الصفحة الرئيسية قضايا وطنيةحقوق إنسان مناضل يسائل “قيم” الجمهورية برسالة مفتوحة إلى ماكرون

مناضل يسائل “قيم” الجمهورية برسالة مفتوحة إلى ماكرون

كتبه user B

الرباط في 25 أكتوبر 2020

الحسين العنايت

السيد رئيس الجمهورية الفرنسية،

تحية طيبة وبعد،

اسمحوا لي بداية ان اعبر لكم عن استنكاري لما طال السيدة بريجيت ماكرون من قدف وشتم وهي لا تتحمل أي مسؤولية في الجمهورية الفرنسية.

استنكر هذه الأفعال ليس لكونها زوجتكم بل لأنها امرأة ونحن في المغرب رضعنا التقاليد والثقافة الامازيغية التي تقدر المرأة وترفع بمكانتها.

أتقدم كذلك بتعازي الحارة لعائلة الأستاذ سامويل باتي وللشعب الفرنسي وأندد بالعملية الاجرامية التي ذهب ضحيتها.

السيد الرئيس،

أعلنتم في خطابكم على أنكم تصممون العزم في الدفاع عن مثل الجمهورية الفرنسية في وجه “الإرهاب الإسلامي

اسمحوا السيد الرئيس أن ألاحظ غياب الدقة في كلامكم. عن أي مثل للجمهورية تتكلمون؟ هل هي المثل المستمدة من الثورة الفرنسية لسنة 1789 والمتضمنة في “اعلان حقوق الانسان والمواطن” ام عن مثل جمهورية نابوليون بونابارت الذي ذهب في حملة الى مصر لغزوها تحت دريعة نشر “ثقافة الانوار”؟

السيد الرئيس، هل تتحدثون عن مثل الجمهورية الفرنسية التي دخلت بالجيوش والمدرعات لإبادة شعب تونس والجزائر والمغرب؟

السيد الرئيس،

المسلمون بالمغرب الكبير لم يرحلوا من بلادهم وتهجموا على بلدكم واستنزفوا خيراتكم، كما فعلتم ونصبتم عليهم نصابين يحكمونهم باسم الإسلام.

فككتم المجال السكاني والطبيعي والبيئي للمغرب الكبير ورحلتم أبناء فلاحيه المتواضعين المؤمنين “ايمان العجائز” ووظفتموهم في استخراج المعادن لخدمة صناعتكم سواء هنا او في شمال بلدكم، وفي الضيعات التي انتزعتم أراضيها ومواردها المائية لكي تتوفر لكم أنواع الخضر والفواكه وما أنتم في حاجة اليه من قمح وقطنيات وزيوت لتغذية جيوشكم المنهمكة في استعمار دول افريقيا وأسيا. وبالمناسبة فالجنود الذين انتصروا على النازية بإيطاليا كلهم من المغاربة .

السيد الرئيس،

تستنتجون مما سبق ذكره انكم أنتم الذين تهجمتم علينا وبالتعريف الدولي المعاصر مارستم علينا الإرهاب. نحن لم نذهب عندكم طوعا. فنحن من يجب ان نشتكي من “مثل جمهوريتكم“.

السيد الرئيس،

كما تعلمون، فشعوب المغرب الكبير قاومت كل الغزوات التي تأتيها من شمال البحر الأبيض المتوسط منذ عهد الرومان. وهنا اريد ان أخبركم بأن الأمازيغ لا يسمونكم “فرنسيين” بل “رومانيين” لان ذاكرة المقاومة لهذا الشعب حافظت على ويلات غزوات الرومان، واستمرت تلك الذاكرة منذ القرن الرابع الميلادي لما طرد الرومان الى نهاية القرن التاسع عشر لما أعاد الفرنسيون الكرة لاستعمارنا. لهذا فحضوركم في المغرب الكبير لم يكن مرحبا به لأنكم لم تطلبوا الضيافة بل استوليتم على الدار واسكنتمونا الحضيرة. على هذا الأساس كانت المقاومة الجريئة كما حصل مع الرومان. بما انكم استمتعتم بالحليب العذب رفضتم ان تتخلوا عن البقرة. أبرمتم اتفاقيات يتم بموجبها الحفاظ على مصالحكم.

ففي الأمكنة التي وجدتم فيها فلول الاقطاع والقرسطوية نصبتموهم ووفرتم لهم الحماية واعطيتموهم الشرعية، أما في الأماكن التي كانت عصية عليكم تأمرتم وحاصرتموها لكي تكون السيادة منقوصة والاقتصاد تبعي والثقافة ذيلية.

السيد الرئيس،

في ظل الاستعمار كما في إطار التبعية هجرتم مئات الالاف من الفحول الشبان للاشتغال بمعاملكم ولبناء طرقكم ولاستخراج معادنكم ولقطف خضركم وفواكهكم ولكنس شوارعكم وازقتكم.

كيف استقبلتم هؤلاء؟ في أي احياء اسكنتموهم؟ أي تأطير ثقافي وتعليمي واجتماعي وترفيهي ورياضي وفرتم لهم ولأبنائهم؟

لكي لا اطيل عليكم احيلكم على كتاب الفرنسيين السيدة فضيلة عمارة والسيدمحمد عبدي الذي صدر سنة 2006 تحت عنوان “حثالة الجمهورية” يا لها من صدفة !

السيد الرئيس،

الى حدود 1975 لم نسمع عن “الإرهاب الإسلامي” كنا نسمع فقط “بونيول“.

هذا البنيول لما بدأ الجيل الثاني منه يعي بوضعه واخد ينخرط في النقابات للدفاع عن مطالبه خاصة في معامل رونو التي يتواجد بها المغاربة بكثرة جاءتكم فكرة جهنمية وهي ان تستوردوا أئمة من المغرب الكبير يسهرون على المساجد التي وفرتهم رونو كي يؤطر فيها العمال المغاربة بهدف إبعادهم عن العمل النقابي بدعوى ان نقابة س ج ت الفرنسية يهيمن عليها الشيوعيون، وان الشيوعية تدعو الى الالحاد. اين هي مثل جمهوريتكم؟

اين هي العلمانية التي تضع الأديان والالحاد على نفس المستوى؟ بخصوص هذه النقطة فمدير الموارد البشرية لشركة رونو في تلك المرحلة هو الذي افصح عن هذه المعلومة لوسائل الاعلام وتتوفرون على جميع السلطات التي تمكنكم من التحقق في الامر.

بالمناسبة نفس الخطة وخلال نفس الفترة اتبعها الاستراتيجيون في الإدارة الامريكية لمهاجمة الاتحاد السوفياتي، حيت اعتبروا ان الأرثودوكسية ليست ضد الشيوعيين صراحة، فل نتوجه الى جمهوريات اسيا الوسطى المسلمة نظرا للموقف السلبي للمسلمين من الشيوعية. استعلاماتكم تعرف في الموضوع أكثر مما اعرفه انا المواطن العادي.

السيد الرئيس،

هل فعلا تجهلون ما يجري منذ الثمانينيات وعن قصد في تلك الاحياء “ترانزيت” للعمال-الذين لم يبقوا مهاجرينبل اصبحوا فرنسيين مثلكم؟

السيد الرئيس،

من المستحيل الا تكونوا بعلم بملايير من الاورو التي استثمرت عبر العالم لصناعة دين يتلاءم مع مصالح أوروبا الغربية وامريكا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

فإلى يومنا هذا انتم تعتبرون “جنود الحرية” أولئك الذين تكونوا عندكم او عند الأنظمة المستبدة صديقاتكم، وهاجروا ،ولا اظن ان ذلك قد حصل بجهل من مخابراتكم، الى العراق وسوريا ولربما سيوظفون في أماكن أخرى.

السيد الرئيس،

هذا الدين الذي تشتكون منه ليس هو “دين الاسلام ” انه دين صنعه حلفكم المالي والبترولي والعسكري، دين تريدون به ان تبقى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا منهكة بالفتن وطيعة لأوامركم.

لا اظن انكم تجهلون مضامين الكراهية التي ينطق بها فقهاء المستبدين الذين تلتقي مصالحهم بمصالحكم لكن في اطار التبعية لكم والتي اصبحتم مدمنين عليها منذ ان تخليتم عن مثل الثورة الفرنسية

السيد الرئيس،

انتم محقون في الدفاع على ما تبقى لكم من ارث الثورة الفرنسية: حرية التعبير.

لكن لكي نثق بخطابكم في الموضوع، ندعوكم الى سحب الدعم للأنظمة المستبدة التي تساعدكم على نشر دين المخابرات وسط شبابنا

السيد الرئيس،

لا يخفى عليكم  تاريخ الأديان وتاريخ الشعوب.

فحرية المعتقد وانتقاد الدين المسيحي بالخصوص لم تدرسوه على يد جينجيس خان الماغولي، بل هو ناتج عن سيرورة تاريخية ابتدأت بصراع الفلاحين الأوروبيين مع ظهور البروتيستانت ضد الكنيسة والاقطاع. هذا الصراع هو ما وفر شروط ظهور أرضية خصبة لحرية المعتقد والفكر والرأي اعتنقها المجتمع.

السيد الرئيس،

أخيرا وليس آخرا، انتم تعرفون تاريخ الإسلام جيدا فمؤرخو العلوم الموضوعيين أحصوا وعلى امتداد 5 قرون، من القرن 10 الى القرن 15 ، أنه على رأس كل خمسين سنة، العالم النابغة في ميدان ما من العلوم والفلسفة والرياضيات كان عالما من العالم الإسلام.

لهذا فأنتم تعلمون أن لدينا تاريخ نعتمد عليه ولدينا طاقات شابة طموحة ونتوفر على قوى مجتمعية نشطة رغم محاصرتها من طرف الاستبداديين الذين تناصرونهم من اجل المال والموارد الطبيعية والقواعد العسكرية… لهذا فمناقشة الدين الإسلامي ونقده والنبش في حياة رسوله… هو شئننا نحن أولا. تماما، كما كان شأن الدين المسيحي شأن شعوب أوروبا في نهاية القرن 15.

السيد الرئيس،

أتمنى أن أكون قد أوصلت لكم رسالتي بكل اللباقة التي تستحقونها كرئيس جمهورية فرنسا التي تضم الملايين من أبناء شعبنا الذين يستحقون أن تحفظ كرامتهم ليس كضيوف عندكم بل في اغلبهم كمواطنين فرنسيين يجب أن تحفظ كل حقوقهم المادية والمعنوية والثقافية،

وتقبلوا فائق التقدير والاحترام    

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا