الرئيسية » حصيلة مغرب ما بعد 2011 – الرفيق يونس السالمي

حصيلة مغرب ما بعد 2011 – الرفيق يونس السالمي

كتبه user B

    مداخلة  في ندوة  “ قراءة في واقع مغرب ما بعد 2011 .. الانتظارات، الحصيلة، المآلات ” المنظمة  من طرف جماعة العدل و الاحسان بأكادير يوم الجمعة 29 دجنبر 2017  .

تحية للحضور الكريم

لقد أضحت مناسبات الحوار العمومي منذ 5 سنوات محطة أساسية لفتح النقاشات واستمرارها ، نقاشات تنطلق من تحليل الواقع الذي يعيشه المغرب في تفاعل مع محيطه ، للاجابة عن هذا الواقع ، إجابة لا تنطلق من رغبات ذاتية لهذا أو ذاك بل لما يفرضه واقع تطور العملية السياسية بالمغرب واقع يتطور فيه قمع الدولة و الحراك الشعبي في كل الاتجاهات .

لقد شكل يوم 20 فبراير 2011 بالمغرب ( وما قبله بقليل ) انطلاق سيرورة ثورية هي امتداد لما تعرفه منطقتنا العربية و المغاربية ، خرجت فيها جموع الجماهير للشارع منتفضة ضد واقعها البئيس وضد كثم حقها في التعبير و التفكير .

لقد تميزت الموجة الاولى للسيرورة الثورية بالمغرب بعدة نقاط قوة وجب رصدها بدقة :

  • لأول مرة في تاريخ المغرب تخرج الى الشارع طبقات اجتماعية متنوعة و عريضة جدا ( الطبقة العاملة ، الفلاحين الفقراء ، الشبيبة التعليمية ، البرجوازية الصغيرة بكل فئاتها ، البرجوازية الليبرالية الكبيرة ، البرجوازية الكبيرة …) بمطالب سياسية واضحة تمركز شعارها الرئيسي في : إسقاط الفساد و الاستبداد بغض النظر عن زاوية ومضمون رؤية كل طبقة لماهية ” الفساد و الاسبداد ” .

  • اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية جغرافيا وطول نفسها( حوالي سنتين ) وحفاظها على سلمية تظاهرتها دون أن ينفي ذلك دفاعها المستميت عن أشكالها النضالية ضد القمع و البلطجية المسخرين من طرف المخزن .

لقد حاول النظام في بداية الحراك العشريني تسويف مطالبه وتجاهلها ، غير أن تجدر الاحتجاجات بالاحياء الشعبية و المناطق القروية دفع النظام الى محاولة الالتفاف عليها عبر خطاب 9 مارس الاحتوائي الذي اعلن عن تعديل الدستور ليتضمن شكلا مطالب الحركة الاحتجاجية ، إلا أن استمرار الحركة في خروجها الى الشارع دفع به الى لعب ورقته الاخيرة أي اغراق الشوارع بالدماء وشن حملات القمع و الاعتقال في صفوف طلائع الحراك الشعبي .

في الوقت الذي تميزت به الموجة الاولى للحراك الشعبي بنقاط قوة ، كانت تحمل في احشائها نقاط ضعف قاتلة يمكن رصدها كتالي :

  • فشل الحركة في وصول الى نقطة اللاعودة . كمثيلاتها في مصر وتونس نتيجة تداخل عدة عوامل لا يكفي المجال لسردها هنا

  • فشل الحركة في فرز قيادة تكتيكية و استراتيجية وليدة اندماج الطلائع المناضلة للحركة مع المثقفين الثوريين وتوجيهها نحو الهدف المنظور : نقطة اللاعودة .

  • فشل الحركة في حل تناقضاتها الداخلية ( في صفوف الشعب ) بشكل سليم حيث ساد المنطق الشكلي في طرح طبيعة التنسيق بين مكوناتها المناضلة وطغى الجانب الايديولوجي في تحديد شكل ومضمون التنسيق / التحالف .

أمام تراجع الحركة ،استطاع النظام أن يعود بالاوضاع السياسية والاقتصادية و الاجتماعية الى ما قبل انطلاقها بكثير حيث ساد جو من الارهاب البوليسي و الافتراس الاقتصادي المسعور.

لقد طبعت الحركة في ذهنية الجماهير الشعبية مجموعة خصال نرصدها كتالي :

  • تكسير جدار الخوف

  • النزوع نحو احتلال الشوراع على ابسط مطلب

  • نزوع الجماهير نحو تنظيم نفسها

  • عدم استقرار المزاج الشعبي حيث نميز صعود مطلق لمنسوب الاحتجاج مع خفوت نسبي .

لقد اسثتمرت الجماهير المنتفضة في الريف في اطار الموجة الثانية التي اندلعت يوم 28 أكتوبر 2016 كل ايجابيات  حركة 20 فبراير حيث نرصد ما يلي :

  • نجاح الحراك بالريف في فرز قيادته الميدانية منذ ليلة اغتيال الشهيد محسن فكري وقيادته التكتيكية و الاعلامية في ما سيأتي من بعد ( وبالخصوص بعد الاعلان الحكومي المخزي الذي وصف الحراك بالانفصالي )

  • نجاح الحراك في ابراز دور المرأة الريفية القائدة و المنظمة

  • نزوع الجماهير نحو تنظيم نفسها عبر لجان الحراك وتقزيم دور وسائط ومؤسسات الدولة الرجعية ، حيث برز في لحظة من لحظات الحراك ولادة جنينية  لازدواجية السلطة ، حيث بدأت الجماهير تقدم عرائضها و مطالبها لممثلي اللجان وتستقبلهم كمنتخبين عنها مع انتخاب من سيمثل الساكنة في هذه اللجان .

إن الخفوت النسبي لحراك الريف اليوم لايجب أن ننظر له كواقع مطلق بل وجد استمرارية له من شوارع الحسيمة نحو محاكم الدار البيضاء وأحيائها عبر قادته المعتقلين وعائلاتهم .

 كيف يجب أن نستثمر هذا التقييم وفي أي اتجاه ؟

يعش اليوم المغرب على وقع اصطفافات سياسية وفرز سياسي عظيم ، حيث انفضحت كل اللعبة السياسية للنظام وأصبح يعيش حالة من العزلة السياسية بمعية أحزابه الادارية والمخزنية مع تآكل قاعدته الاجتماعية حيث صار في كل محطة سياسية يستنجد بالجمعيات التنموية خريجة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي انكشفت احدى اهدافها الاستراتيجية ، هذا الوضع يقابله تشردم القوى المناضلة وعزلتها عن الجماهير وغرقها في النقاشات الخشبية المفصولة عن الواقع الحي .

فماهي أبرز الخلاصات التي يمكن أن نقدمها كمداخل لتطوير هذا النقاش في هذه المناسبة ؟

  • إن الحراك الوطني الجاري اليوم يحتاج الى توحيد وبناء أوسع جبهة لناقمين على النظام مع تحييد حلافائه المتذبذبين اللحظيين ما يستدعي طرح بناء الجبهة الميدانية الوطنية كقيادة تكتيكية تتفاعل وتتطور وفق تطور صراع النظام معها .

  • لم يشهد التاريخ النضالي لشعب ثار ضد الاستبداد أن بنيت جبهته الوطنية المناهضة للرجعية أو لحلفائها الامبرياليين بمنطلقات ايديولوجية أو كان المحدد فيها هو الجانب الفكري و الايديولوجي

  • كل الجبهات الوطنية وكل التحالفات بين طبقتين أو عدة طبقات عبر ممثليهم السياسيين تقوم على برنامج سياسي بمهام وأهداف واضحة تدف الى التقدم نحو اضعاف العدو الاكثر شراسة أو تحييد أحد حلفائه الاضطراريين ( الجبهة الوطنية في فرنسا ضد صعود الفاشية – الجبهة الوطنية ضد اليابان في الصين التي ضمت طرف من الاقطاعيين ! الجبهة الشعبية في تونس – الجبهة الميدانية في الولايات المتحدة ضد نظام ترامب / بانس التي تظم ليبراليين ومسيحيين ….)

  • ضرورة الانتباه للاشكال التي اضحت تنهجها الجماهير في الاحتجاج و التنظيم ومع تتبع مزاجها الاحتجاجي وتتبع كل همسة تصدر منها …

  • الابداع في صياغة الملفات المطلبية للجماهير وتتبع انجازها بشكل ملموس لقياس مدى استعداداتها مع المزج بين المطالب السياسية و الاجتماعية بشكل خلاق …

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا