السباعي - صورة من الأرشيف
الصفحة الرئيسية • وجهة نظرأقلام وآراء الشبيبة الشباب الكادح بين بؤس الواقع ورفع التحدي – سيدي السباعي

الشباب الكادح بين بؤس الواقع ورفع التحدي – سيدي السباعي

كتبه saad mertah

” فقط الشباب يموتون جيدا ”

   مقولة تجسد الواقع الذي نعيشه اليوم، شباب كادح يحترق في حفرة كبيرة تسمى وطن، تدهور هذا الواقع يلامس مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والثقافية. فكل الأحزاب السياسية المخزنية لا ترى في الكادحين من الشباب غير ذلك الخزان الانتخابي الكبير، مستغلة بذلك وضعيته الهشة ورغبته الجامحة في التخلص من شبح البطالة، رغبة سرعان ما تتبخر بعد نهاية الانتخابات، ليصبح هؤلاء الشباب مشاريع شهداء البحث عن العيش الكريم عبر امتطاء الألواح الخشبية المسماة قوارب الموت، وهذا ما تبرزه الأرقام والاستطلاعات التي تحدثت عن ارتفاع نسبة الشباب المغربي الذي يرغب في مغادرة البلاد والهجرة نحو الخارج.

  هذه الوضعية تزداد سوء بوجود نظام مخزني يمعن في استخدام مقاربة تعتمد الإقصاء والتهميش ولا يمتلك من قدرة للرد على مطالب الشباب المشروعة سوى “الزرواطة” والقمع بأشكاله باسم الحفاظ على أمن واستقرار البلاد، وكل تلك المبررات المضحكة من قبيل ” ما بغيناش نوليو بحال سوريا والعراق واليمن وليبيا…” حتى يتوهم المواطن بأنه أفضل حالا أو ربما أنه قد تشرف بالعيش في أجمل بلد في العالم، ويصبح الاحتجاج للمطالبة بمستشفى أو جامعة جريمة تقود الشباب نحو السجون والمعتقلات والمقابر.

  ومع انسداد الأفق لدى الكادحين وفقدانه الأمل في كل شيء، أصبح بالنسبة إليه المستقبل أمرا ضبابيا، واستسلام كثيرين لمشهد التفاهة والرداءة الفكرية والثقافية، ليجد الشاب نفسه اليوم مرغما على الهجرة أو الانجرار نحو مستنقع التفاهات المقدمة على القنوات الإعلامية الموجهة لتدجين العقل الجماعي، وكأن يصبح من رواد رداءة وسائل التواصل الاجتماعي ( روتيني اليومي…)، ولكن الملاحظ في هذه الوضعية تجاهل التطرق لظاهرة الانتحار بكونها مسألة خطيرة و آخذة في الانتشار وهي مرتبطة بواقع البلاد المأزوم على كافة المستويات والأصعدة، وما نعانيه كشباب كادح من مشاكل يحاول البعض حصرها فقط في معضلة البطالة رغم كونها تتعلق بجملة من القضايا الطبقية التي تهم الشعب المغربي بصفة عامة، قضايا يناضل من أجلها خيرة أبناء الشعب المغربي، وهو ما أكدته أرقام رسمية صادرة عن حكومة النظام اللاشعبي و اللاديمقراطي و اللاوطني، عندما تحدثت عن تنامي الموجات و الحركات الاحتجاجية بالمغرب، وبالطبع فإن تلك الحركات الاحتجاجية قادها ويقودها شباب رافض لواقع “الحكرة “.

  ومنه نحن اليوم نعيش وفي ظل واقعنا المأزوم، نعيش في مرحلة شعارها العريض “ما لم يتحقق بالنضال يتحقق بمزيد من النضال”، لذلك المطلوب منا كشباب كادح ومثقف أن نتمرد كخطوة أولى على رداء النخبوية الذي يغطي عقول أغلبنا، والنزول من الأبراج العاجية التي تحجب عنا رؤية الواقع بشكل ملموس، خاصة وأن منسوب وعي الشعب بضرورة رفض واقع “الحكرة” الذي يفرضه علينا هذا النظام الرجعي ارتفع كثيرا بارتفاع موجات القمع والردة الحقوقية التي تشهدها البلاد.

  إن التغيير اليوم لن يتم إلا بواسطة شباب كادح يناضل في سبيل تحقيق مطالب الشعب المغربي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، شباب قادر على التصدي لكافة أشكال “الحكرة” الممارسة في حق الشعب على مستويات عدة يظل أبرزها الحق في التعليم والصحة والشغل، هذا الأمر يجعلنا – كشباب رافض للواقع بكل تجلياته – نطرح تساؤلا جوهريا حول كيفية العمل والنضال من أجل تغيير جذري حقيقي بعيدا عن الخطابات الإصلاحية التي لن تفيد في شيء، عدا أن تزيد من غطرسة وتسلط المخزن وتغول الإمبريالية وفرض سياساتها النيوليبرالية ضدا على رغبة وإرادة الشعب.

  ومن منطلق أننا شباب ماركسي يؤمن بالتحليل الملموس للواقع الملموس وبأن السلطة يجب أن تكون للعمال يتطلب منا الأمر أن نعي جيدا أن المدخل الأساسي هو التجذر في صفوف الطبقة العاملة و الوصول لبناء حزب للطبقة العاملة وعموم الكادحين كضمانة لإنجاز مهمة التحرر الوطني و تحقيق الديمقراطية الشعبية على طريق الاشتراكية، وهنا يجب علينا تقوية حضورنا كشباب على مستوى التنظيمات النقابية والعمل على تطوير وعي الطبقة العاملة وعموم الكادحين بأهمية مواجهة سياسات عدونا الطبقي، ولن يتم ذلك دون عملية انخراط مكثفة للشباب في العمل النقابي المنظم من أجل ضمان التجذر في صفوف الطبقة العاملة، وهذا الأمر يسرع من جعلنا ننهض من تحت ركام السياسات النيوليبرالية المفروضة علينا وضدا على إرادة شعبنا، فضلا عن رفع التحدي في مواجهة الإيديولوجية الإمبريالية الشرسة التي تحاول بكل الأساليب جعلنا نستسلم لكافة مظاهر استلابها لشعبنا.

  ولأن دورنا كشباب ماركسي لا يقتصر فقط على التجذر في صفوف الطبقة العاملة فإننا مطالبون بالقيام بمهام أخرى لها صلة بحراك الجماهير الشعبية هذه الأخيرة التي تتطلب منا مواصلة الارتباط الدائم بها والقرب من كافة الحراكات والنضالات الشعبية التي تقوم بها، بل أكثر من ذلك الإسهام بفعالية فيها والقيام بالأدوار الطلائعية إن تطلب الأمر منا ذلك، كما يجب علينا أن نسبق العدو الطبقي بخطوات في استشرافنا للمستقبل، والحديث هنا عن الموجة الثانية من رياح التغيير والتي تشكل الامتداد الطبيعي لحركة 20 فبراير.

  لن يتحقق كل هذا ما لم تترسخ لدى الشباب حتمية الإيمان بأن لا بديل عن النضال والرفع من وثيرة الاحتجاج، والوصول لحقيقة أن النزعة الفردانية ستقوده للهروب نحو الخارج أو الانتحار، وكلها حلول لن تخلص الشعب من قبضة نظام عميل للإمبريالية، فلا مناص من توحيد حركة النضال التقدمي، وهنا الأمل معقود على بلورة هذا التوحيد من خلال الإسهام في إنجاح وتطوير الجبهة الاجتماعية المغربية، كخطوة أولى نحو بناء جبهة شعبية أوسع تضم كافة القوى الحية الطامحة للتغيير المنشود.

  مجمل ما قيل حول مسؤولية الشباب في المساهمة في خلق التغيير الجذري نجده مجسدا في هذه المقولة الثورية باعتبار تناقضنا الرئيسي هو النظام الرجعي العميل للإمبريالية ” الثورة لا تترك الشباب على الهامش بل وضعته ليعيش المرحلة من أظافر الرماد، تلك الأظافر الموخزة في قلب ما يدعى بالعنصرية، أو مصطلح أكثر شراسة إنها الإمبريالية.”.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا