207
معاد الجحري
رحل عنا عالم الفيزياء المرموق ستيفن هوكينج في 14 مارس من سنة 2018 أي قبل 3 سنوات خلت. وكان رحيله قد خلف أثرا عميقا لدى الملايين بالنظر للقيمة العلمية للرجل وكفاحه المرير رغم أوضاعه الصحية من أجل تنمية المعرفة العلمية للانسان بنشأة الكون وتطوره.
كما نحفظ للرجل مواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني، فقد أدان العدوان الصهيوني على غزة سنة 2009 وأيد المقاطعة الأكاديمية للكيان الصهيوني ومارسها بحيث رفض المشاركة في ندوة سيمون بيريز سنة 2013 وعرضه موقفه هذا لوابل من السب والعنف اللفظي وصل حد السخرية الوضيعة من حالته الصحية من طرف الحركة الصهيونية.
ولم يسلم الراحل من هجوم وتهجم واحد من رموز الإسلام السياسي ببلادنا وهو المقرئ أبو زيد الذي أبان عن مستوى عال من الجهل والصلافة وعدم التواضع.
اختال صاحبنا وتبختر وتململ كبرا وهو يهاجم أحد أبرز وأنبغ وأشجع علماء الفيزياء في تاريخ البشرية على الاطلاق، نيوتون أو انشتاين زمانه. لم يسمح الداعية أبو زيد لنفسه بمناقشة ستيفن وفقط بل وصفه بكونه أغبى من الحمار!
أنا لا زلت مصدوما لما سمعت من هذا الداعية قليل الأدب الذي يفقه في كل شيء.
رمز الغباء هذا لا يتقبل أن زمن بيع التذاكر للجنة انتهى وأن الإنسانية اكتشفت مع خروجها من القرون الوسطي التي لم يفارقها عقله المتكلس أن الانسان بإمكانه تقرير مصيره بنفسه وتخلصت من الاستيلاب المتافيزيقي الذي يجمع بين العقل والإيمان.
اذا كان سبب السعار الذي أصاب صاحبنا هو نظرة ستيفن المادية للكون، فقد قال فيكتور هوغو:
جحيم العاقل أفضل من جنة غبي.
لقد عاندت الكنيسة ولكنها لم تمنع ثمرات العلم من النمو والازدهار في أحشائها وبين جدرانها بدءا بالكبير غاليلى الذي توفي 300 سنة يوما بيوم قبل ميلاد ستيفن.
الحقيقة ان هذا الجاهل السليط المتعجرف لا يهاجم ستيفن على إلحاده وفقط غيرة منه على الدين الإسلامي الذي يقول لا إكراه في الدين بل، وهذا هو الاساسي، لأن التصور العلمي للكون والتاريخ ولمفهوم الزمن
يفند السردية التوراتية منذ سفر التكوين وامتداداتها ويضع تصور مختلف السلفيات المتزمتة، إسلامية كانت ام مسيحية أو يهودية، شرقية كانت أو غربية في مأزق.
التصور للتاريخ يبدأ عندها من لحظة فردوسية هي بالأحرى لحظة متخيلة، يقفز على مبدأ السببية، وينساب في حركة دائرية على منحدر أوهام العودة إليها وهذا التصور بالضبط يسمح لها بالمتاجرة بالدين. بينما التصور العلمي الذي ساهم فيه ستيفن هوكينج يستشرف المستقبل ويعزز ويغني التصور المادي الجدلي للتاريخ ويعطيه معنى.
المجد لهوكنج ولكل عظماء الانسانية، الخزي والعار لأعداء العلم والحرية والتحرر والابداع..