الرئيسية » لا بديل عن جبهة عربية مغاربية لمناهضة الامبريالية و الصهيونية

لا بديل عن جبهة عربية مغاربية لمناهضة الامبريالية و الصهيونية

أيوب حبراوي

كتبه User J

مقال رأي : لا بديل عن جبهة عربية مغاربية لمناهضة الامبريالية و الصهيونية

أيوب حبراوي

إن واقع الشعوب في المنطقة العربية، من المحيط إلى الخليج، يُظهر وحدة مصير مترابطة تتخطى الحدود السياسية والجغرافية التي فرضتها القوى الاستعمارية. هذه الوحدة تتجسد في تشابه التحديات والمشكلات التي تواجهها الشعوب العربية، سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، حيث إن مظاهر الفقر والبطالة والقمع السياسي تكاد تكون متشابهة في مختلف الأقطار العربية. يتجلى هذا الواقع المشترك في تجارب النضال الطويلة ضد الاستعمار القديم، وكذلك في مواجهة الهيمنة الإمبريالية والاستعمار الجديد في صوره المتعددة.
إن تجارب النضال التاريخي للشعوب العربية، من ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، إلى الانتفاضات الشعبية في فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي، وإلى الثورات العربية الحديثة التي اندلعت ضد الأنظمة الدكتاتورية، تؤكد على وحدة المصير الذي يجمع هذه الشعوب في مواجهة التحديات المشتركة. فالهموم الاقتصادية، والبحث عن العدالة الاجتماعية، والكفاح من أجل السيادة الوطنية والكرامة، كلها قضايا تمس كل مواطن عربي بشكل مباشر. هذه الوحدة في المصير تتطلب وحدة في الفعل. إن تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية السياسية والتنمية الاقتصادية في أي جزء من العالم العربي لا يمكن أن يكتمل إلا إذا شمل كل أرجاء المنطقة. إن الاستعمار القديم سعى دائمًا إلى تقسيم الشعوب العربية وزرع الفرقة بينها لضمان السيطرة عليها، ولكن تاريخ النضال العربي يُظهر أن وحدة الشعوب هي السبيل الوحيد لتحقيق الحرية والاستقلال. لذلك، يصبح من الضروري اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أن ندرك أن مصير الشعوب العربية مرتبط ببعضه البعض، وأن قوتنا في وحدتنا. هذه الوحدة ليست مجرد شعارات أو أماني، بل هي حقيقة ثابتة تؤكدها تجاربنا التاريخية والمعاصرة. إن وحدة الواقع والمصير تفرض علينا التفكير في مستقبل مشترك، يعمل من خلاله العرب على بناء نظام إقليمي جديد قائم على التكامل والتضامن والتعاون. في ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري تبني استراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمنطقة. تعاني الدول العربية والمغاربية من التدخلات الإمبريالية والممارسات الاستعمارية الجديدة التي تتجسد في صور متعددة، منها الاقتصادية، والعسكرية، والثقافية. هذه التدخلات تعزز الهيمنة الخارجية وتقوض سيادة الدول، مما يجعل من الضروري التفكير في تأسيس جبهة موحدة تكون قادرة على التصدي لهذه التحديات. انطلاقًا من المبادئ الماركسية-اللينينية، يمكن القول إن النضال ضد الإمبريالية والاستعمار يتطلب تحالفات استراتيجية تستند إلى وحدة الشعوب وكفاحها من أجل التحرر.
يعد مفهوم الإمبريالية في النظرية الماركسية-اللينينية المرحلة العليا للرأسمالية، حيث تسعى الدول الرأسمالية الكبرى إلى تصدير رأس المال والسيطرة على الأسواق العالمية، مما يؤدي إلى استغلال الشعوب والموارد في الدول الأقل تطورًا. ولئن كان الاستعمار القديم يتمثل في احتلال الأراضي والسيطرة المباشرة، فإن الإمبريالية الحديثة تعتمد على أدوات ناعمة وأخرى خشنة لتحقيق أهدافها. يمكن القول إن السياسات الاقتصادية المفروضة من قبل المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تمثل شكلًا من أشكال الاستعمار الجديد الذي يكرس التبعية ويعمق الفوارق الاقتصادية.
إن تأسيس جبهة عربية مغاربية لمناهضة الإمبريالية والاستعمار يمكن أن يشكل خطوة استراتيجية حاسمة نحو تحقيق التحرر الاقتصادي والسياسي. فالمنطقة العربية والمغاربية تتمتع بموارد طبيعية هائلة، وثروة بشرية كبيرة، وتاريخ طويل من النضال ضد الاستعمار. لكن التفرقة والتجزئة التي خلفها الاستعمار القديم، واستمرار الانقسامات القطرية، وتنامي النزاعات الداخلية، كلها عوامل تقوض الجهود الرامية إلى التحرر الشامل. من هنا، تصبح الوحدة والتضامن العربي المغاربي شرطًا لا بد منه لمواجهة المخططات الإمبريالية.
تعتمد الماركسية-اللينينية على مبدأ الصراع الطبقي كوسيلة لتحليل المجتمعات وفهم العلاقات الدولية. في السياق العربي المغاربي، يمكن توظيف هذا الإطار النظري لفهم التناقضات الداخلية والخارجية التي تواجهها المنطقة. فالصراع ليس فقط بين الطبقات الحاكمة والشعوب المستضعفة، بل يمتد ليشمل صراعًا بين الشعوب العربية والمغاربية والقوى الإمبريالية. يتطلب هذا الواقع بناء تحالفات قائمة على الوحدة النضالية، وتجاوز الخلافات الثانوية، والتركيز على العدو المشترك الذي يتمثل في الهيمنة الإمبريالية والاستعمار الجديد. لتحقيق التحرر الاقتصادي والسياسي، لا بد من تبني سياسات اقتصادية بديلة تتجاوز النموذج النيوليبرالي المفروض من قبل القوى الإمبريالية. ينبغي التركيز على تعزيز الصناعات الوطنية، وتشجيع التعاون الاقتصادي بين الدول العربية والمغاربية، وتعزيز التكامل الاقتصادي كوسيلة لتقليل التبعية للخارج. كما يجب أن تكون هذه السياسات مبنية على أسس العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة بشكل عادل بين كافة فئات المجتمع، مما يضمن تعزيز الاستقرار الداخلي ويعزز القدرة على مواجهة التحديات الخارجية.
لا يقتصر النضال ضد الإمبريالية والاستعمار على الجوانب السياسية والاقتصادية فقط، بل يمتد ليشمل الجوانب الثقافية. تسعى القوى الإمبريالية إلى فرض هيمنتها الثقافية من خلال وسائل الإعلام والتعليم والفن، مما يؤدي إلى تهميش الهوية الثقافية العربية والمغاربية وإضعافها. يجب أن تلعب الجبهة العربية المغاربية دورًا فعالًا في تعزيز الثقافة الوطنية، والاهتمام بالتراث والتاريخ المشترك، وتشجيع الإنتاج الثقافي المحلي كوسيلة لمواجهة الغزو الثقافي الخارجي. من الضروري أن تستلهم الجبهة العربية المغاربية تجارب الحركات الثورية في المنطقة، مثل الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وحركة التحرير في ليبيا، والنضالات الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. هذه التجارب تبرز أهمية الوحدة والكفاح المسلح والتحالفات الشعبية في مواجهة الاستعمار والإمبريالية. كما يمكن الاستفادة من دروس الثورات الفاشلة أو تلك التي تم تحريف مسارها بسبب التدخلات الخارجية، لتجنب الأخطاء وتطوير استراتيجيات نضالية أكثر فعالية. لا يمكن للجبهة العربية المغاربية أن تنجح في مهامها دون بناء تحالفات دولية مع القوى المناهضة للإمبريالية في جميع أنحاء العالم. يجب العمل على تعزيز العلاقات مع الحركات الثورية في أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وآسيا، وتطوير تعاون مشترك يستند إلى المصالح المشتركة والنضال المشترك ضد الهيمنة الإمبريالية. كما يجب دعم النضالات الشعبية في مختلف أنحاء العالم، وتبني مواقف تضامنية تعزز من موقع الجبهة العربية المغاربية على الساحة الدولية.
إن تأسيس جبهة عربية مغاربية لمناهضة الإمبريالية والاستعمار يعد خطوة ضرورية وحتمية لتحقيق التحرر الكامل والعدالة الاجتماعية في المنطقة. بناءً على التحليل الماركسي-اللينيني، يمكن القول إن الوحدة والتضامن بين الشعوب العربية والمغاربية، وتبني سياسات اقتصادية بديلة، وتعزيز الثقافة الوطنية، والاستفادة من التجارب الثورية، كلها عوامل ستسهم في بناء جبهة قوية قادرة على مواجهة التحديات والتصدي للمخططات الإمبريالية. إن الطريق نحو التحرر طويل وشاق، لكنه يبدأ بخطوات عملية نحو بناء وحدة نضالية على أسس واضحة ومبادئ ثابتة.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا