يعيش الفلاحون الكادحون وسكان البادية عمومية، هذه الأيام، بين سندان الجفاف المتوالي ومطرقة جائحة كورونا، وحالة الطوارئ الصحية التي أقرتها الدولة والتي تفرض على المواطنين وضمنهم سكان البادية البقاء في منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة، والضرورة هنا تعني، إلى جانب الخروج للعمل أو اقتناء الأغراض الضرورية للعيش، مغادرة المنزل لجلب مياه الشرب ورعي الأغنام والماعز والأبقار وسقايتها وشراء أعلافها، فضلا عن خدمة الأرض وزراعتها وريها وغير ذلك من الأعمال الأخرى الضرورية، خاصة أن هذا الحجر يصادف فصل زراعة الخضروات وغيرها من الزراعات الربيعية، الضرورية لاستمرارا مد الأسواق بعدد المواد الغذائية.
كل هذا وغيره، يجعلنا نوقن أن ما يعيشه سكان البادية المغربية في ظل الحجر الصحي، يختلف كثيرا عما يعيشه سكان المدن، فالتنقل من أجل جلب أبسط الحاجيات اليومية من مأكل ومواد نظافة وغيرها يستدعي التنقل إلى مراكز تبعد كيلومترات بل العشرات منها عن دواويرهم ومنازل سكناهم، منازل يفتقر جلها للماء الصالح للشرب وشبكات الصرف الصحي وأحيان كثيرة للكهربائية، كما أن جل المسالك والطرق المؤدية للمراكز المذكورة غير معبدة مما يزيد من شقاء جل الراغبين في التبضع أو بيع منتوجاتهم في الأسواق الأسبوعية، التي تم منع جلها عن الانعقاد أسبوعيا، أما ما شيدته الدولة من مستشفيات ومراكز صحية بالبادية فجله يعود لحقبة الاستعمار، بل منها ما تم إغلاقه أو هدمه أو تقرير تحويله لمنتجعات سياحية.
هذه بعض من ضربات مطرقة فيروس كورونا بالبادية المغربية، وفي ضل غياب أي دعم مادي أو عيني إلى حدود الساعة على الأقل، تعتمد الدولة المقاربة “الأمنية” المعتادة، اعتقادا منها أنها الحل لجميع الأزمات التي تمر منها البلاد؛ أما بخصوص سندان الجفاف فحدث ولا حرج…