الرئيسية » الشبيبة المغربية والسياسات العمومية للدولة في قطاعي الصحة والتعليم

الشبيبة المغربية والسياسات العمومية للدولة في قطاعي الصحة والتعليم

كتبه saad mertah

بدر عريش

1- تمهيد

إن جائحة كوفيد-19 التي تجتازها بلادنا كما باقي دول العالم خلال الفترة الأخيرة، كشفت حقائق عدة، كان من أبرزها أهمية قطاعات حيوية في حياة الناس وعلى رأسها قطاعي الصحة والتعليم والكل شاهد كيف أن الاختيارات الليبرالية سواء للدولة المغربية أو للبلدان التي تعتبر نفسها متقدمة،كيف انها وجدت نفسها عاجزة عن استيعاب الكم الهائل للمصابين بالفيروس المستجد كوفيد-19، أما ما يسمى بالقطاع الخاص ببلادنا فقد أظهر جشاعة كبيرة في تعاطيه مع هذه الأزمة الوبائية بل أنه تمادى في مطالبة الدولة بتخصيص جزء من مداخيل صندوق “كورونا” الذي أحدثته الدولة لمواجهة الأثار السلبية لهذه الجائحة، رغم الامتيازات السخية للدولة على القطاع الخاص في مجال الصحة وما راكموه من ثروات جراء تخلي الدولة عن التزاماتها الاجتماعية وعن توفير الرعاية الصحية العمومية للشعب وترك هذا الأخير عرضة لجشع مافيات المصحات والعيادات الخاصة.

ما قيل وهو بالمناسبة جد قليل في حق قطاع الصحة ببلادنا ينطبق على قطاع التعليم الذي لم يسلم هو الأخر في بلادنا من خصخصة وتشريع للهشاشة وتطبيق العديد من المخططات التصفوية لهذا القطاع الاستراتيجي من مذهب بنهيمة سنة 1966 بعد الانتفاضة المجيدة لـ23 مارس 1965، مرورا بإصلاحات 1981 التي كانت مرتبطة أساسا بسياسات التقويم الهيكلي بعدها وفي حدود سنة 1991 بدأ ما سمي “الميثاق الوطني للتربية والتكوين”، و”البرنامج الاستعجالي” والذي أدى إلى كوارث حقيقية في مجال التعليم، وصولا إلى تمرير ”قانون التعاقد” و”قانون الإطار” وهلما جرا من التدابير والاجراءات الارتجالية، كان أخرها ما سمي زورا وبهتانا “تعليما عن بعد” بسبب توقف الدراسة عقب إصدار قانون الطوارئ الصحي ببلادنا وهو ما زاد من هشاشة هذا القطاع وأدى إلى فوارق مهولة بين التلاميذ والطلبة، بين من يتوفرون على حواسيب ولوحات الكترونية وانترنيت وبين من يعيشون الفقر والحرمان وممن لا يجدون حتى ما يأكلون خصوصا وأن عوائلهم بقيت بدون معيل بسبب الحجر الصحي فما بالك التوفر على الانترنيت والوسائل اللوجستيكبة للتعلم عن بعد.

2- نضالات الشبيبة المغربية في الدفاع عن عمومية قطاعي الصحة والتعليم

إن جائحة كوفيد-19 (كورونا) عرت لمن على عيونهم غشاوة واقع الهشاشة الذي تعانيه قطاعات مهمة في حياة المجتمع، قطاعات كان من الأجدر أن تحظى بالعناية اللازمة لكن اختيارات الدولة دائما ما تذهب في الاتجاه المعاكس لمصالح الشعب وتجتهد في تطبيق إملاءات صندوق النقد الدولي وباقي الدوائر الإمبريالية ألأخرى وتخدم الرأسمال الأجنبي ونظيره المحلي الممخزن والتبعي.

إن نضالات الشبيبة المغربية خصوصا في قطاعي التعليم والصحة على الأقل خلال الثلاث السنوات الأخيرة دقت ناقوس الخطر وأعلنت إفلاس المنظومة سواء الصحية أو التعليمية ،ولنا في نضالات الأساتذة المتعاقدون خير شاهد على تعنت الدولة في التجاوب مع مطالبهم بل والالتفاف حولها وتشريع الهشاشة في قطاع استراتيجي لا يقبل المقامرة بمستقبل أجيال وأجيال من المغاربة. هجوم الدولة على قطاع التعليم لم يقتصر فقط في إدخال الهشاشة لقطاع التعليم ببلادنا بل تعداها إلى تصفية مجانية التعليم عبر اقرار “قانون الإطار17 -51” المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والذي يهدف الى فرض رسوم تسجيل على الطلبة، رغم رفض الفصائل الطلابية الديمقراطية لهذا المخطط الطبقي.

كما كانت معركة طلبة الطب والصيدلة والأسنان سنة  2019 بقيادة التنسيقية الوطنية لطلبة الطب ضد خصخصة قطاع التكوين الطبي ودعوتهم لتحسين ظروف الدراسة والتدريب الذي يخضعون له في المستشفيات الجامعية. كما خاض الطلبة الممرضون معركة ضد التعاقد على خطى الأساتذة المتعاقدين وهو ما عرضهم لقمع رهيب شأنهم شأن باقي رفاقهم الاساتذة والطلبة الأطباء، معركتهم كانت بالأساس ضد تفويت القطاع الصحي للخواص وللسماسرة، حيث تعمدت الدولة وتحت شعار “تشجيع الاستثمار” فتح هذا القطاع الحيوي في وجه الخواص لإنشاء معاهد للمهن التمريضية الخاصة وإغراق قطاع الصحة بشواهد ممنوحة وحرمان أبناء الطبقات الشعبية من حقهم في ولوج معاهد التكوين العمومي.

  كل هذه كانت رسائل واضحة للشبيبة المغربية للدولة مفادها أن رهن قطاعين حيويين كالتعليم والصحة للقطاع الخاص وتملص الدولة من التزاماتها اتجاهه سيشكل كارثة حقيقية وهو ما يتأكد بالملموس يويم بعد يوم، وخير دليل على ذلك ما تعيشه الأسر المغربية وفي ظل جائحة كورونا من ابتزاز من طرف لوبي القطاع الخاص بالتعليم، إذ يخيرونهم بين دفع المستحقات الشهرية أو إيقاف تعليم أبنائهم عن بعد.

3-أولوياتنا وأولوياتهم

الدولة المغربية وباعتبارها من التلاميذ النجباء لصندوق النقد الدولي وخدمتها الطيعة للرأسمال الأجنبي والمحلي التبعي لم ولن تعير أي اهتمام للقطاعات الاجتماعية وستستمر مستقبلا في تصفية الخدمة العمومية في هذه القطاعات لأنها مرتبطة بطبيعة اختياراتها اللاوطنية واللاشعبية، بينما يتوجب على القوى الشبيبية المحسوبة على الصف الديمقراطي والتقدمي الانصهار في مختلف النضالات التي تروم الدفاع عن القطاع العمومي ويجب طرح مبادرات لتوحيد هذه النضالات وتجاوز الطابع الاقتصادوي لمطالبها وترجمت مطالبهم الى مطالب ذات بعد سياسي كطرح مسألة التأميم في مواجهة الخصخصة وطرح مسألة الدين الخارجي والتبعية لقرارات الصناديق الدولية والنضال من أجل استقلال القرار السياسي.

أولويات الشبيبة المغربية المكافحة المنحازة لقضايا الجماهير الشعبية تختلف جوهريا عن أولويات السلطة الحاكمة في البلد، وهو ما يحتم العمل على توحيد النضالات الشبيبية وربطها بالنضال الشعبي العام، وهو ما لن يتأتى دون بناء جبهة ديمقراطية تقود النضالات الشبيبية وتعطيها آفاق أوسع خدمة للنضال العام ضد المخزن وسياساته اللاشعبية واللاديمقراطية.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا