الرئيسية » سعد مرتاح – في ذكرى اغتيال كنفاني:تموت الأجساد لا الأفكار

سعد مرتاح – في ذكرى اغتيال كنفاني:تموت الأجساد لا الأفكار

كتبه user B

    في مثل هذا اليوم تحل علينا الذكرى السابعة والاربعون لاغتيال الرفيق المناضل الفلسطيني كنفاني غسان، غسان الإنسان المتكامل فقد كان أديبا روائيا (رجال تحت الشمس، عائد إلى حيفا، أم سعد، العاشق…) وقائدا سياسي ثوري (عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) ورساما وعاشقا أيضا، فغسان هو ذلك الإنسان الذي آمن أن الصراع مع العدو هو صراع الوجود، صراع على الأرض والهوية والوطن، وبحلول الذكرى 47 لاغتياله نذكر ببعض الجوانب المتعددة من حياة كنفاني.

غسان الثائر:

   غسان الذي آمن بأن الشعب الفلسطيني يفضل الموت واقفاً على أن يخسر قضيته، وأن هذا الشعب سوف يستمر بالنضال حتى ينتصر، وأنه لن ينهزم أبداً. وهذا ما يظهر من أعماله ومن نشاطه السياسي الثوري، فثد شارك في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في كانون 1967، وانتُخب عضواً في مكتبها السياسي 1969، ثم أصبح ناطقاً رسمياً باسمها ومسؤولاً عن نشاطها الإعلامي، وقد شهدت تلك الفترة (بداية السبعينات) قفزة نوعية في عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني، كانت أبرزها عمليات شتنبر 1970 الشهيرة حيث أجبرت مجموعة من الجبهة الشعبية  ثلاث طائرات على الهبوط في مطار “دوسن فيلد” العسكري في منطقة صحراوية في الأردن، وطالبت بإطلاق صراح ليلى خالد والمعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل مقابل اطلاق سراح من كان على الطائرة، وقد لعب كنفاني دورا هاما فيها حيث كان الوجه الإعلامي للعملية الشهيرة.

   ومن خلال نشاطه الصحفي فتح نافذة العالم على القضية الفلسطينية، من خلال مجلة الهدف الناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث كان رئيس تحريرها، وكان مقرها محجا لمئات الصحافيين والمحللين السياسيين الاجانب

   بالإضافة إلى مساهماته النوعية في العلاقات الدولية للجبهة الشعبية، حيث بفضله تمكنت الجبهة الشعبية من توطيد علاقاتها التنظيمية مع العديد من المنظمات الثورية العالمية.

غسان والأدب المقاوم:

   كتب غسان 18 كتاب والمئات من المقالات، استطاع من خلالها ان يعرف العالم عن فلسطين وعن كفاح الشعب الفلسطيني من أجل البقاء وعن الإنسانية بصفة عامة، فيكفي أن نقرأ قصص غسان كنفاني القصيرة، كي نكتشف مقدار الحب العظيم الذي كان يفيض منه نحو فلسطين والبشرية، ومقدار الأسى الذي كان يكابده أمام عذابات الناس البسطاء والمقهورين والمنفيين، فقد كتب عن معاناة المواطن الفلسطيني البسيط في المخيمات بسبب الاحتلال، ففي روايات وقصص غسان كنفاني ترى اللاجئ الفلسطيني قد خرج من إطار الأرقام الذي وضعته داخله الأمم المتحدة وهيئاتها الإنسانية، من الأوراق ليتحول إلى إنسان يحمل جرحه ومعاناته ووطنه أينما اتجه فقد بينت اعمال كنفاني تفاصل حياة الفلسطيني بكافة شرائحه، وعن الأخلاق الإنسانية التي يحملها الثوار الفلسطينيين.

   كما يعتبر أول من كتب عن شعراء المقاومة، ونشر لهم وتحدث عن اشعارهم وعن زجلهم الشعبي في جريدة المحرر اللبنانية الذي كان يترأس تحريرها وفي ملحقها فلسطين، وكان سباقا في تعريف العالم العربي على شعر المقاومة، وقد سمى شعر شعراء الارض المحتلة بشعر المقاومة، حيث لم تخل مقاله كتبت عنهم من معلومات الا وكتبها غسان، واصبحت مقالاته عنهم ومن ثم كتابه عن شعراء الارض المحتلة مرجعا مقررا في عدد من الجامعات، وكذلك مرجعاً للدارسين،

    بالإضافة إلى دراساته الأدبية المقارنة خصوصا “في الأدب الصهيوني” و “في الادب الفلسطيني المقاوم” التي استطاع من خلالهما أن يربط بطريقة فريدة بين المجال الأدبي وبين المقاومة الفلسطينية بصفة خاصة وعن قضايا الشعوب العادلة عبر العالم بصفة عامة. مبينا أن الأدب وفن الرواية مرتبطان بشكل وثيق بمعاناة الشعوب، وبالتاريخ وبالوجع والقهر والتشرد والمقاومة عن طريق معالجته في أعماله الأدبية الكثير من القضايا الاجتماعية والوطنية والسياسية والإنسانية للشعب الفلسطيني والعالم أجمع.

غسان الإنسان العاشق:

   تعتبر الرسائل التي نشرتها غادة السمان 1992 بمثابة مفتاح لباب آخر من الأبواب المتعددة لجوانب كنفاني، فتلك الرسال أظهرت صورة حقيقية للمناضل الإنسان، صورة للمشاعر التي يحملها الرفاق الثوريين بصفة عامة مشاعر الحب والإحساس والخوف على من نحب، حيث تكشف الرسائل أن الغاية الحقيقية وراء النضال واعتناق القضايا الخيرة والدفاع عنها إلى آخر رمق هو تشييد مجتمع جديد، مجتمع يدور حول الإنسانية حول الحب وانعدام الاستغلال وليس حول الربح والحروب والتدمير، بهذا يمكن اعتبار تلك الرسائل تجسيد “للنقاء الثوري البعيد عن التبتل الاستعراضي” كما وصفته غادة به في المقدمة التي وضعتها لرسائله.

غسان كنفاني: ما الذي يعنيه لنا هذا الاسم اليوم:

   غسان، الأديب المبدع، المثقف العضوي، المناضل الثوري، الأب والزوج الإنسان، الجذري الأممي، غسان صديق الفقراء ونصير المضطهدين، غسان كنفاني الإنسان الاستثنائي، بقتلهم غسان كانوا يستهدفون القلم المقاوم. لقد كتب الكثيرون عن غسان، لكن الكتابة عن غسان لا ولن تتوقف لان غسان ظاهرة غير عادية وفي ذكرى استشهادك يا غسان نتذكر جميع شهداء الفلسطينيين وجميع شهداء التحرر عبر العالم، ولا تزال قوافل الشهداء مستمرة حتى تتحقق اهداف شعب فلسطين في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية العلمانية المستقلة على كامل فلسطين وحتى نسقط هذا النظام الاقتصادي الجاثم على صدورنا، طالما بقي الكون يرزح تحت كل هذا الظلم والاستبداد والاستغلال، وطالما ظل غسان ودرويش وزياد… على هذه الأرض.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا