الصفحة الرئيسية رأي نضال مستمر من أجل التحرر من الهيمنة الفرنسية

نضال مستمر من أجل التحرر من الهيمنة الفرنسية

كتبه User J

أيوب حبراوي

في ضوء التحديات السياسية والاجتماعية الراهنة التي تواجه فرنسا، يصبح من الضروري تبني منظور ماركسي لفهم طبيعة هذه التحديات وتأثيراتها على البلدان التابعة. إن الأزمات الاقتصادية المتعاقبة، وتصاعد النزعات اليمينية المتطرفة، والاضطرابات الاجتماعية المستمرة في فرنسا هي مظاهر للأزمة الرأسمالية العالمية التي لا تقتصر آثارها على الداخل الفرنسي فقط، بل تمتد لتشمل البلدان التي ترتبط بها بعلاقات تبعية اقتصادية وسياسية.

النظام الرأسمالي الفرنسي يواجه أزمة هيكلية متفاقمة، حيث تتفاقم معدلات البطالة، وتتزايد الهوة بين الأغنياء والفقراء، وتستمر السياسات النيوليبرالية في فرض إجراءات تقشفية تزيد من معاناة الطبقات الكادحة. هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات عقود من السياسات الاقتصادية التي تفضل رأس المال على حساب العمال. في ظل هذه الأزمات، يشهد المجتمع الفرنسي تصاعداً ملحوظاً في القوى اليمينية المتطرفة التي تستغل حالة الاستياء الشعبي لبث الكراهية والتفرقة. هذه القوى تروج لسياسات عنصرية وتدعو إلى تقليص الحقوق الديمقراطية، مما يزيد من تفاقم الوضع الاجتماعي والسياسي.

تعتمد فرنسا بشكل كبير على استغلال موارد البلدان التابعة لتغذية نظامها الاقتصادي. هذه البلدان، التي تعاني من تبعية اقتصادية تاريخية، تجد نفسها مضطرة لتقديم ثرواتها الطبيعية والعمالية بثمن بخس، مما يفاقم من حالة الفقر والتخلف الاقتصادي فيها. ولا تقتصر العلاقات الاستعمارية على الاقتصاد فقط، بل تشمل التدخلات السياسية والعسكرية المباشرة وغير المباشرة. فرنسا تحافظ على نفوذها في العديد من الدول الإفريقية والشرق أوسطية من خلال دعم الأنظمة القمعية والتدخل العسكري المباشر، كما هو الحال في مالي والنيجر.

يجب على الشعوب المضطهدة تنظيم نفسها في حركات مقـــاومة تتجاوز الحدود الوطنية، وتبني تضامن دولي حقيقي لمواجهة السياسات الاستعمارية الجديدة. هذا يتطلب تعاوناً بين الحركات العمالية والنقابات والمنظمات اليسارية في كل من الدول المستعمرة والتابعة. لا يمكن إغفال دور الحركات النضالية الشيوعية التي كانت وما زالت في طليعة النضال ضد الإمبريالية والاستعمار. النضال ضد الأنظمة العميلة لفرنسا وإسقاطها يجب أن يكون جزءاً أساسياً من هذه الحركة العالمية. هذه الأنظمة تعمل على حماية المصالح الفرنسية وتكرس حالة الاستغلال والتبعية. لذلك، فإن مواجهة هذه الأنظمة والعمل على إسقاطها يعد خطوة ضرورية لتحرير الشعوب من الهيمنة الاستعمارية الجديدة.

علاوة على ذلك، يمكن بناء تحالفات تكتيكية مع أعداء فرنسا في الساحة الدولية من أجل تعزيز الموقف النضالي. هذه التحالفات يمكن أن توفر الدعم السياسي والمادي اللازم لتعزيز قدرات الحركات النضالية في البلدان التابعة، مما يزيد من فرص نجاحها في مواجهة النظام الاستعماري الجديد (مثال تجربة مالي و بوركينافاصو…).

من الضروري توعية الجماهير بطبيعة الاستعمار غير المباشر الذي تعاني منه، وتعزيز الوعي الطبقي والسياسي لمواجهة الاستغلال الرأسمالي. هذه التوعية تشمل نشر المعرفة حول الآليات التي يستخدمها النظام الرأسمالي لاستغلال الشعوب، وتعليم أهمية المقاومة المنظمة. يجب على الشعوب المضطهدة العمل على بناء نماذج اقتصادية بديلة تتحدى هيمنة الرأسمالية النيوليبرالية، وتعزز العدالة الاقتصادية والاجتماعية. هذه النماذج يمكن أن تشمل التعاونيات الاقتصادية والمشاريع التنموية المحلية التي تركز على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على القوى الاستعمارية.

إن الوضع الراهن في فرنسا وتأثيراته على البلدان التابعة يستدعي تبني نهج مقــــاوم يهدف إلى تفكيك هياكل الاستعمار غير المباشر وتعزيز العدالة الاجتماعية. من خلال التحليل الماركسي، يمكننا فهم الديناميكيات الطبقية والاقتصادية التي تساهم في استمرار هذه الهيمنة، والعمل على بناء حركة نضالية عالمية تستند إلى التضامن الأممي والنضال المستمر ضد الاستغلال والاستعمار

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا