الصفحة الرئيسية قضايا وطنيةجماهيرية تأثير انتشار فيروس كورونا على العاملين في القطاع الخاص

تأثير انتشار فيروس كورونا على العاملين في القطاع الخاص

كتبه saad mertah

لم يكن المغرب بمنأى عن التداعيات السلبية لفيروس كورونا”، في ظل التنامي المستمر لتأثيرات انتشار الفيروس على اقتصادات دول العالم، بحيث كشف بحث وطني أجرته الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جداً والصغيرة والمتوسطة فإن المقاولات الصغيرة جداً كانت أكثر تأثراً بالأزمة، حيث أن 90 بالمائة منها تضررت، تليها المقاولات الصغرى والمتوسطة، بنسبة 8 بالمائة في حين لم تتأثر أنشطة التعاونيات إلا بنسب محدودة 2 بالمائة.

موقع شبيبة النهج الديمقراطي ينشر، في هذا السياق، شهادة لمسؤول في مصلحة الموارد البشرية في إحدى الشركات بمدينة الدار البيضاء، فضل عدم الكشف عن هويته، والتي يستعرض فيها الوضع الذي يعيشه عمالها في ظل انتشار فيروس كورونا.

نص الشهادة:

“بصفتي أشغل منصب مسؤول في مصلحة الموارد البشرية في إحدى الشركات بالدار البيضاء، سأحاول أن أقربكم من صورة الوضع الذي يوجد عليه العاملون بهذه المؤسسة.

فبعد الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا بالمغرب، دب الهلع في صفوف الجميع، فتوقف معظم الزبناء عن مزاولة أنشطتهم، الشيء الذي ترتب عنه توقف معظم المأجورين، وكذا انخفاض نسبة الربح.                      

وللحد من حجم الخسارة، قررت إدارة الشركة إلغاء جميع العقود المبرمة في مارس 2020، وعدم تجديد العقود محددة المدة (CDD)، وفسخ بعض عقود الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (CONTRAT ANAPEC)، وبالتالي معالجة رواتب المستخدمين على قاعدة عدد الأيام التي حضروا فيها للشغل وإجبارهم على أخذ إجازاتهم المستحقة.

ولقد نجم عن هذا القرار حدوث موجة من الاضطراب، إذ كنا، كل يوم، نتلقى سيلا من المكالمات، من عدد غير قليل، من المستخدمين يصبون، من خلالها، جام غضبهم، ويعبرون عن امتعاضهم الشديد من هذا الإجراء الذي إذا ما عرف طريقه إلى حيز الواقع، فسيشكل، بالنسبة إلى السواد الأعظم، كارثة بكل المقاييس. إذ في هذه الحالة، ستنقطع عليهم سبل العيش، ويفتقرون حتى إلى ما يسد رمق جوعهم.. فما بالك، بالنسبة لباقي متطلبات الحياة الضرورية…! لذلك، كنت، غالبا، ما أصاب بالذهول، ويساورني القلق، وأنا أصغي إلى شكاوى الكثير منهم، وهم يبثونها، وقد جاشت عيونهم حزنا.

وبعد عقد عدة لقاءات، تمكن مندوبو الأجراء من إقناع المدير العام بدفع، في شهر مارس، رواتب كل المستخدمين بكاملها دون المساس بالعطل المؤدى عنها، الأمر الذي نال رضى معظم المستخدمين والأجراء.  لكن أولئك الذين تم إلغاء عقودهم، أو طال الفسخ عقود الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات الخاصة بهم، لم يتحملوا هذه المأساة. فكانوا، كل يوم، يعبرون عن رفضهم المطلق لهذا القرار، ويطعنون في أحقيته وشرعيته، ولقد هددوا، في أكثر من مرة، باللجوء إلى مفتشية الشغل.

من المؤسف أن نتنبه، وهذه هي الحقيقة المرة، إلى أنه ليس لديهم ما ينالونه، لأن مدونة الشغل بالمغرب صيغت، بالدرجة الأولى، على النحو الذي يخدم مصالح الباطرونا وأرباب العمل.

فوفق هذه المدونة، وبالضبط، في البند الرابع من المادة 54، تم التنصيص على ما مفاده: “يحق للشركة توقيف عقد الشغل لسبب من هذه الأسباب، إغلاق المقاولة مؤقتا بموجب قرار إداري، أو بفعل قوة قاهرة…” وهذا يعني أنه في حالة القوة القاهرة (وهنا جائحة الفيروس كورونا)، يحق للشركة تعليق عقد العمل.

وفيما يتعلق بشأن معالجة الرواتب لشهر أبريل 2020، فلا زالت الإدارة العامة للشركة، إلى حدود الآن، لم تستقر على قرار نهائي. ولكن ما هو، في حكم المؤكد، هو أن المأجورين الذين توقفوا مؤقتا عن العمل بفعل انتشار فيروس كورونا سيستفيدون من منحة التعويض المخصصة لهم من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والذين ما زالوا يعملون، سيتقاضون أجرة ستقتطع على قاعدة عدد الأيام التي حضروا فيها للعمل. أما فيما يخص تأمين الشروط الصحية للشغل واحترام قواعد النظافة والسلامة، فلقد تم الاستعانة بمجموعة من العاملين وذوي الخبرات في هذا المجال.

هذه، بشكل مقتضب، بعض الملامح العامة لصورة الوضع الذي يوجد عليه العاملون بهذه المؤسسة. وهي صورة قاتمة، مما لا شك فيه، ولاسيما بالنسبة لمن طالهم، سواء بهذا الشكل أو ذاك، التسريح. ففقدوا، بالتالي مناصب الشغل. وهنا لابد من الإشارة، إلى أنه آن الأوان لكي تتظافر الجهود، وتلتف كل القوى الديمقراطية والحية، للنضال في اتجاه سن قانون ديمقراطي للشغل، يراعي ويخدم مصالح الطبقة العاملة وكافة المأجورين، عن طريق التنصيص على منظومة من القوانين التي من شأنها أن تسهم في تقنين التشغيل، وحماية استقرار الشغل،  ومراجعة كيفية تحديد الأجور، وتقوية أشكال التفاوض الجماعي والمشاركة المهنية،  وتقوية وتعزيز الحماية التشريعية للحريات النقابية، وملاءمة تشريع الشغل المغربي مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية ومواثيق حقوق الإنسان… وتعمل -تبعا لذلك- على إلغاء مجموعة من النصوص التشريعية التي تتضمنها مدونة الشغل الحالية، والتي جاءت بجملة من الامتيازات لصالح المقاولات وأرباب العمل، من قبيل تلك النصوص، التي لها ارتباط بالمرونة في التشغيل،  والتسريح، ومدة العمل، والإغلاق، والتسريح لأسباب اقتصادية أو تقنية … إلخ. والتي أدت، في نهاية المطاف، إلى تكريس واقع الهشاشة والاستغلال المكثف لليد العاملة والمأجورين بشكل عام.”

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا