الرئيسية » يوسف أحا يكتب عن سياسات التشغيل التقشفية بالمغرب

يوسف أحا يكتب عن سياسات التشغيل التقشفية بالمغرب

كتبه user B

سياسات التشغيل التقشفية بالمغرب

يوسف آحا

منذ اعتماده خلال منتصف ثمانينات القرن الماضي، لمخطط التقويم الهيكلي كإجراء أملي من طرف الدوائر المالية الامبريالية، سارع النظام المخزني إلى الأجرأة عبر سن سياسات تدميرية في مجال التشغيل  وذلك  بصياغة ووضع برامج وقوانين ذات صلة بالمجال من طرف الحكومات المتعاقبة وتداعياتها السلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خاصة في صفوف الشباب المغربي من خلال توسيع قاعدة البطالة وتكريس الهشاشة والزحف وعلى مكتسب الشغل القار التشغيل، وما يتحكم في ذلك من مبادئ الاساسية النيوليبرالية الجديدة المتوحشة، وهاجس تنمية الأرباح لفائدة الرأسمالية  العالمية.

ومنذ سنة 1987 عملت الدولة على سن قانون 87-16 “لتشجع خريجي التكوين المهني” وقانون 87-36 المعدل فيما بعد، ويهم دعم ومنح قروض للشاب المقاولين الحاصلين على الشواهد العليا أو الشواهد التقنية، أما بالنسبة لغير الحاصلين على أي شواهد، فتم خلق صندوق للدعم بموجب قانون 96-15 المحيّن، وخلال سنة 1999 أقر المخزن برفع مسؤوليته المباشرة في مجال التشغيل خلال ندوة مراكش المتعلقة بـ “تشغيل الشباب” وما نتج عنها من برنامج حكومي لسنة 2000 أبرز وجوهه تأسيس الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بموجب قانون تنظيمي صادر من قبل. 

ويلي كل هذا تنزيل عديد من البرامج الكارثية (مقاولتي، تأهيل ..)  وذلك سنة 2005  في إطار”مبادرات التشغيل”.. وكل هذا لهروب الدولة وتملصها من مسؤوليتها، ورهن مستقبل الشباب الحالمين بالشغل في يد الراسمالية العالمية والاقتصاد التبعي بالمغرب المبني على الريع، لتتوج كل هذه التوجهات في دستور 2011 الممنوح، ليأتي فيما بعد إقرار مرسوم  لسنة 2016 وتخلي الدولة عن العمل في الوظيفة العمومية وتعويضها بالعمل بموجب عقود. 

ولعل هم الدولة الآن هو تحسين شروط الهشاشة وليس القضاء عليها وهذا ما أكدته مضامين النموذج التنموي الجديد لسنة 2021 المتعلقة بالتشغيل في أفق سنة 2035 المتمثلة في تقليص نسبة الشغل في القطاع غير المهيكل إلى 20%.

وبعد الفشل الذريع لبرنامج “انطلاقة”سنة 2019 واستبداله ببرنامج “فرصة” 2021 والغموض الذي يدور حولهما بدون وضع حد للأيادي المتحكمة في الميزانيات المرصودة لكلا البرنامجين، التجأت الدولة لتقديم برنامج “أوراش”بميزانية تناهز 2,5 مليار درهم يستهدف 250 ألف فرصة شغل، من خلال أوراش عامة مؤقتة تستمر حوالي 6 أشهر في المتوسط، إلا أن هذا البرنامج لايعكس تطلعات الشباب مقارنة بالميزانية الضخمة المرصودة له وكذلك لايعكس تكافئ الفرص بين الشباب.

كما عرف واقع  التشغيل بالمغرب تدهوراً كبيراً خلال بدايات هذه الألفية خاصة مع الازمة العالمية لسنة 2008 وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية على سوق الشغل بالمغرب، حيث بلغ العدد الصافي لمناصب الشغل التي تم فقدانها 37 ألف منصب خلال 2016، هذا تراجع برز على مستوى خلق مناصب الشغل في القطاع الفلاحي الذي فقد 119 ألف منصب شغل. أما قطاع الخدمات (التجاري، السياحي…) فإن عدد المناصب المحدثة في هذا القطاع تميز بالتراجع والضعف سنة بعد أخرى حيث انحصر في 38 ألف منصب شغل سنة 2016 مقابل متوسط قدره 90 ألفا في الفترة ما بين 2000 و2013 ونفس الأمر بالنسبة لقطاعي الصناعة الحديثة والتقليدية. ومع انتشار فيروس كورونا والجفاف بالمغرب، تم فقدان أكثر من 430 ألف منصب شغل في 2020 وارتفاع عدد المعطلين عن العمل إلى حوالي مليون ونصف، هذه المعطيات والأرقام الرسمية تبقى كارثية، وفي نفس الحين لا تعري الواقع لأنه أكثر كارثية.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا