153
بقلم : معاد الجحري
في أقل شهر من الزمن، تلقى المخزن هزيمتين سياسيتين في قضية الصحراء، وهذه المرة في قلب ما سماه عمقه الإفريقي الذي عاد له في يناير 2017 بعد 33 سنة، وهي مدة طويلة، أنسته على ما يبدو، التطورات التي لحقت هذا العمق.
الهزيمة الأولى، تعود إلى منتصف يونيو المنصرم، حيث قامت سلطات جنوب إفريقيا، بطلب من جبهة البوليزاريو، بإيقاف سفينة محملة بحوالي 50 ألف طن من فوسفاط بوكراع . ولا زالت السفينة التي كانت متوجهة إلى نيوزيلندا، راسية بميناء الكاب (جنوب إفريقيا) بعدما أصدر قضاء هذا البلد حكما بذلك استنادا إلى قوانينه وتأويله للقانون الدولي ذي الصلة بملف الصحراء.
أما الهزيمة الثانية فمرتبطة بالقمة 29 للاتحاد الإفريقي المنعقدة يومي 3 و 4 يوليوز بأديس أبابا، حيث فشل الوفد المغربي في تحييد الاتحاد الإفريقي وانتزاع ملف الصحراء منه وجعل هذا الملف من اختصاص منظمة الأمم المتحدة فقط. أكثر من ذلك، تم التوافق، بعد صراع على تسمية المنطقة محل النزاع، على صيغة قرار يقضي بتشكيل بعثة لمراقبة حقوق الإنسان للصحراء الغربية بلغة الأمم المتحدة وللجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (RASD) بلغة الاتحاد الإفريقي. وهذا لم يمنع المخزن من الترويج في الداخل لانتصار كبير مفاده تكريس لغة الأمم المتحدة حيث قام الإعلام الرسمي وأبواقه ببتر الجزء الأخير من القرار المذكور.
هذه هي حقيقة العمق الإفريقي للمخزن، تنضاف إلى القلاقل المتزايدة بسبب قضية الصحراء من السويد مرورا بالاتحاد الأوروبي والمحكمة الأوروبية وقبل ذلك الحزب الشعبي اليميني باسبانيا ومؤخرا فنيزويلا وغيرها.
إن قضية الصحراء هي جزء من أزمة المشروع المخزني المتصاعدة ولم تجدي نفعا الترتيبات الأخيرة بتعيين سفراء من أشباه اليسار المرتدين في عدد من البلدان والفوز المثير للدهشة للحبيب المالكي عن الاتحاد الاشتراكي برئاسة مجلس النواب. وكلما تصاعدت نضالات الشعب المغربي شغل النظام كعادته أسطوانته المشروخة بالتخوين والاتهام بالعمالة للخارج وبضرورة تمتين الجبهة الداخلية لإحباط المؤامرات الخارجية من طرف الأعداء والحساد. وآخر مثال حي هو الحراك الشعبي في الريف والآخذ في الامتداد، الذي تم نعته بالانفصالي من طرف مختلف أدوات وأبواق الدعاية الرسمية وشبه الرسمية ومنها رؤساء ومدراء مراكز الأبحاث الاستراتيجية، أساتذة العلوم السياسية والقانون الدستوري المسخرين.
لقد فشل المخزن في تدبير هذا الملف واستفاد منه ولازال لقمع كل أصناف المعارضة السياسية والاجتماعية فيما اغتنت بفضله فئات من المافيا المخزنية.
ألم يحن الوقت، على الأقل لفتح حوار عمومي أمام جميع المغاربة حول هذه القضية، تساهم فيه جميع مكونات المشهد السياسي، يمكن شعبنا من التعرف على مختلف المواقف والآراء والمقاربات؟
معاد الجحري
سلا في 15 يوليوز 2016