الصفحة الرئيسية • وجهة نظرأقلام وآراء الشبيبة الجهل بنظرية العقد الاجتماعي ضمان لإستمرارية نظام مستبد

الجهل بنظرية العقد الاجتماعي ضمان لإستمرارية نظام مستبد

كتبه chabiba

     لطالما كان الفكر مؤثرا في الواقع والواقع محددا للفكر في علاقة جدلية ترابطية بينهما يستحيل الفصل فيها، لذلك من الضروري جدا أن نفهم أن كل ما نراه،نعيشه،نبتغيه،نصارعه….هو نتاج لفكر ما صيغ سلفا. لذلك من أولويات المثقف المغربي الطامح للتغيير أن يعمل قدر المستطاع من أجل تجدير وعي القاعدة العظيمة من شعبنا بما لها وما عليها بإعتبارها العمود الفقري لجهاز يسمى الدولة كتنظيم للمجتمع…كونها مرحلة اولى لتسليح جماهيرنا بوعي سياسي يشكل منطلقا لتحررها وتقويضها لنظام مخزني مستبد.
    في ضوء هذا سأضع بين يد المتصحف لكلماتي هاته، فقرة مقتطفة من مقال للأستاذ هشام الهداجي المعنون ب:”جون لوك ونظرية العقد الاجتماعي” لكن قبل الشروع في ذلك، أرى من الضروري أن نستهل بوضع تعريف مقتضب لمفهوم النظرية كي يسهل التقاط الإشارات الكثيرة العميقة بالفقرة، وهذا في نظري راجع لسبب واحد ذي شقين: الأول منهما، هو جهل قاعدة عريضة جدا من الشعب لمفهوم هذه النظرية التي أسست لقيام  العالم الحديث. أما الشق الثاني فينحصر في أهميتها الكبرى في تحديد معالم جهاز الدولة، أسسها والغاية منها من جهة والدور الذي يلعبه مثل هذا النوع من الفكر في مواجهة إيديولوجية المخزن المضللة  لفهم الجماهير من جهة اخرى.
   اذن يمكن تعريف نظرية العقد الاجتماعي بشكل بسيط يسهل فهمه على كونها نظرية ظهرت في أوربا في القرن السابع عشر مع طوماس هوبز في كتابه “الليفيتان أو التنين” وكذلك مع جون لوك في كتابه “الحكومة المدنية” وبعض من  أعماله المتعددة،وهي نظرية بديلة لنظرية الحكم الالهي المطلق، تفسر نشأة الاجتماع السياسي واستمراره وبقاءه، متخذة من العقد أو الميثاق أو الاتفاق الاجتماعي الذي يقره الناس فيما بينهم ضمانا للحقوق والواجبات التي تنظم الحياة المشتركة، وهي تنازل لكل فرد عن حقه في الحكم لصالح شخص او عدة أشخاص ضمانا لتحقيق السلم،إضافة الى  وضعها لأسس الدولة كجهاز ساهر على التنظيم…..
   فلنكتفي إذن بهذا التعريف البسيط المجحف في حق نظرية كهاته كي لا نتوه ولا تختلط علينا كثرة المفاهيم،لذلك سننتقل إلى الفقرة المتحدث عنها سلفا للأستاذ هشام الهداجي:
“في كتابه عن ” الحكومة المدنية ” يقرر لـوك أن الحكومة بما فيها الملك والبرلمان تكون مسؤولة سياسيًا أمام الشعب، وكونها ضرورية لرعاية حقوق الأفراد يلزمها أن تتقيد باحترام القواعد العامة والأعراف الدستورية، كما أن عدم التزام الحاكم بالتصرف في تسيير الأمور العامة طبقًا لمقتضى العقد الوديعة، يستدعي بالضرورة حق المحكومين في مقاومة كل سلوك حكومي ينحى منحىً طغيانيًا، فإذا استبد الحاكم يكون للشعب كامل الحق في مقاومة استبداده وطغيانه؛ لأن الشعب هو الذي نصبه حاكمًا عليه برضاه وإرادته. وفي نظر لـوك لا معنى للقول أن إعطاء الشعب الحق في المقاومة والثورة سيؤدي حتمًا إلى انتشار الفوضى، بل هو مقتنع بأن الشعب يتحكم في تصرفاته بالعقل، وبهدايته يقرر ويتحرك، فهو ليس فوضويًا ولا ثوريًا بالفطرة كما يزعم فلاسفة آخرون، بل في أحيان كثيرة نجده يلجأ إلى الشكوى والتذمر لرفع الظلم والغبن عنه، ولا يلجأ إلى المقاومة والثورة، إلا بعدما تتحصل لأفراده القناعة بأن الحكام طغوا وتمادوا في طغيانهم ولا سبيل لتحقيق مطالبهم وحرياتهم سوى بالمقاومة، عندئذ “لا يجوز لأحد أن يلوم الشعوب على عواطفها التي يمليها عليها كونها مخلوقات عاقلة” على حد تعبيره
   إن هذه الفقرة توضح جليا حدود المؤسسة الحاكمة ومسؤوليتها أمام الشعب في تنفيذ بنود العقد من تحقيق للسلم والحكم بالعدالة والعمل على حماية حقوق الافراد داخل مجتمعاتهم،كما توضح كذلك بطريقة رائعة أن الشعب هو القاعدة المقام عليها المجتمع والجهاز الساهر على تنظيمه(الدولة).
   ان ذات الفقرة المتحدثة عن العقد الاجتماعي لا تنظر الى الحاكم بكونه حتمية تاريخية وهو خارج بنود العقد وانما تعطي كامل الحق للشعب في الثورة عليه إن خل ببنود العقد واستبد وطغى،كون الشعب من نصب الحاكم.
   عودة الى أهمية الاطلاع على النظرية،لا أرى كما لا أتفق مع القارئ الاكتفاء بهذه الأسطر القليلة كفكرة كفيلة ببناء فهم سديد لهذه النظرية،كوني راعبت وأنا أخطط هذا:قدرة استيعاب الفرد إضافة الى كون الغرض من هذا ليس التفصيل بقدر ما هو محاولة  لإثارة الموضوع وفقط ،وبالتالي من الضروري جدا الرجوع الى الفلسفة السياسية بكل روادها كي يكتمل الفهم من كل الجوانب ومنه تتحدد وتفرز آليات تصريفه(الفهم)
   إن الجهل بنظرية العقد الاجتماعي مساهمة بدون وعي في استمرارية نظام مستبد طحن ولازال ييطحن في خيرة أبناءه وبناته كل وطريقة طحنه،لذلك تبقى عملية تجدير وعي الجماهير فكريا مركزية بالموازاة مع النضال المرير في كل واجهات الاخير،نضال رسمت أفقه تضحيات المناضلين جيلا عبر جيل وسيرورة تلو الاخرى على طريق تحرير شعبنا وارساء الدولة الديمقراطية الحديثة.

الطالب أيوب التشيش

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا