حتى يستقيم نقاش مضمون الخطاب الملكي بمناسبة 20 غشت خاصة في مسألة أهمية التكوين المهني، وإن كنا نتفق مع الخطاب في كون خريجي معاهد التكوين المهني عمال بجهد عضلي أو ذهني، وأصحاب السواعد والحرف والصناعات التقليدية وغيرهم من أصحاب المهن الهشة ومهن الفقر…الذين لم تسمح لهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية ومنظومة التربية الفاشلة بالترقي الاجتماعي، هؤلاء هم المنتجون الفعليون للثروة، وهم الغالبية العظمى من الشعب المغربي لأنهم يشكلون الطبقة العاملة وعموم الكادحين… لكن ينبغي ان نساءل الخطاب في مسألتين حتى نتمكن من إماطة اللسان عن القضايا التي يريد الخطاب تغييبها وهما:
أولا العدالة الاجرية: فكيف يعقل أن يعترف الملك ان هؤلاء هم المنتجين الحقيقين للثروة في حين أن أجرتهم لا تكفي حتى لإعادة انتاج قوة العمل؟ أي ينبغي أن نصارع من أجل تحقيق العدالة الأجرية. وذلك من خلال خوض حرب طبقية ضد كبار الموظفين الساميين والنظراء باختصار كل الطفيليين الذين يأخذون أجور سمينة وينهبون الثروة التي ينتجها العمال وخريجي المعاهد التقنية والتكوين المهني بعرق جبينهم تطبيقا للحديث النبوي الذي يعتبر أن خير الكسب ما يحققه المرء بساعده، وهو الذي يمكن تأويله وفق أحد القواعد الاشتراكية لكل حسب عمله… لنصدح بأعلى صوت ونقول الثروة لصناع الثروة… الثروة للمنتجين المبدعين…
القضية الأساسية الثانية نعتقد هي مسألة علاقة التكوين بسوق الشغل… فالمخزن ومنذ انطلاق ما سمي بعشرية الاصلاح على الأقل وهو يكرر اتهام التعليم، ويجعله المجرم المسؤول عن البطالة التي ما فتئت ترتفع، وذلك في محاولة منه للتمويه عن المشكل الحقيقي الذي يتسبب في البطالة، فالورم الأساسي المسؤول عن البطالة هو النظام الرأسمالي، فخلق جيش من المعطلين قانون ملازم للنظام الرأسمالي، لما له من أدوار سواء باستغلاله كأحد وسائل الضغط على الطبقة العاملة للقبول بالشروط اللاإنسانية للاستغلال… ومما يزيد تفاقم البطالة في المغرب طبيعة اقتصاده التبعي والممخزن، بمعنى أنه اقصاد غارق في الديون، بحيث بلغت المديونية خلال السنة الجارية ما يناهز 91% حسب التقارير الرسمية، ويتجلى الطابع المخزني للاقتصاد المغربي الرأسمالي التبعي في كونه غارق ومؤسس على الريع والرشوة والتهرب الضريبي والغش والنهب والاحتكار وكل مشتقات الفساد تجتمع لتثقل كاهل هذا الاقتصاد… ان اتهام التعليم وان كانت نفس المافيا المخزنية هي المسؤولة على فشله(يجب مساءلة النظام على فشل منظومة التربية والتعليم عوض الإقرار بفشلها)، فما هو غلا وسيلة للتغطية على حقيقة أن مشكل البطالة لن يجد له حل إلا في ظل اقتصاد وطني ممركز حول الذات، اقتصاد منتج ومتحرر من التبعية للدوائر الامبريالية والفرنسية بشكل خاص، اقتصاد يقضي على كل اشكال الريع والفساد.