أصيبت 11 من العمال والعاملات بفيروس كورونا -كوفيد 19- بإحدى معامل النسيج المتواجد في منطقة “كزناية” بطنجة، في حين بقي الكشف ساريا للمخالطين/ت الذين تم وضعهم داخل الحجر الصحي بمستشفى “دوق طوفار” إلى حين تأكيد النتائج حيث أن الحصيلة قد ترتفع في الساعات القادمة. هذا الخبر لم يكن مفاجئا وإنما جد متوقع خاصة ونحن نعيش في كنف نظام سياسي واجتماعي يمكن لكبار الرأسماليين أن يظلوا في منأى عن كل التبعات القانونية، وعن الرقابة والمتابعة التي تطبق في العديد من البلدان اليوم على الشركات في ظل تفشي هذا الوباء.
إن التدابير الصحية التي سنها النظام المخزني لم تستهدف كبار الشركات الرأسمالية بل استهدفت فقط الفئات الأكثر هشاشة، ليس حبا أو حماية لحقوقها بل فقط مخافة من انتشار العدوى في صفوفها وهي القاعدة الكبيرة التي يتغذى عليها النظام، إضافة إلى ادراكه برداءة قطاعه الصحي الذي لن يستطيع انقاذ الشعب من الكارثة. في نفس الوقت لن يستطيع هذا النظام أن يلزم هذه الشركات بالتوقف عن العمل، خاصة وأن قطاع النسيج ليست من القطاعات الضرورية بالنسبة للمواطنين/ت في تلبية حاجياتهم، ولكنه أساسي بالنسبة للرأسمال الأجنبي من كبريات شركات النسيج العالمية وخاصة الفرنسية والاسبانية التي لا تتوقف عن امتصاص دماء عمال وعاملات وطننا رغم ظروف الجائحة.
نفس الشيء ينطبق على شركة “صوماجيك” التي استغلت ظروف الحجر الصحي وعدم قدرة الساكنة على التحرك لوقف انتهاكاتها المستمرة، كي تستكمل مشاريعها غير القانونية وغير الحضارية، التي استهدفت معالم طنجة بساحة اسبانيا، حيث سارعت الشركة عمليات حفر مرآب للسيارات (تحت أرضي) في غياب البطاقة التقنية للأشغال، والمعطيات المتعلقة بالورش. ومن سوء الحظ، اصطدمت عمليات الحفر بوجود “سرداب تاريخي مزخرف” يعود للفترة المرينية. ولكي تخفي معالم الجريمة، سارعت الشركة إلى إقباره وترصيف المكان وهو ما يخالف قانون المنظم للتعمير، والقانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات.
شركات أخرى ومعامل عديدة تشغل المئات من العمال/ت في غياب شروط الوقاية وفي غياب احترام مسافات السلامة المنصوص عليها. إذ تعرف هذه الشركات اكتظاظا كبيرا للعمال/ت، في حين هناك شركات ومعامل أخرى بادرت إلى تسريح العمال بدون أجر وتوقيف العلاقات الشغلية تحت ذريعة الظروف القاهرة، التي يستغلها المشغل لصالحه كي تعفيه باسم القانون من المسؤولية بناء على الفصل 95 من قانون الالتزامات والعقود. وهو ما يجرنا للحديث عن مدونة الشغل التي وضعت مصلحة الباطرونا فوق كل اعتبار في حين يترك مصير العامل للمجهول. وباسم المرونة، يعطي القانون الحق للمشغل بخفض ساعات العمل أو توقيف العقود، وهو ما أدى إلى ازدياد جيوش العاطلين/ت عن العمل في ظل تفشي فيروس كورونا. مما يعني ازدياد نسبة الفقر والحاجة وسطهم/هن، إضافة الى انعدام أنظمة حمائية اجتماعية تحميهم خاصة أن الغالبية الساحقة من العمال/ت غير مسجلين/ت بها، وبالتالي سيحرمون من المساعدات التي ستقدم عبر هذه الانظمة إبان فترة الحظر رغم ضآلتها.
من هنا يتبين أن قانون الشغل، هو قانون مجحف وظالم. يتوجب على الطبقة العاملة خوض صراع مرير من أجل تغييره ليكون قانونا يضمن كرامة العمال/ت ويحمي حقوقهم/ن خاصة في ظل الجائحات والأوبئة.
إن قانون الشغل ومرسوم الحجر الصحي هما قانونان فصلا على مقاس الباطرونا ومختلف الشركات الرأسمالية المستفيدة الوحيدة من وضعه، حيث وضعوا أنفسهم فوق القانون وفوق الحجر. أما الطبقة العاملة هنا فهي تلك الأداة المستعملة لمراكمة الأرباح وللزيادة في فائض القيمة. هذه الأرباح التي لن يستفيد منها العمال/ت ولن توفر لهم شروط عمل كريمة وصحية، ولن تسعفهم/ن في مرضهم/هن، ولن توفر لهم/هن أدوات الوقاية والتعقيم.
هذه الأرباح التي سرقت من عرق العمال/ت لن تعيد سوى إنتاج نمط إنتاجي استغلالي أكثر وحشية. لذلك فبناء حزب الطبقة العاملة أصبح له اليوم راهنية قصوى وعاجلة أكثر من أي وقت مضى، لتنظيم صفوف العمال/ت وتوحيدهم/هن من أجل تشييع الرأسمالية التبعية إلى قبرها، وتشييد مجتمع للمنتجين الأحرار والحرائر يسود فيه التعاون والمساواة بين الإنسان وأخيه الإنسان.