الرئيسية » الحركة الطلابية المغربية: بين فصائل مأزومة وتنسيقيات قوية – قراءة في التطورات التنظيمية والنضالية خلال الموسم الجامعي 2024-2025

الحركة الطلابية المغربية: بين فصائل مأزومة وتنسيقيات قوية – قراءة في التطورات التنظيمية والنضالية خلال الموسم الجامعي 2024-2025

رغم هذا الواقع الطلابي، فإن عناصر نهوض حركة نضالية طلابية عارمة كامنة في هذا الواقع بحد ذاته

كتبه user B

سعد مرتاح

تطورات تنظيمية ونضالية مهمة عرفتها الحركة الطلابية المغربية خلال الموسم الجامعي 2024-2025 الذي شارف على نهايته.

ولعل السمة العارمة المسجلة في الواقع التنظيمي والنضالي للحركة الطلابية المغربية هو بروز واقعين متناقضين تماما، واقع ضَعف وعُقم نضال طلبة مؤسسات الاستقطاب المفتوح بقيادة الفصائل التقدمية للنقابة التاريخية المأزومة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وواقع تنامي وتطور مهم للتحركات النضالية الطلابية داخل مؤسسات الاستقطاب المحدود بقيادة تنسيقيات وجمعيات مستقلة كليا عن “أوطم”.

1- نضال تقليدي عقيم داخل مؤسسات الاستقطاب المفتوح:

بنظرة عامة على واقع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وعلى فصائله التقدمية الديمقراطية، يتضح بشكل جلي أن الأزمة التنظيمية والفكرية هو العنوان البارز لها.

فهذه الفصائل تتراجع موسما بعد آخر، وتواصل فقدان العديد من مواقع تواجدها الجامعية، إضافة إلى إفرازها جيل قيادة طلابية ضعيفة فكريا وسياسيا وتنظيميا، لا تُفرق إطلاقا بين النضال السياسي والنقابي ومتى يُستعمل الخطاب النقابي والخطاب السياسي والخطاب الايديولوجي والتمفصلات الرابطة فيما بينهم، ما ساهم في المزيد من تأزمها.

هذا الواقع النضالي الضعيف، انعكس سلبا على واقع تنظيم الحركة الطلابية داخل الكليات الثلاث (كلية العلوم القانونية، كلية العلوم، كلية العلوم الإنسانية والآداب).

إن المفارقة في فصائل التوجه الديمقراطي، هو أن أوراقها وتصوراتها نوعا ما متقدمة لكن ممارساتها داخل الساحة الجامعية مختلف (متخلف) تماما عن تصوراتها، فلحد الآن لا زالت تشتغل بأشكال وآليات تقليدية منذ 5 عقود وموروثة أصلا من الأزمة (الكيفية التي تتم بها استقبال الطالب، الكيفية التي تنظم بها الأيام الثقافية الفاقدة لأي اهتمام طلابي، الحلقية التي تدوم لساعات طوال كشكل رئيسي للتقرير في المعارك..) هاته الأشكال يتضح أنها في الواقع تؤخر أكثر مما تقدم في مهمة استرجاع النقابة الطلابية.

ولا يجب إغفال ظاهرة استمرار العنف الجامعي في ظل هذا الواقع الطلابي البئيس، فقد تورطت الحركة الثقافية الامازيغية هذا الموسم في أعمال عنف حادة بموقع سلوان في إطار حرب النفوذ مع فصيل الطلبة القاعديين “الكراس”، كما بادر أنصار هذا الأخير بمارتيل لتعنيف مناضلي فصيل الطلبة القاعديين التقدميين “الممانعين”، وانجرار هذا الأخير للعنف المُضاد، وهو واقع يُعدم كليا أي التفاف طلابي.

2- تحركات طلابية نوعية داخل مؤسسات الاستقطاب المحدود:

ما يجب التأكيد عليه في تحليلنا لواقع الحركة الطلابية، هو عدم اقتصارها فقط على الفصائل التي تعتبر نفسها مكونا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، سواء تلك المحسوبة على التوجه الديمقراطي أو البيروقراطي، وأن فعلها لا ينحصر فقط في الأحياء الجامعية والكليات الثلاث – القانون والأداب والعلوم، فهناك معارك طلابية مهمة يجسدها الطلاب في معاهد التعليم العالي وفي كليات الطب والصيدلة فرض عليهم غياب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كإطار نقابي طلابي منظم إلى الانتظام في جمعيات أو تنسيقيات منظمة في أجهزة محليا ووطنيا ومستقلة

فقد شهد الموسم الجامعي 2024-2025 تحركات طلابية نضالية غير مسبوقة وجدت أوجها الكلي في معركة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، وكذلك الاحتجاجات القوية التي قادتها التنسيقية الوطنية للطلبة المهندسين التي تمكنت في إفشال مخطط نيوليبرالي، ناهيك عن نضالات تنسيقية الطلبة الممرضين.

ويتجلى بشكل واضح التطور النوعي للطلبة الأطباء، في المعركة والإضراب التاريخي المفتوح عن الدروس النظرية والتطبيقية والتداريب الاستشفائية لمدة سنة بالضبط، ومقاطعة الامتحانات لـ 6 مرات متتالية بنسب فاقت 90 في المئة، ما جعل إضراب طلبة الطب المغاربة يُصنف أطول إضراب في تاريخ الحركة الطلابية العالمية.

التطورات النضالية لطلاب مؤسسات الاستقطاب المحدود، انعكس بشكل مهم على واقعهم التنظيمي، فقد أفرز هذه الديناميات ما يشبه إطارات نقابية خاصة بها، ولعل تجربة اللجنة الوطنية للطلبة الأطباء أكبر مثال على ذلك، ما جعلها تبدع صيغ تنظيمية ديمقراطية متطورة وتحركات نضالية راقية مكنها بشكل كبير في إنجاح المعركة التاريخية، وإفشال المخطط المخزني لاستئصالها.

غير أن السلبي في هذه الفئة، هو انحصارها بشكل مفرط جدا على المطالب النقابية في شقيها المادي والمعنوي، وعدم استحضارها بشكل كلي، المسؤول الأول عن المشاكل الذي دفعها للنضال، وهو خوصصة التعليم واستفحال السياسات النيوليبرالية.

ورغم ذلك، لقد بين تنامي مؤسسات الاستقطاب المحدود، أن الوحدة الطلابية حول ملف مطلبي واحد مُصاغ بشكل جماهيري واسع، وبلروة قيادة ديمقراطية بغض النظر عن الانتماء السياسي والقناعات الأديولوجية لها، مع بلورة الآليات التنظيمية للدفاع عن هذا البرنامج، هي المدخل الأساسي لنهوض حراك طلابي قوي ومنظم.

3- في مسألة مواجهة التطبيع الأكاديمي:

شهد الموسم الجامعي 2024-2025 تطورا ملحوظا إيجابيا ومهما فيما يتعلق بمناهضة التطبيع الأكاديمي مع جامعات الكيان الصهيوني المجرم المتورطة بشكل مباشر في حرب الإبادة الجماعية، وهو ما تجلى في عدد من المحطات والوقائع والمبادرات النضالية الطلابية.

أولها الدعوة التاريخية للجنة الوطنية طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة لتشكل جبهة طلابية وطنية لمناهضة التطبيع الأكاديمي، ما يوحي للوعي المتنامي داخل هذه الفئة بمخاطر التطبيع الأكاديمي مع الكيان الصهيوني من جهة، ولأهمية الوحدة الطلابية في الحد من هذه المخاطر المُهولة.

كما شهد الموسم الحالي احتضان فصيل طلبة اليسار التقدمي تنظيم النسخة الثانية من الملتقى الطلابي الشبابي لمناهضة التطبيع ودعم ومساندة المقاومة الفلسطينية بجامعة محمد الخامس بالرباط وسط قمع وتطويق مخزني مهول، وقد ساهمت هذه النسخة في تطوير النضال الطلابي المناهض للتطبيع، وذلك بتنظيم ضمن فترات برنامجه، أول وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي في هذا الموضوع، ما يفتح المجال لتطويرها مستقبلا.

هذا وعرفت كلية الأداب والعلوم الإنسانية بمارتيل تحركا طلابيا احتجاجيا عارما رافضا لحضور رئيس الحكومة السابق المتورط بشكل مباشر في توقيع اتفاقية التطبيع مع الإرهابيين الصهاينة، وقد أعطت هذه الخطوة رسالة سياسية واضحة للمصير الذي سينتظر جل المسؤولين المتورطين في التطبيع واحتضان إرهاب الكيان الصهيوني.

خلاصة:

بتحليل متأني لواقع الحركة الطلابية المغربية خلال الموسم الجامعي 2024-2025، يتضح بروز معضلة كبرى تعيق توحيد نضالات الحركة الطلابية.

فالفصائل التقدمية الديمقراطية الضعيفة المأزومة ترفض أي وحدة خارج الاتحاد الوطني لطلبة المغرب غير الموجود أصلا بشكل مادي تنظيمي.

في حين الوضع التنظيمي والإشعاعي والاعتباري القوي لتنسيقيات طلبة الاستقطاب المحدود، جعل منها ترفض ولول التفكير في الاشتغال داخل المنظمة النقابية “أوطم” معتبرة أن تطورها النضالي جاء أصلا نتيجة التخلي عن الثقل التاريخي المأزوم والمعيق لهذا الإطار على حد تعبيرها.

ورغم هذا الواقع الطلابي، فإن عناصر نهوض حركة نضالية طلابية عارمة كامنة في هذا الواقع بحد ذاته، فطالما المجتمع منقسم إلى طبقات إحداها سائدة وأخرى مسحوقة وإلا ستوجد مقاومة وصراع وحركة في كافة حقول هذا المجتمع، ولا طالما اعتبرت الحركة الطلابية عامل مهم في الصراع وهناك مداخل مهمة يمكن من خلال إحداق فرز طلابي، على التنظيمات الهادفة إلى التغيير إلى التقاطها ودمجها في خطة شاملة ومحكمة.

إن أهم المداخل الحالية، التي يمكن من خلالها تجاوز هذا التناقض، هو التفكير في بلروة خطوات طلابية وحدوية مناهضة للتطبيع من جهة الذي أجمع الجميع على خطورته، وفي مناهصة السياسات النيوليبرالية المجهزة على التعليم العمومي، غير أن ذلك يجب أن يتم دون اشتراك حصرها في إطار غير موجود أصلا بالمفهوم التنظيمي، غير هذا سيتم المساهمة في تعميق هذه التناقضات.

قد تعجبك أيضاً