الصفحة الرئيسية قضايا وطنيةقضايا الشبيبة المغربية سعد مرتاح : مفهوم النقابة الطلابية من وجهة نظر ماركسية  

سعد مرتاح : مفهوم النقابة الطلابية من وجهة نظر ماركسية  

كتبه user B

سعد مرتاح

تقديم:

   يعرف قطاع التعليم العالي العمومي اليوم هجوما غير مسبوق من اجل خوصصته ورهنه أكثر بيد رأسمال المال المحلي والأجنبي، يترافق هذا الهجوم مع تراجع الدولة عن العديد من التزاماتها خصوصا فيما يخص الخدمات الاجتماعية الواجب عليها توفيرها للطلبة والطالبات بالإضافة الى ضعف في بنيات التأطير البيداغوجي والاستقبال، وتعتبر الشبيبة التعليمية من أكبر المتضررين من هذا الهجوم حيث أن أغلبيتها التي تلج إلى مؤسسات التعليم العالي العمومي تنحدر من الطبقات الشعبية التي يصعب عليها متابعة دراستها دون هذه الحقوق المحرومة منها.

   الشيء الذي يحتم عليها النضال من  أجل حقوقها ودفاعا عن حقها المقدس في التعليم، وإن تنوعت أليات التي يمكن أن تخوض عبرها نضالاتها تظل النقابة الطلابية أبرز آلياتها التاريخية والقادرة بها على ضمان حقها في التعليم وفي ظروف جيدة،

   بالتالي من ضروري في الأول تحديد مفهوم النقابة ومحاولة مقاربتها من منظور ماركسي، لنستخلص من خلاله المفهوم الذي يمكن أن نعطيه للنقابة الطلابية وطريقة  ومضمون الاشتغال داخلها.

  1. النقابة من منظور ماركسي:

   النقابة هي شكل تنظيمي لشريحة أو طبقة أو فئة ما يتم إنشائها بشكل طوعي وبتسيير ذاتي من أجل الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية المباشرة وغير مباشرة بالوسائل التي يحددونها. وهي أيضا تعبير جنيني عن حالة وعي سياسي أي انه حس عفوي لعلاقة فئة معينة بمحيطها والنقابة هي الأداة الأولى للتعاطي معه وتنمية الوعي الحسي المطلبي الى وعي سياسي .

  بالتالي من هذا المنطلق يمكن اعتبار النقابة مدرسة أولية أو ابتدائية لخوض الصراع الطبقي، التي من خلالها يمكن تعلم أبجديات النضال وكفية وضع التكتيكات.

  والجدير بالذكر أن الاستغلال هو السبب الرئيسي والجوهري لما تعانيه الطبقات الشعبية من مشاكل اجتماعية. وفي المجتمع الرأسمالي، يعتبر العمل النقابي في مستواه المباشر يؤدي إلى تحسين شروط الاستغلال دون القضاء على الاستغلال وإن المكتسبات التي تحققها الطبقات الشعبية في ظل موازين قوى إيجابية (حركة 20 فبراير المغربية مثلا) يتم التراجع عليها في فترة الأزمات وفي ظل موازين قوى سلبية حيث يتم ضرب العديد من الحقوق الأساسية بما في ذلك الحق في الشغل نفسه. والاستغلال لا يمكن القضاء عليه إلا بالقضاء على التفاوت الطبقي من خلال الثورة الاشتراكية كمرحلة انتقالية نحو مجتمع الحرية  و الحقوق الكاملة وهذه مهام الحزب الماركسي المعبر عن الكادحين وليس مهام النقابة.

   لكن لا يمكن تحقيق هذه المهام الاستراتيجية (الثورة الاشتراكية) لا يتم إلا عبر تشكيل الوعي الطبقي المناسب له الذي يتشكل عبر حلقاته الأدنى أي الوعي النقابي لذلك قلنا إن العمل النقابي هو عمل سياسي في مرحلته الجنينية وهكذا فان العمل النقابي في مضمونه وأفقه عمل إصلاحي ولكن في إطار عمل ثوري يتشكل عبر عملية تراكمية.

2.النقابة الطلابية ومحدداتها

   إن الطلبة يمثلون شريحة تشترك في الفضاء والحياة اليومية والطموحات المستقبلية ولهم نسبيا مصالح مشتركة خصوصا الدارسين في التعليم العالي العمومي يسعون للدفاع عنها وتحقيقها ولا يعرقل هذا العمل انتماءاتهم الإثنية أو الطبقية وان كان لها بعض التأثير.

   فطالما أن لهم مصالح مشتركة وكما هو معروف في كون نمط الإنتاج الرأسمالي المؤطر حاليا بالمرجعية النيوليبرالية يرى في الطلبة مجرد زبون ومشروع استثماري مما يدفعه إلى التخلي عن توفير الخدمات الجامعية بل وخوصصتها وتسليمها لرجال الأعمال الذين لن يهتموا إلا بجني الأرباح ومص دماء الطلبة ونهب أموالهم، الشيء الذي سيجعل الطلبة محرومين من العديد من الحقوق،

   مما سيدفعهم إلى خوض نضالات عديدة من أجل تحقيقها حتى في غياب منظمة نقابية ولكنه سيكون عفويا قابلا للعزل وغير مؤثر، وهنا تنشأ ضرورة التنظيم أي إيجاد ذلك الإطار الجماهيري الذي يعمل على تنظيم قوى الطلاب و تسليحهم بالوعي وتحريضهم الدائم وصياغة البرنامج النضالي وتوحيد مجهودات الطلبة على المستوى الوطني والعالمي والخروج بهم من حالة عزلة الفضاء الجامعي ليطال المستويين الطلابي والشعبي وحتى الأممي.

   وهنا يتجلى دور المناضل النقابي الطلابي الماركسي المتمثل في نشر الوعي بتلك الحقوق وجذب أوسع الجماهير الطلابية للالتفاف حولها والتنظيم النقابي للدفاع عنها، وعليه أن يكون على وعي تام بدور النقابة كما ذكرنا سابقا، بكونها منظمات جماهيرية يجب أن تضم بين صفوفها مختلف الطلبة بمختلف توجهاتهم ومشاربهم وبغض النظر عن مرجعياتهم الإيديولوجية والنقابي الماركسي الدارس فعلا لتناقضات مجتمعه وسياق الحقل الذي يخوض فيه الصراع الطبقي، هو ذلك الذي ينجح في خلق الأطر لمختلف المحيطين به فيدفع بالعمل النقابي الطلابي على مستويات عدة تشمل الثقافي والفني والبيداغوجي والرياضي .. ذلك برسم خطة للتحريض الدائم فيقوم بتفكيك العمل إلى عناصر بهدف إعادة تركيبها ضمن كل غير قابل للتجزئة في إستراتيجية شاملة، بـتأطير وبتصور طبعا وتتبع من طرف الحزب الماركسي المعبر عن مصالح العمال وعموم الكادحين لكن دون إقصاء وفي احترام لمبدأ استقلالية القرار، لكن أيضا دون إعطاء هذا المبدأ أكثر من حجمه وتأويلات مغلوطة.

3.النقابة الطلابية في المغرب

   انطلاقا من المحددات التي تم ذكرها حول النقابة وكيفية التي يمكن أن يشتغل بها الطلبة الماركسيين داخلها، قد يمكن لنا على وضع بعض الإجابات على معضلة النقابة الطلابية في المغرب المتمثلة في UNEM غير الموجودة كهياكل وطنية من 1981.

   فقطاع التعليم العالي في المغرب أيضا يعرف هجومات شرسة، الشيء الذي يستدعي والعمل بسرعة على إسترجاعUNEM  بهياكلها المحلية والوطنية عبر عقد المؤتمر الاستثنائي ورفض كل ما قد يؤدي إلى التعدد النقابي لأن التاريخ النقابي عامة في المغرب يوضح أنه كلما كان هناك تعدد وتشتت كلما وجد المخزن مجال أكثر للمناورة والاختراق وزرع التناقضات، والمبدأ الثاني اعتبار أوطم نقابة لكل الجماهير الطلابية وهياكلها التي يجب إعادتها قادرة على استيعاب كل الحساسيات والتيارات المناضلة على اعتبار أنها نقابة جماهيرية تنحصر مهمتها أساسا في الدفاع عن الطلبة وربط نضال الطلاب بالنضال الشعبي العام مع وضع مصلحة الجماهير الطلابية فوق أي اعتبار.

   كما إن مهمة بناء النقابة الطلابية في المغرب ينطلق بالأساس في الإجابة على شكل النقابة المراد إعادة بناءها، فهناك مؤسسات للتعليم العالي طلبتها منظمين فيها على شكل تنسيقيات أو جمعيات مما يفرض إبداع إطار نقابي موحد على المستوي الوطني قادر على دمجها داخله، كل هذا يؤدي إلى التفكير في بناء أوطم كمركزية طلابية ينضوي تحت لوائها هذه الجمعيات والتنسيقيات فإن أردنا فعلا تمثيل أكبر قدر ممكن من هؤلاء الطلبة والطالبات فلابد من إبداع شكل جديد قادر على احتواءهم وضمان مشاركتهم في اتخاذ القرارات المناسبة خدمة لكل الطلاب .

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا