الرئيسية » الوضع السياسي بالمغرب ومعالم الأزمة السياسية

الوضع السياسي بالمغرب ومعالم الأزمة السياسية

كتبه user B

أبو سعد

من معالم الازمة السياسية بالمغرب وضع الانتظار والترقب وعدم وضوح الرؤية في كيفية تعاطي الدولة مع مجموعة من الملفات التي كانت موضوع خطابات الملك واعتبر حلها سيكون فارقا.

من هذه الملفات مسالة التعديل الحكومي المرتبط بتقييم للنظام يذهب الى ان الحكومة تضم وزراء لم يقوموا بما كان منتظرا منهم ولذلك تم تكليف رئيس الحكومة باقتراح أسماء كفاءات جديدة والملف الثاني وهو تشكيل لجنة عليا تتولى مهمة اقتراح بديل تنموي بالاضافة الى ملفات اخرى تتعلق بالإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة.

كل هذا الملفات تدار من وراء ستار لا يعلم المغاربة شيئا عن مطبخ إدارتها لكنهم يعلمون علم اليقين بأنها ليست من اختصاص المؤسسات “المنتخبة” برلمانا او حكومة.

فالتعديل الحكومي يتم ويدار خارج نتائج الانتخابات التي على اساسها تشكلت الحكومة التي يراد تعديلها بالإضافة ان اسباب الاطاحة بوزراء لم تناقش شعبيا او علنيا وإنما اتخذ قرار الاستغناء عنهم في نفس الدوائر المغلقة كما أن الوزراء الجدد الذين يحتمل تعيينهم لا احد يعلم ماهو البرنامج الذي سيتم التعاقد معهم على انجازه. مرة اخرى يثبت التعديل الحكومي الطارئ ان لا قيمة للمؤسسات المنتخبة ولا دور لها في المراقبة لأعمال الحكومة ومصالحها. مرة اخرى يقدم النظام القائم الحجة الدامغة لسداد موقف المقاطعة السياسية للانتخابات.

هذه القضية – التعديل الحكومي- المفروض يعتبر من الممارسات السياسية التي يقوم بها النظام وهي تضرب في مصداقية المؤسسات ومصداقية العملية الانتخابية وسيتكرر نفس الشيء مستقبلا عندما يرى أن مصلحته المباشرة تتطلب ذلك. لكن هذه الممارسة تنتج معضلة جديدة وهي ان نسبة المقاطعة للانتخابات المقبلة ستكون غير مسبوقة بالمغرب مما يعني تعمق تآكل الشرعية السياسية للنظام من خلال هزالة وعدم جدية “تمثيلية” مؤسساته للارادة الشعبية هذا اولا وثانيا في المقاطعة العارمة قد يحتل حزب العدالة والتنمية المرتبة الاولى في نتائج تلك الانتخابات وبالتالي سيكون هو من يتراس تشكيل الحكومة المقبلة وهذا الأمر بات واضحا للعموم أن المخزن لم يعد يرغب في ذلك وهذا ما اتضح من العديد من الإجراءات لتفكيك الحزب أو جعله يتراجع الى الخلف ويفسح المجال لتشكيلة تطبخ تركيبتها في الخفاء.

ان خبراء المخزن يوجدون في حيص بيص او لخبطة عجيبة أمام التعامل مع البيجيدي الذي يريدون التخلص منه ليس لانه حزب يشكل خطرا على النظام او يهدده لكن وفقط لانه ادى مهمة تدبير فترة معينة وتحمل جميع اوزارها ويجب ركنه باعتباره المسؤول السياسي عن الفشل ويتم استبداله بكومبارس جديد.هذا التعامل المنفعي والتوظيفي للأحزاب السياسية يعتبر سلوكا قارا في سياسيات النظام وجربها مع الجميع من حزب الاتحاد الاشتراكي الى حزب الاستقلال ثم مع العدالة والتنمية.

ان تفكيك البيجيدي ودحرجته الى الرتب الدنيا خلقت ارتباكا واضحا.ففي حالة المقاطعة فإن البيجيدي سيكون هو المستفيد باعتباره أكبر حزب مخزني وأكثرها تنظيما وقاعدته أكثر ارتباطا و انضباطا لتوجيهات الحزب وأذرعه الجمعوية والنقابية وخلايا التنمية البشرية.

أمام هذا الاحتمال بدأت بعض الدوائر تلقي ببالونات الاختبار يتمثل ذلك في إجبارية المشاركة. خلفية هذا الحل هو الزعم الذي تدفع له الاحزاب المخزنية وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي بأنها قادرة على الحشد والتجييش وأنها ستجلب كل المتقاعسين والمترددين وكل العازفين وستكون اصواتهم في اغلبيتها ضد البيجيدي خاصة وأن الحملة التي استهدفته وفشل حكوماته ستجعل المصوتين ينفرون منه ويعطون أصواتهم لأحزاب أخرى. إن هذا زعم وبيع للحوت في البحر ولا حقائق على الأرض تدعمه. انه زعم يقوم به شناقة الانتخابات يريدون تحويله الى مناسبة تجديد العقد مع المخزن ومساعدته على الإطاحة بالبيجيدي من المرتبة الاولى.

أما الاحتمال الأقوى والأقرب لما ستكون عليه الوقائع على الأرض فهي أن فرض إجبارية الانتخابات ستكون أكبر دفعة وشحنة لقوى الإسلام السياسي ومناسبة لتعبئة القواعد التي ابتعدت نسبيا أو حتى التي اقتنعت في لحظة معينة بضرورة المقاطعة. إن الإسلام السياسي اكتسب خبرة ومهارة في استعمال المظلومية وها هي تقدم لهم على طبق من ذهب. سيشرح البيجيدي لغيره بأنه مستهدف وانه مظلوم وعلى الجميع إعلان النفير العام كما يقولون.

عند حدوث مثل هذا الوضع سيجد النظام نفسه أمام وضع يلزمه التدخل السافر في تزوير نتائج الانتخابات وهو في السنوات الاخيرة يجهد نفسه للظهور بانه لا يمارس التزوير— انه يمارس تزويرا بطرق ملتوية وخفية وهذا تم فضحه في تلك المناسبات. اما في الحالة المقبلة فسيكون التزوير ظاهرا عاما مفضوحا وقد يقبل ثمن هذا الفعل.

بالنظر للحالتين المذكورتين – ارتفاع المقاطعة أو فرض إجبارية التصويت – سيبقى البيجيدي في راس قائمة الأحزاب المخزنية مما يخلق ارتباكا في تشكيل الحكومة ومن يتولى رئاستها، وساعتها ستكون المفاوضات مع البيجيدي لشراء تنازله عن موقعه وهو من يطلب الثمن- وقد يكون الثمن الحفاظ على مواقع الريع التي اكتسحها وباتت ملك أنصاره- إن حل إجبارية التصويت سيكون من أفضل المناسبات المتاحة للإسلام السياسي بزعامة البيجيدي لتجديد قوته ولم صفوفه.

من يعتقد أن الاستبداد المخزني المتحكم في السلطة والسياسة يشكل حليفا للتخلص من الاستبداد الظلامي فانه واهم وهذه هي الحجة الدامغة.
ما هو موقف دعاة المقاطعة حين تفرض اجبارية التصويت؟ أعتقد أن المناسبة ستكون عظيمة أيضا لابتداع الردود السياسية المناسبة لكي يتقدم شعبنا نحو تقرير مصيره خطوات جبارة.

إن إقدام المخزن على فرض إجبارية التصويت وهو اليوم يكتفي بإلقاء بالونات الاختبار كما القي بالأمس ببالون اختبار تغيير الفصل 47 من الدستور حتى يختار رئيس الحكومة الذي يريد، كل هذا دليل مادي على امرين: الاول تفاقم التناقضات داخل النظام وهي مرشحة للمزيد وقد تفتح آفاق واعدة لشعبنا لفرض حقوقه ومطالبه، والثاني أن النظام وأحزابه المندمجة أو التي في طريق الاندماج لم يعد في مستطاعهم الإقناع بسياساتهم واختياراتهم وأن جميع القرارات أو البرامج أو الخطط تتعرض الى سيل جارف من الانتقاد والمعارضة من طرف فئات شعبية تنمو باستمرار وتكتسب جرأة قوية في النقد والمعارضة. هذين المرين يعتبران من ابرز عوامل الازمة السياسية الموضوعية.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا