الرئيسية » لا حل دون إسقاط الفساد والاستبداد وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ولا كرامة دون ديمقراطية حقيقية

لا حل دون إسقاط الفساد والاستبداد وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ولا كرامة دون ديمقراطية حقيقية

بلاغ المكتب الوطني لشبيبة النهج الديمقراطي العمالي

كتبه User J
في سياق الاحتجاجات الشعبية التي قادها شباب جيل زيد 212 خلال الشهر الأخير، والتي عبّرت عن عمق الأزمة الاجتماعية الخانقة التي يعيشها المغرب، سارعت الدولة المخزنية إلى الإعلان عن زيادة في ميزانية قطاعي الصحة والتعليم، محاولةً بذلك امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد واحتواء المدّ النضالي الذي وحّد فئات واسعة من الشباب والطبقات المتضرّرة. لكن، ورغم أهمية هذه الزيادة في ظاهرها، فإنها لا ترقى إلى مستوى الإصلاح الحقيقي، ولا تمسّ جوهر الاختلالات البنيوية التي يعاني منها هذان القطاعان الحيويان. فالوضع الكارثي الذي يعيشه التعليم والصحة ليس نتيجة نقصٍ ظرفي في الموارد المالية فقط، بل هو حصيلة تراكم عقود من السياسات النيوليبرالية القائمة على الخوصصة، والزبونية، والفساد البنيوي، والتبعية للمؤسسات المالية الدولية. إن الرفع من الميزانية، في ظل استمرار نفس المنظور والسياسات والمسؤولين الذين أوصلوا القطاعين إلى هذه الحالة، لا يمكن أن يكون إلا إجراءً تجميليًا يهدف إلى تهدئة الشارع لا غير.
ثم إن ما تقدّمه الحكومة من أرقام حول “الرفع من الميزانية” ملغوم ومضلل، إذ تُدرج ضمنها بنودًا غير مرتبطة مباشرة بتجويد الخدمات العمومية، مثل دمج قطاع الرياضة ضمن وزارة التربية الوطنية، وضمّ الحماية الاجتماعية ضمن وزارة الصحة، في محاولة مكشوفة لتضخيم الأرقام وتلميع صورة إصلاحٍ غير موجود. أما على أرض الواقع، فما يزال المواطن المغربي يواجه يوميًا انهيار المنظومة الصحية والتعليمية، واستمرار الإفلات من العقاب في قضايا الفساد المالي والإداري، مما يجعل أي حديث عن “إصلاح” أو “تحسين” محض دعاية سياسية بلا أثر فعلي على حق المواطنين في تعليم وصحة عموميين مجانيين وجيدين.
إن جوهر الأزمة السياسية في المغرب لا يكمن في تمكين الشباب أو النساء من ولوج البرلمان أو مواقع القرار، كما تحاول الدولة الترويج لذلك عبر تعديلات انتخابية سطحية، بل في الاستبداد المخزني الممأسس الذي يحصّنه دستور ممنوح يكرّس الحكم الفردي المطلق، ويحوّل مؤسسات الدولة إلى واجهات شكلية بلا صلاحيات حقيقية. ففي ظل هذا الواقع، لا يمكن لأي مشاركة سياسية أن تكون ذات معنى، ما دامت الحكومة لا تحكم، والبرلمان لا يشرّع، والسلطة التنفيذية الفعلية مركّزة في يد واحدة.
إن الحديث عن تجديد النخب أو تشبيب الحياة السياسية لا يعدو كونه محاولة لإعادة تدوير الولاءات وخلق جيل جديد من الباحثين عن الامتيازات داخل بنية سلطوية مغلقة، لا تسمح بأي تغيير ديمقراطي فعلي. فالمشكل في المغرب ليس في حضور أو غياب الشباب فقط، بل في غياب الديمقراطية نفسها، وفي التحكّم البنيوي للداخلية في العملية الانتخابية، وفي دستور يفرغ مفهوم السيادة الشعبية من محتواه. ولهذا، فإن أي مسار نحو الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن يبدأ من داخل المنظومة المخزنية، بل من مشروع تحرّري شعبي، مدخله إسقاط الاستبداد وبناء دستور ديمقراطي شكلاً ومضمونًا، يكرّس الفصل الحقيقي بين السلط، ويجعل الشعب مصدر السلط وصاحب السيادة الفعلية. بدون ذلك، سيظل أي تعديل أو إصلاح سياسي مجرد مسرحية لإعادة إنتاج نفس النظام بوجوه جديدة، دون أي رهان مجتمعي على التغيير الجذري المنشود.
إن نضال جيل زيد 212 هو استمرار لنضالات الشعب المغربي ضد القهر الاجتماعي والاستبداد السياسي، وهو تعبير عن وعي جديد يرفض التهميش والوعود الفارغة، ويؤمن أن الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية لا تُمنح، بل تُنتزع.
الحرية لجميع المعتقلين السياسيين
عاشت نضالات الشبيبة والشعب المغربي
23 اكتوبر 2025

قد تعجبك أيضاً