الصفحة الرئيسية رأي واقع وآفاق نضالات الشغيلة التعليمية النقابية الشابة

واقع وآفاق نضالات الشغيلة التعليمية النقابية الشابة

لا يمكن حل هذه الأوضاع المأزومة بقطاع التعليم بشكل جذري إلا من خلال بناء نظام ديمقراطي شعبي بديل عن النظام المخزني التبعي الحالي

كتبه user B

عزيزة الرامي

إن الدول الرأسمالية في المركز تكرس الهيمنة على دول الجنوب في إطار العلاقات التبعية، بفرض أنظمة سياسية غير ديمقراطية تقبل بهذه الهيمنة الشيء الذي يؤدي لنتائج كارثية على دول الجنوب من بينها المغرب، و لعل أبرز النتائج تتلخص فيما يلي: إغراق المغرب في المديونية ودفعه نحو التخلص من القطاع العام، عن طريق خوصصة الخدمات الاجتماعية الحيوية و التعليم و الصحة و قطاعات البنية التحتية ( الشوارع و الماء و الكهرباء..) وتحويل المغرب لدولة حامية للاستثمار الأجنبي خاصة بعد تمرير سياسات “التقويم الهيكلي 1983” المشؤومة، المبنية أساسا على المرجعية النيوليبرالية و التي كرست رفع يد الدولة عن التوظيف وفتح المجال للقطاع الخاص (فصل التكوين عن التوظيف) وهو ما تم تأكيده لاحقا بالدستور الممنوح 2011 في الفصل 31 منه.

أدى تسارع وتيرة الهجوم النيوليبرالي على التعليم العمومي المغربي، من أجل خوصصة ما تبقى من مجانيته ورهنه أكثر بيد الرأسمال، تدبيرا وتسييرا تنفيذا لالتزامات النظام مع الدوائر الامبريالية المالية (صندوق النقد الدولي، البنك العالمي، منظمة التجارة العالمية..)، إلى التراجع عن العديد من المكتسبات التي حققها نساء ورجال التعليم بفضل النضالات المريرة التي خاضوها في فترات تاريخية سابقة و المتجلية في:

  1. تخريب أنظمة التقاعد وتمديد سن العمل إلى 63 سنة.

  2.  فرض التشغيل بموجب عقود مع الأكاديميات بمرسوم 9 غشت 2016 المتعلق بشروط و كيفية التشغيل بموجب العقود مما كرس الهشاشة وسط الشباب/ات، وإقبار الحق في الوظيفة العمومية و ضرب الاستقرار في العمل.

  3. الاقتطاعات المتتالية من الأجور بسبب الإضراب.

  4. عدة مواد في قانون الإطار 51.17 المتعلق بـ “منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي”، فمن من بين ما يتضمنه من بنود ومواد خطيرة: هو ضرورة إحداث دلائل مرجعية للوظائف والكفاءات تعتمد لإسناد المهمات ولتقييم الأداء والترقي المهني على أساس الاستحقاق وجودة الأداء والمردودية كما هو معمول به في المقاولة الرأسمالية، مما يعني التراجع أيضا عما حققته الشغيلة التعليمية في مجال الترقي والتخلي عن حق الترقي بالشهادة أو الأقدمية أو الامتحان.

  5. إقرار الدولة عبر وزارتها الوصية على القطاع شرط تحديد السن 30 سنة لإجراء مباراة أطر الأكاديميات، و تجدر الإشارة أنه فيما يخص الأسس القانونية التي تخص السن الأقصى للتوظيف بالمغرب عرفت من بين 2021 لحدود 2023 تناقضا بين المرسوم و النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والذي يحدد سن 40 سنة.

  6. مسودة النظام الأساسي السابق الذي أطلقت عليه الشغيلة “نظام الماسي”، وما كان يحمله من مواد و بنود خطيرة أكبر ضحاياها الشباب خاصة ترسيم تحديد سن التوظيف في 30 سنة وإقرار التشغيل بالعقود بتكريس أطر الأكاديميات وعدم التراجع عن التوظيف بموجب العقود.

في مقابل هذا الهجوم الممنهج على شباب/ات العامل/ات بقطاع التعليم خاضت الشغيلة التعليمية نضالات و حركات احتجاجية قوية كان الشباب/ات في مقدمتها ( معركة 2014 لأساتذة/ات حاملي الشهادات – المعركة البطولية لتنسيقية المفروض عليهم التعاقد – معركة تنسيقية أطر البرنامج الحكومي لتأهيل 10000 إطار تربوي – نضالات الحركة الطلابية ضد تحديد سن التوظيف- نضالات الأساتذة/ات المتدربين – نضالات الحركة النقابية المناضلة و المكافحة أبرزها الجامعة الوطنية للتعليم/التوجه الديمقراطي…).

على الرغم من حجم تلك النضالات ولكنها تتميز بالتشتت وغياب البوصلة، مما يجعل من مسألة توحيد النضالات و لعل أبرز الدروس التي يمكن الاستلهام منها هي المعركة الشغيلة التعليمية لموسم 2024 و التي قدمت الشغيلة التعليمية دروسا حول الوحدة النضالية و توحيد الجهود.

 إن الانخراط في العمل النقابي الواعي و المنظم و الديمقراطي مسألة ملحة لمواجهة الهجوم الكاسح الذي تنهجه الدولة من خلال تكريس سياساتها الطبقية في قطاع التعليم و التشغيل و غيره.

لتجاوز هذا الإشكال لابد من العمل على تجاوز الهوة بين نضالات التنسيقيات و النقابات من خلال محاولة الربط بينها ومواصلة محاربة البيروقراطيات النقابية، ثم أيضا استكمال خلق وتقوية تنظيمات شبيبة قطاعية داخل النقابات المناضلة وإعطائها قدر كافي من الاستقلالية للعمل على التكوين و التوعية في صفوف الشباب حول أهمية العمل النقابي و محاربة العزوف النقابي و رد الاعتبار لهذا العمل.

وربط نضالات الشغيلة التعليمية الشبيبية بالنضال العام و المساهمة في رفع وعي هذه الفئة الشابة المناضلة، لأنه لا يمكن حل هذه الأوضاع المأزومة بقطاع التعليم بشكل جذري إلا من خلال بناء نظام ديمقراطي شعبي بديل عن النظام المخزني التبعي الحالي، نظام متخلص من التبعية للمراكز المالية الامبريالية، ووضع سياسات وقوانين في صالح المعنيين بها وليس في صالح الرأسمالي المحلي والأجنبي، الشيء الذي يحتم على شباب/ات التعليم العمل السياسي إلى جانب من يدافعون عن مصالحهم في الحزب المستقل للطبقة العاملة. 

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا