الصفحة الرئيسية زووم كلمة الموقع: النضال من أجل فلسطين هو عنوان هذا الزمان

كلمة الموقع: النضال من أجل فلسطين هو عنوان هذا الزمان

كتبه user B

مازال الكيان الصهيوني مدعوما من القوى الإمبريالية -خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا- يشن حرب الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة المحاصر، لما يقارب الستة أشهر متواصلة، دون اكتراث بالقانون الدولي والأصوات المتعالية لوقف العدوان.

يشن الاحتلال حربه العدائية بعد أن وجّهت له المقاومة الفلسطينية الباسلة ضربة موجعة، في السابع من أكتوبر 2023، ضمن معركة “طوفان الأقصى”، والتي كانت ردا طبيعيا ومشروعا أمام غطرسة الصهاينة، الذين ارتكبوا على مر عقود أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني الأعزل.

جاءت العملية في سياق توجّه الأنظار إلى الحرب في أوكرانيا وتحوّل مركز ثقل العالم نحو الصين، وفي ظل المخططات الإمبريالية والخارجية لتصفية القضية، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتحميل بلدان الجوار أعباء هذه المخططات، سواء من خلال الصفقات الخيانية، ومعاهدات التطبيع المخزية التي يشكل المغرب جزء منها، واتجهت قبل العملية نحو ضم السعودية لهذا المشروع، وتشكيل “ناتو جديد”، مما كان سيشكل درعا للصهاينة على حساب أمن المنطقة وحقوق شعوبها.

أثبت العدوان الطبيعة النازية للكيان الصهيوني ونزوعه السرطاني نحو قتل الأبرياء بدم بارد، وتجاوزت حصيلة الشهداء منذ السابع من أكتوبر الماضي الـ 30 ألف، وأزيد من 72 ألف مصاب.

في المقابل، أثبت المقاومة الفلسطينية علو كعبها، وهي صاحبة الحق والأرض والميدان؛ إذ تواصل معركة الدفاع الشرعي عن الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية، بالرغم من شح الإمكانيات وتكالب القوى الإمبريالية عدوة الشعوب.

وأظهر “طوفان الأقصى” التغييرات العميقة التي تعرفها المعادلة السياسية في المنطقة، بعد أن تفجّرت جبهات لبنان واليمن والعراق في وجه الكيان الصهيوني وداعميه الغربيين، ومازالت هذه التغييرات في بدايتها على ما يبدو.

إن الكيان الصهيوني ما هو إلا قاعدة أمامية للإمبريالية الأمريكية في منطقتنا، بهدف الحفاظ على مصالحها، والحرص على إخضاع شعوبنا لسياط التبعية والإذلال ونهب خيراتها وتسخيرها لخدمة مصالح “الرجل الأبيض”. 

لمّا جرى الإعلان عن التطبيع الرسمي للعلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني برعاية أمريكية، سارعت القوى المناضلة إلى الدعوة للاحتجاج والتظاهر ضد هذا القرار اللا شعبي والمضر بالمصالح الاستراتيجية للشعب المغربي، والذي جرّ منطقتنا نحو المزيد من التوتر السياسي والعسكري الإقليمي؛ لكن النظام لجأ إلى المنع واستعراض القوة في وجه المتظاهرين السلميين، بل وأغلق الشارع في وجه القوة الشعبية المعبرة عن الموقف التاريخي والمبدئي من القضية الفلسطينية، معتقدا أن ذلك سيدوم.

كما انكبّت الصحافة الصفراء على الدعاية لمشروع التطبيع، ومحاولة إظهار صورة زائفة عن الواقع، لتوهيم الداخل والخارج بأن المغاربة مؤيدون للتطبيع مع قتلة الأطفال والأبرياء.

أما الأحزاب السياسية المخزنية ومن لفّ لفّها، فلم تتردد في تبرير هذا القرار الشاذ، بل وكان حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية الجهة التي وقّعت على معاهدة التطبيع مع ممثلي الكيان الصهيوني والولايات المتحدة إرضاء للمخزن وزبانيته.

لن تنطلي على أحد المواقف الانتهازية لحزب العدالة والتنمية من القضية الفلسطينية، ولن تكفيه شطحات الدنيا لمسح وصمة العار المرسومة على جبينه.

أما المتزلّفين من الأكاديميين والنشطاء والاقتصاديين ومن شابههم، فكانوا قبل حين على قدر كبير من الحماس لتعميق العلاقات مع الصهاينة، وبعد أن أعماهم الطمع والجشع، هاهم اليوم يبتلعون ألسنتهم ويتحولون إلى مسوخ مرتعشة أمام الحقيقة والحق الفلسطينيين.

لقد كسر “طوفان الأقصى” طوق القمع الذي فرضه النظام، فهبّ المغاربة قاطبة إلى شوارع البلاد للتعبير عن موقفهم الحقيقي، مطالبين بإسقاط التطبيع وتجريمه، وقطع العلاقات مع الكيان الغاصب، وإغلاق مكاتب الاتصال في تل أبيب والرباط، وتوجيه جهود المغرب نحو دعم القضية الفلسطينية على جميع المستويات، فسطعت الحقيقة عاليا، ومسخ المتزلّفون للشّيكل.

لقد تبخّرت حجج النظام المخزني للتطبيع مع الصهاينة، وأثبتت عملية “طوفان الأقصى” حجم الوهن السياسي والعسكري والاستخباراتي للكيان المحتل، وهو ما يؤكد مرّة أخرى أن المغاربة ليسوا في حاجة إلى الكيان الصهيوني لا في المجالات العسكرية والأمنية، ولا السياسية والدبلوماسية، ولا الاقتصادية والتكنولوجية، بل إن التطبيع معه لم يؤدي سوى إلى نتائج عكسية، ورهن اقتصاد وأمن بلدنا في يد من يتفنن في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في حق شعب أعزل، ولن يتردد في ضرب مصالح شعبنا في الصميم إذا رأى أنه سيحقق مصلحة من ذلك.

إن القرار السياسي بالاعتماد على دولة الإحتلال في بناء القدرات الدفاعية للمغرب ليس ذي معنى، ويتأكد ذلك بعد تبخّر التفوق العسكري والاستخباراتي المزعوم للكيان الصهيوني في السابع من أكتوبر، بل وألحقت به المقاومة الفلسطينية هزيمة استراتيجية تاريخية ستمتد تأثيراتها لعقود.

إن الشعب المغربي هو من يجب أن يكون صاحب الكلمة العليا والسلطة الأصلية، في تحديد سياسات البلد الداخلية والخارجية، وليس لأية جهة أو مؤسسة أن تنفي عنه هذا الحق بذريعة الصلاحيات الحصرية أو غيرها.

والشعب قال كلمته وبقوة، من خلال وقفات ومسيرات وطنية ومحلية حاشدة، خصوصا تلك التي دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وهي مكسب تنظيمي وسياسي، شعبي ووحدوي يُضرب به المثل في المغرب وخارجه، ويجب دعمه وتقويته بالمزيد من الانخراط والالتفاف، والتواجد الشبابي الذي سيمنحه المزيد من الزخم والصلابة.

ومع ذلك، فإن ذلك ليس كافيا، إذ لم تستثمر الحركة الشبيبية الإمكانيات الكافية في دعم القضية الفلسطينية ومناهضة التطبيع والعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وغاب قسم واسع من القوى الشبابية عن هذه المعركة الأساسية، بما فيه الحركة الطلابية والتي لم تشهد سوى قدرا محدودا من الفعاليات في الساحة الجامعية، كتلك التي دعا إليها ونظمها فصيل طلبة اليسار التقدمي وقوى التوجه الطلابي الديمقراطي، لكنها في حاجة إلى المزيد من التوسيع والتعزيز.

لقد أكدت شبيبة النهج الديمقراطي العمالي مرارا على الحاجة الماسة إلى الإنخراط الشبيبي الجماعي في هذا النضال، ليس من باب التضامن فحسب، بل لأنه نضال جوهري في مناهضة الإمبريالية والتبعية والرأسمالية المتوحشة التي كانت سببا رئيسيا حتى الآن في جل الأوضاع المزرية التي يعيشها الشباب المغربي اليوم.

بات الشباب المغربي مطالبا أكثر من أي وقت مضى بخوض معركة الأفكار، وتفنيد السرديات الصهيونية المبنية على تزوير التاريخ؛ بالإضافة إلى الدعم الكامل لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على الكيان الصهيوني في بلادنا.

أبرزت الحرب بما لا يدع مجالا للشك ازدواجية معايير الغرب، خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا والدول المتحالفة معها، ولم تترد واشنطن في منح الضوء الأخضر للاحتلال لارتكاب جرائمه البشعة، بل ودعمته بالمال والسلاح والقوة العسكرية والإعلام، واستخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد مشاريع القرارات الداعية إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.

ويواجه الشعب الفلسطيني ببسالة حرب الإبادة الجماعية ومخطط التهجير القسري والعقاب الجماعي، ويجب على على كل شعوب العالم أن تنهض وتناضل من أجل وقف هذا الجنون.

وإذ يحل علينا شهر رمضان الكريم، فإنه فرصة سانحة للنهوض النضالي العارم في شوارع المغرب من أجل التضامن مع فلسطين وإرغام النظام المخزني على وقف مسلسل التطبيع وقطع جميع العلاقات مع الكيان الغاصب.

إن العالم يتحوّل بقوة، وما “طوفان الأقصى” إلى ملمح من ملامح ذلك، وقد آن الأوان لاتخاذ الموقف والموقع استعدادا لما هو قادم. وإننا لعلى قناعة تامّة بأن النظام المخزني يقف في الجانب الخاطئ من التاريخ.

إن النضال من أجل فلسطين هو عنوان هذا الزمان، وعلينا كشباب أن ننخرط فيه بالمزيد من القوة والعزم والإصرار.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا