784
رفعت شبيبة النهج الديمقراطي في مؤتمرها الوطني الثالث لسنة 2013، شعار “حركة شبيبة موحدة للنضال ضد الاستبداد المخزني و من أجل نظام ديمقراطي” في سياق عالمي وإقليمي ووطني يتميز بأزمة عميقة وشاملة للنظام الرأسمالي العالمي، وانبعاث قوي لنضالات الشعوب ضد سياسات التقشف وضد ديكتاتورية البنوك، وضد أنظمة الاستبداد والتبعية.
وبعد مرور أزيد من عقد من الزمن، فإن التحليل العلمي للواقع الموضوعي يثبت سدادة هذا الشعار الذي يكثف مهام الشبيبة المغربية في الفترة الراهنة، بل إن استفحال الأزمة كما سنوضح بعض مظاهرها يجعل مهمة النضال الشبيبي والشعبي الوحدوي مهمة آنية لا تقبل التأجيل. فما هي مظاهر الأزمة؟
-
يتميز الوضع الدولي حاليا بتعمق أزمة النظام الرأسمالي، نتيجة التضخم والركود، إذ لم تجد الرأسمالية من مخرج لهذه الأزمة سوى تحميل الطبقة العاملة والشباب فاتورتها وذلك من خلال ارتفاع نسبة البطالة وضرب العمل القار إضافة إلى التراجع على الخدمات الاجتماعية الصحية والتعليمية من جهة، وإشعال فتيل الحروب والاقتتال في ليبيا والسودان وأوكرانيا..، كما يشهد الوضع الدولي ولادة عسيرة لعالم متعدد الأقطاب، حيث يتصاعد التسابق نحو التسلح وبناء أحلاف عسكرية، أصبحت تنذر بحرب كونية ثالثة، مدمرة للإنسان والطبيعة، مما يجعل الرأسمالية أكثر من أي وقت، تشكل تهديدا حقيقيا للحياة على الأرض.
-
يعيش العالم العربي والمغاربي تحت التأثير المباشر للتناقضات الدولية، وذلك نتيجة حتمية للتبعية العضوية للأنظمة الرجعية القائمة. فبعد أن استطاعت قوى الثورة المضادة بدعم مباشر من الامبريالية والصهيونية استرجاع زمام المبادرة، تعمل من جهة على التطبيق الحرفي لإملاءات “البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي” عبر إغراق البلدان في المديونية، وتفكيك الخدمات الاجتماعية (الصحة، التعليم، السكن…) وفتحها أمام الرأسمال المحلي والأجنبي، إضافة إلى تعميم الهشاشة في الشغل. ومن جهة أخرى تعمل على إحكام القبضة الاستبدادية وتأبيد أركان الانظمة الانقلابية في كل من مصر وتونس..، إضافة إلى استمرار التطاحن والحروب والانقسام في ليبيا والسودان وسوريا واليمن… حيث يتم وضع شعوب المنطقة بين خياري الإستبداد أو الفوضى.
وبينما كانت تهرول الأنظمة العربية والمغاربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني في إطار ما يسمى “باتفاقيات أبراهام” مزهوة بالانتصارات المؤقتة على قوى التغيير، من أجل تأبيد سيطرتها وتصفية القضية الفلسطينية. انبعثت من أنفاق غزة المحاصرة لمدة عقدين من الزمن، المقاومة كطائر الفنيق، في عملية “طوفان الأقصى” النوعية والتاريخية ليوم 7 أكتوبر 2023، وذلك في الذكرى الستين لتحرير صحراء سيناء في 6 أكتوبر 1973. لتكسر رهانات الصهاينة والمطبعين، وتعيد الأمل لشعوب المنطقة وقواها الحية. وترجع القضية الفلسطينية مكانتها الطبيعية كأولوية على جدول الأعمال الدولي، وكقضية محورية ومركزية في الصراع بين قوى التحرر والتقدم والسلام وقوى الاستعمار والصهيونية والاستبداد والتبعية.
-
والمغرب لا يشذ عن التحليل السابق، حيث يتميز الوضع على المستوى السياسي باشتداد الهجوم المخزني على الحريات السياسية والنقابية، وارتفاع عدد المعتقلين السياسيين، بما فيهم مناضلي حراك الريف، والصحفيين، والمدونين ومناهضي التطبيع… إضافة إلى الفرز الأمني في حق الشباب المعارضين وحرمانهم من حقهم في الشغل، والتوقيف التعسفي لعدد كبير من الاساتذة والاستاذات عن العمل على خلفية الحراك التعليمي الوحدوي الذي خاضته الشغيلة التعليمية بداية الموسم الدراسي الجاري، علاوة على نهج كليات الطب ووزارتي التعليم العالي والصحة والحماية الاجتماعية لسياسة العصا الغليظة في حق الطلبة والطالبات من خلال الحظر القانوني لهياكلهم التنظيمية وإصدار عقوبات زجرية في حق من ممثلي وممثلات الطلبة على خلفية نضالاتهم البطولية من أجل حقوق عادلة ومشروعة..، وهي السياسة القمعية نفسها المتبعة في التعامل مع النضالات العمالية عمال سكوميك مكناس..، والحركات الشعبية في فكيك تالسينت.. وغيرها.
إن اشتداد الهجمة القمعية، دليل على الطبيعة الاستبدادية للنظام المخزني من جهة وتبين من جهة ثانية عجز النظام عن إيجاد حلول للأزمات المتراكمة في كافة مناحي الحياة الاقتصادية (ارتفاع معدلات التضخم والركود والمديونية، وانخفاض معدلات النمو) والاجتماعية (ارتفاع نسبة البطالة والفقر والهشاشة، واحتلال مراتب متأخرة في مؤشرات التنمية البشرية ووضعية التعليم والصحة..) في مقابل ذلك ارتفاع عدد المليونيرات والمليارديرات كنتيجة طبيعية للاختيارات الاقتصادية والسياسية اللاشعبية واللاديمقراطية واللاوطنية للنظام القائم، والتي أدت إلى تراكم الثروة في قطب وتراكم الفقر والبؤس في القطب الآخر في المجتمع، وهو ما أقرت به آخر إحصائيات للمندوبية السامية للتخطيط وهي مؤسسة رسمية.
تمتد أزمة النظام المخزني لتشمل المناحي القيمية حيث يتم تسييد التفاهة والخرافة والشعوذة وضرب كل القيم العقلانية والمشرقة، إضافة إلى استفحال الفساد وتعفن الواجهات السياسية الملتفة حول المخزن، وما العدد الكبير من البرلمانيين ورؤساء ومستشاري الجماعات المحلية المتابعين بقضايا الاتجار في المخدرات والفساد المالي..، إلاّ الشجرة التي تخفي غابة الفساد الحقيقي، فهو جزء من طبيعة النظام المخزني، الذي لا يستطيع أن يستمر دون اعتماده على سياسة إرشاء الأعيان وشراء الذمم لتوسيع قاعدته الاجتماعية، من خلال شرعنة التهرب الضريبي ومنح رخص النقل والمقالع والصيد البحري والتغاضي عن الاحتكار والربح غير المشروع مثال ذلك شركات توزيع المحروقات…
أمام هذا الوضع يصبح من واجبنا أن نسعى كشبيبة مغربية مكتوية بنار التهميش والاستبداد والعطالة في مختلف القطاعات (التعليمية والعمالية والمعطلة…) إلى لعب دورنا الريادي في إطلاق دورة جديدة من كفاح شعبنا والإنسانية من أجل الانعتاق. على غرار ما قمنا به إبان تشكل حركة 20 فبراير، الإمتداد الحي والأصيل للتاريخ النضالي الزاخر و الواعد بالأمل لشعبنا. وذلك من خلال حث الشباب والشابات على:
-
أهمية سلاح التنظيم خاصة منه السياسي، فمن لا تنظيم له لا قوة له ومن لا قوة له عرض مكاسب النضال للإجهاض من طرف الرجعية وقوى الردة. و نعني بالتنظيم بالطبع أشكاله الديمقراطية والتعددية. لهذا فبناء منظمات سياسية ثورية قوية وديمقراطية هو ضرورة قصوى لتقدم مسلسل التغيير إلى الأمام.
-
الوعي بالتناقض العدائي بين منطق الرأسمالية والحاجيات الاجتماعية للشبيبة وللإنسانية عامة، وأن هذا التناقض لا يمكن حله إلا بالقضاء على الرأسمالية وبناء مجتمع جديد خال من الاستغلال.
-
الربط بين نضال الشبيبة ونضال كافة المضطهدين من أجل التحرر وعلى رأسهم الطبقة العاملة.