219
وبعد هذا السرد التاريخي لأهم التطورات التي والدروس المستخلصة منه يمكن التأكيد على أن الحركة التلاميذية حاليا لا يمكن أن تستعيد دورها في الصراع الاجتماعي العام دون انخراط القوى التقدمية والديمقراطية ومختلف القوى المناهضة لسياسات المخزن في تنظيم نضالاتها وتحمل مسؤوليتها في بناء حركة تلاميذية كفاحية، خصوصا أن الحركة التلاميذية المغربية لم تككن يوما مستقلة عن راهن الحركة الجماهيرية والقوى السياسية المعارضة بشكل عام، لذلك فالتفاعل الجدلي هو الحاصل بينهما.
– بلورة تصور سياسي يحدد مهام الحركة التلاميذية ودورها في الصراع العام.
تعتبر الحركة التلاميذية من أحد أهم الواجهات التي ساهم اليسار المغربي (سواء الاتحادي أو الماركسي) في بناءها وتنظيمها خصوصا مرحلة وجود النقابة الوطنية للتلاميذ والحفاظ على كفاحيتها وتوجهها التقدمي الديمقراطي، كما تعتبر احدى الواجهات التي يستحيل تحقيق مهام مرحلة التحرر الوطني والبناء الديمقراطي دون ربطها بهاتة المهمة.
وتاريخيا كانت الحركة التلاميذية احدى أهم الواجهات التي عارضت سياسات النظام المخزني الطبقية خصوصا في مجال التعليم، فبالإضافة أنها كانت من أطلق شرارة انتفاضة 1965 فقد لعبت أيضا دورا طلائعيا في انتفاضات 1981 و1984 و1990 التي استهدفت بالقمع الشرس بشهادة رئيس الدولة آنذاك “الحسن الثاني ” الذي توعد في خطاب تلفزيوني له المحتجين (من بينهم الاساتذة والتلاميذ – الدراري – على حد تعبيره) بالوعد والوعيد فكان له ما صرح به من القمع والتنكيل، مما أدى الحركة التلاميذية إلى نيل الحظ الاوفر منه. وتأكد للنظام مرة أخرى أن إحدى قلاع المعارضة الحقيقية هي الحركة التلاميذية، ومن ثم، فمن الواجب القضاء عليها بالإجهاز على المدرسة العمومية وضرب الحق في التعليم إلى جانب استهداف القطاعات الأخرى، ولن تكون إملاءات الدوائر الإمبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية …) سوى سبيلا لذلك.
وبعد ظهور حركة 20 فبراير، التي رفعت من بين مطالبها شعار مطلب مجانية التعليم وجودته وتعميمه، عرفت الحركة التلاميذية دينامية نضالية متجددة مستفيدة من الشروط التي فرضتها الحركة الجماهيرية، تلك الدينامية ستصل بالحركة التلاميذية المرتبطة بحركة 20 فبراير إلى دعوة التلميذات والتلاميذ إلى تنظيم أيام وطنية للإحتجاج ضد السياسات التعليمية، وقد لقيت كلها نجاحا كبيرا، وتوجت بتأسيس “اتحاد الطلاب من أجل تغيير النظام التعليمي” الذي كان في الأول بمثابة نواة لربط النضال التلاميذي بالنضال الطلابي ونقل المطالب للشارع المغربي من خلال أشكال نضالية مختلفة – نهاية الموسم الفارط وبداية هذا الموسم – وهو ما تحقق بالفعل في العديد من المدن والمناطق، غيلا أن هذا الإطار المعروف اختصارا ب UX سيعرف فيما بعد تطورات منفصلة تماما عن هدفه الأصلي.
كما عرفت الحركة التلاميذية خلال العقد الأخير نهوضا تجلى في تشكيل لجان ثقافية داخل المؤسسات ثم تأسيس أندية حقوقية والأشكل الاحتجاجية سواء منها التضامنية أو التي ترفع ملفات محلية أو وطنية، كما عرفت الثانويات في منطقة الريف حراكا تلاميذيا متطور ابان بداية الحراك الشعبي بالريف، إلا أن هذا النهوض لم يؤد إلى إيجاد صيغة تنظيمية لتأطير العمل النقابي التلاميذي قادر على توحيد التلاميذ وتأطيرهم من أجل الدفاع عن حقوقهم.
وبعد هذا السرد التاريخي لأهم التطورات التي والدروس المستخلصة منه يمكن التأكيد على أن الحركة التلاميذية حاليا لا يمكن أن تستعيد دورها في الصراع الاجتماعي العام دون انخراط القوى التقدمية والديمقراطية ومختلف القوى المناهضة لسياسات المخزن في تنظيم نضالاتها وتحمل مسؤوليتها في بناء حركة تلاميذية كفاحية، خصوصا أن الحركة التلاميذية المغربية لم تككن يوما مستقلة عن راهن الحركة الجماهيرية والقوى السياسية المعارضة بشكل عام، لذلك فالتفاعل الجدلي هو الحاصل بينهما.
وهذا ما يفرض على القوى اليسارية وفي مقدمتها الماركسية إعطاء أهمية كبيرة في عملها الجماهيري للحركة التلاميذية قصد بنائها وتقويتها لكي تدافع على مصالحها المادية والمعنوية أولا ، ولتنخرط بشكل واعي في حركة النضال الجماهيري و الصراع الطبقي بالبلاد من جهة أخرى . ولن يتأتى ذلك إلا من خلال بلورة تصور واضح ومتكامل، لعل أبرز ملامحه نجدها في وثائق المؤتمر الوطني الخامس لشبيبة النهج الديمقراطي في الجزء الخاص بواقع حركة التلاميذية.
لهذه الاعتبارات فالمطروح على عاتق هذه القوى وعلى رأسها النهج الديمقراطي وشببيته المناضلة أساسا هو النضال من إعادة بناء الحركة التلاميذية وربطها بمهمتنا المركزية الحالية المتمثلة في بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين.
ومن أجل ذلك لا بد من وضع برنامج يتضمن أهداف والعمل بكافة الإمكانيات المناحة من أجل:
– بناء قطاع تلاميذي خاص داخل قوى اليسار المناضل يمكن من تدقيق تصورنا لتنظيم الحركة التلاميذية بتنسيق مع باقي القطاعات المرتبطة به