الصفحة الرئيسية • وجهة نظرأقلام وآراء الشبيبة هل يشكل البرلمان في المغرب منبرا للدعاية الثورية ؟

هل يشكل البرلمان في المغرب منبرا للدعاية الثورية ؟

كتبه user B


لقد صدق لينين ذات يوم حينما قال لو أن البديهيات الهندسية كانت تصدم مصالح الناس، لسعوا بكل تأكيد، إلى دحضها، في وقت كان مذهب ماركس يتعرض الى حملة من التشويه ومحاولة اسدال أتربة الانتهازية و الانبطاح على جوهر هذا المذهب العلمي : أي الديالكتيك المادي .

واليوم كذلك مثل الامس تقريبا يتعرض مذهب لينين الى محاولة تحنيط واستبدال جوهره الحي الذي يقوم على التحليل الملموس للواقع الملموس، بمقولات جاهزة تعبر عن استفحال النزعة الدوغمائية بشكل لابأس به في صفوف اليسار عموما واليسار الثوري بصفة خاصة . ففي اعتقادنا أنه لا يكفي ترديد مقولات محفوظة عن ظهر قلب دون تحليل لمجمل الشروط التي انتجت تلك الافكار أو المشاريع أو التكتيكات ، فالأفكار و المشاريع و الخطط و التكتيكات لا تأتي من السماء أو من الكتب بل من قلب الممارسة العملية الهادفة الى تغيير الواقع وهي مشروطة بالظروف التي أنتجتها، وما ماركس أو لينين أو ماو أو غيرهم من القادة الشيوعيين إلا صدفة حققت ضرورة تقديم الاجابات النظرية و العملية على تقدم حركة الصراع الطبقي .
هناك حكمة قديمة تقول ” لا يجب بري القدمين لكي يلائما الحذاء ” فهناك العديد من المناضلين – ات ينطبق عليهم هذا المثال الشهير، فكيف يمكن لأنسان أن يتصور أنه يمكن أن يقلص من قدميه أو يقتطع جزءا منهم لكي تلائم حدائه ، والمقصود هنا بالحداء هو النظرية والقدمين الواقع الموضوعي فهل يمكن بثر أو تقليص الواقع لكي يلائم النظرية ؟ لا بالطبع ! ” فالمبادئ ليست نقطة البدء في البحث ، وإنما نتيجته الختامية ،وهذه المبادئ لا تنطبق على الطبيعة و التاريخ الانساني وإنما تجرد منهما وليست الطبيعة و البشرية هما اللتان تطابقان المبادئ ،بل العكس هو الصحيح ، فالمبادئ لا تكون صحيحة الا بقدر ما تكون متفقة مع الطبيعة و التاريخ ” انجلز
إن النقاش الدائر اليوم في صفوف الماركسيين المغاربة بصدد الموقف الذي وجب على الثوريون و الثوريات اتخاده اتجاه انتخابات دولة المخزن ، لا يخلوا من هذه النزعة الدوغمائية التي لا تنطلق من الواقع وتجرد منه المبادئ / القوانين التي تحكم صيرورة تطوره وانما ” تقلب العلاقة الواقعية رأسا على عقب ، وتبني العالم الواقعي من الافكار ، ومن المخططات المنطقية ،أو الظلال او المقولات الموجودة ربما منذ الازل “( انجلز ) فماهي المبررات التي يتقدم بها بعض الماركسيين لدعوة أحد أطراف اليسار الجذري الى المشاركة في الانتخابات وجعل البرلمان منبرا للدعاية لمشروع الطبقة العاملة وعموم الكادحين ؟ إننا هنا لن نتناول جانبا من اليسار والذي تعبر عنه فيدرالية اليسار سياسيا والذي في اعتقادنا مصاب بهلوسة الاوهام الدستورية عن ” اصلاح النظام من داخل مؤسساته ” و ” استغلال البرلمان لمحاربة الفساد ” ، وإنما ما يهمنا هو موقف بعض الماركسيين الذي ينتقدون موقف النهج الديمقراطي الداعي الى مقاطعة الانتخابات ، وهم كذلك يتوهمون باستغلال البرلمان لجعله منبرا للدعاية للمشروع الثوري !
كيف عمق بعض الماركسيين الرفيق لينين !
إن أغلب المنتقدين للنهج الديمقراطي بصدد موقفه من الانتخابات بما هو موقف المقاطعة الايجابية أي النزول عند جماهير العمال و الفلاحين والكدح وتصريف ذلك الموقف ، عبر تربية الجماهير على ممارسة حقها في التعبير والتنظيم ، والدعاية وسطها وشرح أسباب وضعها البئيس والسبل لتجاوزه ، وكذلك التعلم من الجماهير عبر الانصات لها ، والاستماع الى انتقاداتها وملاحظاتها بما فيها الانتقادات الموجهة للنهج الديمقراطي، وجمع تلك الافكار وتحليلها ومحاولة رصد المزاج الشعبي السائد …
قلنا أن أغلب الحجج التي يحاول بعض الماركسيين جلبها بهذا الصدد هو موقف البلاشفة خلال ثورة 1905 والتكتيكات التي تكلم عنها لينين والتي ترصد التحليل الملموس لواقع الصراع الطبقي في روسيا في تلك الفترة بحيث نجد لينين يرصد خلاصة التجربة البلشفية في الاشتراك في البرلمانات في صراعه مع ” اليساريين ” الالمان على الشكل التالي : ” لقد اشتركنا نحن البلاشفة في أشد البرلمانات عداء للثورة، وقد برهنت التجربة أن مثل هذا الاشتراك لم يكن مفيدا وحسب، بل كان ضرورياً أيضاً لحزب البروليتاريا الثورية، بالضبط بعد الثورة البرجوازية الأولى في روسيا (1905) من أجل التحضير للثورة البرجوازية الثانية (فبراير 1917) وبعد ذلك للثورة الاشتراكية أكتوبر.” 1917
إن الطريف في أصحاب تلك المقتطفات هو أنهم لا يؤمنون بشيء اسمه ثورة ديمقراطية ذات طابع برجوازي تقودها الطبقة العاملة في تحالف مع كل الطبقات الشعبية المناهضة للإقطاعية و البرجوازية العميلة والامبريالية والتي نطلق عليها نحن في النهج الديمقراطي بالدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية ، تعبد الطريق للثورة الاشتراكية بل يرون أن المهمة – على الاقل قولا – المباشرة للطبقة العاملة هي الذهاب رأسا نحو الثورة الاشتراكية لكن لا يرون هذه الامور في المقتطفات – وهذا مظهر من مظاهر الدوغمائية وسنعود لهذا الموضوع في مقال مستقل …
إن الخطأ الاول الذي يسقط فيه هؤلاء هو تغييب الشروط التاريخية التي انتقد فيها لينين النزعة الطفولية وسط الاحزاب الشيوعية وموقفهم الصبياني القائل ” لا مساومة ” ولا للاشتراك في النقابات والبرلمانات الرجعية ، وبهذه الشعارات ” يريدون على وجه الضبط، بهذه الطريقة» البسيطة«، و»الهيّنة«، والمزعوم أنها ثورية، ان » يحلوا « المهمة الصعبة، مهمة النضال ضد النفوذ البرجوازي الديموقراطي داخل حركة العمال “( لينين – مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية )
إن ظروف الصراع الطبقي في ايطاليا والمانيا وبريطانيا والتي تتميز بسيادة الديمقراطية البرجوازية وتقاليد ديمقراطية – برجوازية طبعا- عريقة بما تعنيه من حرية الرأي و التعبير والتداول حول السلطة وحرية تنظيم المظاهرات و التجمعات واصدار الصحف ، ولدت داخل الاحزاب الشيوعية نزعة حادة نحو الميل الى البرلمانية والمجالسية – نسبة الى المجالس البلدية المحلية – وقد كان الارث الكاوتسكي ينزل بثق ثقيل على أدمغة اليساريين الالمان حيث أن النزعة البرلمانية أو الإستوزارية التي تبناها مؤتمر الأممية الاشتراكية في باريس عام 1900 كمقترح مقدم من طرف كاوتسكي والتي تقول أنه ” في الدول الديموقراطية المعاصرة، لا يمكن أن يكون انتزاع البروليتاريا للسلطة السياسية مجرد عمل انقلابي، لكن يمكن فقط أن يكون نتيجة لعمل طويل وشاق لمنظمات البروليتاريا السياسية والاقتصادية، نتيجة لتجددها المادي والمعنوي، وانتزاع المقاعد الانتخابية خطوة بخطوة في الجمعيات التمثيلية والهيئات التشريعية في المجتمع …” إن خطورة هذه الموقف التوافقي الداعي الى الاعتماد بشكل رئيسي على العمل البرلماني الدعائي الذي يكون فيه ” الوزير الاشتراكي مندوباً عن حزبه” والذي عارضه بليخانوف وروزا لكسومبورغ بقوة انعكس سلبا على الحركة الاشتراكية الديمقراطية في أوربا ابان اندلاع الحرب العالمية الاولى حيث نادت جل الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية بضرورة ” تعليق” الصراع الطبقي و” الدفاع عن وطن الاسلاف ” وانحازت الى جانب برجوازية بلدانها في اطار التعاون الطبقي ، إن هذه النزعة الاصلاحية الجديدة ولدت كرد فعل صبياني يسراوي هجر النقابات وبعض المؤسسات التمثيلية كالجمعيات المهنية و المجالس المحلية و البرلمان بدعوة أنها ستؤدي لا محالة الى كاوتسكية جديدة لا سيما بعد انتصار الثورة البلشفية ، هذا الهجر ادى الى هيمنة الانتهازية على العمال داخل النقابات و تسييد الاوهام الدستورية مما كان له الاثر العميق على تصفية التجربة الرائدة في ايطاليا والمانيا وارتكاب مجازر في حق الشيوعيين-ات داخل هذه البلدان قبيل ح ع2.
فهل فعلا تلك الشروط التاريخية التي تحدث عنها لينين هي متوفرة في البرلمان في المغرب ، في ظل نظام مخزني قروسطي لا مهمة له أو فيه – حتى لا يتهمنا البعض بالرهان على هذه المؤسسة – سوى تزيين الواجهة الرئيسية للديمقراطية المخزنية القائمة على الحكم المطلق ومصادرة أبسط مظاهر الحريات السياسية و النقابية ، لكن هذا لا يجب أن ينسينا أن المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات لا ترتكز بالاساس بطبيعة النظام القائم و”ديمقراطيته” ودستوره ومؤسساته. فقد ساهم البلاشفة مثلا في برلمانات ترتكز إلى دساتير أكثر رجعية من مثيلاتها في المغرب وفي ظل النظام القيصري الأوتوقراطي ، بل المقاطعة أو المشاركة تستند بالاساس الى أي يحد يخدم هذا التكتيك تطور الصراع الطبقي والحركة الجماهيرية في تلك اللحظة التاريخية المحددة .
وجب الاشارة الى أن التكتيك لا يعتمد وفقط على تحليل الشرط الموضوعي أو بلغة اخرى طبيعة النظام القائم والطريقة التي يدير بها انتخاباته ، بل يعتمد كذلك على مستوى الوعي السياسي وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين وتطور نضال الحركة الجماهيرية وثقة أو عدم ثقة الجماهير في مؤسسات النظام وشرعيته ، ومن هنا ينبثق اشكال اخر، فما دمتم تقولون أن ” المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات لا ترتكز بالاساس بطبيعة النظام القائم و”ديمقراطيته” ودستوره ومؤسساته ” فلماذا المقاطعة اذا ؟ وبصيغة اخرى أو كما يطرب اذاننا بعض الماركسيين جدا
” قاطع البلاشفة الانتخابات ثم شاركوا فيها، هل قاطعوها لأن القمع كان متواصلا والانتخابات لم تكن نزيهة وما إلا ذلك من الاعتبارات التي تدفع النهج الآن للمقاطعة؟ وهل شاركوا فيها سنة 1907 لأن القمع لم يعد وصارت الانتخابات نزيهة والبرلمان صار يمتلك صلاحيات حقيقية؟ كلا ! لم يقاطع البلاشفة سنة 1905 الانتخابات بسبب الطبيعة الرجعية للبرلمان، كما لم يشاركوا فيها لأنه صار برلمانا تقدمي”
ويضيفون كذلك : ” كن بمجرد ما استوعب البلاشفة أن الثورة قد بدأت تتراجع وأن الانتفاضة المسلحة أصبحت خارج جدول الأعمال غير لينين موقفه في غشت 1906، وأيد موقف المشاركة في الانتخابات، بل وصل به الأمر للتصويت، في مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي في 1907 مع المناشفة ضد البلاشفة ! ” ( من مقال : المغرب ما هو موقف الماركسيين من الانتخابات؟ لرابطة العمل الشيوعي )
وجب الاشارة الى أن اصحاب المقال رغم ذلك يقدمون تحليلا متقدما عما تقدمه مثلا جريدة المناضل-ة غير أنهم يسقطون في نفس النزعة التي تحدثنا عنها سابقا أي ” بري القدمين لكي يلائما الحذاء ” فأين يكمن خطئهم بالضبط ؟
في خضم تقييمه لتكتيك البلاشفة ابان ثورة 1905 وخلال صراعه مع أكسلرود وبليخانوف حدد لينين أهم الظروف التاريخية التي حتمت على البلاشفة مقاطعة دوما بوليغين (1905) وقد صاغها على الشكل التالي : ” لم تكن المقاطعة نضالا داخل مؤسسة معينة، بل ضد ظهور تلك المؤسسة وبشكل أوسع ضد تحقيقها ” وقد انتقد لينين المناشفة الذين يحاولون كما يفعل البعض عندنا جلب التكتيك من الكتب وخاصة التجربة الالمانية ” فاكسيلرود وبليخانوف قد »خرجا عن الموضوع « أو بعبارة أخرى، عوضا المشكل التاريخي المطروح على القوى المناضلة بمشكل مستمد من آخر طبعة لكتاب اشتراكي-ديموقراطي ألماني” فالمقاطعة كانت بنظر البلاشفة تستند في التحليل الى ثلاث مرتكزات اساسية :
• محاولة الحكم المطلق الالتفاف على مطالب العمال و الفلاحين والجنود بتقديم تنازل ” تاريخي” لم تشهده روسيا من قبل وهو منح دستور وتأسيس أول برلمان في تاريخ روسيا كتكتيك ينحني للعاصفة، فقد قاطعه البلاشفة للإجابة عن الاشكال التالي ” هل السلطة القديمة هي من سيقوم بدعوة أول مؤسسة تمثيلية في روسيا، مما سيضع الثورة على الطريق الملكي الدستوري لفترة(قصيرة جدا أو طويلة نسبيا، فمن يدري)؟ أم أن الشعب هو الذي سيكنس أو يزعزع، في أسوأ الحالات، السلطة القديمة بهجوم مباشر وينتزع منها امكانية السير بالثورة على طريق ملكي دستوري ويضمن (ودائما لوقت طويل إلى هذا الحد أو ذاك) طريق النضال الجماهيري الثوري المباشر” لينين
• اندفاع ثوري عظيم عبر تمرد الجنود في الثكنات و نزول الفلاحين و العمال الى الشوارع وبناء المتاريس واستعداد للانتفاضة المسلحة
• المرتكز الثالث وهو الاهم في اعتقادنا هو ظهور نوع جديد من التنظيمات الذاتية للجماهير لها سلطات واسعة وهي مجالس العمال و الفلاحين والجنود (السوفيات) وهذه المجالس كان لها دلالات تاريخية عميقة تمثلت في ازدوجية السلطة ، حيث استطاع الثوريون والثوريات بناء سلطة جديدة داخل السلطة القديمة .
إن أوجه القصور في تحليل العديد من الرفاق-ات هو عدم قدرتهم على فهم الموقع التاريخي للسوفيتات فعلى عكس المناشفة الذين كانوا يرون في السوفييتات مجرد ادارات محلية ،كان البلاشفة وعلى رأسهم لينين يرون فيها نواة الحكم الثوري المقبل وهيئة اركان للقوات المسلحة الثورية ونادوا بالعمل داخلها – لأنها لم تكن من ابتكارهم بل كانت فكرة جماهيرية قحة – وتعميمها على كل البلاد ، بل الاكثر من ذلك استطاع لينين أن يغير المفهوم الماركسي السائد جذريا عن طبيعة السلطة الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين على عكس ما ساد في صفوف الماركسيين من قبل حيث كانوا يعتبرون أن ” الجمهورية الديمقراطية … هي الشكل الملائم بصورة خاصة لديكتاتورية البروليتاريا )” انجلز – ي نقده لبرنامج ارفورت سنة (1891 لكن مع ظهور السوفييتات عوض شكل السلطة من الجمهورية البرلمانية الى الجمهورية السوفياتية .
بعد هزيمة ثورة 1905 وخفوت ذلك الاندفاع الجماهيري المهيب قرر البلاشفة العمل داخل مجلس الدوما وهذه المشاركة ايضا ارتكزت الى عاملين اساسين :
• الدعاية و التحريض للتوضيح للشعب العلاقة بين هزيمة ديسمبر1905 والأفول الذي ستشهده الحرية وكذا تدني مكانة الدستور. وضرورة ترسيخ لدى الجماهير القناعة بأن ذلك التدني سيستمر ويتقوى حتما في غياب نضال جماهيري مباشر. وبعبارة اخرى كان هدف البلاشفة هو تبيان حقيقة الطريق المنعرج الذي ارادته القيصرية ابان صعود ثورة 1905 أي أن الحرية السياسية تأتي من الثورة الجماهيرية وليس من المؤسسات التمثيلية كما كان ينشر المناشفة انذاك
• أن هذه المشاركة تستند في تمثيليتها على سلطة بديلة رغم أنها تعرضت للقمع و محاولة التكسير وهي السوفييتات فالدوما كان تمثل فرق برلمانية مندوبة عن مجالس العمال و الفلاحين والجنود .

كيف يريد بعض الماركسيين اليوم ” بري ” الواقع المغربي لكي يلائم مشاركة البلاشفة في الدوما !

كيف يريد بعض الماركسيين اليوم ” بري ” الواقع المغربي لكي يلائم مشاركة البلاشفة في الدوما !
بعدما استحضرنا مجمل الشروط الذاتية والموضوعية التي دفعت البلاشفة الى تبني موقفي المقاطعة أو المشاركة في الدوما فلنحاول رصد الاشكال التالي : هل يشكل البرلمان في المغرب منبرا كم يدعي البعض للدعاية للمشروع الثوري ؟
إن أول شيء وجب لفت الانتباه له هو أن الانتخابات في المغرب تمر في بلد يسوده نظام الاستعمار الجديد تتحكم فيه كتلة طبقية سائدة ترعى مصالح الامبريالية العالمية وليس لها استقلال ولو جزئي في قراراتها الاقتصادية و السياسية . اضافة الى ذلك لا يجب أن ننسى أن في المغرب ازدواجية للمؤسسات فمن جهة نجد مؤسسات ” عصرية ” كالبرلمان هو عبارة عن غرفة تسجيل للمؤسسة الملكية ومحيطها وانتخابات تمر في جو من الارهاب و الاعتقالات ومصادرة حق المقاطعين في التعبير عن رأيهم . و بالمقابل نجد مؤسسات تقليدية وغير منتخبة وغير خاضعة لأي محاسبة أو مراقبة شعبية أو حكومية موروثة عن القرون الوسطى .
1 – إن مشاركة البلاشفة في دوما ما بعد 1906 كان نتيجة لتنازل القيصرية الشكلي طبعا عن مؤسسة جلبتها ثورة 1905 الفاشلة ، عكس ما وقع في المغرب فمنذ سنة أول وثيقة دستورية لسنة 1908 المقدمة من طرف علماء فاس وممثلي البرجوازية التجارية الناشئة والتي حاولت إقامة نظام ديمقراطي دستوري يستند الى مجلس منتخب يقر بالحريات وعلى رأسها حقوق الانسان والتي تم اجهاضها من طرف الامبريالية الفرنسية بعد تولي السلطان العلوي المولى يوسف ، دخلت العملية الدستورية في صراع بين الحركة الوطنية و القصر المدعوم من طرف فرنسا . وبعد سنة 1956 شكل الصراع حول من يحقق الدستور و من يجلب أول مؤسسة تمثيلة في المغرب بين ثلاث اقطاب اساسية حزب الاستقلال وجيش التحرير الوطني والمؤسسة الملكية ، في ظل غياب حزب ثوري يعبر عن مصالح البروليتاريا المغربية و الفلاح الفقير جاءت الوثيقة الدستورية من طرف القصر والتف على مطالب الشعب المغربي في ما عرف بوثيقة “العهد الملكي” لسنة 1958 وعمقها دستور 1962 الممنوح الذي كرس الحكم المطلق فيما عرف بالدستور وسط الدستور ( الفصل 19) فالبرلمان جاء كتصفية الخواطر بين الحركة الوطنية والقصر في غياب تام عن الطبقة العاملة وممثيلوها الفكريين و السياسيين .
2- إن مشاركة البلاشفة في دوما ما بعد 1906 كان يستند بالدرجة الاولى عن مجالس العمال و الفلاحين ، فهل يعرف ماركسيينا اليوم على ماذا يستند البرلمان في المغرب ؟ إن الخاصية الفريدة التي يتميز بها بلدنا هو الدور الرهيب الذي تلعبه وزارة الداخلية في تنظيمها للانتخابات فهي تخلق الاحزاب ( جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية ) وتفجرها من الداخل وفي ليلة وضحاها يولد حزب يجر أغلبية المقاعد في الانتخابات . اضافة الى أن اللوائح التي تستند عليها الانتخابات هي من احتكار هذه الوزارة ، و يحكمها في تقطيع الدوائر الانتخابية الهاجس الامني بالدرجة الاولى والتحكم في عدد المقاعد المخصصة لكل حزب وهذا ما يتجلى في عجز أي حزب تشكيل ولوحده أغلبية داخل البرلمان ودائما ما نجد حكومة مكونة من محافظ وليبرالي واشتراكي – قولا وشوفيني فعلا- كطبخة خاصة بالمغرب وحده لا شريك له .
3- إن من يحاول أن يوهم نفسه بإمكانية جعل قبة البرلمان للدعاية الثورية – في أيام الجزر كما يقولون لأن أيام المد الجماهيري ستتم المقاطعة على حسب الادعاء- لا يعرف صراحة ما يحاك في داخل هذه المؤسسة وفي ظل غياب مجالس شعبية قادرة على الضغط من الشارع لفرض قرراتها ودعم نوابها في البرلمان ستظل الكتل الرجعية داخل البرلمان هي من يحدد جدول أعمال هذه المؤسسة وسيكتفي “ثوار” الدعاية العمالية بطرح الاسئلة إن هم منحو فرصة لا تتجاوز 30 ثانية في الشهر فيا لها من دعاية ثورية تبشرون.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا