ملاحظات سريعة حول ملف العدد الثاني من مجلة التحرر: التحولات الطبقية بالعالم العربي
بقلم أحمد صديقي
يسلط العدد الثاني من مجلة « التحرر« الضوء على موضوع " التحولات الطبقية بالعالم العربي"، عدد : صيف-خريف 2014. ساهم فيه كل من (كونراد بوغارت – عبد الله الحريف- العربي حنان – مفيد قطيش – رؤوف فلاح- محمد موساوي – عبد اللطيف زروال – آدم هنية -) بالإضافة إلى قراءة في الدستور الحالي للجمهورية التونسية ل"الجيلاني الهمامي" الناطق باسم حزب العمال – تونس، وقراءة في كتاب " الاحتجاج والمقاومة في مغرب ما قبل الاستعمار 1860م-1912م" أعدها "عبد الرحيم الخادلي". كذلك عرف العدد نشر حوار مع المناضلة " خديجة رياضي" حول الوضعين الحقوقي والسياسي بالمغرب ، والذي أكدت فيه أن "المغرب لم يتغير كثيرا ولكن المغاربة تغيروا"، ثم تناولت صفحة الإبداع بالمجلة مساهمة لعبد اللطيف صردي بعنوان " حين تصدح العشرينية بالغناء" تناول فيها كيف أن حركة 20 فبراير وضعت مثقفي وفناني ومبدعي المغرب بين "ثقافة الإمتثال" أو ثقافة "نعم" وثقافة " الإبداع والنقد" التي تنتقد ما هو قائم وتدفع به للارتقاء به إلى ما هو أرقى.
ارتباطا بموضوع العدد: " التحولات الطبقية بالعالم العربي"، أكدت هيأة تحرير المجلة في تقديمها للملف على الأهمية القصوى لمعرفة واقع الطبقات الاجتماعية بعدما كشفت الأحداث التي عاشتها – ولا تزال – بعض دول العالم العربي والمنطقة المغاربية، والتي شكلت موضوعا للعدد الأول للمجلة " السيرورات الثورية في العالم العربي" عدد شتاء 2014، من هنا تبرز أهمية اختيار موضوع " التحولات الطبقية بالعالم العربي" كملف للعدد الثاني.
وباطلاعنا على المواد المنشورة فيه يمكن أن نسجل الملاحظات التالية:
- راهنية التحليل المادي التاريخي وضرورته في فهم ودراسة ومقاربة ما يقع من أحداث بالعالم العربي والمنطقة المغاربية، لفهم الأسس والتحولات الطبقية التي تفسر ما يجري بعيدا عن نظرتي التفاؤل أوالتشاؤم، أو ردود الفعل.
- تكشف مختلف البنيات الطبقية التي اشتغلت عليها المساهمات على أنها بنيات متغيرة وليست ثابتة، متأثرة بظروف ذاتية (التشكل التاريخي والثروات الوطنية) وموضوعية (التدخلات الخارجية والتبعية للإمبريالية). ما جعلها تعرف تحولات طبقية مهمة، ساهم فيها الاستعمار والاختيارات الاقتصادية والسياسية لأنظمتها، وساهمت فيها عوامل أخرى كالثورة النفطية في تجارب بلدان الخليج. وظل القاسم المشترك بينها هو خضوع تلك البلدان لأنظمة رأسمالية تبعية للإمبريالية و محكومة بقانون تفاوت التطور. مما أضفى على كل بنية طبقية شكل تميزها، فمثلا نجد : النظام المخزني في المغرب، النظام الطائفي في لبنان ، الاستيطان في فلسطين، "التدويل الرأسمالي" لدول مجلس التعاون الخليجي (السعودية – قطر – الكويت – الإمارات العربية المتحدة- البحرين- سلطنة عمان) ودور تلك الدول في التحولات الطبقية بعدد من بلدان العالم العربي.
- كما أنها شهدت ،بشكل أو بآخر، انطلاقة لسيرورات ثورية، منها ما أجهض في مهده (لبنان نموذجا) ومنها ما تعرض للقمع والالتفاف مما أدى إلى إضعافه (مثال المغرب) ومنها ما لم يحظ بالتحليل وتسليط الضوء رغم حجم القمع الذي تعرض له الشعوب (مثال دول الخليج)، ومنها ما تداخل فيه الوطني بالطبقي (التجربة الفلسطينية).
- ضرورة التحليل الدقيق لتلك البنيات في تشكلها وتطورها وعناصرها المتميزة والمتمايزة، وفقا لمنطق التحليل الملموس للواقع الملموس، حتى تكون الخطط المرسومة لتغييرها نابعة من معرفة موضوعية كفيلة بتمييز المرحلي عن الاستراتيجي، والحليف من العدو الحقيقي.
تلك ملاحظات من بين أخرى، لا تعفي من ضرورة الاطلاع على العدد الثاني من المجلة، بل بالعكس، تدعو للانكباب على دراسته والاستفادة من معطياته والتفاعل معه بمساهمات ودراسات أخرى لتعميق التحليلات الواردة فيه. والتي منها ما استند للتحليل المادي التاريخي في قراءته للتحولات الطبقية بعدد من التجارب، ومنها ما انفتح على التحليل السوسيولوجي.
أحمد صديقي