229
سوف نحاول من هذ المقال التحدث عن الضرورة الموضوعية للعمل الوحدوي، وأهميته من أجل تحقيق النصر لجماهير شعبنا، في معركة النضال ضد الفساد والاستبداد، ومن أجل الحرية والانعتاق. دون أن نغفل بعض المطبات التي تعثر تحقيق وحدة الصف الشبيبي الديمقراطي والماركسي… إنها مساهمة في فتح نقاش حول العمل الجبهوي الشبيبي في المغرب.
إن المتتبع الموضوعي للوضع المغربي، لن يختلف على أنه يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية، لها العديد من التجليات يمكن ضرب بعض الأمثلة على ذلك:
-
انخفاض معدل النمو الاقتصادي، عجر في الميزان التجاري بشكل دائم، سيادة اقتصاد الريع، الاحتكار.
-
ارتفاع معدل البطالة، خاصة في صفوف حاملي الشواهد العليا، تردي الخدمات الصحية والتعليمية، ضرب الوظيفة العمومية، وتعميم الهشاشة عبر تشريع العمل بالعقدة…
-
استمرار الحكم الفردي المطلق، وارتفاع أشكال التضييق والقمع الممنهج لحريات التظاهر والاحتجاج والتعبير والصحافة المستقلة والتدوينات الفايسبوكية…
إن هجوم النظام الكاسح على القوت اليومي للمواطنين، والإجهاز على ما تبقى من المكتسبات التاريخية، يصطدم دوما بمقاومة شعبية في مختلف المجالات، بأشكال متنوعة فمن المقاطعة العارمة للانتخابات التي وصلت 80 في المئة، مرورا بالحركات الاحتجاجية كحراك الريف وجرادة ونضالات التنسيقيات (طلبة الطب والمهندسين، الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد…) وحركة المعطلين من بينها الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلة والحركة الطلابية بكل فصائها والالتراس وصولا إلى التعبيرات السياسية المناضلة..
إن ما سبق يبين أن الشعب المغربي وفي صلبه الشبيبة المغربية تمارس نضالات مريرة للدفاع عن المكتسبات وللمطابة بالحقوق الأساسية. وإذا كان الشباب يقدم تضحيات جسام في سبيل ذلك تصل حد الشهادة، وقرون من الاعتقال معتقلي حراك الريف نموذجا، الفرز الأمني.. فإن النتائج والحقوق المكتسبة تبقى هزيلة. ونعتقد جازمين أن السبب الرئيسي الكامن وراء هذه الهزالة في النتائج هو تشتتها وانعزاليتها، وافتقادها لقيادة موحدة وبرنامج شامل يعبر عن متطلبات وآمال الشباب. من هنا نطرح في شبيبة النهج الديمقراطي مهمة تشكيل جبهة موحدة للنضال الشبيبي على أرضية ملف مطلبي يتم صياغته بشكل جماعي وفي معمعان النضال يتم تطويره وإغنائه. إن الهدف من جهة هو تجاوز حالة الشتات التي تسبب ضعف الحركة الشبيبية، ومن جهة ثانية توجيه النضالات ضد العدو المشترك للشباب والشابات المتمثل في المخزن باعتباره المسؤول المباشر عن جميع المآسي التي يعاني منها الشباب المغربي. إن بناء هذه الجبهة الموحدة المكافحة يتطلب نضالا مريرا. بحيث ينبغي خوض الصراع الفكري والسياسي والإعلامي ضد بعض الأطروحات التي تبخس العمل المنظم، وكذا تلك الأطروحات القطاعية التي تخترق جل التنسيقيات الشبيبية فهناك من يعتقد واهما أن مشكل التعاقد أو كليات الطب والهندسة والشغل التعليم.. هي مشاكل اجتماعية محضة. ولحلها ينبغي الابتعاد عن النضال الشعبي أو الشبيبي العام.
إن سيادة هذا الخطاب وسط الشباب المغربي المناضل لدليل على أن الكتلة الطبقية السائدة لا زالت تمارس هيمنة إيديولوجية على الشباب لأنها تستطيع طمس الطابع السياسي أي الطبقي لاختياراتها الاجتماعية والاقتصادية وهو ما يتحدث عنه مهدي عامل في معرض تحديد لأزمنة تكون البنية الاجتماعية، فالتاريخ في زمن التكون أو بنية تسود فيه “حركة انتباذية” بحيث يظهر الصراع الطبقي في شكل صراع اقتصادي أو اجتماعي. إذن في ظل هيمنة النظام أيديولوجيا وسياسيا نحتاج لمجهود لكي نوضح للشباب والجماهير الشعبية أن الأوضاع التي يعيشونها سواء في التعليم أو الصحة أو السكن أو الشغل هي نتيجة لقرارات سياسية تتخذ ليس فقط على مستوى الحكومة والوزارة الوصية بل تتخذ في المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، وبالتالي فإنها سياسات دولة بأكملها اختارت الانصياع لإملاءات صندوق النقد الدولي وباقي المؤسسات الدولية من أجل وتفقير شعب وتشريد وتجهيل شبابه وشاباته. لكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أدوات المخزن من نقابات وأحزاب وجمعيات التي تعمل على الدعاية وترسيخ فكرة “النضال” القطاعي. هنا يمكن أن نستحضر كيف تم “تحييد، تواطؤ” المركزيات النقابية على حركة 20 فبراير بما يعرف اتفاق 26 أبريل الذي لا زال حبرا على ورق لحدود الساعة. وكذلك محضر 20 يوليوز بين الحكومة والأطر العليا المعطلة حيث التزمت بتشغيلهم شريطة الابتعاد عن حركة 20 فبراير، لكنه لم يرى النور هو الآخر بعد هدوء العاصفة الفبريرية.
إننا اليوم في حاجة ماسة لإعادة الاعتبار للشعار الخالد الذي رفعته “أوطم” في سبعينيات القرن الماضي “لكل معركة جماهيرية صداها في الجامعة”. إنه شعار يكثف مستوى وعي الشبيبة المغربية في تلك الفترة لطبيعة الصراع الدائر في المغرب بين الجماهير الشعبية والطلابية من جهة والكتلة الطبقية السائدة من جهة ثانية باعتباره صراع طبقي.
إن إيماننا العميق الصادق في شبيبة النهج الديمقراطي بأنه لا مناص من وحدة النضال الشبيبي والشعبي من أجل إحراز تقدم ملموس لصالح جماهير شعبنا، وكذلك فهمنا للوحدة كتعدد متنوع يتكامل. فلا وحدة بلا تعدد. ولا وحدة بلا اختلاف. ولا وحد بلا تكامل. فالجسم البشري مثلا لا ندركه إلا كتركيب متناسق متكامل لجميع أعضائه. فلا يمكن لليد، مثلا، أن تمثل الجسم كله. ولا يمكن ان نجعل أعضاء الجسم نسخا بعضها عن بعض – وإلا فلا داعي لوجودها. يجب أن يكون كل عضو مختلفا عن الآخر، لكنه منسجم معه ويعمل معه، لا ضده. جعلنا نخوض تجربة للعمل الوحدوي مع مرجعيات مختلفة:
-
فنحن نشتغل في إطار تنسيق شبيبات اليسار الديمقراطي الذي قام بعدة مبادرات وطنية ومحلية خاصة على المستوى الإشعاعي ونسعى إلى أن نجعل لهذا التنسيق أرضية وبرنامج يشتغل عليه من أجل تجاوز بعض النواقص التي تعتريه لحدود الساعة. خاصة وأن التنسيق لا زال يتم في أغلب الحالات بين المكاتب التنفيذية، ونطمح إلى أن يصبح في القطاعات ومحليا.
-
كنا من المساهمين إلى جانب تنظيمات شبيبة أخرى في تأسيس الاتحاد الديمقراطي للشباب الذي يضم 13 منظمة تهتم بالشباب والطفولة. لكن للأسف عرفت جمودا بعد ولادتها مباشرة ولم يلعب الدور الذي كنا نطمح له، والآن نعمل مع شبيبات اليسار من أجل إحياءه. وفي نفس الوقت ننسق في قضايا النضال المشترك مع شبيبة العدل والإحسان.
-
ونضع على عاتقنا مهمة توحيد الماركسيين الشباب، لذلك عملنا لسنوات من أجل عقد ملتقى الماركسيين الشباب، وقد أسسنا لجنة تحضيرية مع الرفاق في شبيبة التحرر الديمقراطي (فيما تخلف شباب تيار المناضلة في آخر لحظة)، من أجل تهييئ شروط إنجاحه، لكنها لم تنجح في ذلك لعدة اعتبارات…
إن عملية وحدة الشباب الماركسي أكثر تعقيدا، إذ تواجهنا عدة تحديات منها، ضعف التنظيمات الشبيبية الماركسية، إلى جانب اختيار البعض منهم خاصة داخل الجامعة العنف كعقيدة. أما أغلب المناضلين الماركسيين فهم مشتتون كأفراد داخل المنظمات الجماهيرية.. فضلا عن سيادة الحلقية بشكل مقيت في الأوساط الماركسية، غالبا من أجل الحفاظ على طهرانية ونقاء إيديولوجي.
إن مهمة بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين التي يتسعد النهج الديمقراطي للإعلان عليه في المؤتمر المقبل، تفرض علينا العمل أكثر من أجل التغلب على تلك التحديات وإطلاق مبادرات متنوعة اتجاه الشباب الماركسي، لذلك نستعد في عدة مناطق لتنظيم نقاشات مفتوحة مع هؤلاء المناضلين والمناضلات، من أجل الحوار بصدد هذه المهمة التاريخية والانصات إلى انتقاداتهم ومقترحاتهم، وبالتالي إدماج مساهماتهم في هذا الورش التاريخي للشعب المغربي.
نشر هذا المقال في جريدة النهج الديمقراطي، عدد: 350