269
لم تكن بنجرير معروفة كثيرا اﻻ بالنسبة لمستعملي الطريق الوطنية الرابطة بين الدار البيضاء ومراكش لﻻستراحة وتناول المشوي بشكل خاص. لكن سطع نجمها منذ ازيد من 10 سنوات بفضل صديق الملك ومستشاره اﻻبرز السيد فؤاد عالي الهمة. اذا زرت المنطقة ستفاجأ بﻻ شك بوجود جامعة محمد السادس للبوليتكنيك وكذا ثانوية التميز وهي ثانوية للتعليم الثانوي التأهيلي واﻻقسام التحضيرية للمدارس العليا للمهندسين وكلها مؤسسات عصرية للتعليم الخصوصي، تتوفر على كل التجهيزات التي قد ﻻ تخطر على بالك. شيدت ثانوية التميز سنة 2015 على مساحة تقدر بحوالي 18 هكتارا وتضم مركبا لﻻقامة ومختبرات الفيزاء والكيمياء والعلوم الطبيعية وعلوم المهندس واﻻعﻻميات واللغات وقاعات للموسيقى والفنون التشكيلية والسنيما ومسبح ومﻻعب في شتى انواع الرياضات الجماعية… تستثمر هذه المؤسسة في مجال التعليم تحت غطاء الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) حيث منبع الراسمال المستثمر هو مؤسسة اﻻعمال اﻻجتماعية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط التي تستحوذ الدولة على نسبة 95 في المائة من راسمالها، اما وزارة التربية الوطنية فتسهر على توفير اجود اﻻطر اﻻدارية وخاصة اطر التدريس. في نهاية الموسم الدراسي المنصرم تم الترويج بشكل واسع لصورة طلبة اﻻقسام التحضيرية بهذه المؤسسة توفقوا في ولوح مدرسة البوليتكنيك الفرنسية. لكن، كيف تسنى لهذه الؤسسة الفتية الحصول على نفس النتائج في الكتابي وتجاوز ثانوية موﻻي يوسف بالرباط بعد الشفوي بخصوص المباراة المذكورة؟
من الخطا اﻻعتقاد ان هذه الثانوية تقتصر على توجيه خدماتها لبنات وابناء اطر ومستخدمي وعمال المكتب الشريف للفوسفاط، فمن بين 218 طالبا للسنة الدراسية المنصرمة لم يتجاوز عدد هؤﻻء 3 طلبة. ان مفتاح “النجاح” يكمن في كون المؤسسة تفتح خدماتها مجانا للمتفوقين في امتحانات الباكالوريا من مختلف اﻻكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. ولكن باقي الطلبة الذين يمثلون اﻻغلبية الساحقة يؤدون تكاليف الدراسة واﻻقامة والتغذية … كما يكمن طبعا في عمل اطر المؤسسة وفي مقدمتهم هياة التدريس التي وفرت لها كل الظروف. فاﻻساتذة المبرزون العاملون باﻻقسام التحضيرية التابعة للتعليم العمومي الذين يتم انتقاؤهم من طرف لجنة وزارية مختصة يتقاضون فضﻻ عن اجرتهم، اجورا تتجاوزها اضافة الى عﻻوة سنوية معتبرة. وقد تلقف مستشفى الشيخ زايد الفكرة فافتتح بدوره هذه السنة مؤسسة لﻻقسام التحضيرية تعمل بنفس المنطق. ﻻ غرابة اذن ان تتراجع نتائج مؤسسات التعليم العمومي ومنها ثانوية موﻻي يوسف وهي التي كانت في السابق تضاهي ثانوية Louis Legrand الفرنسية. فقد استفادت ثانوية بنجرير هاته من خدمات عدد من اﻷساتذة ذوي خبرة وتم تعويضهم بخريجين جدد كان من المفروض، كما جرت العادة ان يقضوا سنتهم اﻻولى كمتدربين يستفيدون من تجربة زمﻻئهم القدامى هذا دون الحديث عن اﻻساتذة الذين بادروا الى طلب التقاعد النسبي ﻻ شك انهم سيلتحقون بمؤسسات التعليم الخاص. وعمق هذا اختﻻﻻت اخرى نذكر منها ظروف اقامة الطلبة حيث الداخلية تجاوزت طاقتها اﻻستيعابية ب 170 طالب(ة) فاحتضنت 470 بدل 300، وترتب عن هذا مشاكل الحمامات والمراحيض والتغذية وراحة المقيمين/ات… وتهالك مختبر الفيزياء والكيمياء بسبب عدم تجديد المعدات المخبرية منذ مدة طويلة نظرا لغياب اﻻعتمادات المالية. وﻻ تتوفر المؤسسة على شبكة wifi وهي ضرورية بالنسبة للطلبة للقيام باعمال البحث المبرمجة، وﻻ يتوفر اﻻساتذة على قاعة تليق بهم…
قناعتي منذ مدة هي انه يتم تخريب التعليم العمومي لكي يتوسع القطاع الخاص، ولهذا ﻻ يتردد المسؤولون على اعلى مستوى في نقد اوضاع المدرسة العمومية بل هم غﻻة هذا النقد لكن بتجاهل مسؤولياتهم ومسؤولية الدولة المخزنية والطبقات السائدة والمؤسسات اﻻمبريالية المعروفة.
معاد الجحري 11 شتنبر 2018