الصفحة الرئيسية • وجهة نظرأقلام وآراء الشبيبة بدر عريش – الشباب في السياسات العمومية للدولة المغـربية

بدر عريش – الشباب في السياسات العمومية للدولة المغـربية

كتبه user B

في البدء لا بد من تحديد تعريف للشباب من زاوية ومقاربة ماركسية، تتجاوز كل الأطروحات السطحية التي تعتبر الشباب مجموعة عمرية متجانسة ولها مصالح مشتركة، فعلى العكس تماما ففئة الشباب يخترقها الصراع الطبقي، وهي ليست بالفئة المتجانسة، لأن الشباب موجود في كل الطبقات الاجتماعية.

إذن فنحن كماركسيين عندما نتكلم عن الشباب نقصد بالأساس الشباب الذي يعاني الاضطهاد الطبقي في مختلف مستوياته الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية والثقافية.

الشباب هو المخزون الرئيسي لقوة العمل، ناهيك عن صفات الاندفاع والحماس والقوة التي تميز هذه الفئة دون غيرها، لذلك تجدها دائما مستهدفة من طرف المخزن ومؤسساته (المدرسة، الإعلام…) الذي دائما يحاول تدجين هذه الفئة وقمعها وتوجيهها لإعادة إنتاج نفس شروط الاضطهاد والهيمنة والاستغلال. ولهذه الغاية نجد مجمل السياسات العمومية للدولة المغربية بخصوص الشباب تذهب في اتجاه خدمة أجندة المخزن وزيادة وضع الهشاشة للشباب، وهذا ما نجده في القطاعات الأساسية التي تهم هذه الفئة (التعليم، الشغل، الصحة، الشباب والرياضة…).

أولا: تأثير السياسات المخزنية على وضع الشباب

وضعية الشباب بالمغرب تتأثر بشكل مباشر بالسياسات العمومية للدولة، إذ أصبحت هذه الفئة الأكثر استهدافا من طرف المخزن الذي ينزل بشكل فج إملاءات الدوائر الإمبريالية العالمية (صندوق النقد الدولي، البنك العالمي..). وسأقتصر في هذه المقالة على قطاعين أساسيين هما التعليم والتشغيل لمساءلة الدولة على سياستها في هاذين القطاعين الهامين ولاستعراض وضعية الشباب ومدى تأثرهم بالسياسات العمومية للدولة.

1-السياسة التعليمية في علاقة بالشباب

في ما يخص سياسة الدولة في قطاع التعليم، نجد أن المخزن، منذ الاستقلال الشكلي، عمل على أن تحافظ المدرسة العمومية على وظائفها الإيديولوجية والسياسية ومحاربة الفكر النقدي واليساري، ليبقيها (أي المدرسة العمومية) تعيد إنتاج نفس القيم والتصورات الرجعية والتقليدية؛ وهو ما يفسر حالة الاحتقان التي كانت بين الدولة من جهة وتنظيمات التلاميذ والطلبة (النقابة الوطنية للتلاميذ والاتحاد الوطني لطلبة المغرب) من جهة أخرى.

وطبق المخزن منذ ذلك الحين مجموعة من المخططات، من مذهب بنهيمة لسنة 1966 مباشرة بعد انتفاضة 23 مارس 1965، مرورا بإصلاحات 1981 التي كانت مرتبطة أساسا بسياسات التقويم الهيكلي. بعدها وفي حدود سنة 1991 بدأ ما سمي “الميثاق الوطني للتربية والتكوين”، و”البرنامج الاستعجالي” والذي أدى إلى كوارث حقيقية في مجال التعليم، وصولا إلى ما يدبر ويمرر في أيامنا هذه ما يسمى بقانون الإطار، زد عليه قانون التعاقد الذي يشرع للهشاشة داخل قطاع التربية والتكوين.

وكنتيجة لسياسة الدولة في هذا القطاع المهم تعاني المدرسة العمومية والجامعة ومعها التلاميذ والطلبة وكذا الأساتذة، خصوصا الشباب منهم، من ضرب لمجانية التعليم وتشريع الهشاشة (التعاقد)؛ علاوة على تدني مستوى وجودة التعليم ببلادنا.

2- سياسة التشغيل في العلاقة بالشباب

ظلت سياسات المخزن المتصلة بالتشغيل مرهونة بالإملاءات الصادرة عن الدوائر المالية العالمية، إذ عمل منذ منتصف الثمانينيات على الانتقال من مسألة التوظيف في القطاعات العمومية إلى إحالة مسألة التشغيل وفتحها أمام الفاعلين الخواص، وهو ما كان واضحا بشكل جلي في دستور 2011 من خلال الفصل الـ31 الذي ينصص على أن “الدولة تعمل على تيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحق في الحماية الاجتماعية…والشغل والدعم من السلطات العمومية في البحث عن منصب عمل أو في الشغل الذاتي..”، وهو ما يشكل تراجعا عن دستور 96.

 ومازالت الدولة المغربية إلى حدود اليوم تقوم باستصدار قوانين وتشريعات تشرع للهشاشة في الشغل وتكبل الحريات النقابية (مراجعة بعض بنود مدونة الشغل، قانون التعاقد، مشروع قانون الإضراب التكبيلي، الفصل 288 من القانون الجنائي…).

هذه هي سياسة المخزن في مجال التشغيل التي تهم أساسا الشباب، حيث يعمل دائما على تطبيق ما يملى عليه خارجيا إرضاء للدوائر الرأسمالية الدولية ويشرع للهشاشة خدمة للرأسمال المحلي التبعي.

حصيلة اجتماعية كارثية للدولة المخزنية في حق الشباب في ميدان التشغيل والإحصاءات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط (أنظر التبيان أعلاه : المصدر : http://bds.hcp.ma/sectors)، إذ إن معدل البطالة خلال الربع الأول من سنة 2018 تجاوز 10.5 في المائة.

ثانيا: أي دور للشبيبة التعليمية والشبيبة العاملة في النضال على واجهة التعليم والشغل؟

إن الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشباب اليوم بالمغرب نتيجة السياسات الليبرالية للمخزن، والتي سبق وأبرزنها في ما سبق، خصوصا في قطاعي التعليم والتشغيل، تجعل مسألة توحيد النضال بين أدوات الدفاع الذاتي الشبيبي (التلاميذ، الطلبة، المعطلين، الشبيبة العاملة…) أكثر استعجالا وملحاحية. لكن يجب الإقرار بمسألة مهمة، وهي حالة الانقسام والتشتت التي تعرفها المنظمات الشبيبية المغربية وضعف تواجد القوى التقدمية المناضلة بشكل قوي داخل هذه المنظمات مع تسجيل بعض الاستثناءات.

1-الشبيبة التعليمية :(التلاميذ، الطلبة، المعطلين..)

+ لعب التلاميذ دورا مهما أيام النقابة الوطنية للتلاميذ (أبريل 1972)، حيث خاض التلاميذ مجموعة من المحطات النضالية الكبيرة، جعلتها محط موجة قمع طيلة فترة السبعينيات، أدت إلى اجتثاثها سنة 1976. دون أن ننسى الدور الذي لعبته الحركة التلاميذية خلال ثمانينيات القرن الماضي، خصوصا خلال انتفاضتي 1981 و1984.

خلال مرحلة 20 فبراير المجيدة برزت مجموعة من التحركات التلاميذية المطالبة بتغيير السياسات التعليمية، لكن دون أن تتلمس الطريق نحو إيجاد صيغة تنظيمية قادرة على تأطير التلاميذ واحتضان نضالاتهم.

إذن المهمة المركزية الآنية المطروحة هي بناء التنظيم الذاتي للتلاميذ وربط نضالاتهم بنضالات الحركة الطلابية.

+ لا يختلف اثنان على الدور الريادي الذي كان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يلعبه ليس فقط في الدفاع عن المطالب المادية والمعنوية للطلبة، لكن بربط نضالات الحركة الطلابية بنضالات الحركة الجماهيرية. من هنا تبرز مهمة أساسية، ألا وهي إعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب عبر عقد مؤتمر استثنائي.

+للنظام السياسي بالمغرب باع طويل في الجرائم السياسية والقانونية التي ارتكبها في حق المعطلين، خصوصا بعد خفوت حركة 20 فبراير المجيدة، حيث اشتد القمع المخزني ضد حركة المعطلين وكل الحركات المناضلة على واجهة البطالة.

علاوة على عامل القمع والحصار الذي فرضه المخزن على حركة المعطلين، عرفت موجة انقسامات تنظيمية ما بين الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب من جهة والمجموعات من جهة أخرى. لكن رغم ذلك يجب العمل على توحيد حركة المعطلين وخلق تنسيق جبهوي على غرار ما تم سنة 2013 عندما تم تشكيل: “الجبهة الوطنية الموحدة ضد البطالة”، حيث نظمت مسيرة يوم 06 أكتوبر 2013 إلى جانب الشبيبة العاملة المغربية.

هذا التنسيق بين حركة المعطلين والشبيبة العاملة المغربية يجب على القوى الديمقراطية والتقدمية العمل على إحيائه لأنه يشكل جوهر النضال على واجهة الشغل والبطالة.

2-الشبيبة العاملة :

إن الشبيبة العاملة لا تشكل الاستثناء، فهي الأخرى منقسمة شأنها في ذلك شأن الانقسام الذي تعانيه الطبقة العاملة المغربية. لكن تبقى الشبيبة العاملة المغربية التابعة للاتحاد المغربي للشغل أبرز وأقدم تنظيم شبيبي يؤطر العمال/ات الشباب، كما تستطيع أن تلعب دورا محوريا في توحيد نضالات الشبيبة المغربية على واجهات مختلفة، خصوصا على واجهة التشغيل والبطالة. كما أن داخل الشبيبة العاملة المغربية تنشط مجموعة من التنظيمات الشبيبية المكافحة في طليعتها شبيبة القطاع الفلاحي القطاع الموازي للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، يمكنها كذلك المساهمة إلى جانب تنظيمات شبيبية عمالية أخرى في العمل على ملفات مطلبية موحدة تهم الشباب العامل.

هنا كذلك لا يجب أن ننسى الدور الذي تلعبه التنسيقيات (تنسيقية الأساتذة المتدربين، تنسيقيات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد…) في النضال على واجهة الشغل والهشاشة.

على سبيل الختم:

إن الرد على سياسات المخزن المعادية لمصالح الشباب تقتضي توحيد النضالات الشبيبية وربطها بالنضال الشعبي العام، وهو ما لن يتأتى دون بناء جبهة ديمقراطية تقود النضالات الشبيبية وتعطيها آفاق أوسع خدمة للنضال العام ضد المخزن وسياساته اللاشعبية واللاديمقراطية.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

المراجع :

– ورقة حول الشباب والتعليم الصادرة عن المؤتمر الوطني الرابع لشبيبة النهج الديمقراطي

 – ورقة حول الشباب والتشغيل الصادرة عن المؤتمر الوطني الرابع لشبيبة النهج الديمقراطي

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا