الصفحة الرئيسية قضايا وطنيةقضايا الشبيبة المغربية عصام بنكروم يكتب عن “الشباب المغربي والرياضة”

عصام بنكروم يكتب عن “الشباب المغربي والرياضة”

كتبه user B

   ليست الرياضة مجالا للترفيه وملأ الفراغ فقط. فبالنسبة للشباب، كفئة مفعمة بالنشاط والطاقة، تشكل الرياضة مكانا للتعبير عن الذات وإظهار القدرات. فلطالما أعطت العديد من الدولة، خصوصا تلك التي تبدي اهتماما خاصا بالسياسات الموجهة، اهتماما بالغا لتنمية وتطوير سياسات في مجال الرياضة قادرة على استيعاب الشباب وتطوير قدراته وخلق بنية تحتية قادرة على تحقيق هذا الهدف.

 وقد اعتبر الاتحاد السوفياتي من الدولة التي أعطت أهمية خاصة لتنمية “الثقافة الرياضية”، وقد ترجم ذلك بتحوله إلى إحدى القوى الأساسية في العديد من الرياضات.

     لكن وكبقية المجالات التي تشرف عليها الدولة بشكل عام، وبالخصوص تلك الموجهة لفئة الشباب، ليست الرياضة أحسن حالا من التشغيل أو الثقافة أو التعليم، بل يمكن القول أنها من المجالات التي تحظى بأقل قدر من الاهتمام. فبالرغم من أن ميزانية وزارة الشباب والرياضة تعتبر الخامسة من حيث الأهمية، والتي تجاوزت 2 مليار درهم، فالجزء الأكبر من هذه الميزانية موجه لتمويل بناء ملاعب جديدة في إطار ترشيح المغرب لمونديال 2026. ففي الوقت الذي تحتاج فيه الرياضة المغربية في جميع مجالاته للدعم، من أموال دافعي الضرائب طبعا، يفضل المخزن إضاعة الأموال العمومية على المشاريع التي قد تعطي له إشعاعا ومصداقية زائفة على المستوى الدولي، بالرغم من أن مشروعه سيؤول للفشل مرة أخرى كما سابقيه نظرا لضعف البنية التحتية وعدم واقعية المشاريع المقدمة.

 وبطبيعة الحال، وكما كل المجالات الأخرى، لا يخلو مجال الرياضة من الفساد، والذي يعتبر مكونا أساسيا من بنية النظام.

 ولا تقتصر شبهات الفساد الإداري والمالي على المشاريع العمومية فقط، بل تطال كذلك تدبير الأندية الرياضية. فكما هو معروف لدى المشجعين، فإن المكاتب السيرة للأندية الرياضية، وبالخصوص منها أندية كرة القدم، تعرف مشاكل جمة في طريقة تدبيرها، وغلبة الحسابات السياسية عليها وسيطرة النافذين على مقاليد تدبير الأندية في عدم احترام لأدنى الضوابط الديمقراطية، بالإضافة إلى العديد من الأسئلة المطروحة حول التدبير المالي. الشيء الذي لطالما احتجت عليه رابطات المشجعين “الألتراس”، والذي جر عليها الكثير من المشاكل، وعلى رأسها المنع.

 وتمثل الألتراس تعبيرا شبابيا محضا، اختار تنظيم نفسه في رابطات مشجعين، وموزعة على خلايا للأحياء. وتشكل الألتراس ظاهرة شبابية فريدة من نوعهاـ تتميز بقدرتها الكبيرة على التنظيم والإبداع، ولف أكبر قدر من المشجعين حولها، وقد أعطت هذه الرابطات نفسا جديدا للملاعب من حيث حماس التشجيع أو أشكال، والذي أخذ بعد ذلك أبعادا أخرى تمثلت في رفع شعارات ذات حمولة اجتماعية وسياسية، وتأليف أغاني تتطرق العديد منها لوضعية الشباب الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى تنديدها بالإهانة والتضييق الذي تعانيه الجماهير بالملاعب. ولم يقتصر نشاط الألتراس على التشجيع داخل وخارج الملاعب فقط، بل جعلت من الاحتجاج على أوضاع أنديتها، وانتقاد المكاتب المسيرة وفضح الفساد المستشري داخلها إحدى أهم مجالات نشاطها من خلال تنظيم وقفات وتجمعات جماهيرية ومقاطعة المباريات في بعض المقابلات. لقد شكلت الألتراس ظاهرة فريدة أعطت بعدا جديدا لعلاقة الشباب بالسياسيات الرياضية، وقد زاد تأثر شبابها بالواقع الجديد الذي خلقته 20 فبراير في إعادة إحياء العلاقة بين الشباب والشأن العام، وكذا مشاركة العديد منهم في الحركة، من الرفع من وعي أعضائها وإعطائها أبعادا سياسية أكبر.

 إن الرياضة المغربية تبقى ذات مستوى ضعيف، سواء في الألعاب الجماعية أو الفردية. فضعف الدعم الموجه لهذه الرياضات، وبالخصوص الموجه للأندية الرياضية الصغيرة، وعدم توفر البنيات التحتية اللازمة من ملاعب وأندية الأحياء، وسيادة المحسوبية وسوء التدبير في الجامعات الرياضية، وتهميش الرياضات المدرسية كخزان أساسي للطاقات ومجالا للاكتشاف المبكر للمواهب. وتبقى بعض الإنجازات من هنا وهناك، خصوصا في الرياضات الفردية، راجعة للمجهودات الشخصية التي يبدلها الشباب المغربي، والتضحيات التي يقدمونها في سبيل تحقيق إنجاز ما، والتي لا تتأخر الدولة عن تبنيها والتسويق لها كما لو أنها ثمرة استراتيجية مسطرة سلفا وعناية مستمرة لهذا البطل أو ذاك.

 إن الشباب المغربي شباب محب للرياضة، ويتوفر على طاقات هائلة، قادرة على جعل المغرب من الدول المتقدمة في العديد من المجالات الرياضية. ولكن وكما باقي القطاعات، تبقى الديمقراطية هي العائق الرئيسي لإنتاج سياسات رياضية شعبية، قادرة على الاستجابة لحاجيات الشباب المغربي وجعل الرياضة أداة أساسية لتنمية قدراته، وسبيلا لحمايته من مجموعة من الآفات الاجتماعية التي يذهب ضحيتها أبناؤنا.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا