بقلم : الحبيب التيتي
بوعشرين الصحافي الموظف عند البيجيدي كتب افتتاحية عنونها ب “مهمة صعبة” كال من خلالها المديح لولي نعمته معتبرا البيجيدي هو المؤهل لمواجهة تحديين اثنين وهما:
1- “النظام العربي الحالي يواجه ندرة موارد حادة ستعمق من عجز الشرعية لديه، ومن قدرته على قمع شعبه، والتحكم في التيارات الإصلاحية داخله، ومن ثم ستعود الاحتجاجات والمظاهرات والاضطرابات إلى الميادين الرئيسة في جل الدولة العربية، وعلى المغرب أن يكون استثناء حقيقيا في وسط محيط مضطرب، وهذا لن يتحقق إلا إذا لمس المغاربة آثار التغيير في حياتهم اليومية، وأحسوا بأن في البلاد حكومة تمثلهم، ورئيس حكومة يحكم ولا يشتكي التماسيح والعفاريت، وبرلمانا يعكس هموم الشعب، ودولة في خدمتهم.”
2- “أمام هذه الحكومة مهام صعبة وحساسة، وأولاها إقناع 20 مليون مغربي لم يصوتوا في الانتخابات الأخيرة بصواب المشاركة السياسية، وأمام هذه الحكومة 12 مليون فقير يجب أن تخرج ثلثهم على الأقل في الخمس سنوات المقبلة من الإملاق إلى الحد الأدنى من العيش، وأمام هذه الحكومة مدرسة عمومية ماتت ويجب إعادتها إلى الحياة لفتح نوافذ الأمل أمام ملايين الأسر، وأمام هذه الحكومة جبل من الفساد يجب القضاء على جزء منه على الأقل، ولهذا، فإن المملكة تحتاج إلى أكثر من حكومة تقليدية وعادية.. تحتاج المملكة إلى توافق تاريخي بين كل القوى الحية للنهوض بالمهمة الصعبة.”
لن يفيد البيجيدي في اي شيئ من اجل رفع هذين التحديين، لان الموجات الارتدادية للسيرورات الثورية لا بد من ان تعطي زخما متجددا لنضالات الشعوب، خاصة بعد انفضاح كل المناورات والتحالفات التي اتبعتها الرجعيات الخليجية والامبرايالية. لقد بات واضحا ان مشروع الاسلام السياسي فشل وسقط امام امتحان النضال من اجل التحرر الاقتصادي والاجتماعي. بل تحولت كل قواه الى قوى عميلة اشتغلت لخدمة مصالح الطبقات الحاكمة في بلدان منطقتنا . اما الحالة الاقتصادية والاجتماعية المفلسة ببلادنا والتي توجت بمقاطعة اكثر من 80% للانتخابات و وجود 12 مليون مواطن تحت عتبة الفقر وموت التعليم وغيره من الكوارث، فان حزب البيجيدي تحمل المسؤولية السياسية فيها وهو من تم تكليفه اليوم من اجل المزيد من تطبيق السياسات التراجعية التي تمليها المؤسسات الدولية من بنك عالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
اما الادعاء بان البيجيدي حزب المعقول وحزب نظيف اليد وانه حزب جماهيري فهي اكاذيب اعلامية تدخل ضمن تسويق المشروع الفاشي الذي اصبح البيجيدي يعمل على نشره وتعميميه. لقد باتت كتائبه الاعلامية وعلى رأسها بوعشرين تقوم بالتجييش ضد كل مظاهر حرية الرأي والتعبير وتستغل كل المنافذ المتاحة . ان ما يجري اليوم هو التقاء مصالح النظام مع قوى ظلامية استعملت ككاسحة الغام للقضاء على روح 20 فبراير وستستعمل ايضا كقوى احتياطية ضد القادم من الايام لان الاوضاع الاجتماعية قابلة للانفجار في اية لحظة. من جهته البيجيدي يستغل الفرصة للمزيد من التغلغل في المجتمع بخلفية انه حزب مظلوم و هو حزب لم يبدل تبديلا في مرجعيته الاصولية التي يوجد في قلبها ابن تيمية. هو هذا الحزب الذي اختار بوعشرين ان يخدمه، هو هذا الحزب الذي وقف ببابه حزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال لكي يتسولوا بعض مناصب في حكومته. انهم لم يبدعوا في سلوكهم المنبطح هذا، بل هم يعيدون ما سبقهم اليه “اشتراكيون ديمقراطيون” خونة في نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات من القرن الماضي مع انظمة فاشية في ايطاليا ونازية في المانيا .تحت ذريعة خدمة مصلحة الوطن وضرورات التوافق الوطني، ها هم يغدرون بالوطن بل يزرعون قنبلة موقوتة في حضن الوطن المفترى عليه.
يتوهم بوعشرين الصحافي الموظف عند الفاشيين الجدد بان البيجيدي سينجح في ولايته الثانية في ما فشل في تحقيقه في ولايته الاولى رغم انها مهمة صعبة .بالعكس فكل المعطيات تشير الى ان البيجيدي سيفشل في حل معضلات الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب بل من المستحيل ان ينجح لأنه هو ذاته جزء من هذه الازمة.