تعيش بلادنا ويعيش العالم أجمع ما أحدثه انتشار فيروس “كوفيد 19 التاجي” (كورونا) على كل المستويات، وحالة العدوى الوبائية الناتجة عنه؛ ويتابع الجميع حالة تطور هذه العدوى بالمغرب وكذا ما يحدث في باقي الدول الأخرى بمختلف القارات.
وقد أتاحت القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي إمكانية تتبع تعامل مختلف الحكومات مع هذه الجائحة والأجهزة الصحية والطبية وباقي أجهزة الدولة الأخرى، الأمنية وغيرها، من أجل إنجاح الحجر الصحي سواء المنزلي أو غيره، للحد من انتشار العدوى وعلاج المصابين في أفق توقيف انتشار الوباء والقضاء عليه.
وقد برزت لحد الآن مقاربتان في التعامل مع حالة الوباء هذه، تمثلتا في مقاربة إنسانية ديمقراطية ترفع من شأن الإنسان وحقوقه، وتمتح بشكل أو بآخر من الفكر الاشتراكي والتجارب الاشتراكية (نموذج كوبا والصين)؛ ثم في المقاربة الرأسمالية المحضة، التي سارعت وقفزت لأول وهلة تحذر من الانهيار ومن الركود الاقتصادي، وتتباكى على تراجع أرباح الرأسمال، وأنزلت مجموعة من الإجراءات في طابعها العام لاإنسانية وقمعية (ويمكن انتظار المزيد منها في هذا المجال).
موازاة لهذا الأمر، برزت كذلك أهمية ومكانة العلم، وأهمية ومكانة التعليم والتكوين والبحث العلمي في مجال الطب والبيولوجيا وكل فروع العلم وتشعباته، والذي بدونه لا يمكن القضاء سواء على (كورونا) أو ما قد يتهدد البشرية مستقبلا من أخطار وموبقات.
كذلك فقد تأكد، أنه لن تقضي على هذا الوباء أو ما قد يتهدد البشرية مستقبلا، سوى تلك الدول التي ترفع من شأن العلم والتعليم وتمكن عموم مواطنيها ومواطناتها من التعليم والتكوين الجيد والمجاني، وتطور البحث العلمي سعيا لرفاهية الإنسان بما تحمل الكلمة من معنى. كما برزت في نفس الوقت رجعية وانعدام جدوى كل فكر غيبي أو خرافي، وتضرعاته وتوسلاته لخلاص سماوي من وباء “كوفيد 19 التاجي”.
أبرزت هذه الجائحة كذلك مسألة أخرى أساسية وهي واقع احتكار الثروة واحتكار المعارف والتكنولوجيا في قطب رأسمالي ضيق جدا، وإشاعة الفقر والجهل وسط الغالبية العظمى من البشر، وتكريس واقع التبعية الاقتصادية والسياسية وغيرها من مظاهر التبعية. في حين لن تتحقق الإنسانية الفعلية للبشر سوى من خلال تمكين الشعوب على المستويات المحلية وفي مختلف الدول على مستوى العالم من الحريات الديمقراطية ومن العلم والمعرفة والتكنولوجيا، وفتح الباب بشكل ديمقراطي أمام الجميع لسلك سبل التقدم والتطور والتنمية الشاملة.
ذاك بكل واقعية، وبعيدا عن كل طوباوية تأملية حالمة، هو طريق خلاص البشرية، إنه طريق الاشتراكية، طريق بناء الإشتراكية الذي يجب أن يجتهد الاشتراكيون في تطويره على كل المستويات وفي جميع الإتجاهات، مثلما سبق وأن أوصى بذلك ماركس منذ زمن بعيد.
ومرة أخرى تبرز المقولة الخالدة، والفكرة والقناعة القوية للعديد من القادة والمفكرين والمناضلين والمناضلات الإشتراكيين “الاشتراكية أو البربرية” والتي طرحتها ودافعت عنها بقوة روزا لكسمبورغ ثم غيرها من الاشتراكيين.