الرئيسية » الرفيقين التيتي و بوطيب يتبادلان رسائل حول الشباب

الرفيقين التيتي و بوطيب يتبادلان رسائل حول الشباب

كتبه user B

  الشباب ذلكم اكسير الحياة

بقلم: الحبيب التيتي:

 في المفارقات الحاصلة اليوم: دولة الكمبرادو بالمغرب مريضة بشباب المغرب.انه تهدره تهمشه تقتل الطموح وتحوله الى حطام. حراك الريف من ابداع الشباب قيادة وقواعد.لمناقشة هذه القضية الاستراتيجية ببلادنا ارتايت تناولها عبر هذه الرسالة مفتوحة الى الرفيق محمد بوطيب.

الرفيق العزيز

   اعلم انك من المناضلين المهتمين بقضايا الشباب بل لك تجربة معتبرة في التواصل مع فئات واسعة من هذا الشباب منذ سنوات الجامعة وما بعدها. اهتمامك هذا بالإضافة الى سعة صدرك للنقاش الرفاقي خاصة مع من يخالفك التقدير او حتى المرجعية كل ذلك سيكون كافيا لتوجيه رسالة في قضايا تهم معضلة التواصل مع الشباب وموقع الشباب في صلب عملية التغيير الثوري ببلادنا وارتباطه بالتنظيمات الماركسية خاصة واليسارية الراديكالية عامة.

اطلاق عملية تفكير جماعي في هذا الموضوع سيكون من شانه التعرف على واقع الحال مع تشخيصه واكثر من ذلك تقديم بدائل وحلول.المهمة صعبة للغاية لكنها ليست مستحيلة.

من جهة ثانية موضوعة الشباب تؤرق ايضا كل القوى السياسية بجميع توجهاتها وفي هذا الاطار انعقدت ورشة مخصصة للموضوع نظمه البيجيدي وتم نشر احدى المداخلات لخبيرة من الحزب تجد رفقته ورقة تفاعلي مع كلام تلك المؤطرة والقضايا التي اثارتها.

موضوع هذه الرسالة هو هل حقا مخاطبة المشاعر عند الشباب يعتبر مدخلا لإثارة انتباهه وجلبه للاهتمام بالشأن العام؟ كما ترى في تفاعلي اعتبرت اننا يجب ان نهتم بمعالجة هذا الكم الهائل من المعلومات واقتراح الخيط الناظم لها وتحليله.

لا يجب الاكتفاء بمخاطبة المشاعر والا سقطنا في التجييش على الطريقة الفاشية ولكن يجب استكمال ذلك بمخاطبة العقل والوعي والتمكين من ادوات تحليل وربط الظاهر حتى تتوجه المشاعر الى الوجهة السديدة.

ولك كامل الود والاحترام.

التيتي الحبيب

06/09/2017

 ********************************************

                    العمل الدعوي يشخص ازمة التواصل ويقترح ما يراه حلا

يعتبر العمل الدعوي في الحركات الاسلامية اهم نشاط يقوم به الاسلام السياسي من اجل توسيع صفوفه والزيادة في عدد المنخرطين والاتباع.

الا ان هذا العمل اصبح يتعثر ولم يعد سهلا كما كان بالماضي.لذلك يقيمون ندوات وموائد للتفكير ومعالجة الاشكالية.

1- في التشخيص

+ العائلة انتقلت من العائلة المنتشرة والمتعددة الى العائلة النووية والمشغولة اي لم تعد تشكل احد اهم الوسائط في التربية على التقاليد و نقل التربية الى الابناء.

+ تغير وضعية المراة التي اصبحت بدورها تلعب دورا كبيرا في المجتمع و الذي هو مجتمع مختلط وهذا معطى تابت.

+ التطور التكنولوجي والوسائط التكنولوجية بل الاشياء انترنيت التي دخلت كل البيوت كل ذلك غير السلوك والمفاهيم.

+ الاطفال يقضون اوقاتا كبيرة وحتى بدون علم اوليائهم مع الانترنيت وبذلك يكتسبون معارف غير مراقبة.

+ وفرة المعلومات بذلك انتهى زمان احتكار المعلومة.

+ لم يعد المتلقي لا مستعدا و لاقابلا لقراءة النصوص الطويلة بل ان ما يؤثر في الاطفال هو نص لايتعدى فكرة واحدة او اثنين.

+ هناك نفور بل ابتعاد عن علاقة المريد والشيخ.

2- مقترح حلول.

+ من اجل الحفاظ على انتباه الشباب والتاثير عليه يجب الاهتمام بالجانب الذي لن يجده في اوساط اخرى وهذا الجانب هو المشاعر وتنميتها.او كما قال النبي محمد جالسوني احبوني.

+ الاهتمام باللقاءات وخاصة تلك التي فيها الحركة او الرياضة.

+ تجنيس التواصل بمعنى الشباب يتواصل مع الشباب والنساء يتواصلن مع النساء وهذا يسهل نقل المشاعر ويساعد على عقد المجالس للعمل الدعوي.

كان هذا اهم النقاط الواردة في ندوة اطرتها احدى مناضلات البيجيدي.

ما اثارني فيها هو الانشغال على موضوع الشباب وصعوبات العمل الدعوي في عصرنا هذا وقالت السيدة بان علينا تجاوز الاساليب القديمة والتي كانت صالحة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.

نحن ايضا نشكو من نفس الوضع مع الشباب ونطرح سؤالا محيرا كيف للسيرورات الثورية ان تكون شبابية لكن احزاب اليسار لا تستقبل هذا الشباب.بل لاحظنا ان شباب الميادين بقي في الميادين او هجرها وقاطع الانتخابات في مصر وتونس.

ما افهمه ايضا ان الشباب يتعاطى للانترنيت ووسائل التواصل الجديدة وهي تشتغل بالنصوص الصغيرة لذلك علينا ان نكون حاضرين بقوة في هذه الوسائل وان نكتب لكن ماذا نكتب وكيف.

ما اثارني ايضا هو قولها ان هذه الوسائل باتت توفر المعلومة وبذلك الشباب اصبح اكثر استقلالية وغير محتاج في الكثير من الحالات الى التنظيم لكن ما هو الشيء الذي ينقصه في هذه الوسائل.اجابت بان الشيء الذي ينقص هو المشاعر وهذا امر اتفق عليه واضيف بان ما ينقص وهو ربما اهم وهو توفير النظرة الجامعة او الناظمة لهذا الكم الهائل من المعلومات.ان الانترنيت يوفر المعلومات بشكل عشوائي وكثير جدا الى حد انها تفقد قيمتها الفكرية والتوعوية.لذلك وجب تحضير قراءة تلك المعلومات وتنظيمها واخراج الخلاصة ونشرها وتوزيعها في الوسائل وبذلك نصنع الرأي والموقف.

اما مسالة المشاعر وتغذيتها فتلك مهمة المحرضين بالاساس وهي لازمة لاي عمل سياسي ودعائي.فلا دعاية بدون تحريض في العمل الحزبي المناضل.

التيتي الحبيب

27/08/2017

رسالة بوطيب الاولى

أيها الشباب: التزموا سياسيا وتنظيميا ولا تترددو !!

يقول الأديب الأكراني Jospeh Conrad “لكي نكون متفائلين بالمعنى الفني ليس ضرورياً أن نفكّر بأن العالم جيد. يكفي أن نعتقد أنه ليس من المستحيل جعله جيداً.” ويمكننا قول نفس الشيء حتى ونحن متفائلين بالمعنى السياسي للكلمة !!!

رفيقي العزيز والحبيب؛

أيها الحبيب El Habib El Titi؛

دعني أولا أخبرك أن رسالتك غمرتني بفرحة لا توصف، لأنها ستمنح علاقتنا الرفاقية، مما شك فيه، أفقا تواصليا جميلا وواعدا، لاسيما وأنها تضعنا أمام مهمة التفكير في قضايا الشباب اليوم، وها أنت منذ البداية تحدد المطلوب منا أي من تفكيرنا وانشغالنا بموضوع الشباب، وتلح على مشكلتين مترابطتين، الأولى تهم التواصل مع الشباب، والثانية تتصل بموقعه في عملية التغيير الثوري وعلاقاته بالمنظمات الماركسية وبالاتجاهات الراديكالية بصفة عامة.

اسمح لي قبل ان أشرع في بسط وجهة نظري حول ما تفضلت بعرضه في رسالتك، أن أستحضر مقتطفا من الإلياذة:

الريح تبعثر الأوراق على الأرض، لكن الشجر الحي…يكتسي بالورق من جديد عند عودة الربيع !!!

أردت ان أثير انتباهك منذ البداية أن هذا الهوس الهوميروسي الأعمى (هوميروس المشكوك في وجوده أصلا كان أعمى رحمه الله)، يتحدث عن الديالكتيك أيضا، أي عن قانون التحول. فالشباب، أيضا، كأي ظاهرة أخرى في الحياة معرض لقانون التغير والتحول المستمرين، هذا التحول الذي قد يدفع به في هذا الاتجاه أو ذاك، وهذا لا يحتاج إلى تفكير مظن لفهمه بالنسبة لرفيق مخضرم مثلك، عاش فترة اصطفاف الشباب تحت راية التغيير الثوري في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، لما كانت الماركسية راية من لا راية له، ومنصة التواقين لعالم أفضل…قبل أن تجري مياه كثيرة تحت الجسر بفضل عوامل عديدة، أهمها أزمة البديل التاريخي الذي دافعت عنه الماركسية وتفسخه بالكامل في أواخر العقد الثامن من القرن الماضي وتبخر هويته البيروقراطية بالكامل، وما نتج عن هذا التفسخ المطلق من بروز منصات جديدة لرؤية العالم تستند على الدين والهوية والعرق والجنس والثقافة…وقد ساهمت تحولات تاريخية عميقة في دفع جزا هام من الشباب المثقف و من الشباب المتحدر من الأوساط الشعبية إلى الاصطفاف وراء راية البديل الديني الذي جاءت بها الثورة المضادة في إيران وما صاحب ذلك من تحولات جوهرية أرخت بظلالها على حركات التحرر الوطني في فلسطين ببروز قوى جديدة تستند لمرجعيات دينية في مطالبتها بفلسطين حرة ومستقلة، ونفس الشيء عايشناه في المغرب، مع الصعود القوي للإسلاميين في بداية تسعينيات القرن المنصرم…

لقد بعثرت ريح الخريف التي هبت على الماركسية والتجارب التاريخية المشوهة التي ألصقت بها زورا، العديد من الأوراق…فتساقطت الكثير من المعتقدات التي كانت راسخة كاليقين في الأمس القريب…وألحقت بالبديل الإنساني الثوري هزيمة ساحقة على كافة المستويات…وتبلورت أشجارا جديدة أينعت باسم الدين والثقافة والهوية…لكن ربع قرن من التجربة الحية يضع هذه الأشجار في حد ذاتها أمام امتحانات عسيرة؟ فهل يمكن حل معضلة الهوية دون حل الأسس المادية التي تقوم عليها في لحظة تاريخية محددة؟

هل يمكن أن نتجاوز حقيقة أن الناس منقسمين بسبب علاقتهم بالثروة والسلطة والمعرفة، وأنه دون حل هذه المشكلة لا يمكن حل مشكلاتهم الثقافية والهوياتية والجنسية؟ طبعا من حق ناشطة نسوانية أو مثقف هوياتي أن يشكك في هذا الخطاب وينعته بشتى النعوت القدحية؟ لكن دعنا ندعوه ليتأمل هوية حركة 20 فبراير ومطالبها ونضالاتها وآمالها، ودعنا ندعوه يتأمل مطالب ورايات الثورات التي سحقت في مصر وسوريا والبحرين وتونس…؟ وليتأمل، أيضا، الانتفاضة الريفية الجارية تحت أقدامنا؟ دعنا نتأمل مطالبها وشعاراتها ومواقفها؟ لنفهم شيء واحد…هو أن ما يجري يؤكد مرة أخرى أن لا هوية ولا خصوصية ولا روح ثقافية خاصة بهذا القسم البشري أو ذاك دون حل معضلة احتكار السلطة والثروة والمعرفة التي تخضع لهيمنة الطبقة السائدة داخل المجتمع، أي بدون مواجهة الطابع الاحتكاري العنيف لهذا الثالوث المحدد للعلاقات بين الطبقات الاجتماعية داخل أي مجتمع منقسم على ذاته…

أود أن أقول في هذه النقطة أن ما يجري تحت أنظارنا يعيد الاعتبار للماركسية الحية ويرشحها مرة أخرى للعب دور قاطرة الفهم والتغيير طبعا، وتقديم المنهجيات الرصينة لتحديد اتجاهات التحولات الاجتماعية والسياسية العميقة التي نعيشها في مجتمعنا…مع تحديد أشكال التواصل الكفيلة بصهر كل قوى التغيير في علاقات نضالية وتنظيمية وبرنامجية كفيلة بإحداث التغيير المطلوب في الوقت والمكان المناسبين، وهنا تكمن أهمية بالغة لنشاط الشباب الثوري ليس في تقدم المظاهرات الشعبية الهائلة وتحفيز الكادحين على المشاركة في عملية تحسين ظروف معيشتهم وفي وضع المتاريس ومواجهة بطش الشرطة بكل شجاعة…، بل في إعادة بناء منظمات نضاله الشبابي، فمن العار أن نجد نفس الشباب، رغم ما يخترقه من خلافات سياسية وعقائدية، ملتحما وموحدا ومنسجما حد التوحد حول مطالب انتفاضة الريف وفي حركة 20 فبراير أو في نضالات المعطلين ومعارك تنسيقيات الأساتذة المتدربين وطلبة الطب وحتى في الحركة النقابية….وغيرها من التجارب الرائدة، في حين نجده مستسلما لعصبويته القاتلة ودوغمائياته وتطرفاته اللعينة في ساحات الجامعة !! فمن المؤلم أن تجد نفس الشباب المتحدين وراء متاريس واحدة في مواجهة الظلم والعطالة والهشاشة في ساحات الكفاح الواسعة، منقسمين على أنفسهم ومتحاربين حد الموت والاقتتال الإجرامي الشنيع داخل أسوار الجامعة !!!

أردت أن أطرح سؤال مستقبل النضال الطلابي؟ وما السبل الكفيلة لاسترجاع وحدة الحركة الطلابية النقابية (في ظل التعدد السياسي والفكري بين مكوناتها طبعا) واسترجاع زخمها النضالي ومساهمتها النوعية في مسيرة التخلص من ثالوث الاستبداد والاستغلال والتبعية؟

وأي سبل لتحقيق وحدة الشباب المنتفض ضد تسليع التعليم وضد البطالة وضد الهشاشة في حركة موحدة كفيلة بفرض مطالبه وتحقيق تطلعاته؟

أي سبيل أيضا لنشر ثقافة التنظيم والالتزام السياسي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من انخراط يومي في حركة الصراع في تحولاتها وتقلباتها؟…أي في لحظات التقدم ولحظات التراجع…في لحظات بزوغ الأمل…وفي لحظات شيوع اليأس والإحباط…كيف يمكن أن ننتشل رفيقاتنا ورفاقنا الشباب من مستنقع النشاطوية المفرطة؟ كيف يتسنى لنا حفزهم ودفعهم إلى الاقتناع أن توزيع جريدة الحزب في مظاهرة عمالية أو تضامنية وتنظيم مناقشات مرتجلة حول موادها مع المشاركات والمشاركين في المظاهرة لا يقل أهمية عن حمل مكبر الصوت لإلهاب حماس المتظاهرين؟ وكيف يتسنى لنا إقناعهم بأهمية الربط الجدلي بين الفكرة والتطبيق؟ أي كيف يمكن أن نرد الاعتبار لأهمية النظرية في الوعي الشبابي؟ كيف يمكن أن ندفع الشباب إلى تغليب المنهج التحليلي في تفاعلاتهم المختلفة مع قضايا الصراع الاجتماعي والسياسي دون الاكتفاء باجترار الأماني الجميلة والاكتفاء بارتباط صادق شاعري وعاطفي بهموم شعبنا المضطهد؟، وهذا ما أشرت إليه محقا في رسالتك، “الاكتفاء بمخاطبة المشاعر والا سقطنا في التجييش على الطريقة الفاشية ولكن يجب استكمال ذلك بمخاطبة العقل والوعي والتمكين من ادوات تحليل وربط الظاهر حتى تتوجه المشاعر الى الوجهة السديدة.”

على هذا الطريق، أي طريق الالتزام السياسي وإشاعة ثقافة التنظيم وإيلاء التفكير النظري الأهمية التي يستحقها في عملية التغيير الثوري، واستيعاب دروس كفاحات شعبنا وباقي شعوب العالم…يمكن في نظري أن يتقدم شبابنا في اتجاه بناء مستقبله…أي مستقبل شعبنا وحقه الثابت في مغرب حر وديمقراطي وسيد نفسه واشتراكي…ولا تتأتى له هذه الإمكانية إلا إذا امتلك فن التكتيك طبعا: أي متى يسير وحيدا ومستقلا، ومتى يضم قوته وإمكانياته للضرب والنضال بمعية قوى مناضلة أخرى !!

وما دمت قد أشرت في ملحق رسالتك لفهم لإسلاميين لدور الشباب اليوم في المغرب، دعني أعيد التذكير بما اعتبره المرشد الروحي للإخوان المسلمين بشروط نجاح أي فكرة، يقول حسن البنا، في رسالته الموجهة للشباب، ” تنجح الفكرة إذا قوي الايمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها. وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة: الايمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب. لان أساس الايمان القلب الذكي، وأساس الاخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب. ومن هنا كان الشباب قديما وحديثا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها “.

لا أختلف كثيرا مع أركان البنا التي حددها كشروط أولية لنجاح أي فكرة/مشروع حضاري، إلا في نقطتين، فبدل الإيمان أرى من وجهة نظر ماركسية أن الفكرة تحتاج إلى فهم وتحليل وبالتالي استعمال الوعي الناتج عن هذا الفهم في تخصيب الحركة المادية الهادفة للتغيير، كما تحتاج الفكرة لاختبار حقيقتها النسبية وصدقيتها في معمعان الكفاح المباشر وإخضاعها لامتحانات التجربة العملية أيضا، وبدل الإخلاص أشدد على أهمية التنظيم الجماعي، إذ لا وجود لأفكار تحررية وثورية خارج جماعة ثورية متراصة ومسؤولة ومنضبطة ومستعدة للعمل الصبور والمستمر في نشر الفكرة الثورية في أوساط الطبقات والفئات المعنية بالتغيير الثوري…وإلا تحولت الفكرة إلى مجرد تأملات شخصية ووجدانية قد تنتج عنها في أحسن الحالات قصائد شعرية رائعة او موسيقى جميلة…فلا وجود لقيمة الإخلاص بمعناها المنتج للخلاص الجماعي خارج الذات الجماعية المنظمة، “من أوجب الواجبات على الشباب أن ينصرف إلى أمته أكثر مما ينصرف إلى نفسه” هكذا خاطب البنا الشباب المسلم الذي كان يراهن عليه في بناء حركة الإخوان المسلمين، وفيما يخصنا ما رأيك في أن من اوجب واجبات الشباب الثوري اليوم في المغرب هي في أن ينصرف بعزيمة ورباطة جأش لإعادة بناء منظماته المشلولة (اتحاد الطلبة، وحركة المعطلين، وتنسيقيات وجمعيات الشباب…)، وأن ينصرف لخدمة طبقته الاجتماعية والاجتهاد في فهم واستيعاب مشروعها السياسي والحضاري…والعمل على تجاوز التحديات والصعاب التي تقف في وجه تجسيده على أرض الواقع…متسلحا بطبيعة الحال، في كل هذا، من الحقائق الحية والملموسة الت يجود بها الواقع، دون تجاهل، طبعا، لدروس التجارب والخبرات النضالية السابقة هنا وفي باقي بلدان العالم.

نحن لسنا وحدنا من يهتم بالشباب، أنظر للقنوات الإعلامية الرسمية، انصت للإذاعات، واقرا المجلات الرائجة، وادرس أدبيات الأحزاب والجمعيات والدراسات والتقارير الاجنبية، وتصفح دستور الاستبداد وقوانينه… الكل يتحدث عن الشباب…ترى لماذا؟

لأن معركة الحرية تنطلق من هنا…أتعرف أن الاشتراكية لا زالت فكرة شابة رغم مرور 169 على صدور البيان الشيوعي ودعوة ماركس وإنجلز إلى تغيير العالم بدل الاكتفاء بتفسيره… والذي صاغاه هذان العبقريان بتكليف من تنظيم الشيوعيين في مؤتمر عقد بلندن عام 1847، بهدف وضع برنامج مفصل يوضح رؤى الشيوعيين.

ولا تنسى أن من بين أكثر الجهات اهتماما بالشباب دراسة هو البنك العالمي وباقي مؤسسات التحكم الإمبريالي في العالم، فها هي ذي “ماري فرانسواز ماري نيلي”، التي تشغل منصب مدير العمليات بمكتب البنك العالمي بمنطقة المغرب العربي، توصي خلال مائدة مستديرة، نظمت بمبادرة من مكتب البنك العالمي في الرباط نهاية الأسبوع المنصرف، حول موضوع ” الابتكار في التربية أية مدرسة للمستقبل؟” “أن المغرب مطالب بالاستفادة من رأسماله البشري من خلال الاستثمار في شبابه قبل أن تشيخ ساكنته مشيرة إلى أنه من المرتقب أن يبدأ انقلاب الهيكل العمري للسكان ابتداء من 2040.”

حبيبي الحبيب على اليسار الماركسي أن يستثمر في شبابه أيضا…بتسليحهم برؤية سياسية واضحة للمهام المطروحة اليوم سواء تلك المتصلة بواقع نضالهم اليومي في الجامعات أو في ساحات الدفاع عن الحق في الشغل والعمل القار، أو تلك المتصلة بعلاقاتهم مع قوى سياسية أخرى (إسلاميين، بيروقراطيات نقابية، أوهام ليبرالية حول الدين والعلمانية والممانعة…)، أو فيما يتعلق بالإشكالات الكبرى المتصلة بالضبابية الفكرية التي يعاني منها الشباب في كل ما يتعلق بالتضامن مع حق الشعوب في التحرر وتقرير المصير أو دور الدين في المجتمع…وغيرها من الإشكالات العويصة الأخرى !!

وفي الأخير لا يسعني إلا ان أعيد التذكير بخلاصات رسائل إرنست ماندل الثلاثة التي وجهها للشباب، بمناسبة حواره الشيق مع حبيبنا أبراهام السرفاتي بمدينة لييج البلجيكية سنة 1993، ففي رسالته الأولى حول الالتزام السياسي يقول “أن نلتزم سياسيا ضد بشاعة المجتمع الرأسمالي، حيث في كل أربع سنوات يموت في العالم الثالث بسبب الجوع والأمراض القابلة للعلاج ستون مليون طفل ! إنه نفس عدد القتلى طيلة الحرب العالمية الثانية (أوشويتز وهيروشيما)، وأن نناضل من أجل عالم تعلو فيه البسمة وجوه كل أطفال العالم. إنه الموقف الوحيد الجدير بالإنسان، الجدير بالرجل والمرأة وبكل الكائنات البشرية. التزموا سياسيا ! إلا أنه لا يمكن للمرء أن يلتزم سياسيا، إن لم يلتزم تنظيميا. ..”.

وفي رسالته الثانية، التي ألح فيها على تعلم درس العلوم الإنسانية، دعا ماندل الشباب بأن يظلوا “منفتحين على إمكانية بروز وقائع جديدة تستدعي إعادة النظر جزئيا في ما تم اعتباره أمرا محصلا في السابق….لكن إعادة النظر هذه، لا يجب أن تتم دون ترو وبدون حجج… لأن الفرد والمجموعة والحزب والمنظمة والطبقة عندما يفهمون الواقع يكونون أكثر تأهيلا لتغييره في الاتجاه الذي ذكرت في السابق.”

وفي رسالته الثالثة، دعا إرنست ماندل، الشباب إلى “الكفاح ضد الاستلاب والقهر أي ما أسماه ماركس بالقاعدة الأخلاقية أي النضال دائما وفي كل مكان وبدون شروط ضد كل أشكال الاستلاب والجور والقهر والاستغلال اتجاه الكائنات البشرية. وفي هذا يوجد نوع من التسامي. هنا الشك غير مسموح به. هنا يجب امتلاك اليقين…. هذا الالتزام الأخلاقي إذا ما تم التشبث به فسيكون كذلك مصدرا للسعادة الشخصية. فلا معاناة من الوعي الشقي ولا وجود لعقدة الذنب. ويمكن للمرء أن يخطئ، إلا أن الخطأ في هذه الحالة هو خطأ من أجل قضية عادلة وليس خطأ القضية ذاتها، لأننا لم نساند بوقاحة الجلادين والمجرمين والمستغِلين، لا ! أبدا ! ومهما كانت الظروف أؤكد لكم أنكم ستكونون أسعد إذا ما قبلتم بهذا الالتزام الأخلاقي”.

ويضيف ماندل في وصيته للشباب “لا تستسلموا لليأس والخنوع أو للكلبية وأنتم تواجهون الامتحانات القاسية التي تنتظرنا جميعا، لا ترتدوا نحو “الحلول الفردية”.. ولا تنسوا أبدا الالتزام الأخلاقي لكل أولئك الذين يعلنون انتماءهم للماركسية: الدفاع المستميت في كل آن عن مصالح المستغَلين والمضطهَدين على المستوى العالمي. ارتفعوا دائما فوق الأعمال الدعائية الصرفة، ولا تنسوا أبدا الالتزام الأصلي والنهائي لماركس: تغيير العالم ! …

على هذا الطريق سأودع فترة شبابي (سأبلغ 37 سنة بعد أسبوع ها ها ها ها ها) وعلى هذا الطريق أود ان أكمل مسيرتي في هذه الحياة حتى يتوقف آخر عضو وأخر حاسة في جسدي عن الاشتغال… وعلى هذا الطريق أدعو رفيقاتنا ورفاقنا الشباب إلى مواصلة حمل راية الحرية…أي راية الاشتراكية !!

وفي الأخير دعنا نردد مع محمود درويش:

سأقطع هذا الطريق الطويل، وهذا الطريق الطويل، إلى آخرهْ

إلى آخر القلب أقطع هذا الطريق الطويل الطويل الطويل …

محبتي الرفاقية أيها الحبيب.

رفيقك محمد بوطيب

الرباط في 14 سبتمبر 2017

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا