الرئيسية » العنف داخل الجامعة المغربية عنف ” ثوري ” أم نزعة عصاباتية ؟

العنف داخل الجامعة المغربية عنف ” ثوري ” أم نزعة عصاباتية ؟

كتبه user B

العنف داخل الجامعة المغربية
عنف" ثوري " أم نزعة عصاباتية ؟

ابو منصور حرب 
نشرة صوت الطالب – ة ، العدد الاول ( نونبر 2016)

" فترديد شعاراتمحفوظة عن ظهر قلب،ولكن دون فهم ودون تأمل أدى إلى انتشار ضرب من التعابير الجوفاء على نطاق واسع ، و هذه التعابير الجوفاء انتهت عمليا إلى ميول بورجوازية صغيرة مناقضة للماركسية بصورة جذرية " لينين
لقد شكلت الجامعة المغربية منذ أزيد من ستة عقود حقلا للصراع الطبقي بين التحالف الطبقي المسيطر عبر جهاز دولته المخزنية والشعب المغربي بكل فئاته الكادحة و المعدمة ، صراع استعمل فيه النظام المخزني كل أدواته القمعية الايديولوجية والمادية لتصفية هذا القطاع الحيوي الذي ظل يسيل لعابه ولعاب المؤسسات المالية العالمية .
وقد شكلت محطة 23 مارس 1965 أولى محطات الصدام المباشر بين الجماهير الشعبية و الحكم المطلق بالمغرب ، الذي سعى ويسعى دائما الى تصفية تواجد أبناء الجماهير الكادحة عبر خوصصة التعليم وجعله نخبويا وتبضيعينا يخدم مصالحه الايديولوجية و السياسية و الاقتصادية ، غير أن المتتبع لتطور هذا الصراع وما يتميز به من اختلال ميزان القوى لصالح النظام المخزني وجهاز دولته وضعف أدوات الدفاع الذاتي للجماهير وعلى رأسها النقابات التي تشتغل داخل هذا القطاع الحيوي إلا ويخلص أنه لا سبيل لتعديل كفة ميزان القوى لصالح الجماهير الكادحة سوى سبيل وحدة القوى الديمقراطية والتقدمية من نقابات أساتذة وأعوان وتلاميذ وطلاب … داخل خط نقابي كفاحي يجسده استراتيجيا التوجه الديمقراطي النقابي الكفاحي .
سوف لن نتناول في هذا المقال مجمل الاشكالات السياسية و التنظيمية التي تعيشها الجامعة المغربية بقدر ما نخصص هذا العمل لمسألة العنف داخل الجامعة الذي بصم سيرورة تطور الحركة الطلابية لمدة عقدين كاملين ، وحتى نرفع أي لبس حول المسألة فإننا نقصد بالعنف داخل الجامعة هو العنف الذي يمارسه الطلاب على الطلاب والذي في نظرنا لازالت خطورته وتداعياته غير واضحة للبعض مقارنة بالعنف الرجعي الذي تمارسه الدولة عبر أجهزتها القمعية المادية و الايديولوجية .
إن أول ما وجب لفت الانتباه اليه هو أن الجامعة المغربية كما سبقت الاشارة هي مجال من مجالات الصراع الطبقي تؤثر وتتأثر فيه ومنه ، وأن صراع وتضاد الافكار المختلفة وسطها ينشأ على الدوام وهو في حقيقة الامر انعكاس لصراع الطبقات في المجتمع والصراع بين القديم و الجديد داخل الحركة الطلابية ، غير أن هناك من يحاول " التأطير" لممارسته للعنف داخل الجامعة بعبارات رنانة من قبيل " العنف الثوري " و " الدفاع عن مصلحة الجماهير" و " مجابهة البيروقراطية " الخ من العبارات البلهاء الغوغائية ، مما يطرحعلى كل من يسعى الى انتشال الحركة الطلابية وإطارها النقابي من واقع الضعف و الوهن و الفوضى ضرب الاسس الايديولوجية لكذا تفكير وممارسة فوضويتين لا يخدمان في اخر المطاف سوى العدو الطبقي للشعب المغربي،فالفوضى لا تخدم الشعب بل تخدم عدوه .
بالرجوع الى تاريخ الحركة الطلابية نجد أن هذه المعضلة كانت شبه منعدمة وسط الجامعة المغربية اللهم حالات شاذة هنا وهناك لا تشكل أي تأثير على مسار تطور النضالات الطلابية كما هي اليوم ، بل أن وسائلها مقارنة باليوم كانت جد بدائية وتقتصر في حالات عدة على السب أو الشتم أو نسف التجمعات الطلابية سواء بالانسحاب منها أو اثارة الضجيج ، لكن أين كان منعطف دخول العنف الطلابي الى الجامعة المغربية ؟ وماهو السياق التاريخي لبروز هذه الالية – أي العنف – لحل التناقضات داخل الفاعلين وسط الحركة الطلابية ؟ فلدراسة قضية ما وجب أن ننظر لها من كافة الجوانب وأن نتفادى النظرة السطحية التي لا ترى في الاشياء سوى ظاهرها.
1- خلال نهاية الثمانينات من القرن الماضي استطاعت الحركة الطلابية أن تنتزع مشروعية اطارها النقابي أ و ط م بعد سنوات من تكثيف الحظر العملي عليها مباشرة بعد فشل مؤتمرها السابع عشر – اخر مؤتمر لأوطم – فقد باشرت الحركة الطلابية الى تنظيم نفسها انطلاقا من رصيدها النضالي التنظيمي في الفترة الممتدة بين 1989-1991في لجان انتقالية محلية تراكم في اتجاه تشكيل لجنة تنسيق وطني ستوكل لها مهمة التهيئة والسهر على عقد المؤتمر الاستثنائي لأوطم ، غير أن فشل مسار هذه المهمة التقطه النظام وسارع الى ضرب الحركة الطلابية من الداخل عبر فتح المجال للقوى الاصولية ممثلة آنذاك في جماعة العدل و الاحسان وحركة التوحيد و الاصلاح التي سارعت الى وقف المد الطلابي عبر نهج اسلوب العنف الدموي الارهابي في حق أطر والمواقع الجامعية التاريخية لأوطم راح ضحيتها الشهيد المعطي بوملي بوجدة 1991 والشهيد ايت الجيد بنعيسى بفاس عضواللجنةالانتقالية سنة1993 اضافة الى المئات من المعطوبين و الجرحى .
2- في منتصف التسعينيات وبعد فشل تجربة اللجان الانتقالية والهجوم الاصولي على الحركة الطلابية تباينت المواقف وسط الفصائل الأوطامية حول تقييم فشل تجربة اللجان الانتقالية والموقف من مواجهة القوى الاصولية والاشكالات التي كانت تعيشها الحركة الشيوعية المغربية وخاصة تجربة " التجميع "…انفجر الصراع مرة اخرى وسط الطلبة القاعديين ، لكن هذه المرة على قاعدة العنف اتجاه الاخر كحل للخلافات و الاشكالات التي كانت تطرحها الحركة الطلابية و الوضع السياسي العام بالمغرب لاسيما بعد انتعاش تيار النهج الديمقراطي القاعدي – أنصار البرنامج المرحلي – الذي انشطر بدوره الى فرق ومجموعات تتهم بعضها البعض بالتحريفية و الانتهازية …واستمرت موجة العنف الطلابي بين الفاعلين وسط الحركة الطلابية وانغلقت المواقع الجامعية على بعضها البعض ( مع استثناء وحيد سنة 2001 حين تم التهيئ لمعارك مجابهة الميثاق …) الى غاية عقد الندوة الوطنية في مراكش في 23 مارس 2010 التي نظمت من طرف مجموعة من الفصائل الطلابية التقدمية وقد طرحت في جدول اشغالها " الموقف من العنف الطلابي " لتشن حملة عنف واسعة بعد هذه المحطة النوعية على كل الفصائل المشاركة فيها من طرف بعض المحسوبين على البرنامج المرحلي حيث ستعرفالحركةانحراف خطيرافي مجالالعنف الذي انتقل بالأساس إلى تصفية وقمع المعارضين داخل التوجهات التقدمية نفسها (اختطاف واحتجاز طلبة فصيل اليسار التقدمي بوجدة من طرف المجموعة المعروفة في الوسط الطلابي " بالقوى الرجعية " التي لا ترى في المغرب أي تقدمي غيرها وأن جميع الاطارات الجماهيرية هي رجعية إضافة الى مطاردة والتضييق الذي تعرض له الرفاق الماويين في كل من فاس ومراكش …. )الساعين الى توحيد نضالات الحركة الطلابية .
فإذا كانت مبررات العنف الذي استعمل من طرف القوى الاصولية في بداية التسعينات واضحة أهدافه وسياقه فإن العنف الممارسة من منتصف التسعينات الى اليوم بين الفصائل التقدمية لازالت تبريراته تتخدد أشكالا من " الثورية " الفاقدة للمشروعية الفكرية و السياسية . ولفهم معضلة هؤلاء الذين يؤطرون عنفهم الرجعي ضد الفصائل العاملة داخل أوطم بشعارات " العنف الثوري " وبمحاربة " التحريفية و الاصلاحية " وجب الرجوع الى فترة التسعينات وما صاحبها لكي ننبش في الجذور التي ادت الى سيادة هذا الفهم الصبياني اليسراوي .
بعد انهيار المسخ البيروقراطي في الاتحاد السوفياتي بداية التسعينات وتصفية انجازات الثورة الثقافية الصينية شنت البرجوازية وممثليها الأيديولوجيين هجوما شرسا على اسس الفكر الماركسي الثوري فقد وجدت هذه الهجومات صدى لها وسط البعض الذي بدأ مراجعاته للفكر الثوري والتملص من جوهره الحي ومع انتعاش هذه الاطروحات الانتهازية و التصفوية داخل الماركسيين-ات ولدت لدى الكثير من الشباب الثوري الحاجة الى الدفاع عن الفكر الثوري " بكل الوسائل " الممكنة ، غير أن هذا الدفاع لم يكن مبني على أسس مثينة فقد تمظهرفي أغلب الاوقات على شكل ترديد المقولات الجاهزة كآلية للدفاع عن الماركسية، مما ادى الى انتشار نزعة الجمود العقائدي ، فانتشار نزعة الجمود العقائدي كردة فعل عفوية عن هذه الاطروحات الانتهازية سرعان ما تحول الى حالة مرضية تتغدى على ترديد الشعارات والمقولات المحفوظة عن ظهر قلب والتي تجدرت مع الايام لا سيما أنها كانت تورث من جيل الى اخر وسط الشبيبة التعليمية مع استحضار انسداد الافق الثوري لدى العديد من المناضلين –ات والاحراج الذي كان يطرحه تقدم الصراع الطبقي في المغرب .إن انتشار التصرفات الطائشة اليوم داخل اسوار الجامعة عبر ممارسة العنف ضد كل المخالفين للرأي تحت مبررات " العنف الثوري " ما هو في حقيقة الامر إلا وجه من أوجه الأزمة الفكرية لدى شباب رديكالي وهي من حيث مصدرها الاجتماعي لا علاقة لها بفكرالطبقة العاملة بل هي مزيج من إيديولوجية البروليتارية المتشردة و البرجوازية الصغيرة في نهاية التحليل.
اتخذت أشكال العنف داخل الجامعة المغربية اليوم مظاهر وطرق عديدة ، وهي بحاجة قبل كل شيء الى دراسة نفسية لممارسيها ، فأن تجد طالب سنة أولى منذ التحاقه بالجامعة في بداية الموسم الجامعي وهو يحمل على طول السنة سلاحا لا يفهم حتى ضد من يحمله ، وأن يحرم طالب من متابعة دراسته لا لشيء الا لأنه يحمل " نوعا " من الافكار تخالف الاخرين وأن يزج شعر وحاجبي فتاة لا لشيء إلا أنها تتعاطف أو تنتمي الى تيارسياسي قل عنه ما تريد… فهذا كله يحتاج الى وقفة تأمل الى أي مستنقع غرق فيه العمل النقابي الطلابي والى أي حضيض يريد البعض أن يغرق فيه الجامعة المغربية رغم كل المبررات المضحكة كـ " المؤامرة " و " عيون المخابرات " !! إن أولى المهام السياسية التي وجب الانكباب عليها لمحاصرة العنف داخل الجامعات المغربية في اعتقدنا هو فضح ما يمكن أن نسميه " ريعا طلابيا " لبعض الشيوخ الذين لا يتوانون في تحريض الشباب الرديكالي على ممارسة العنف ، هؤلاء الشيوخ الذين عوض أن يستفيدوا من تجاربهم ومن أخطائهم على الخصوص أيام كانوا طلابا لا يستحيوا في اعادة نفس تجاربهم بصدد ممارسة العنف داخل الجامعة من أجل الحفاظ على مواقعهم " القيادية " التي يصرفون فيها كل فشلهم الفكري و السياسي .
إن استعمال العنف في الوسط الطلابي كآلية لحل الخلافات الفكرية و السياسية و البرامجية ليس خاصية مغربية قحة بل هي ظاهرة منتشرة في العديد من البلدان خاصةالافريقية و المناطق الناطقة باللغة العربية كالسودان وبالخصوص جامعات الخرطوم التي تعرف أكبر موجة عنف طلابي كانعكاس لصراع الدائر رحاه بين أقطاب الطغمة الحاكمة هناك وما توظفه الرجعية من عناصر دينية وعشائرية لإغراق الجامعات في الدم ، نجد أيضا الجامعات المصرية كعين شمس والزقازيق التي يسود فيها جو من الارهاب الدموي من طرف طلبة الاخوان المسلمين إضافة الى الجامعات الاردنية – جامعة عمان – التي تشهد موجات عنف بين الفينة و الاخرى ، غير أن ما يميز الجامعات المغربية عن غيرها من الجامعات الاخرى ولا سيما في ممارسة العنف الطلابي هو أن ممارسوه يدعون الانتساب الى صفوف اليسار وهذه خاصية مغربية أصيلة .
الحل السليم للتناقضات في صفوف الفاعلين وسط الحركة الطلابية وبين الجماهير الطلابية 
في غياب أجهزة محلية ووطنية لنقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وفي ظل سيادة فكر صبياني رجعي نظرة وممارسة للعمل النقابي تبقى اهم وسيلة لمناهضة العنف الطلابي تتمركز حول الدعاية و التشهير بمرتكبيه وفرز الاليات و الوسائل لعزل هذه الممارسة الرجعية التي تكبل تطور نضالات الحركة الطلابية في الفترة الاخيرة ، غير أن مضمون هذه الدعاية وجب أن يتمحور حول نقطة جوهرية وهي : 
إن حل الخلافات في صفوف الفاعلين التقدميين و الديمقراطيين وسط الحركة الطلابية وبين الجماهير الطلابية عبر ممارسة العنف الطلابي هو حل غير سليم لتناقضات مختلفة من حيث الجوهر"يجب أن نميز بين التناقضات في صفوف العدو و التناقضات في صفوف الشعب ،إن التناقضات المختلفة من حيث طبيعتها لا يمكن أن تحل إلا بطرق مختلفة …فاستخدام الطرق المختلفة لحل التناقضات المختلفة هو مبدأ يجب على الماركسيين – اللينينيين أن يراعوه مراعات دقيقة أما أصحاب الجمود العقائدي لا يراعون هذا المبدأ إذ أنهم لا يفهمون الفوارق بين الحالات الثورية المختلفة ، وبنتيجة ذلك لا يفهمون انه ينبغي اللجوء إلى طرق مختلفة في سبيل حل التناقضات المختلفة بل يعتنقون بانتظام صيغة واحدة يتخيلون أنها غير قابلة لتبدل و يطبقونها بصورة الية على كل شيء الأمر الذي لا يؤدي سوى إلى جلب النكسات على الثورة أو فساد قضية كانت تسير على ما يرام حتى ذلك الحين "
" بما أنّ التناقضات بيننا و بين أعدائنا و التناقضات بين صفوف الشعب هما نوعان مختلفان من التناقضات من حيث طبيعتهما، فإنّ طرق حلّهما كذلك مختلفة. و موجز القول أنّ النوع الأوّل من التناقضات يتعلّق بمسألة رسم خطّ فاصل بيننا و بين أعدائنا، أمّا النوع الثاني منها فهو يتعلّق بمسألة التمييز بين الحقّ و الباطل. و طبيعي أنّ مسألة رسم خطّ فاصل بيننا و بين أعدائنا هي في نفس الوقت مسألة تمييز بين الحقّ و الباطل. و مثال ذلك أنّ مسألة من هو على حقّ، نحن أم الرجعيون المحلّيون و الأجانب و الإمبرياليون و الإقطاعيون و الرأسماليون البيروقراطيون، هي أيضا مسألة تمييز بين الحقّ و الباطل، إلاّ أنّها مسألة تختلف من حيث طبيعتها عن مسألة التمييز بين الحقّ و الباطل داخل صفوف الشعب.
إن هذه الوصايا العظيمة للرفيق ماوتسي تونغ تنسف كل الاسس الفكرية التي يحاول بها ممارسو العنف الطلابي تأطير ممارساتهم الرجعية وسط الحركة الطلابية ، وهي من جهة تأكد أن وحدة صفوف الشعب تقوم على المبدأ الراسخ : الانطلاق من الوحدة – وحدة مصالح جماهير الطلاب- والرغبة في الوحدة التي تمر عبر الصراع / النقد ، أي حلّ جميع المسائل ذات الصفة الفكرية و جميع المسائل المختلف عليها داخل صفوف الشعب، بإستخدام الأساليب الديمقراطية – أساليب المناقشة، و النقد، و الإقناع و التثقيف، لا أساليب الإكراه و الضغط ، للرقي الى وحدة جديدة أمثن ، إن هذه المبدأ الجدلي قد إعتمده الطلبة الجبهويون في تأطير تحالفاتهم وعملهم مع باقي الفصائل الطلابية ومن يدعي بأنه ينتمي الى هذه التجربة أو أنه امتداد لها فيجب أن يتأمل في دروسها ومضمون مبدأها : وحدة – نقد – وحدة

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا