عملت الانظمة الرأسمالية في معظم دول المعمور على رفع شعار “الزم بيتك” كإجراء احترازي للقضاء على كوفيد 19، امتثلت له معظم شعوب العالم خوفا من الجائحة ووعيا منها بخطورته، هذا الفيروس الذي حصد الآلاف من البشر ومازالت عدد ضحاياه في تفاقم. غير أن هذه التدابير الصحية التي اتخذت، لا يجب أن تمنعنا من الاستسلام والخضوع لهذا المنطق الطبقي في تدبير الأزمة خصوصا وأننا واعون بأنه منطق يحكم ويحافظ على مصالح الطبقة الحاكمة، كما أن هذه السياسة الاحترازية تضعنا أمام تساؤلات عدة عن ما مدى نجاعة هذا التدبير في غياب مجموعة من التدابير الوقائية التي يجب عليها ضمانها على جميع المستويات: سياسية، اقتصادية، اجتماعية، بيئية، ثقافية وعلمية.
لم تكن يوما الرأسمالية حليفة الإنسان والبيئة بل كانت دائما مصالحها تتعارض وطبيعة مصالح البشرية. فكل ما حققته من توسع وتقدم كان بمنطق الربح والتوسع على حساب ملايين البشر. وبالرغم من التطور الطبي والعلمي الذي حققته لم تستطع الرأسمالية من استغلاله لصالح البشرية ولمواجهة شتى أشكال أنواع الفيروسات إذ كل ما قامت به كان فقط من أجل التخفيف من بعض الآثار الجانبية ومحاولة التحكم فيه عن طريق صناعة الأدوية التي تخضع بدورها لمصالح الشركات المصنعة الرأسمالية. وبنفس المنطق بقي البحث العلمي حبيس الرفوف وعرفت المختبرات جمودا في حين تم تشجيع كل البحوث والعلوم التي تهدف إلى تطوير صناعة الأسلحة للتسابق نحو التسلح واخضاع الشعوب للقبضة العسكرية الامبريالية سواء عبر التدخل المباشر العسكري مثال فلسطين أو التدخل الغير المباشر مثال دول افريقيا، وأيضا في التسابق نحو التصنيع والانتاج وهو ما يؤثر سلبا على البيئة والنظام الإيكولوجي الذي أصبح يهدد حق الشعوب في الغذاء والماء الصالح للشرب والأمن الاقتصادي والصحي والذي تدفع ثمنه شعوب العالم الثالث التي لم تجد حلا لمشاكلها غير الهجرة والنزوح. ناهيك عن الحصار الاقتصادي لشعوب أمريكا اللاتينية المنتفضة ضد الامبريالية (فينزويلا نموذجا).
إن محاربة الامبريالية تقتضي منا النضال الأممي من أجل بناء مجتمع اشتراكي تتبوأ فيه الصحة المكانة الأولى من أجل القضاء على جميع الجائحات والأوبئة التي تفتك بالإنسان وكذا تأميم كل المختبرات الخاصة وجعلها في خدمة الانسانية وتشجيع البحث العلمي.
إن الاشتراكية هي النظام الوحيد الذي سيقضي على الحروب واعادة التوازن إلى النظام الإيكولوجي من أجل الحفاظ على صحة الانسان وحقه في الغذاء والماء وكذا العمل على انتاج ما يسد حاجيات الانسان الضرورية والقطع مع ثقافة الانتاج المفرط والاستهلاك الذي لن يضر بآخر المطاف إلا بالإنسان وبيئته.
إن النضال من أجل نظام اشتراكي لن يتحقق إلا بنضال أممي من أجل القضاء على الرأسمالية واسقاط الديكتاتوريات وتشييد نظام عالمي بديل يخدم الشعوب.