محمد الهاكش: عن ندوة : (( الانتقال من المطلب الحقوقي ،الى الطرح السياسي للقضية الامازيغية))
إن الهدف من الندوة متضمن بوضوح في العنوان المقترح والذي ارتأى النهج الديمقراطي من خلاله طرح القضية الأمازيغية باعتبارها موضوعا سياسيا بامتياز، تحتاج لمقاربة سياسية بعدما أدت المقاربتان : الثقافية والحقوقية لمهامهما واستطاعتا نفض الغبار عن الأمازيغية وانتشالها من النسيان والتهميش الممنهج الذي دام لعدة عقود.
فالطرح السياسي للقضية الأمازيغية في نظر النهج الديمقراطي هوالطريق الذي سيؤدي بالمدافعات والمدافعين الديمقراطيين و التقدميين إلى إخراج القضية من بوتقة المخزن و خدامه القدامى والجدد ـ الذين يستخدمونها لإدامة استبدادهم عبر زرع التفرقة و تشجيع الممارسات والسلوكات المنافية للديمقراطية وحرية الرأي ـ إخراجها إلى فضاء الشعب لتصبح قضية شعبية جماهيرية بدل أن تبقى نخبوية سهلة الاحتواء والتحكم ضمن ردهات القاعات المغلقة.
إن المخزن بعد فشله ، عبر تاريخنا الحديث ، في ترويض االفدراليات الأمازيغية ، التي كانت تدافع باستماتة عن استقلالها الذاتي، استنجد بالاستعمار لحمايته والذي فشل بدوره في تطويعها رغم استعمال قوة الحديد والنار والغازات السامة. فالتاريخ البطولي لشعبنا شاهد على ملاحم القبائل الثائرة على الاستبداد والتسلط ، وعلى على رٍأسها ملحمة عبد الكريم الخطابي وجمهورية الريف وعدي بيهي وعسو باسلام ..وحمو زياني ..
وقد أستمر المخزن بعد الاستقلال الشكلي في احكام الطوق على الأمازيغية من خلال تهميشها وتشويهها بشتى أنواع القمع والحصار ، ورغم ذلك ، انبثقت منظمات جمعوية محورت عملها حول الجانب الثقافي قادها مناضلون ذوي خلفية يسارية مرتبطون بشكل أو بآخر بالمد التحرري الذي عرفته الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هدفهم في ذلك :رد الاعتبار للثقافة و اللغة الأمازيغيتين.
ويشهد لليسار الجديد خلال فترة السبعينات، وتحديدا منظمة إلى الأمام إثارتها للموضوع في مداه الفكري والسياسي وفق تصور تاريخي التفت مبكرا لأهمية البعد الاثني في تمفصله مع الصراع الطبقي وهي المقاربة التي عكستها نقاشات وكتابات مناضليها في المعتقلات و السجون الذين اصروا على ضرورة منح الأمازيغية مكانتها اللائقة بها، وقد ذهبت بعض النقاشات وقتـئذ إلى بلورة ما يشبه معادلة الحل الجذري للقضية الأمازيغية ضمن البعد الجهوي في صيغة الاستقلال الذاتي للمناطق التي تتمتع بالشخصية الاقليمية والثقافية واللغوية.
إن النهج الديمقراطي الذي يعد استمرارا للكفاحات المجيدة لهذه المنظمة الثورية، يواصل باجتهاد مناضليه وكفاءاته الفكرية طرح الأمازيغية كقضية عادلة للشعب المغربي قاطبة مفندا بذلك مختلف الطروحات الخاطئة : الرجعية منها والمخزنية.
كما ان النهج الديمقراطي يضع نفسه ، بكل تواضع ودون تحفظ ، ضمن التوجه الأمازيغي الديمقراطي للحركة الأمازيغية التي تناضل من اجل انتزاع المطالب الديمقراطية ذات الصلة بالقضية الامازيغية التي بموجبها تصبح الثقافة الأمازيغية الشعبية تعبيرا عميقا عن آلآم وتطلعات وآمال جماهير غفيرة من الشعب المغربي، رافعة للنضال ضد الاستبداد والفساد والاستغلال والتبعية ومن اجل التحرر والديمقراطية والاشتراكية.
إن تراكم النضالات الشعبية للقوى الديمقراطية بصفة عامة و المرتبطة منها بمجال الدفاع عن الأمازيغية بصفة خاصة توجت بحركة 20 فبراير المجيدة التي أرغمت النظام على دسترة اللغة الأمازيغية ليعتبرها دستور 2011 في فصله الخامس ” ايضا ” لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء.
ونحن على بعد 35 يوم من الذكرى السادسة لحركة 20 فبراير ، من حقنا أن نتساءل عن وضعية الأمازيغية الآن؟ و عن مدى التقدم الحاصل في تفعيل مضمون الدستور؟ لنكتشف، وبعد مصادقة المجلس الوزاري على مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ،أن مكونات الحركة الأمازيغية أصيبت بإحباط كبير و اعتبرت هذا القانون التنظيمي قانون تراجعي و مضمونه يخالف منظور الدستور.
وعليه ، فالمطروح اليوم في نظرنا :
استمرار النضال من اجل الترجمة الفعلية ، على محك الواقع الملموس ، لما ورد في دستور 2011 كمكتسب جزئي، بخصوص دسترة الأمازيغية ثقافة ولغة رسمية باعتمادها إلى جانب العربية في التعليم والادارة والاعلام وفي مختلف مناحي الحياةالعامة.
استمرار النضال من اجل تدريس فعلي وجدي للأمازيغية لجميع المغاربة بطرق بيداغوجية عصرية ناجعة تؤهلها للقضاء على الأمية والجهل والفقر واحتلال موقعها الرسمي في الإدارة و في كل مجالات الحياة العامة للمجتمع .
استمرار النضال لإعطاء صفة المنفعة العامة للجمعيات النشيطة في حقل الأمازيغية التي تناضل من اجل تقدم وازدهار مغرب يسع لجميع أبنائه .
و في نفس الاتجاه، الاستمرار في النضال لمناهضة جهوية الأعيان والجهوية المخزنية وإقرار بدلها، جهوية ديمقراطية بدءا بالاعتراف بالخصوصيات الجهوية و ضمان أقصى حد ممكن من التسيير الذاتي على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للجهات التي تتمتع بشخصية متميزة تشكلت عبر السيرورات التاريخية لشعبنا مثل : جهات الريف و الأطلس و سوس وصولا إلى بناء نظام فيدرالي.
اننا في النهج الديمقراطي نعتبر أن حل القضية الأمازيغية رهين ببناء الدولة الفدرالية المغربية.
وفي هذا الصدد فإننا لن ندخر جهدا من اجل بناء جبهة سياسية اجتماعيةإلى جانب كل الحركات الاجتماعية التقدمية والقوى الديمقراطية ومن بينها التوجه الديمقراطي التقدمي في الحركةالأمازيغية لخوض غمار النضال ضد المخزن والتكتل الطبقي المسيطر الذي نعتبره العرقلة الأساسية في وجه تحرر شعبنا وانعتاقه على جميع المستويات .
عاشت القضية الأمازيغية
وعاش الشعب المغربي
محمد هاكاش عن الدائرة الأمازيغية / النهج الديمقراطي.