الصفحة الرئيسية • وجهة نظرقضايا نظرية تحليل مقارن للحالة الوبائية بالمغرب

تحليل مقارن للحالة الوبائية بالمغرب

كتبه user B

حميد

يعتبر COVID-19 من أخطر الأوبئة التنفسية التي عرفتها البشرية في المائة عام الماضية، حيث أن انتشاره عالميا السريع، يربك بالفعل الأنظمة الصحية في العديد من البلدان، ويجعلها شبه عاجزة أمام الكم الكبير من المرضى في حاجة ماسة لعناية طبية.

في المغرب خلف المرض لحدود اللحظة 10 حالات وفاة من أصل 275 إصابة، أكثر من نصفها محلية؛ سنحاول في هذا المقال تحليل تطور الحالة الوبائية بالمغرب وتقديم بعض الملاحظات حول تعمل السلطات مع الوباء.

نجح، إلى حدود اللحظة، فرض إجراءات الحجر الصحي ومنع التنقل بين المدن وتوقيف الدراسة وإغلاق المطارات في الحد من انتشار المرض في العديد من الدول، حيث أن، ولحدود اللحظة، حالة الدول التي تطبقت هذه الاجراءات جيدة مقارنة بدول أخرى قللت من حجم وخطورة الوباء، كالولايات المتحدة الامريكية والبرازيل، أو دول أخرى لم تتعامل منذ البداية بحزم مع التفشي كإيطاليا.

تحليل تطور أعداد المصابين بالمرض يبين حجم المأزق الذي وصلت إليه بعض الشعوب، بسبب إنكار قادتهم للعلم، كما وقع في أمريكا التي يقودها ترامب اليميني المتطرف الذي ظل يصرح أن المرض هو مجرد أنفلونزا وسيختفي بمعجزة، الآن يعيش الشعب هناك واحدة من أسوء شهوره، إذ أصبحت البلاد البؤرة الجديدة للمرض؛ أما عميله في البرازيل بولسونارو الذي ظل مشغولا بالهجوم على ديمقراطية البرازيل، بدعوته لمسيرات مطالبة بحل البرلمان متجاهلا نصائح العلماء، وهو ما يثبت أن اليمين المتطرف من أكبر الأخطار التي تواجه البشرية.

من جهة أخرى، لحدود اللحظة، فالحالة الوبائية ببلدنا مسيطر عليها وحالته لا تدعو للقلق، مما يثبت ما أشارت له العديد من الدراسات، أن الحجر الصحي هو آلية فعالة لمحاصرة انتشار الوباء، وبالمقارنة مثلا مع البرازيل التي طبقت هذا الإجراء بشكل متأخر، وهو ما يبينه المبيان أعلاه، فقد تم الإعلان عن الإصابة الأولى في كلا البلدين بنفس التاريخ تقريبا، غير أن إجراءات الحجر الصحي التي طبقها المغرب مكنت من السيطرة على تطور المنحنى.
بالرغم من أن الدولة طبقة إجراءات الحجر الصحي وإغلاق المطارات في الوقت الصحيح يجب تقديم بعض الملاحظات حول تعاملها مع الوباء:

1. يظهر أن المخزن غارق في مقاربته الأمنية، حيث أن قطاعا واسعا من المغاربة يعيش على اقتصاد الهشاشة، إذ أن تقرير الأمم المتحدة لسنة 2019 أشار إلى أن 32% من المغاربة يعيشون حالة الفقر والهشاشة، مما يجعل قرابة الـ 11 مليون مغربي غير قادر على الصمود طويلا في الحجر الصحي. إن هذا الوضع يتطلب تحمل الدولة لمسؤوليتها وعلى الأقل توفير المواد الغذائية الأساسية للمغاربة.

2. من بين أهم الأسلحة، التي ثبتت فعاليتها لمحاصرة تفشي الوباء، إنجاز اكبر قدر من الاختبارات من أجل كشف المصابين وعزلهم هو ما اعتمدته دول ككوريا الجنوبية لتطويق الفيروس ونجحت في ذلك، تتم هذه الاختبارات عبر آلية الـ PCR وللأسف فإن المغرب يتوفرعلى عدد قليل من المختبرات التي تشتغل حاليا على إنجاز التحاليل، وبقدرة استيعابية صغيرة جدا، وستجد نفسها عاجزة أما الضغط المتزايد، مما جعل السلطات تحد من عدد الاختبارات، في الوقت الذي كان يجب أن تجريها لجميع من خالطوا المصابين. كان الأجدر بالدولة أن تحرك كل المختبرات التي تتوفر على أجهزة thermocycleur بالخصوص من داخل المستشفيات الجامعية من أجل إنجاز الاختبارات بالنظر للظروف الاستثنائية.

3. أدى تعاقب السياسات التصفوية في قطاع الصحة إلى نظام صحي ضعيف جدا، إذ أعلنت وزارة الصحة أن عدد أسرّة الإنعاش بالمغرب الموزعة بين القطاعين الخاص والعام هي 1640 سريرا، اي بنسبة 4,82 سرير لكل 100000 مواطن، في حين أن هذه النسبة في ألمانيا هي 601 سرير لكل 100000،و309 في فرنسا و 262 في إيطاليا، وهو ما يبين الواقع المأساوي الذي يعيشه قطاع الصحة بالمغرب، مما يجعله عاجزا، ليس فقط أمام الكوارث، بل ايضا عن تلبية الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن حتى في الحالات العادية.

4. صرحت الحكومة الفرنسية أنها تتوفر على مخزون من 80 مليون قناع و تحتاج لـ 24 مليون قناع أسبوعيا. في المغرب المعطيات غير متوفرة لكن النقص في أدوات الحماية ظاهر للعيان، فلحدود اللحظة لا يتوفر العاملين في قطاع الصحة على ما يكفي من وسائل الحماية، ويضع بعضهم الكمامات فقط في حين تغيب ألبسة الحماية والنظارات، ومن بين نتائج ضعف الحماية لدى شغيلة قطاع الصحة الإرتباك الذي خلفه ظهور حالة مصابة كانت تتعالج بمستشفى الحسن الثاني بأكادير؛ وتجدر الإشارة إلى أنه لحدود اللحظة أصيب 11 طبيب بمرض كرونا المستجد بالمغرب.

يقدم انتشار هذا الوباء درسا مهما لشعوب العالم حول أهمية دعم القطاع العمومي وعلى رأسه التعليم والصحة العموميين. ستتجاوز البشرية هده المحنة عبر روح التضامن والتآزر بين الناس والشعوب، ويظهر بشكل واضح أن مصير البشرية مرتبط ببعضها البعض، فلا مجال للأنانية و الفردانية.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا