له لتغليب وجهة نظره وفرض سيطرته أو مصالحه على الأطراف الأخرى وتجعل الصراع السياسي أكثر وضوحا وشفافية، وتحفظ في نفس الوقت للديني مجاله الخاص، كمجال يهم بالأساس عقائد الناس ومعتقداتهم ووجدانهم.

تحل علينا ذكرى تأسيس النهج الديمقراطي اليوم، في ظل حرمانه من الاحتفال بهذا المكسب المهم للشعب المغربي، ومنعه من استغلال القاعات العمومية، وبعد أسابيع من منع شبيبته من عقد مؤتمرها بمختلف المؤسسات التي توجهت إليها، وكذلك منع الشبيبة من الحصول على وصل الايداع القانوني، في خرق سافر للقوانين التي وضعها النظام المخزني بنفسه. كما تأتي الذكرى الرابعة والعشرون في ظل القمع الشديد للحركات الاحتجاجية وتأكيد الأحكام الانتقامية في حق مناضلي حراك الريف، وفي ظل هجوم غير مسبوق على القوت اليومي للشعب المغربي بمختلف فئاته.

في ظل هذا الوضع، يقاوم النهج الديمقراطي إلى جانب قوى الشعب المغربي، ويطرح مهمة بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين الذي نعتبره أداة تحرر الشعب المغربي. ويجسد مناضلات ومناضلو النهج الديمقراطي هذا التصور عبر الحملات الشعبية، التي ينظمها في مختلف مناطق المغرب من أجل الدعاية لحزب العمال(ات) والكادحين(ات)، وكذلك عبر انخراطه في مختلف معارك الشعب المغربي.

وباعتبارها جزءا لا يتجزأ من النهج الديمقراطي، تعمل شبيبة النهج الديمقراطي على تجسيد هذا التصور السياسي والنضالي في مختلف واجهات النضال؛ عبر الإنخراط في نضالات الحركة الطلابية ومحاولات بناء نقابتها الجماهيرية والديمقراطية والتقدمية والمستقلة. وكذلك عبر توحيد نضالات حركة المعطلين في إطار الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، ودعم نضالات حراك الريف والتضامن مع المعتقلين وعائلاتهم، وكذلك في التنسيقيات الشبابية من قبيل تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، وتنسيقية طلبة الطب، والمهندسين ومختلف واجهات النضال الشبابي.

وتعتبر شبيبة النهج الديمقراطي أن الاحتفاء بالذكرى الرابعة والعشرون لتأسيس النهج الديمقراطي محطة من محطات النضال ضد النظام المخزني وسياساته الرجعية، وذلك من أجل الدفاع عن مصالح الشعب المغربي وتحقيق مجتمع الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعي.

فل نرفع عاليا علم النضال التحرري للشعوب، وإننا حتما لمنتصرون.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا