الصفحة الرئيسية • وجهة نظرقلم ووجهة نظر عبد الله الحريف: لنستفد من دروس حراك الريف

عبد الله الحريف: لنستفد من دروس حراك الريف

كتبه chabiba

       لقد ارتكز حراك الريف إلى عنصرين أساسيين مكنا من إعطائه زخما كبيرا واحتضانه من طرف جماهير الريف وتوحيد نضالها:

* طرح المطالب الملموسة للكادحين في منطقة عانت ولا زالت من التهميش.

* العداء للمخزن، وخاصة نواته الصلبة المافيا المخزنية، المتجدر في وجدان الريفيين الذين قاسوا من تواطؤه مع الاستعمار ضد ثورة الريف المجيدة تحت قيادة عبد الكريم الخطابي ومن قمعه الدموي الإجرامي لانتفاضة سنتي 1958- 1959 وانتفاضة يناير 1984 وحركة 20 فبراير (خاصة استشهاد خمسة مواطنين) إن قيادة الحراك، رغم تأكيدها أن المطالب هي اجتماعية، اقتصادية، ثقافية ورفع العسكرة، طرحت في العمق، مسألة سياسية جوهرية وهي أن لا ثقة في المخزن وأن أي حل للأزمة يجب أن يمر من خلال التفاوض مع الممثلين الحقيقيين للسكان الذين يقودون الحراك لأنهم يتوفرون على مشروعية نضالية وشعبية عبر عنها التفاف جماهير الريف حولهم وجسدتها، بالخصوص، مسيرة 23 ماي 2017، بينما مؤسسات النظام “الديمقراطية” المزعومة (البرلمان والحكومة المنبثقة عنه) تفتقد هذه المشروعية لكونها تمثل 20 في المئة فقط من الكتلة الناخبة. إن المخزن لا يمكن أن يقبل أبدا بمشروعية أخرى لأنها ستؤدي، إن عاجلا أم آجلا، إلى تقويض سلطته. لذلك فإن أقصى ما يمكن أن يفعله المخزن هو أن يقدم تنازلات اقتصادية واجتماعية طفيفة ووعودا كاذبة بإقامة مشاريع خيالية. ولنا في العديد من الحالات، آخرها ما وقع مع حركة 20 فبراير، خير دليل على ذلك. لذلك لجأ إلى القمع حين لم تنفع الوعود والمناورات في إجهاض الحراك.
      إن تجربة حراك الريف تؤكد ما لم يتوقف النهج الديمقراطي عن طرحه بأن المخزن، وخاصة نواته الصلبة المافيا المخزنية، هو العدو الرئيسي، الآن وهنا، لأنه العقبة الكأداء أمام أي تقدم لشعبنا نحو الحرية والكرامة والديمقراطية. ولهذا السبب، لن يتوقف النهج الديمقراطي عن الإلحاح على أن لا مفر من بناء جبهة موحدة من أجل التخلص من المخزن ومن أجل إقامة نظام ديمقراطي، جبهة تضم كل المتضررين من هذه المافيا، أيا كانت مواقعهم الطبقية ومرجعياتهم الفكرية.
      إن الحراك الحالي الذي يعم العديد من مناطق البلاد والذي أطلقه صمود حراك الريف هو استمرار لحركة 20 فبراير وموجة جديدة من السيرورة الثورية التي تعيشها بلادنا، لكنه يختلف عنها: فبينما انطلقت حركة 20 فبراير من شعارات سياسية عامة( مناهضة الاستبداد والفساد، حرية، كرامة، عدالة اجتماعية)، تنطلق الحراكات الحالية من المشاكل الاجتماعية الملموسة للجماهير ثم تتحول، بشكل طبيعي، حين تصطدم بعجز الدولة الفاشلة على تلبية هذه المطالب الاجتماعية ومناوراتها لإجهاضها وصولا إلى قمعها، إلى حراك من أجل التغيير السياسي. هكذا تكتشف الجماهير، من خلال تجربتها النضالية الملموسة، أن تحقيق مطالبها الاجتماعية العادلة والمشروعة يتطلب التخلص من المافيا المخزنية أي أن نضالها من أجل مطالب اجتماعية، بعضها خاص بهذه المنطقة أو تلك، هو نضال موحد في العمق لأنه يواجه نفس العدو.
      وخلاصة القول أن حراك الريف، كتجربة رائدة، يجب أن يلهم الحراكات الجارية في مناطق أخرى في البلاد أو المرتقبة. ويجب أن تعي هذه الحراكات أنها تواجه نفس العدو أي المافيا المخزنية. وأن حراكا في منطقة معينة، مهما كانت قوته وزخمه غير قادر على هزم المافيا المخزنية التي تتحكم في مؤسسات وأجهزة سياسية وأيديولوجية وعسكرية وأمنية ودعائية وموارد مالية هائلة ولها حلفاء أقوياء في الخارج. وبالتالي أن وحدتها ضرورية لتحقيق الانتصار. هذه الوحدة المبنية على التعددية والعلاقات الديمقراطية تشكل ضمانة ضد النزعات الانعزالية وجنين السلطة الشعبية الديمقراطية البديلة لحكم المخزن.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا