الصفحة الرئيسية الحركة الطلابية أيوب حبراوي يكتب: “الحركة الطلابية المغربية : فرز جديد يستلزم نقاشاً جريئاً حول مستقبل النقابة الطلابية”

أيوب حبراوي يكتب: “الحركة الطلابية المغربية : فرز جديد يستلزم نقاشاً جريئاً حول مستقبل النقابة الطلابية”

كتبه user B

أيوب حبراوي

عرفت الحركة الطلابية و الجماهيرية بشكل عام تغيرات كبيرة بعد الوباء، وقد كان هذا بمثابة الفرصة التي استغلها المخزن، من أجل فرض سيطرته على الشارع والجامعة وتسهيل الطريق لتمرير مخططاته الطبقية، فعلى مستوى الجامعة، استغل المخزن الحالة الوبائية وأغلق الكليات و الأحياء الجامعية لمدة موسمين في أغلب مدن المغرب، وفرض صيغة التعليم عن بعد، التي كانت مرفوضة من طرف الطلبة الذين خاضوا في العديد من المواقع الجامعية الموسم الماضي كثيراً من الأشكال الاحتجاجية الواعية والمنظمة من أجل إسقاط هذه الصيغة، إلا أن هذه المعركة لم تنجح لأنها ليست بالموحدة ولا المنظمة.

لقد كان من السهل الالتفاف عليها وتعميق تشتتها باعتماد صيغة التعليم الحضوري في بعض المواقع التي شهدت أشكالاً احتجاجية كبيرة لإطفائها، وترك المواقع التي تشهد أشكال احتجاجية متواضعة غارقة في دوامة التعليم عن بعد إلى حدود الساعة. ثم فتحت كل المؤسسات الجامعية مع إبقاء هذه الصيغة قائمة كلما دعت الضرورة لا الوبائية ولكن ضرورة ضبط الاحتجاجات.

ومع عودة الطلاب للكليات و الأحياء الجامعية بدأت تظهر العديد من المشاكل الناتجة عن القوانين التي مررها النظام طيلة الموسمين الماضيين، وظهرت ملامح جامعة مغربية جديدة بعقلية طلابية جديدة. اشتغل عليها المخزن لسنوات، من أجل أن تصبح هي السائدة وسط المؤسسات الجامعية التي كانت معروفة بالوعي والنقاش والنقد والتحليل. هذا التحول ترك آثاره بالضرورة على الحركة الطلابية، باعتبارها ليست بمعزل عن محيطها المجتمعي. فبدأت النضالات الطلابية في التراجع والتنظيمات الطلابية في الاضمحلال والانهيار وأطبق الصمت على أغلب المواقع الجامعية بداية هذا الموسم إلى حدود إصدار القرار المشؤوم المؤطر لمباراة التعليم العمومي. الذي أشعل من جديد جذوة الغضب لدى الجماهير الطلابية والمعطلين وأخرجهم عن صمتهم في أغلب المواقع الجامعية متجاوزين الفصائل الطلابية، ومناضلي/ات اوطم. إن هذا القرار المرفوض يضرب في استقرار الطالب الذي كان يأمل أن يجد وظيفة بتلك الشهة الحامعية التي تشكل للأغلب من أبناء الطبقات الشعبية نقطة ضوء في نهاية طريق مظلمة من الكد والتعب.

هذا القرار، بالرغم من أن الفصائل الطلابية انخرطت في النضال ضده إلا أنها -وللتاريخ- لم تكن المبادرة للاحتجاج عليه، ولكن يحسب لها -على أي حال-أنها وجهت الجماهير الغاضبة وأطرتهم تحت لواء نقابتهم العتيدة، و ذلك من أجل تحصين تاريخ و اسم النقابة بعيداً عن التقسيمات و الأشكال التنظيمية التي بدأت تظهر في السنوات الاخيرة. إلا أن هذه الفصائل لم تكن منسجمة الرؤية ولا الأرضية وهذا راجع لغياب التواصل والتنسيق مما يجعلنا الآن أمام فرز جديد في الحركة الطلابية. فعلى مستوى فصائل التوجه الديمقراطي فقط كانت معركة إسقاط القرار المشؤوم لحظة سياسية مهمة برهنت على إثرها هذه الفصائل على موقفها الوحدوي، و تشبثها بالتنظيم، وذلك عبر طرح نقاش حول المعركة الوطنية وبدأ التهييئ لها. و دعت هذه الفصائل الى إضراب وطني باسم أوطم انخرطت فيه عشر مواقع جامعية و ساهمت فيه فصائل التوجه الديمقراطي، وبعض المناضلين الاوطاميين بالإضافة لشق من التوجه البيروقراطي، باعتبار أن هذا النقاش أقام فرزاً وسط التوجه البيروقراطي و الذي انقسم في تلك المعركة الى شقين: شق حاول نسف المعارك الطلابية بطرق خبيثة ففي اللحظة التي كانت الساحات تغلي والطلاب يحتجون الى جانب المعطلين و الجماهير عمل هذا الشق البيروقراطي على عزل الجماهير الطلابية عن هذه النضالات واتجه نحو تنظيم أيام ثقافية في الكليات والأحياء الجامعية وذلك من أجل تبريد الأجواء والعمل على ضمان عدم توحيد و تنظيم هذه المعركة في كل المواقع الجامعية. و شق آخر انخرط بمسؤولية في هذه المعركة وساهم في إنجاحها وهذا ما جعله يميل أكثر للعمل النقابي الأصيل و للتوجه الديمقراطي.

ولكن هذه المعركة لم تنجح في الاستمرار بسبب عدم انخراط كل المناضلين والطلاب فيها، و لم تكن هناك أرضية واضحة الأهداف و التكتيكات، لتكون المعركة أكثر تنظيماً وبالتالي ضمان استمراريتها و انخراط الجماهير فيها.

بعد هذه المعركة بدا واضحاً أن المخزن سيهاجم الحركة الطلابية من أجل ضمان عدم عودة هذه الأشكال للساحة مرة أخرى. فعادت ظاهرة العنف الجامعي بقوة للجامعات بقيادة التوجه البيروقراطي الذي كان قد انتعش بعزل الجماهير الطلابية في مواقع تواجده عن المعركة الوطنية و أعاد ترتيب أوراقه مرة أخرى ليقوم بدوره الرجعي تاريخياً، ففور عودة الطلبة للكليات بعد عطلة الأسدس الأول، شهد موقع تطوان ووجدة أحداث عنف دامية تورطت فيها فصائل التوجه البيروقراطي فيما بينها مع تسجيل اعتداء على أحد فصائل التوجه الديمقراطي في تطوان، وبعدها بدأنا نسمع في كل مرة عن نشوب أحداث عنف ومناوشات وعادت البيانات التهديدية وصور الطلبة المعنفين للواجهة من جديد بالإضافة لتحريك الأقلام المأجورة من أجل تشويه العمل النقابي والسياسي في الجامعة.

هذا العنف سهل الطريق لعودة عسكرة الجامعة. فبعد هذه الأحداث، منع النظام العديد من الأشكال الطلابية بداعي حماية الطلاب والممتلكات.

خلاصات:

– إن الدينامية الأخيرة التي تعرفها الحركة الطلابية المغربية وجب التشبث بها وقطع الطريق أمام التوجه البيروقراطي المهادن ليجر الحركة الطلابية لما قبل كورونا و لإعادة نفس سيناريوهات إجهاض محاولات الوحدة السابقة.

– الإضراب الوطني هو حدث سياسي لا يجب الاستهانة به، وهو بمثابة فرز جديد في الحركة الطلابية وجب تعميقه و ذلك بمد اليد للعناصر و التوجهات المتقدمة في التوجه البيروقراطي من أجل تعميق الفرز فيها ودمقرطتها.

– العنف الجامعي هو آخر ورقة في يد المخزن وجب الحذر منها وعدم السقوط في فخها والاتجاه نحو العمل النقابي من أجل تذويب الخلافات السياسية.

– التوجه البيروقراطي يعرف تحولات وجب الحذر منها وعدم الابقاء على الفهم الكلاسيكي السابق وبناء فهم جديد لها.

مقترحات:

– فتح نقاش جاد و مسؤول بين فصائل التوجه الديمقراطي مع إرسال دعوات لكل الفصائل المناضلة والمكافحة حول السياسات التعليمية و التطبيع الأكاديمي و جعل منها مدخلاً لبناء أرضية مشتركة للموسم المقبل.

– محاصرة العنف الجامعي سياسياً وفضح المتورطين فيه وعدم التهاون معهم، لأنه بوجود العنف لا يمكن الحديث عن وحدة وتنظيم.

– تأسيس مجلة طلابية موحدة و هيكلة لجنة تحريرها من كافة الفصائل و فتح المجال أمام الجميع لكتابة آرائهم حول المعركة الوطنية وفيها يتم طرح رؤى وتصورات الفصائل الطلابية حول الوحدة والتنظيم.

– هيكلة التوجه الديمقراطي واعتبار المواقع العشرة التي وقعت على البلاغ هي النواة الصلبة له، وفتح النقاش مع باقي المواقع الجامعية من أجل تهييئ قيادة طلابية أوطامية للمعركة الوطنية.

– الانخراط في كافة الانتفاضات الشعبية باسم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وفضح كل من يحاول الانخراط بأشكال مشتتة.

أخيراً، إن هذه المقترحات ليست ملزمة بل مجرد أساس للنقاش وتحريك للمياه الراكدة، ودعوة للمناضليين الغيورين على نقابتهم العتيدة، الذين يعون كل الوعي بأنه بدون وحدة وتنظيم الآن، سنجد أنفسنا السنوات المقبلة أمام انهيار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وتعويضه بتنسيقيات طلابية بسيطة، أو عودة التوجه البيروقراطي للواجهة وفي كلتا الحالتين سنكون قد قدمنا للمخزن خدمة وسهلنا له الطريق من أجل إحكام قبضته على الجامعة.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا