الرئيسية » حول القضية الزراعية مجددا

حول القضية الزراعية مجددا

كتبه user B

كلمة العدد 381 من جريدة النهج الديمقراطي

تكتسي إثارة القضية الزراعية أهمية خاصة في ظل خطر انقطاع سلاسل و خطوط توريد المواد الغدائية جراء الجائحة وفي سياق تخليد اليوم العالمي للتغذية (16 أكتوبر) و اليوم العالمي لمحاربة الفقر ( 17 أكتوبر).
يتأكد فشل النموذج الرأسمالي السائد عالميا في الميدان الفلاحي من خلال:
■ عجزه عن تحقيق السيادة الغذائية وبالتالي رهنه تغذية وحياة الشعوب للسوق العالمية التي تستحوذ عليها الشركات المتعددة الاستيطان من خلال تشجيعه للفلاحة التصديرية على حساب الفلاحة الموجهة لتلبية الحاجيات الشعبية.
■ والنتيجة هي تفقيره للفلاحين ودفعه جزءا هاما منهم للهجرة إلى هوامش المدن أو إلى دول الشمال حيث يعيشون ظروفا مأساوية.
■ تدميره المتسارع للبيئة: تبذير الماء وتقليص الغطاء الغابوي وما ينتج عنهما من تصحر واستعمال مواد كيماوية مضرة بالإنسان والأرض وبالتنوع البيولوجي( انقراض عشرات الآلاف من الحيوانات والنباتات).
■ وفي المقابل ساهم في الاغناء الفاحش لملاكي الأراضي الكبار واحتكارات الصناعات الغذائية والصناعات الكيماوية ( الأسمدة والمبيدات وغيرها) وكبار منتجي البذور.
هذا النموذج هو الذي طبق، في المغرب منذ الاستقلال الشكلي وبإيعاز من المؤسسات الاقتصادية والمالية الامبريالية، وفشل فشلا ذريعا على كافة المستويات الاقتصادية ( عجز بنيوي للميزان التجاري الفلاحي) والاجتماعية( تفقير الفلاحين وتهميش البادية) والبيئية( تدمير التوازنات الطبيعية) والسياسية( رهن تغذية الشعب للسوق لامبريالية وبالتالي تكريس التبعية السياسية للمراكز الامبريالية).
و بخصوص الفلاحين المتوسطين و الصغار تحديدا، فقد تم ادماج نشاطهم الإنتاجي بالمنظومة الرأسمالية الزراعية من خلال التجميع و آليات التسويق، و هم بذلك عرضة للاستغلال الجشع بمباركة الدولة الراعية لمصالح البورجوازية الفلاحية.
هكذا يتبين أن الاغلبية الساحقة من الفلاحين لهم مصلحة في القضاء على الرأسمالية. ولذلك فهم يشكلون حليفا موضوعيا وأساسيا للطبقة العاملة. كما لهم مصلحة في الحفاظ على التوازنات الطبيعية التي هي أساس استمرار نمط عيشهم. ولذلك فهم يمثلون موضوعيا مكونا أساسيا للحركة من أجل الحفاظ على البيئة الطبيعية، مكون مؤهل للعب دور هام في تجذير مواقف الجزء التقدمي من الحركة الإيوكولوجية نحو ربطها النضال من أجل الحفاظ على البيئة بالنضال ضد الرأسمالية.
غير أن تحويل هذا الواقع الموضوعي إلى واقع مادي يتطلب بلورة بديل للنموذج الفلاحي الرأسمالي الفوقي والبيروقراطي والتقنوقراطي الذي ساد لقرون ولا زال و الذي يقدم حلولا مسبقة ومحددة سلفا لا تراعي خصوصياتهم وتؤدي إلى تفقيرهم وتشريدهم .هذا النموذج المبني على الفردانية والمنافسة وتفكيك التنظيمات الذاتية الجماعية للفلاحين وضرب التضامن والتآزر بينهم واحتقار ما راكموه خلال قرون من المعرفة العميقة والدقيقة لبيئتهم( الأرض والمناخ والماء والبذور…) والخبرات التي، غالبا ما تتوارث أبا
عن جد بشكل شفوي.
إن بلورة هذا البديل يستوجب من القوى الثورية الماركسية المغربية:
■ أن تسترجع الموروث الفلاحي الذي كان سائدا عشية استعمار المغرب، بما يتماشى و قضايا اليوم، خصوصا جوانب الاستعمال الجماعي للثروات الطبيعية و أساليب التضامن الانتاجي والاجتماعي الى جانب اعتماد قواعد صارمة لحماية البيئة و تعيين قائمين على التدبير الجيد للماء و الغابات و المراعي.
■ أن تقوم بتقييم نقدي وموضوعي للكيفية التي عولجت بها القضية الزراعية في الاتحاد السوفيتي والصين وفيتنام وكوبا.
■ أن تدرس بعناية تجربة حركات الفلاحين التي تناضل من أجل حقها في التحكم في شروط عيشها( تجربة حركة فلاحين بدون أرض في البرازيل نموذجا) وتجربة حركات الشعوب الأصلية في عدد من دول أمريكا اللاتينية.
■ أن تنبذ أي تصور فوقي تقنوقراطي لمعالجة القضية الزراعية ( أي اعتبارها قضية خبراء فقط) وأن تقتنع أن الفلاحين لهم دور كبير في بلورة أجوبة سديدة على طريقة ومضمون معالجة قضاياهم. هذا طبعا مع الاستفادة من التقدم العلمي والتقني. وهذا دور الخبراء.
■ أن تعتبر أن معالجة القضية الزراعية يجب أن تكون شاملة تستحضر مختلف الجوانب:
* إصلاح زراعي يمكن الفلاحين من الأرض والماء ومختلف الوسائل لتنمية انتاجهم.
* انتاج فلاحي مرتكز إلى تطوير وتعميم نموذج فلاحي ديمقراطي ينبني على التنظيمات الذاتية للفلاحين والتعاونيات ويدمج قيمهم وتجاربهم المتوارثة ويتطور نحو تصنيع الانتاج الفلاحي والتحكم في التسويق ويستعمل ويطور العلوم والتكنولوجايات الملائمة.
* الدفاع على البيئة من خلال المساهمة في وقف التصحر والتغير المناخي وتدبير عقلاني للماء الذي يجب اعتباره حقا من حقوق الإنسان وليس سلعة والحفاظ وتطوير الإرث الجيني( البذور الأصلية بالخصوص).
* توفير ولوج الفلاحين بكثافة إلى المعرفة وإعطاء الأهمية اللازمة للبحث في مشاكل الفلاحين ومساعدتهم على بناء تنظيماتهم الذاتية الجماعية والتصدي للتمييز على أساس الجنس أو السن أو الهوية وسطهم.
* أن تنخرط بقوة في حركات الفلاحين الموجودة وتساهم في بناء أخرى وفي نضالاتهم وتسعى إلى ربط نضال الفلاحين بنضال الطبقة العاملة والحركة الإيكولوجية التقدمية.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا