لست عدمية ولكن لابد من الرد
العلاج طبقي في ظل نظام طبقي
السائحة الفرنسية sabine Joga زوجة المغربي الملقب بالحسين تتماثل للشفاء وترسل رسالتين الى الشعب المغربي:
الرسالة الأولى تشكر فيهه الدولة المغربية والطاقم الطبي الذي سهر على علاجها وتستدرك في رسالتها ما صرحت به في الفيديو الاول الذي انتقدت فيه الوضع الصحي بالمغرب المتصف بالاهمال وسوء الخدمات الصحية المقدمة. الكل يعلم أن بعد انتشار الفيديو المصور في مستشفى الحسن الثاني بأكادير حيث كانت تتلقى العلاج وبعد الضجة الذي أحدثته، سارعت وزارة الصحة الى استدارك الأمر بعد الفضيحة ونقلت على وجه السرعة المريضة وزوجها إلى إحدى المصحات الخاصة حيث تم علاجها، وبعد نجاح العلاج صابين تريد أن تشكر الدولة على كل الجهود التي عملتها من أجل إنقادها من الموت المحقق وتقول أنها جد محظوظة لأنها بقيت في المغرب وأن المغرب يتوفر على خدمات صحية متطورة وذات جودة. وبررت سوء المعاملة التي لقيتها بالضغط النفسي لدى العاملين بالمستشفى وسوء الفهم لما يجري.
في الرسالة الثانية تقول أن كورونا فضحت عن زيف الرأسمالية وقيم الفردانية وأن الأمور سوفف تتغير حتما، لأن النظام القديم سينهار وسيعلن عن ميلاد نظام جديد حيث الحب والسلام، كما أن كورونا ستعلمنا العيش المشترك نقيض الليبرالية والفردانية والانانية. وأن هذا الفيروس أتى لكي ينظف الكوكب والعالم ولكي يغير المعتقدات لصالح الإنسان كما دعت إلى وحدة الإنسانية لحماية الأرض والانسان من التلوث.
لا أحد منا سيختلف مع الرسالة الثانية وهي أن كورونا حقا قد كشفت لنا عن عورة النظام الرأسمالي الجشع، الذي لا يفكر سوى في مراكمة الأرباح ضدا في مصلحة الانسان وأن ما يعيشه العالم اليوم من انهيار ليس إلا تعبير وانعكاس للسياسات العمومية اللبيرالية التي خوصصت القطاعات الاجتماعية من صحة وتعليم وجعلتهم خدمات مؤدى عنها.
وما نراه اليوم من ضعف في عدد المستشفيات عبر العالم وتقليص أعداد الأسرة ونمو عدد الوفيات في صفوف المصابين بكورونا ماهو إلا نتيجة السياسات اللبيرالية التي فضلت التسابق نحو السوق والسلاح على خدمة الانسان وتلبية احتياجاته. وبما أن المغرب بدوره ليس معزولا عن مايجري في العالم، وبكونه بلد مصنف ضمن الرأسماليات التبعية، عمل منذ عشرات سنين على نهج نفس السياسات الليبرالية من موقع التبعية للمخططات المملاة عليه من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشركات المتعددة الإستيطان، فكل البرامج المتبعة منذ التقويم الهيكلي إلى الآن عمل فيها على التخلي عن دوره في تدبير القطاعات الاجتماعية لصالح الشركات الخاصة عن طريق التدبير المفوض او بيع حصته للشركات المتعددة الاستيطان، وما نراه اليوم من تدني للخدمات الصحية ماهو إلا نتيجة لهذه السياسات التي عملت على تخفيض من ميزانية الدولة في قطاع الصحة لصالح وزارة الدفاع والقصور ووزارات أخرى هدفها المزيد من السيطرة والتحكم في مصير الشعب المغربي.
إن مافضحته العديد من الأشرطة المصورة لعدة مستشفيات حيث يتواجد المصابين بفيروس كورونا من بؤس وإهمال وغياب لأدنى شروط الكرامة والصحة هو نفس الوضع المزري الذي تم تصويره بعدسة السائحة الأجنبية “صابين” بمستشفى الحسن الثاني حيث كانت ترقد بعدما استدركت الدولة الخطأ وحولتها إلى إحدى المصحات الخاصة حيث تتوفر فيها أجود الخدمات.
صحيح أن المغرب يتوفر على خدمات صحية جيدة لكن فلتعلم “صابين” أن هذه الخدمات موجودة فقط في القطاع الخاص الذي تحظى فيه فقط طبقىة معينة من المجتمع من الاستفادة منه، في حين تبقى الطبقات الاجتماعية التي تعاني الحرمان والفقر محرومة من ولوجها نظرا لغلاء تكاليفها.
ترى ما الذي تغير؟ لقد تماثلت “صابين” للعلاج لأنها سائحة تحضى بامتيازات ليست في ملك جميع المغاربة لكن في المقابل بقيت المستشفيات العمومية على حالها، مرضى مهملين بدون مراقبة طبية وبدون مستلزمات ولا أدوية، نساء على الأرض يلدن أبناءهن على أبواب المستشفيات، ازدياد في عدد الموتى جراء أمراض بسيطة يمكن علاجها، فقدان أطفال لعدم وجود مصل عقارب، موت أجنة بسبب تأخر الاسعاف وأمثلة كثيرة يصعب حصرها هنا.
العالم سيتغير بعد كورونا لكن ليس بشكل ميكانيكي ولا بشكل طوباوي. التغيير يصنعه الإنسان بنضاله وبتضحياته ولا يأتي من السماء. فلا شيئ يعوض آهات شعوب العالم وحياة آلاف الضحايا المحجورة إلا تشييع الرأسمالية إلى نهايتها المحتومة.