سعد مرتاح (صورة مركبة)
الرئيسية » الشباب والأحزاب والعمل السياسي في المغرب

الشباب والأحزاب والعمل السياسي في المغرب

كتبه user B

سعد مرتاح

I– في معنى الحزب السياسي:

يعتبر الحزب هو ذلك التنظيم السياسي المهيكل وطنيا وجهويا ومحليا، لديه مشروع مجتمعي يمثل مصالح طبقة أو طبقات اجتماعية – اقتصادية معينة، ويسعى للوصول للسلطة السياسية. وتعتبر النقطة الأخيرة هي الحد الفاصل بين الأحزاب السياسية وغيرها من التنظيمات المشابهة لها التي لا تتطلع بشكل خاص للوصول إلى السلطة حتى ولو أنها تشارك في الحياة السياسية او اللعبة السياسية إن صح التعبير.

ومنه نرى أن هناك إشكالا في المغرب فالتشريع يعتبر أن الحزب هو فقط يدبر السلطة ولا يسعى للحصول عليها أو الوصول لها، على اعتبار أن السلطة (سواء على المستوى التنفيذي أو التشريعي أو القضائي أو التأسيسي) بموجب الدستور المغربي هي في يد القصر (وهو كما يعرف الجميع غير منتخب)، وليس الحزب، الشيء الذي يجعل النظام الدستوري السياسي المغربي غير قائم على الفصل بين السلط والتي تعتبر أهم معيار لديمقراطية نظام ما من عدمه. وهذه نقطة لا بد من توضيحها.

II- موقع الشبيبة داخل الأحزاب السياسية بالمغرب:

في تحليلنا للحياة السياسية في المغرب، نميز في النهج الديمقراطي بين حقلين سياسيين، هما الحقل السياسي الرسمي والحقل السياسي المضاد، وبالتالي نظرتنا للشباب والعمل السياسي لا بد لها أن تأخذ هذا الفرز بعين الاعتبار.

  • بخصوص الشباب والحقل الرسمي

   الحقل الرسمي يقصد به بالأساس النظام المخزني والأحزاب الملتفة حوله التي تعتبر جميع الخطابات الملكية بمثابة خريطة طريق لها وليس ما يصدر عن مؤتمراتها وهياكلها التقريرية والتنفيذية. هذا الحقل حاليا يتميز بأنه أولا مغلق وثانيا يتآكل باستمرار نتيجة الفرز المتسارع الذي أحدثته الحركات الاجتماعية، ومنه فمكوناته أصبحت فاقدة للحاضنة الشعبية بشكل تام وهذا ما تعبر عليه الشعارات الجريئة الأخيرة التي تستهدف مباشرة رأس النظام المغربي أو من خلال نسب المقاطعة المرتفعة للانتخابات وهو ما يعبر عليه المخزن بنفسه ب ” أزمة الوساطة”.

مكونات هذا الحقل تتعامل مع الشباب فقط كخزان انتخابي آخر همها هو تأطيره وتمثيله وحتى نسب الشباب/ات في الأجهزة القيادية في هذا الحقل جد ضعيفة ولا تكون على أساس الكفاءة ومدى إيمان الشاب بمشروع الحزب وتصوره بل على أساس الزبونية وعلاقات القرابة. وبالمقابل ينظر أغلب الشباب/ات خصوصا المنتمين للطبقات الشعبية إلى مكونات هذا الحقل نظرة استهزائية واحتقارية.

  • بخصوص الشباب والحقل المضاد

   أما الحقل السياسي المضاد فيقصد به التنظيمات السياسية المناضلة والمستقلة عن المخزن (خارجة عما يسمى بالإجماع الوطني الوهمي)، التنظيمات التي  برنامجها وتصورها يتعارض مع تحكم المخزن في الحياة السياسية (ولو كان بعضها فقط يريد إصلاح المخزن والآخر يريد إسقاطه) وهي المتمثلة حاليا أساسا في فدرالية اليسار والعدل والإحسان والنهج الديمقراطي والمنظمات الجماهيرية التي يشتغلون فيها، تتميز هذه التنظيمات بمشاركتها في مختلف نضالات الشعب المغربي (ولو بنسبة متفاوتة) وفي مساهمتها في بناء أدوات الدفاع الذاتي للجماهير (خاصة من طرف النهج الديمقراطي)، غير أن مشكلتها تتمثل في أنها مشتتة وغير قادرة لحد الآن التكتل حول برنامج حد أدنى.

أما في علاقة هذا الحقل بالشباب/ات تتجلى أساسا في أن مكونات هذا الحقل تسعى باستمرار إلى استقطاب الشباب المنتمي للطبقات الشعبية وأيضا الشباب المتواجد في طليعة النضالات الجماهيرية، فلأنها تسعى للتغيير (رغم اختلاف حدته ومفهومه من تنظيم معارض لآخر) فلا بد أن تجذب الشباب الذي في مصلحته التغيير، غير أنها حاليا تعاني نوعا ما من نظرة الشباب للحقل السياسي ككل حيث أن معظم الشباب لا يميز بين الحقل الرسمي والحقل، مما يجعله ينفر الجميع.

IIIالفعل الشبابي خارج الإطار الحزبي:

عرفت الشبيبة المغربية خلال السنوات الأخيرة هجوما حادا على مكتسباتها، نتيجة السياسات النيوليبرالية للمخزن – مركب الريع والتبعية والفساد والاستبداد- والتي تنبني أساسا على 3 عناصر: (الاستدانة الخارجية، خوصصة القطاعات والشركات العمومية، التقشف في النفقات العمومية) والتي أدت إلى تسليع من التعليم والبطالة وفرض الهشاشة في الشغل وحرمان الشبيبة الكادحة من العمل الثقافي العمومي.

والجدير بالذكر هنا أن الشبيبة المغربية تعتبر أنه كل هذه السياسيات هي من صنع الأحزاب السياسية والمؤسسات الرسمية الشيء الذي أدى به إلى فقدان ثقته في كل ما يصدر عنها.

ومنه فإن هذا الهجوم على الشبيبة من جهة كان من الضروري أن يخلق رد فعل ومقاومة، لكن فقدان الثقة من جهة أخرى أدى بها إلى خلق معظم نضالاتها ومقاومتها خارج التنظيمات السياسية المناضلة الشيء نتج عنه تعمق نزعة اللاتنظيم، وقد تجلت أبرز هذه المقاومات في:

1- الحركات الشعبية ضد التهميش والفقر:

عرفت عدد من المناطق حراكات شعبية امتد بعضها لشهور أبرزها حراك الريف الذي انطلق في أكتوبر 2016ملهما فيما بعد كلا من جرادة، أوطاط الحاج، زاكورة… تشترك هذه الحركات في كونها حملت مطالب اجتماعية تروم رفع التهميش حيث عرت حقيقية التنمية المخزنية وكشفت وعوده الكاذبة، وقد لعب الشباب دورا أساسيا وقد تبين هذا من حيث القيادة أو من حيث نسبة الشباب المعتقلين على خلفيتها.

2- حملة مقاطعة منتجات ثلاث شركات كبرى:

شهد شهري وماي أبريل 2018إ طلاق دعوات لحملة مقاطعة إلكترونية لمنتجات 3 شركات كبرى. وقد عرفت استجابة واسعة من طرف الطبقات الشعبية بالمدن الكبرى والمتوسطة، وقد كان الشباب/ات هم الفئة الأكثر انخراطا وتعبئة للحملة. هذه الحملة التي أبدعت في التعبير عن مطلبها الرئيسي: خفض أسعار المنتجات المستهدفة. ورغم الطابع الاجتماعي البارز لمطالبها، فإنها حملت في ثناياها رسائل سياسية واضحة، فغالبية أسهم سنترال دانون كانت في ملكية الهولدينغ الملكي قبل أن يبيعها لشريكه الشركة الفرنسية المتعددة الاستيطان دانون. أما إفريقيا وأولماس فتتحكم فيهما عائلتان مقربتان من مركز الحكم (بنصالح وأخنوش.). أي يمكن القول أن الحملة استهدفت أسس الاقتصاد السياسي المغربي، التبعية للامبريالية والاحتكار من طرف المقربين للمخزن.

3- التنسيقيات الفئوية:

يعرف الشارع المغربي اليوم تحركات احتجاجية قوية يقودها بالأساس شابات وشباب مفعمين بروح النضال من داخل التنسيقيات الفئوية، فتنسيقية الأساتذة المفروض عليهم التعاقد قادت آلاف الأساتذة والأستاذات في إضراب بطولي (أزيد من 4 أسابيع) واعتصام بطولي أمام مقري الوزارة الوصية على التعليم والبرلمان، أيضا تنسيقية الطلبة الأطباء قادت نضالات بطوليا استطاعت من خلاله تحقيق بعض المكتسبات المهمة، وهاهم المعطلين في أغلب مناطق المغرب يناضلون من داخل التنسيقيات..

IV- معضلة نزعة اللاتنظيم

  يتبين من خلال النماذج السابقة أن هناك بالفعل عمل شبيبي قوي في الحياة السياسية المغربية، غير أنه عدم تمييز الشبيبة بين الحقل الرسمي والحقل المضاد، جعل منها رافضة للجميع دون استثناء، الشيء الذي تولد عنه نزعة جد سلبية وهي اللاتنظيم -وإن كان جزء من جذورها مشروع- والتي يستفيد منها المخزن في الأخير، لأن إبعاد الحركات  الشبيبية عن التنظيمات المناضلة الفاعلة عن وعي في الصراع الطبقي بالمغرب يجعل من هذه الحركات رغم نضاليتها غير مستوعبة نوعا ما للخلفية الإديولوجية لسياسات الدولة وغير مؤطرة نظريا وسياسيا وتنظيميا، الشيء الذي يجعل منها بالأخير غير موحدة حول عدوها الطبقي المتمثل في المخزن من جهة، ومن جهة أخرى يؤدي هذا إلى تسرب الوهم لقطاعات واسعة منها متمثلا في اعتبار مشكل التعاقد أو الشغل أو التعليم.. هو مشكل اجتماعي محض، ولحله ينبغي الابتعاد عن النضال الشعبي العام.

لهذا إننا في شبيبة النهج الديمقراطي نعتبر أنه لا بد من خوض الصراع الفكري والسياسي ضد مختلف النزعات التي تبخس التنظيم، والتي ترفض مساهمة التنظيمات السياسية المناضلة في النضالات بل وتعاديها في بعض الأحيان. فغايتنا من هذا الصرع هو إقناع الشبيبة بأهمية وجود منظمات سياسية ثورية قوية من أجل إنجاز التغيير الجذري المنشود، إقناعهم بإن الصراع بالأساس صراع طبقي بين كتلة طبقية منظمة ومؤطرة بخلفيات إيديولوجية، مما يستدعي نضال شعبي منظم حامل لمشروع سياسي بديل.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا