الرئيسية » كلمة الموقع: من أجل مشروع تنموي شعبي يقطع مع التبعية والمخزن

كلمة الموقع: من أجل مشروع تنموي شعبي يقطع مع التبعية والمخزن

النموذج التنموي الجديد المزعوم كما سابقيه هو في خدمة الكتلة الطبقية السائدة ويسعى لتسمينها وإدامة سيطرتها ضدا على مصالح السواد الأعظم من شعبنا.

كتبه user B

لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا؟ سؤال يؤرق كل غيور على وطنه وكل حامل لهموم شعبه يتابع مجريات الأحداث وطنيا ودوليا ويقف على تبعية بلادنا للدوائر الإمبريالية والصهيونية، وعلى ضعف اقتصادنا واستشراء الريع والفساد والاحتكار، وعدم استقلالية القرار السياسي. 

كل شعارات المخزن آلت إلى الفشل الذريع. فلا الإنتقال الديمقراطي تحقق، ولا الإقتصاد أقلع، ولا الإختيار “الليبرالي” لبرل البلاد.

وبعد كل حزمة من الشعارات الديماغوجية، والمبادرات الفوقية، والمشاريع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يعود المخزن ليعترف بفشلها. كمثال على ذلك: الإقرار الرسمي بفشل “النموذج التنموي” المتبع منذ عقود. هل تم ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ هل عوقب أحد على هذا الفشل؟ هل طرح السؤال عن مصير الملايير من الدراهم التي تبخرت؟، لم يفعل الحكم غير عكس ذلك، بل ارتكن إلى ما يحسن القيام به: شعارات ديماغوجية جديدة، هذه المرة تحت يافطة النموذج التنموي الجديد المزعوم.

تم تشكيل لجنة ملكية كما جرت العادة، وعمل خبراء اللجنة المعينين لمدة تقارب السنتين، استقبلوا المقترحات ونظموا الورشات وجلسات الاستماع وقاموا بالزيارات الميدانية، قاموا بكل شيء إلا التوجه للمشاريع القطاعية الكبرى وتقييم التوجهات الاقتصادية المهيكلة وتحديد المسؤوليات، بل وتجنّب النبش في القضايا الحقيقة المؤثرة على التنمية، كالاحتكارات المخزنية والاستبداد والتبعية للرأسمال الأجنبي. ومع ذلك، صدر عن هذه اللجنة “نموذج تنموي جديد”.

لا يتسع المجال للدخول في تفاصيل هذا النموذج الغارق في وصفات المؤسسات المالية الدولية، والمحكوم بخلفية الحفاظ وتثمين مصالح المونوبول المخزني؛ سنكتفي بالتساؤل عن مآله اليوم، هل تم تطبيقه؟ هل حقق أهدافه؟ وأي علاقة له بالتطلعات الشعبية؟ ثم هل يقوم على إختيارات مخالفة لما تم العمل به منذ الاستقلال؟ 

لا ريب في أن الإستمرار في الاختيارات الاقتصادية نفسها، والنموذج السياسي ذاته، سيؤدي إلى النتائج الوخيمة نفسها على عموم الطبقات الشعبية. فهذا النموذج التنموي الجديد المزعوم كما سابقيه هو في خدمة الكتلة الطبقية السائدة ويسعى لتسمينها وإدامة سيطرتها ضدا على مصالح السواد الأعظم من شعبنا.

غني عن البيان أن الشعب المغربي، وفي قلبه الشباب، يعاني من الغلاء الكبير لأسعار المواد الغذائية الأساسية والمحروقات، والتهاب أثمان الكراء والعقار، لقد أصبح التضخم معمما على كل المواد راخيا بظلاله على القدرة الشرائية للمغاربة من طبقات شعبية ووسطى. فبينما تتم مراجعة رواتب الموظفين في القطاع العام بشكل محدود، يبقى الأجراء في القطاع الخاص برواتبهم المجمدة ووضعياتهم المهنية المختلفة (المصرح به، المصرح به جزئيا، الغير مصرح به، من لا يتلقى الحد الأدنى للأجور..) عرضة لهذا الهجوم الطبقي الشرس على قوتهم اليومي.

ويمس الغلاء بشكل أكثر فداحة فئة عريضة من الكادحين بالمدن والفلاحين الصغار الذين تركوا لمصيرهم في مواجهة سنوات الجفاف المتواصلة.

إن ما يزيد الطين بلة، استفحال البطالة التي تزيد نسبتها كل سنة، ةتشير آخر الإحصائيات إلى نسبة 13.6% (بالرغم من أن هذا الرقم لا يسلط الضوء على البطالة المقنّعة)، وها هي المؤسسات المخزنية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تدق ناقوس الخطر بخصوص فئة الشباب بين 15 و34 سنة الذين يصل عدد من لا يدرس ولا يعمل ولا يتابع تدريب منهم إلى 4.5 مليون؛ ماذا يمكن أن نسمي هذا الوضع إذا لم يكن الكارثة.

عرّت جائحة كورونا وبعدها زلزال الحوز بشكل واضح عن واقع الفقر والهشاشة وضعف الخدمات العمومية والفوارق المجالية والتهميش، المرتبة عن السياسات المخزنية المتعاقبة. وبعد 9 أشهر من الزلزال ما يزال عدد كبير من المواطنين يقطنون الخيام عرضة للبرد والحر في تجلي صارخ لضعف استجابة الدولة و بطؤها الشديد.

لقد رفعت الدولة يدها عمليا عن الخدمات العمومية الأساسية من تعليم وصحة وغيرها؛ ولا تنقص الاحصائيات والارقام الدولية والوطنية لبيان الحالة المخيبة لتعليمنا، من ضعف في تحصيل، وهدر مدرسي وجامعي، ونقص الموارد البشرية والتجهيزات؛ أما بخصوص الصحة فالمواطنون يرزحون بين نارين، نار العمومي المكتظ وضعيف الخدمات وصعب الولوج والمفتقد للتجهيزات، ونار الخصوصي الباهظ الثمن المحكوم بمنطق الربح ولا شيء غير الربح.

وبالرغم من كل الشعارات والمبادرات المتعلقة بالحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والاستراتيجيات القطاعية، يبقى السؤال المؤرق، كيف يمكن تغيير الأوضاع في ظل إقتصاد ضعيف النمو مرتهن للتساقطات المطرية وغير منتج للشغل وتبعي للخارج ومكبل بالمديونية و الريع والفساد والاحتكار؟

المغاربة بحاجة إلى مشروع وطني يعبر عنهم وهمومهم وطموحاتهم وتطلعاتهم للمستقبل. وما نقف عليه بالملموس هو أن المشروع القائم يخدم مصالح الأقلية القليلة المستفيدة من إدامة الإستبداد وتوسيع الضبط والتحكم وتكريس الريع والفساد وحماية المفترسين والبرجوازيين المتنفذين.

إن تجاوز هذا الوضع القاتم يتطلب حشد الهمم وتوحيد قوى الشعب، والعمل من أجل تسييد مشروع وطني ديمقراطي شعبي يستجيب لتطلعات المغاربة، مشروع يلهم الشباب ويعبئ القدرات الخلاقة للشعب. وهو ما يستلزم النضال الواعي والمنظم من أجل:

  • نظام ديمقراطي يكون فيه الشعب صاحب السيادة ومصدر كل السلط؛ نظام يفصل السلطة عن الثروة ويربط المسؤولية بالمحاسبة الشعبية؛ نظام فيه الحكومة تحكم والمؤسسات والمجالس المنتخبة متحررة من وصاية الداخلية؛ نظام يقطع مع الفساد والاستبداد والريع ويرتكز على دستور ديمقراطي من حيث شكله ومضمونه يصوغه مجلس تأسيسي منتخب ويعرض لإستفتاء شعبي حر ونزيه.

  • اقتصاد وطني متحرر من التبعية للدوائر الإمبريالية، في خدمة الحاجيات الأساسية للشعب المغربي، يروم تحقيق السيادة الغذائية والطاقية. قادر على توفير الشغل. إقتصاد مستند على صناعة وطنية قوية وعلى إصلاح زراعي يعطي الأرض لمن يحرثها ويضمن تدبير ديمقراطي للموارد المائية واستغلال أمثل للموارد الباطنية والثروات الطبيعية في خدمة الشعب المغربي. إقتصاد يقطع الطريق على الريع والفساد والاحتكار قادر على التحرر من المديونية. إقتصاد يضمن استقلالية القرار السياسي للبلد.

  • تعليم الشعب المغربي والرفع من جودة التعليم وتوحيده وضمان جودته ومجانيته وضمان ولوج كل الفئات الشعبية إليه. فنحن بحاجة لتعلم عمومي علمي يقود المغرب نحو نهضته.

  • محاربة الفقر والتهميش والبطالة.

  • خدمات اجتماعية عمومية من صحة وسكن وتعليم وبنيات ثقافية ورياضية متاحة للجميع وحماية اجتماعية تضامنية.

إن العائق الأساسي أمام تحقيق هذا المشروع الوطني هو المخزن وامتداداته الطفيلية في السياسة والاقتصاد والمؤسسات، فلا تنمية فعلية في ظل المخزن.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا