التطورات الحاسمة للحراك الشعبي بالريف يحتاج إلى هجوم وحدة الشجعان لرد العدوان
أيوب تشيش
المصدر: حوار الريف
مما من شك أن ربح رهان المعركة يفترض وجود وعي دقيق ينزع أكثر ، وبشجاعة نحو توسيع دائرة الوحدة ،عبر تدشين عملية التنسيق الاقليمي كضرورة ملحة ، لا تقبل التأجيل، نظرا لمجموع المتحولات والمتغيرات الطارئة ببقعة الريف الكبير. فما هي العناصر التي نراها ، برؤيتنا المتواضعة ، بأنها تلح هذا النزوع نحو استجماع القوى ونبذ هامش الاختلاف وتغليب أبعاد الوحدة على التشرذم؟
إذا كان الحراك الشعبي بالريف قد سجل نقط تفوق عالية، وبكل اعتزاز، في شكله المطبوع بالسلمية والحضارية التي كانت محصلة لتطور مشهود في عملية التراكم والاستفادة من التجارب الماضية و كإنعكاس واضح لرقي وعي الجماهير وجيل الشباب منهم الذين سحبوا البساط من تحت أقدام السلطة التي طالما استعملت مشاهد الاصطدام ذريعة لممارسة العنف الأمني، حتى باتت هاته التجربة مثالا يحتذى بها وذيع لها من الصيت الشيء الكثير. ويسجل كذلك عزم إرادة الشعب على مواصلة درب كفاح الاجداد: درب النضال، درب الصمود، درب التضحيات من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية كغاية يتحسسها المرء في عمق الملف المطلبي الذي صار عنوانا تمتزج فيه مشاعر الحكرة بالرغبة في تجسيد مجتمع الكرامة والعدالة الاجتماعية لكن بأفق لا يهادن منظومة الفساد والاستبداد وهو ما يقض مضجع المخزن الذي لم يجد من وسيلة مناسبة سوى شن حملة مضادة مليئة بالاتهامات لا تعدو أن تكون قراءة مخابراتية سيئة في النوايا.
لقد كان الإبداع في الاشكال النضالية بالحسيمة عاملا أساسيا في اتساع رقعة الحراك كانتشار الزيت فوق الماء حتى أضحى اقليم الحسيمة في غليان تام، بل تعدى الحدود الجغرافية للإقليم ليصل الى الدريوش والناضور وهو في تمدد مستمر مؤسس على ملفات مطلبية بسيطة عادلة ومشروعة تعكس إنتظارات وتطلعات الساكنة في كل المجالات كالصحة والتعليم والبنى التحتية وتفند كل التراهات القائلة بالانفصال والفتنة، وهي دعاية تضليلية لم تعد تنطوي مناوراتها على أحد سوى من يعتقد بأن مصلحته مع بقاء السلطوية باعتبارها صمام أمان للاستمرار في نهب مقدرات الشعب وإحباط إرادته الحرة في جعل الريف يتحول بشكل مغاير لما اعتادت عليه نخب الموالاة التي اغتنت كثيرا من ريع المخزن الذي كان عربونا على تواطئات مكشوفة أبقت على الوضع الراكد الذي يفجر اليوم كل مخزوناته في لحظة مكاشفة حقيقية بين السلطة والحراك الشعبي.
لقد تطور الحراك عميقا في جغرافية الاقليم والريف الكبير وأفرز حاضنة قوية على المستوى الأوربي مما أعطى له حصانة نضالية وإعلامية من شأنها أن تردع توثبات المخزن في إجهاض الدينامية النضالية بالريف، لقد تطور الحراك عميقا في جغرافية الاقليم والريف الكبير وأفرز حاضنة قوية على المستوى الأوربي مما أعطى له حصانة نضالية وإعلامية من شأنها أن تردع توثبات المخزن في إجهاض الدينامية النضالية بالريفعلما أن الحراك بالريف سيطول لكونه مؤشر على ما سيحدث بعموم المغرب من تحولات نضالية قد تضع المخزن على سكة امتحان حقيقي لن تنفع معه حملات الاتهام بالفتنة والانفصال.
يمكن أن نقول بارتياح كبير أن الحراك لحد الآن لم تنل منه سياسة كسر العظام وشد الحبل وتسخير مختلف الوسائل السياسية والمادية لإجهاضه، لكن ذلك لا يمنعنا من استحضار هذه اللحظة الحاسمة بكثير من الحذر وعلينا كما يقول لينين أن نزن الأمور ببيض النمل نظرا لدقة المرحلة التي تحتاج إلى تطوير للتفكير بغرض توسيع دائرة التحالفات والاصطفافات وإحداث اختراق واسع من شأنه إحداث فرز في المشهد الاجتماعي وجر مختلف الفئات الكادحة إلى الانخراط بحماس في معركة نعتقد أن شوطها الأول حسم لفائدة الحراك والاستعداد للدخول للمرحلة المقبلة ونحن على عتبة أفق سيجعل الريف مفتوحا على صيف ساخن لقلب كل المعادلات في ميزان قوى الصراع.
ومن الطبيعي أن تلتجأ السلطات وعلى رأسهم الوالي اليعقوبي إلى توجيه رسائل التهديد للنشطاء ، وهي تبقى مجرد تهديد لأنه يعي جيدا أن استعمال العنف والقمع الشرس من شأن ذلك أن يكبد الدولة خسارة كبرى في ما تبقى لها من الشرعية السياسية في محيط يفجر في وجهها كل المخزنات الأليمة للماضي الذي عاش في كنفه الريف محروما من برامج التنمية وغارقا في البؤس الاجتماعي والقمع الطبقي.
إن المسار الاخر الذي سيسلكه المخزن في شخص والي الجهة مرة اخرى يبدأ من يوم أن وقع رؤساء المجالس المحلية على بيان يقضي بكون الحراك الشعبي بالمنطقة يعرقل عملية التنمية وتنفيذ مشاريع القصر،إنه المسار المفضل لدى جهاز الدولة في تعاطيها مع نضالات الجماهير، مسار القمع والترهيب والتهديد واستخدام البلطجية،فكانت بلدة بني بوفراح أول حلقة من هذا المسلسل قمع أهوج أبطاله البلطجية بمباركة قائدي بني بوفراح وبني جميل لردع نشطاء الحراك بالبلدة في مسيرتهم الوحدوية المندرجة ضمن البرنامج النضالي المسطر في الجمع العام المنعقد بتارجيست يوم 24 ابريل 2017 والمعلن عنها في البيان الموقع من طرف ست لجان(اللجنة المؤقتة للحراك الشعبي بتارجيست-بني بوفراح-بني جميل،اساكن-بني عمارت وايت يطفت)
إن مسلسل القمع هذا لن يقف في هذه الحدود فقط،بل تصريح وتهديد والي الجهة نشطاء الحراك بالاعتقال يحمل في طياته رسالة مفادها تبني لقرار مواجهة الحراك عبر اعتقال نشطاءه كخطوة أقل ما يقال عنها غبية لن تثني المناضلين بقدر ما ستأجج الاوضاع أكثر فأكثر.
إن التفكير العقلاني الرامي الى جعل مصلحة الحراك فوق كل إعتبار يقتضي بالضرورة العمل المتفاني على تنسيق إقليمي يضم في طياته كل اللجان والمواقع التي تتخذ من الشارع منطقا لنضالاتها. إن التنسيق المنشود لن يأخذ مساره الصحيح إلا عن طريق صهر كل التناقضات الثانوية في صفوف الجماهير الشعبية ولفها وتوجيه سهامها الى التناقض الرئيس بإعتباره المسؤول عن واقعنا المرير.من هنا يتبين أن التنسيق الاقليمي ليس بالمهمة المستحيلة ولعل تجربة المواقع الست السالف ذكرها خير مثال على هذا، وتجربة يمكن تعميمها على كل بقاع الريف الجريح.
إذن وحسب رؤيتنا البسيطة لمجريات الامور نعتبر أن التنسيق مهمة عاجلة لا تقبل التأجيل بإعتبارها الكفيلة بردع المخزن وبلطجيته وكل من دار في فلكه وطبل لسياساته وبارك أساليبه اللعينة في تعاطيه مع نضالات الجماهير التواقة للتحرر من العسكرة والاستبداد.
وحدة كل مكونات الشعب الريفي على أرضية الملفات المطلبية سبيلنا الوحيد لضمان إستمرارية الحراك على نهجه الصحيح والخروج بشعبنا إلى بر الأمان.