الحبيب التيتي
توضيح لابد منه:
ان الرد الحالي هو مساهمة مني كأحد مناضلي النهج الديمقراطي ولا يلزم في شيء التنظيم والذي له اطاراته المسؤولة للتعريف والتصريح بمواقفه الرسمية.
تقديم.
بعث الاخ صبير الحسن بما سماه رسالة الى رفاق "النهج الديمقراطي" و هي نقد لموقف النهج الديمقراطي من قضية الصحراء لأنه كما ختم رسالته متأكد من وجود:
"تناقضات مبدئية ،تواكب مواقف "النهج الديمقراطي" في بناءه وإدارته وتدبيره لموقفه من "قضية الصحراء"، وهي تناقضات يجمل به كوجه من اوجه الطيف النضالي الوطني أن يقف عليها الموقف النقدي الواجب ،لضمان الحد الادنى من الانسجام على الاقل مع المبادئ التحررية ،والديمقراطية والحقوقية الانسانية الأولية ناهيك عن خدمة المقومات الاولية لقضايا التغيير المجتمعي بأفق حداثي ديمقراطي منصف اجتماعيا."( هكذا ختم رسالته).
وفي جوابه عن الدواعي لهذه الرسالة الى "النهج الديمقراطي" اشار الى ما يلي:
– أيا كان حجمه التنظيمي في الرقعة الوطنية فهو تعبير عن طيف من مناضلين لهم رؤية ايديولوجية وتصور سياسي لما هو عليه المجتمع: تركيبة مصالح وطبيعة سلطة، لايعكسان بنظره مصالح الفئات الشعبية الكادحة وعلى رأسها الطبقة العاملة ولاسلطتها وان اي نضال او برنامج نضالي في بعده الاستراتيجي او مهماته المرحلية ،بل ان النظر لأية قضية بما فيها "قضية الصحراء" لايمكنه الا ان يندرج في هذا الاتجاه/الافق ،,,,
– الامر الثاني أنه شئنا ام ابينا ،وبغض النظر عن حجمه التنظيمي ،فان للنهج الديمقراطي وزن معنوي يستمده من جهة ك "وارث" لأحد الفصائل التاريخية ليسار السبعينات …. وان هذا الوزن المعنوي له تأثيره في شبكة علاقاته الدولية مع أطياف "جذرية" مماثلة كما يخطب وده من قبل القوى الدولتية او شبه الدولتية الرامية لاستخدامه الادواتي ركوبا ،بغية تجيير تموضعاته السياسية او غيرها لمصلحة طاحونتها المصالحية ،الظرفية ،او الجيوسياسية ، او الاقتصادية المحضة ,,,
– لذا فلهذا الحوار،برغم انحساره في "قضية الصحراء" هدف معلن وبموضوعة شفافة لا مواربة فيها : حفز" النهج الديمقراطي" عبرالنقاش و الاقناع لفك الارتباط اللاواعي أو الموضوعي مع كل ممكنات التجسير والتجيير المصالحية ، الدولتية وشبه الدولتية ، وتحويل طاقاته العلائقية لطاقة بناءة تمنح المغرب الوطن والشعب مكانة ايجابية في تفكير ووجدان قسم من الطيف اليساري الدولي …"
تستحق هذه الرسالة تفاعلا ونقاشا ليس فقط من طرف رفاق النهج الديمقراطي لكن من طرف جميع المناضلين خاصة حول قضية الصحراء التي احتكرها التناول الشوفيني الضيق وبالأخص ذلك الاحتكار السياسوي من طرف النظام المغربي.
ولان الاخ صبير الحسن يعلم مدى حساسية الموضوع فقد توخى الكثير من الاحتراز والتنبيهات حتى لا ينقلب الحوار الى معركة من البوليميك والتراشق بالاتهامات والرغبة في تصفية الحسابات، وأضيف رغبة الكثير في الصيد في الماء العكر.انوه بدوري بهذا الحرص وأضم صوتي له، وأزيد بان اي زعيق في الموضوع او تصعيد سافل سيكون دليلا على خواء الجعبة بل هو دليل على فساد البضاعة ورداءة الموقف.انه تنبيه حتى يشارك في هذا الحوار فقط من يستطيع تقديم المعطيات والأفكار.
في الرد على الدواعي
على عكس ما يتراءى للأخ صبير الحسن فان موقف النهج الديمقراطي من قضية الصحراء هو غاية في الانسجام مع مبادئه ومع المبادئ التحررية ،والديمقراطية والحقوقية الانسانية، لأنه موقف يصدر عن نظرة النهج الديمقراطي للصراع الطبقي ببلادنا وعن طبيعة الدولة المغربية كدولة كتلة طبقية سائدة مشكلة من تحالف طبقي تكون على امتداد مرحلة تاريخية اندمجت فيها مصالح البرجوازية الكبيرة وكيلة المصالح الامبريالية خاصة فرنسا، وطبقة ملاكي الاراضي الكبار.
وانطلاقا من هذه المنطلق في النظر للصراع على قاعدته الطبقية تتحدد النظرة لمجمل القضايا السياسية بما فيها مسالة الديمقراطية، لان لها حمولة طبقية وليست حمولة مجردة ميتافيزيقية وخطاب يلوكه النظام ويزين به حقيقته الديكتاتورية.ففي هذا الاطار كذلك يكتسي مفهوم الوطن ايضا عدة تجليات فهو من منظور الكتلة الطبقية السائدة مجال تمارس فيه الاستغلال ونهب الثروات، بينما هو عند الطبقة العاملة وحلفاءها الاستراتيجيين والمؤقتين يكتسي مفهوما مناقضا لأنه يعني مجالا لخوض الصراع من اجل العيش الكريم والانتفاع المشترك من خيرات العمل والجهد الجماعي والثروات واقتسامها، لتوظيفها من اجل بناء المجتمع والشعب المتحرر من الفقر والحاجة.وفي التعبير السياسي والفكري عن هذين الرؤيتين يقع الفرز والاصطفاف.ان التفريط في هذه المنهجية سيقود حتما الى اخطاء سياسية وفكرية وذلك ما سنراه في تفاصيل رسالة الاخ صبير الحسن إن الاخ صبير الحسن يعيد هنا نفس النقاش الفكري الذي خضناه في بدايات سبعينيات القرن الماضي كمناضلي "الى الامام" مع تيارات اخرى لا تتبنى الماركسية اللينينية كمنهج للتحليل ومرشد للنضال.
اما اشارة الاخ صبير الحسن الى الوضع الاعتباري للنهج الديمقراطي على الساحة الدولية وخاصة وسط القوى المناضلة فهو واقع حقيقي ونعتز به بل نعتبر من واجبنا كماركسيين لينينين بناء اممية ماركسية لأنها مهمة آنية وضرورية من اجل مواجهة الامبريالية والخطر الداهم الذي يتهدد البشرية والحياة على كوكبنا.ان الامبريالية تقود البشرية الى الفناء والمخرج الحقيقي هو هزمها وبناء الاشتراكية كبديل.لكن اشارة الاخ صبير الحسن لا تخلو من غمز مفاده اذا لم يصطف النهج الديمقراطي مع موقف مغربية الصحراء حتى لا يصبح اداة للمصالح الاجنبية. لم يجرؤ النظام على تلفيق هذه التهمة والحسن صبير يعرف ذلك لكن هناك بعض من اليسار بدا يتجرأ اليوم على ذلك.لهذا انبه الاخ الحسن لمغبة تبعات مثل ذلك ولو بالمرموز.عليه بالتحلي بالنزاهة الفكرية والموضوعية في خوض الصراع والحوار.
في المضمون
جاء هذا الجزء من الرسالة على شكل اطروحات وهي بعدد سبعة. لتسهيل التفاعل والرد سأتناولها ايضا بنفس الشكل والترتيب:
1- " أن الديمقراطية بمفهومها الشامل …. هي الممكن الوحيد و الأوحد لعيشنا المشترك وان التعبير الامثل لإرادة المواطنين والمواطنات عبر اطرها المؤسسية يمر وجوبا عبر صناديق الاقتراع الحر والنزيه المحاط بكل الضمانات… ومفاد هذا المحدد :ان التدبير السلمي لصراع المصالح المجتمعية المتباينة المستويات العمودية منها والأفقية او الموضوعاتية ، شرط واقف لأي من التموضعات الوطنية .،وان الديمقراطية هي أرقى ما ابدعته البشرية لحد الآن في مجال ادارة وتدبير الناس والأشياء والمصالح."
قبل كل شيء وجب التنويه والاشارة بخصوص الديمقراطية الشاملة الى بعض اهم القضايا التالية:لماذا لم تتحقق"الديمقراطية الشاملة" أي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية في الدول الرأسمالية المتقدمة نفسها بواسطة صناديق الاقتراع الذي مارسته منذ زمن طويل جدا؟ هل الرأسمالية كنمط إنتاج يرتكز إلى الاستغلال قادر على تحقيق الديمقراطية الشاملة؟ ألا يبين الواقع أن المكتسبات الاجتماعية التي تحققت يتم تصفيتها، بل حتى الديمقراطية السياسية يتم التضييق عليها في هذه الدول فأحرى في دول المحيط عزله عن الواقع العيني الرأسمالي. إن الكلام عن الديمقراطية الشاملة التي ستتحقق بواسطة صناديق الاقتراع مجرد كلام ميتافيزيقي يكذبه الواقع الملموس.
اما في ما يتعلق بالوضع السياسي ببلادنا فان الاخ صبير الحسن لا يوضح لنا واقع الحال العيني والملموس، بل يقفز الى ما يجب ان يكون عليه الامر،ويعطي تصوره للديمقراطية والتي عليها ان تكون شاملة وهي تتحقق وجوبا عبر صناديق الاقتراع. والحال ان الواقع الملموس هو طغيان الاستبداد عبر نظام ملكي ما فتئ يلتف على الارادة الشعبية ويقوي ذاته عبر الحكم الفردي المطلق لكنه المقنع بديمقراطية الواجهة بل اصبحت العائلة الملكية من اكبر المالكين لوسائل الانتاج والرأسمال و الاراضي.فالديمقراطية كما تمارس في المغرب ومنذ السنوات الاولى للاستقلال الشكلي هي ديمقراطية شكلية تنتج مؤسسات صورية باهتة . ديمقراطية همها تلميع صورة المغرب خارجيا وبيع الاوهام للشعب.نجم عن هذا الوضع عزلة متنامية للنظام ومقاطعة عارمة لكل الاقتراعات التي نظمها والتي لم تكن ابدا حرة ولا نزيهة.لقد دبر النظام الوضع بالبلاد بطريقة عنيفة سافرة في عهد الحسن الثاني وبطريقة مقنعة ومتخفية وراء مساحيق الديمقراطية في عهد محمد السادس."فالشرط الواقف للتدبير السلمي" خرقه النظام نفسه وهو المطالب اليوم بالحساب ولم يستجب له رغم نصائح لجنة بنزكري.
لهذا لا نقبل منك الاخ صبير الحسن ان تبيع لنا بدورك وهم النظام الديمقراطي لان الواقع يفند ذلك بل يصدم جميع السذج الذين يعتقدون بذلك.انظر كيف حاولت احزاب الكتلة الوطنية اصلاحه وتغييره من داخل مؤسساته.لقد تمخزنت هي وهو زاد استبدادا وافتراسا والشعب والوطن تقهقرا لأسفل درجات الترتيب بين الشعوب والأمم. لست بصدد تسويد اللوحة لاني ادرك ان تهمة العدمية لا تفارقنا لكني اعتمد على نباهتك للإطلاع على تقارير المؤسسات المختصة الوطنية والدولية.
2- في هذه النقطة تناول الاخ صبير الحسن تأثير الاستعمار على المغرب سواء من حيث الجغرافيا او من حيث التشكيل السياسي لما بعد الاستقلال محملا المسؤولية للترتيبات النظام الدولي وأخطاء الحركة الوطنية والتي نجم عنها كما يقول ثلاثة اعطاب وهي:
أ) وطن مبلقن يسترجع على مراحل بمفاوضات متعددة الاطراف
ب ) نظام حكم هجين، سلطاني تقليداني سياسيا ، عصري إداريا موروث عن "زواج" حديتي الازدواجية الفصامية التي بنتها الحقبة الاستعمارية لمصلحة سيطرتها واستغلالها للثروات المادية والبشرية (هندسة "ليوطي") .
ج) اختيارات اقتصادية تنبني على النموذج التبعي الذي يمليه صاحب القوة التمويلية ومفاتيح الصناعة والتكنولوجيا والخبرة المعرفية (نادي باريس)."
كلام جيد وله تبعات سياسية منطقية اذا واصلنا التحليل بانسجام ووضعنا نصب ايعننا الوقائع المادية اي مصالح الشعب وطبقاته الاساسية المنتجة للخيرات والثروة.
لعل البداية في التحليل يجب ان تدفعنا للكلام عن ما يعنيه مفهوم الترتيبات الدولية.انها مجموع السياسات الامبريالية في تلك المرحلة المتسمة بتنامي المد التحرري لنضالات الشعوب وانتصار التجربة الاشتراكية على النازية والفاشية.فالامبريالية كانت مضطرة لتقييم الحالة وإعادة ترتيب سياساتها وكانت بوادر سياسة احتواء موجة الكفاح الوطني وإطلاق سلسلة من السياسات منها تدخل الدولة في الشأن العام وفي القطاعات ألاجتماعية – انها دولة الرفاه- وفي بلدان المستعمرات وشبه المستعمرات سن سياسة جديدة سميت بالاستعمار الجديد توجت بمنح الاستقلالات الشكلية.
شكل المغرب احد نماذج تطبيق هذه السياسية وتم الاسراع بها لقطع الطريق عن الكفاح الوطني وكبح تجدره.وفي هذا الاطار استطاعت المكونات البرجوازية المتحكمة في الحركة الوطنية ان توجه العمل السياسي وجهة التعاون الطبقي بينها وبين البرجوازية الكمبرادورية والملاكين الكبار و نظامهم الممثل في المخزن.
هكذا اجهضت معركة الاستقلال وتم الفصل بين دول المغرب الكبير والتفريط في كل مطالب الشعب من اجل التحرر الوطني وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية يكون فيها الشعب هو مصدر الشرعية والسلطة.اعتقد انها هي نفس القضايا التي اراد الاشارة اليها الاخ صبير الحسن بعد "تدويره" للزوايا.اين نحن من هذه المطالب وهذه الاستحقاقات؟.ان "النظام الهجين" كما سماه، لازال على حاله ان لم يزدد تركيزا للثروات في يده، ولازال الاقتصاد تبعيا بل يزداد هشاشة ورضوخا لاملاءات البنك وصندوق النقد الدوليين.
3- في هذه النقطة تكلم الاخ الحسن عن نضال الشعب المغربي واعتبر ان ذلك النضال قد افضى "بالنهاية لديمقراطية لا تزال هشة البنيان ، انتخابية في المجمل ، ونموذج تنموي لا يزال يعاني من اعطاب ذاتية ، تزيدها التحديات العولمية والتجادبات الجهوية ترددا مضاعفا …"
لن نختلف حول استمرار نضال الشعب المغربي بكل فئاته، لكننا قد نختلف في النظر الى ما يسميه "الديمقراطية الهشة البنيان" والتي نسميها ديمقراطية الواجهة والتي تنم عن طبيعة استبدادية لنظام يأبى الاصلاح.انهما نظرتان مختلفتان جوهريا وليست كما يعتقد البعض: نظرة نصف الكاس الفارغ او العامر.
ان ما يعتقده "ديمقراطية هشة البنيان" هو فقط هوامش انتزعها الشعب المغربي مقدما ثمنا فادحا من الشهداء والمختطفين والمعطوبين والمعتقلين. وهذه الهوامش لازالت الى حد كتابة هذه الاسطر مجالا للشد والجدب.وكلما ارتخت يد الشعب كلما كانت التراجعات دراماتيكية تمسه في حقه في الحياة والعيش الكريم.
4- " أن المغرب المتحول/المتحرك الارادة هذا، الذي ينبني على " سيرورة انتقالية بمثابة مسلسل من المصالحات" ،بكل تعثراتها وتردداتها البينة ، شهد ضمن هذا السياق على الاقل "اعلان نوايا" التصالح مع ذاته بما هي مقوماته الهوياتية الاصلية منها والرافدة ،وهي قضية حازت انخراطا مبدئيا ل"النهج" بكل التباساته التي تحصرها في بعدي الثقافة واللغة دون الارض التي لا تتصور في تموضعه، الذي يسحب عليها بعد "التسييس الصراعي"(التوظيف الادواتي الاختزالي شأنها شأن ما نخوض فيه حول "الصحراء" – أنظر أرضية النهج المقدمة لرفاق الحسيمة -) الا ك"كانتونات" اثنيه دون تملكها كهوية جمعية للشعب المغربي ضمن هويته "المركبة" والتي تنسحب على الارض ذاتها ,,
لذا ف"تامزغا" ليست من هذا المنطلق "حلما شوفينيا" بل مجالا وامتدادا انسانيا حيويا ،بشرا وحجرا وجسورا لغوية وثقافية وذاكرة مشتركة,,,والمغرب كما تخوم الصحراء الافريقية الكبرى التي شكلت ملاذات مقاومات في وجه زحف الغزاة من بوابات الابيض المتوسط او المشرق العربي ،أو غيرهما لهم مشترك واسع من التحديات ماضيا وحاضرا وأخطرها السلخ والمسخ الهوياتي ."
في هذه النقطة اعطينا الكلمة للأخ صبير الحسن وأوردناها كاملة، وذلك حتى نبرز للقارئ ان الاخ صبير "حسب لوحده وشاط ليه".اقنع نفسه ان النظام انجز المصالحة مع هويته الامازيغية وتم الحل الديمقراطي للقضية الامازيغية ولان النظام الامازيغي المتصالح مع ذاته اصبح له من قوة الاقناع تجاه الصحراويين المتواجدين في ارض تامزغا وهم بذلك لا حق لهم في تقرير المصير.وعلى النهج الديمقراطي الذي لا يرى في الامازيغية إلا القشور اي اللغة والثقافة والتي يفصلها عن الارض، عليه ان يعيد حساباته.كان على الاخ الحسن ان يذهب في تحليله الى منتهاه بخصوص تخوم الصحراء الافريقية الكبرى التي هي بلاد تامزغا وان يطالب بموريتانيا وغيرها من النيجر ومالي والتشاد…كأجزاء مقتطعة من المغرب وجب استرجاعها.
كل الحقائق على الارض تكذب مزاعمك حول المسالة الامازيغية ببلادنا. لم يقم النظام تحت الضغط إلا بالمناورة والالتفاف على المطالب بما فيها تلك التي تعتبرها قشورا من لغة وثقافة.لازال المغرب كما هندسه ليوطي ومنقسما بين نافع وغير نافع.بل ها هي الفوارق المجالية تتفاقم وتتقوى بفعل نمط انتاج الرأسمالية التبعية.
5- يدعي صبير الحسن بان النهج الديمقراطي يتعامل مع الامازيغية ككنتونات – احال الى ارضية رفاقنا بالحسيمة والتي فيها التوظيف الادواتي كما يزعم- اعتبر هذا السلوك من طرف الاخ صبير بأنه متحامل و مدعي بل فيه التحايل على القارئ والمصادرة على المطلوب.ان موقف النهج الديمقراطي هو ما تعبر عنه اطروحاته وهي متوفرة للجميع.فبدون الاطالة في الموضوع اشير الى ان موقف النهج الديمقراطي من المسالة الامازيغية يعتبر من اهم المواقف الديمقراطية ببلادنا، لأنه نظر الى الامازيغية من منظور ماركسي وربطها بحركة النضال الشعبي من اجل التحرر وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية.ان الامازيغية باعتبارها مكونا أساسيا لهوية شعبنا بالإضافة الى مكونات اخرى، تلعب دورا طليعيا في نضال شعبنا، وهي تسمح بالمساهمة الفعلية في بناء الدولة الفيدرالية والتي تحقق وحدة شعبنا وصهر مكوناته عكس الطرح الشوفيني التافه والضيق الافق.وهي بذلك تساهم في وحدة شعوب المغرب الكبير التي حققت بدورها تحررها وتقرير مصيرها من الانظمة التبعية والديكتاتورية.وفي اعتباري الخاص هذه هي اللبنات الاساسية لبناء المجتمع الاشتراكي في هذه المنطقة الشاسعة والكبيرة ديموغرافيا واقتصاديا.ان تصور الدولة الفيدرالية يفند الطرح وتهمة تقسيم المغرب الى كانتونات او بوندوستانغات.
ففي موضوع الامازيغية ليس للأخ الحسن صبير ما يسوقه لإقناع الشعب الصحراوي بالتنازل عن هويته. في الواقع ما يتم تسويقه هو اثارة النعرة وسط الحركة الامازيغية تجاه البوليساريو.وهذا حقيقة يشكل مأزقا سياسيا لجبهة البوليساريو وجب عليها حله حلا سليما يأخذ بعين الاعتبار التطور والمستجدات.
6- يعيب الاخ الحسن صبير على النهج الديمقراطي اعترافه بالقانون الدولي فيما يخص تنظيم العلاقات بين الدول والحال ان الدول الامبريالية هي التي فرضت التقسيم الدولي الحالي.
في هذه النقطة لا يرى صبير الحسن إلا اعتراف النهج الديمقراطي بالقانون الدولي الامبريالي ويتغاضى عن كون النظام المغربي ليس فقط اعترف بالحدود الدولية بل اعترف بتقرير المصير للشعب الصحراوي في منتظم دولي، وهو اليوم من وجهة نظر المنتظم الدولي موجود في الصحراء كبلد محتل وله مسؤولية تسيير منطقة متنازع عليها خاضعة لمسطرة تصفية الاستعمار. بل ان الاخ صبير الحسن لم يحيين موقفه بعد التحاق المغرب الرسمي بالاتحاد الافريقي والذي تعتبر الجمهورية العربية الصحراوية احد أعضائه مرة اخرى يتناسى صبير الحسن اعتراف المغرب باستقلال موريتانيا.اللهم ألا اذا كان يعتقد بان النظام المغربي سيسعى الى استخدام حق الشفعة.
نعم الحدود المتوارثة عن الاستعمار فيها ظلم كثير للشعوب، بل لازالت شعوب كثيرة ممزقة الاوصال بين العديد من الدول كما هي حالة الشعب الكردي.ان الحل الجذري لهذا الظلم التاريخي هو تحرر الشعوب من القبضة الامبريالية ووكلائها المحليين، وساعتها تختار طواعية مستقبلها ومصيرها، لكن شريطة ان تحترم ارادتها، وذلك هو الموقف الديمقراطي الحقيقي.وتفعيلا لهذا المبدأ الذي يتناساه الحسن صبير نؤكد نحن في النهج الديمقراطي على الضرورة التاريخية والحتمية لوحدة شعوب مغربنا الكبير لكنها شعوب حرة متحررة.ولن يصبح اي شعب حرا ابيا اذا كان يستعبد شعبا آخر او يظلمه.
7- في هذه النقطة لجأ الاخ الحسن صبير الى اسلوب سقطت الطائرة.لقد اسقط كل طائراته في حديقة النهج الديمقراطي.ان جميع القضايا الواردة في هذه النقطة هي من قبيل "تعمار الشوارج" لا اكثر، وسأجيب عليها بتركيز شديد وسأهملها في اللاحق من المناقشات لأنها ثانوية ولا تعنينا كثيرا.
– الاستفتاء هو مطلب الشعب الصحراوي ومطلب الامم المتحدة والاتحاد الافريقي.وليس للنهج الديمقراطي اي دور فيه وادعاء العكس هو من باب التشهير المجاني.ان الاستفتاء هو استحقاق دولي يجب توفير الشروط لانجازه بما يضمن حقوق الشعب الصحراوي في التعبير النزيه عن رغبته في الاتحاد مع المغرب او الانفصال وهذه هي الرغبة التي يجب ان يمتثل لها الجميع لتتمكن شعوب منطقتنا من الانتقال الى المستقبل في سلم وطمأنينة.
– محاولة اقحام القضية الامازيغية ومن منطلقات شوفينية لن تفيد في حل صراع سياسي دام طويلا.وقد اجبت على هذه المسالة في ما سبق.
– ان مسالة وحدانية تمثيل ما يسميه السيد صبير الحسن ساكنة الصحراء ليست من شان النهج ولا من شأنه هو أيضا، انها من شان ساكنة الصحراء وعليها ان تستفتى في ذلك.لقد غاب عنه هذا الحق البسيط، وأما اذا اراد ان يفرض على الشعب الصحراوي ممثلا فليعلم انه والديمقراطية في خطين متوازيين.النهج الديمقراطي يطالب بتقرير المصير للشعب الصحراوي وبالمفاوضات المباشرة مع جبهة البوليساريو. وقد باشر المغرب هذه المفاوضات في المغرب وخارج المغرب.
– اما مسالة التحديد المكاني لمجال الاستفتاء وقضية الاستفتاء فهي قضايا مقحمة في الموضوع وليس للنهج الديمقراطي اية سلطة لتحديد الموقف.وغير مطلوب منه ذلك، لأنها قضايا من اهتمام الامم المتحدة والقوى المتنازعة.فالكلام حولها سيكون من قبيل اطلاق الكلام على عواهنه.
– تضمن كلام الحسن صبير عن موقف النهج الديمقراطي من الدفاع على حقوق الانسان الكثير من التحامل.بل فيه الاثارة والتشهير خاصة عند الاشارة الى ملف اكديم ازيك والتي تجري حاليا اطوار محاكمة الاستئناف. يعتبر النهج الديمقراطي قضايا حقوق الانسان بالمغرب وخارجه قضايا تحظى باهتمامه كحزب مناضل ويدافع عنها بمبدئية وصلابة وليست مجالا للمتاجرة او التعامل السياسوي.وفي هذا الاطار تعبر الجمعية المغربية لحقوق الانسان عن مواقف يعتز بها النهج الديمقراطي، لأنها تنسجم وما يراه وهي تحظى بترحيب وتقدير دوليين، استطاعت الجمعية المغربية لحقوق الانسان ان تحمي شرف المغرب والمغارب في الدود على حقوق الانسان في كونيتها.ان هجوم السيد الحسن صبير على مواقف النهج هو ردة حقوقية لن تشفع له في الدفاع على مغربية الصحراء.
– حين يتساءل صاحب الرسالة عن كيف لا يتميز موقف النهج الديمقراطي عن موقف النظام الجزائري فهو تساؤل مضلل غير مقبول.وفيه من الارهاب الفكري ما يجعلنا نستنكره لان صبير الحسن يعلم جيدا حقيقة موقف النهج الديمقراطي ومن قبله موقف منظمة الى الامام المستقل والمبني على اساس القناعة الراسخة ضد كل الانظمة المستبدة بمنطقتنا وعبر العالم.ومحاولة التشكيك في نزاهة هذا الموقف لا يعدو ان يكون تدليسا وتهييجا رخيصا لمشاعر العداء والشوفينية المقيتة.
التيتي الحبيب
20/03/2017